استيقظ سكان خربة سوسيا، جنوب شرق بلدة يطا، جنوب الخليل، من نومهم على صرخات الاستغاثة إثر قيام المستوطنين من المستوطنة التي تحمل اسم الخربة على حرق خيمة اجتماعات الخربة والتي تعود لعائلة النواجعة.

وبعد أقل من يوم واحد حضر الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة وسلم سكان الخربة إخطار بهدم المدرسة التي يدرس فيها قرابة 50 طفل من أبناء الخربة والخرب المجاورة، ويدرس بها وثمانية معلمين ، وكانت سلطات الاحتلال قد هدمت المدرسة في العام الماضي بعد أن كانت مبنية من الخيام.

وقال الناشط في لجنة مواجهة الاستيطان، نصري النواجعة، أن مستوطني مستوطنة سوسيا أقدموا على إضرام النار في خيمة مساحتها 50 مترا مربعا، وفيما سلم جيش الاحتلال إخطارا بهدم المدرسة، والخيمة المستهدفة تستخدم كمسكن وقاعة اجتماعات لتدارس شؤون سكان الخربة، وتعود ملكيتها لمحمد أحمد نصر النواجعه.

وأضاف أن ثلاثة من الشبان وهم: عبد الرحمن النواجعة (22 عاما) ويحيى خالد النواجعة "(21 عاما) وإبراهيم محمد النواجعة (22 عاما) نجوا من موت محقق بعد إصابتهم بحالات اختناق جراء اشتعال النار في الخيمة التي كانوا يبيتون داخلها، وتلقوا العلاجات اللازمة ميدانيا.

أين تقع الخربة؟

خربة سوسيا التي هي عبارة عن بقعة أرض صغيرة ولا تضم بيوتا وخياما وإنما جدرانا خشبية مغطاة بالشادر والأقمشة الجلدية حتى لا تتسلل الأمطار إليها، و يعيش فيها نحو 35 عائلة موزعة على عدة أراض، لها سجل معاناة كبير لم ينته حتى اليوم، بسبب اعتداءات وممارسات المستوطنين الذين لا يطيقون حتى بقاء هذه العائلات الفلسطينية في الأرض التي احتلوها، ويعتدون باستمرار على السكان، محاولين حرمانهم من حياتهم ومما بقي لهم من ممتلكات، فهم يتعرضون كغيرهم من القرى والخرب في منطقة مسافر يطا إلى العديد من المضايقات والاعتداءات شبه اليومية كمنعهم من دخول أراضيهم ومطاردتهم فيها من قبل المستوطنين المسلحين، و هدم البيوت والتي لا تتعدى كونها كهوف وبيوت زراعية وترحيل ساكنيها سبع مرات متتالية من العام 1994 وحتى العام 1998، بالإضافة إلى استشهاد مواطنين من أهالي سوسيا على أيدي المستوطنين، جريمة الاعتداء على المواطنين من آل النواجعة التي وثقت عبر الكاميرا والتي قام بها المستوطنين الملثمون بالاعتداء بالضرب والهراوات والقطع الحديدية على المواطنة تمام خميس النواجعة وزوجها خليل وابن أخيه عمران إسماعيل ، وإغلاق الطريق بجوار معسكر الاحتلال المقام على أراضي سوسيا منذ العام 1995، مما حرم المواطنون من الوصول بسهولة إلى بلدة يطا ويضطرهم لسلوك طريق عبر الجبال، وشكل لهم عائقا كبيرا، إذ يصعب عليهم نقل أمتعتهم وأعلاف أغنامهم من والى خربة سوسيا، كذلك مصادرة آبار المياه، مما اضطر المواطنون لشراء صهاريج المياه وبأسعار مرتفعة جدا، إذ يبلغ الصهريج سعة ( 10 م3) من المياه حوالي ( 300 ) شيكل، نظرا لصعوبة الوصول إلى خربة سوسيا ولحجم المخاطر التي تتهدد سائق الصهريج من اعتداءات المستوطنين عليه.

العيش خارج الزمن

سكان خربة سوسيا الذين هجروا قسرا من بلدة عراد التي احتلت عام 1948 مع أجزاء أخرى اقتطعها الاحتلال الإسرائيلي آنذاك من أراضي الخليل، و توجهوا إلى سوسيا وبحوزتهم سجل إخراج قيد يثبت حقهم فيها، وفي عام 1986، هجر مرة أخرى قسراً من إحدى أراضي سوسيا الشاسعة، ودمرت بيوتهم وحرقت مزروعاتهم، بحجة أنها منطقة أثرية، حيث يوجد فيها بعض الأبنية القديمة الأثرية التابعة للكنعانيين، ولا يحق للمدنيين العيش فيها، أناس لا يتطلعون إلى تغيرات الزمن ومستجداته في كل شيء، فهم يعيشون خارج الزمن وهم صامدون لا تهمهم سوى حماية أراضيهم من براثن الاحتلال ومستوطنيه، فهي لا يتوفر فيها أي مظاهر للحياة الحديثة ولا ماء ولا كهرباء، إذ يعتمد السكان في الإضاءة على اللمبات القديمة وبعضهم على توليد الطاقة الكهربائية من خلال ' خلايا شمسية '، يسكنها عوائل ' النواجعة، الجبور، شتات، الهريني '، كما يحظر عليهم البناء على أراضيهم، إذ أن معظم بيوت الخربة عبارة عن كهوف وخيام بلاستيكيه، يديرها لجنة محلية من أهالي الخربة، يحدها من الشرق مستوطنة سوسيا، ومن الغرب خربة سوسيا القديمة، ومن الشمال منطقة خلة صالح والشارع الالتفافي 317 بلدة السموع ومستوطنة نوف نيشر.

خربة سوسيا الحالية هي اسم لخربة سوسيا القديمة التي هجر أصحابها منها عام 1967، وسكنوا إلى الشرق من خربتهم التي هجروها واسموا مكانهم الجديد بسوسيا أيضا، كما أسمت قوات الاحتلال المستوطنة المقامة في المكان باسم سوسيا كذلك، ولا تزال آثار الخربة القديمة شاهدة إلى الآن على سكانها الأصليين من الفلسطينيين، وتظهر آثار البيوت قائمة على أراضيها، وتظهر بقايا مسجد الخربة الذي دمره الاحتلال وحوله إلى كنيس يهودي، وها هو التهجير يطارد أهالي سوسيا من جديد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]