قام مركز العمل التنموي "معاً"، بإصدار دراستين حول الأغوار الفلسطينية ومياه حوض نهر الأردن، تشيران إلى استمرار إسرائيل لاستنزاف الموارد الطبيعية من تلك المناطق.
فالدراسة الأولى عنوانها "قيود الوصول ونتائجها... السيطرة الإسرائيلية على المصادر الحيوية في الأغوار وتأثيرها على البيئة"، أما الثانية فكانت تتمحور حول "التدمير البيئي، تأثير المشاريع المقترحة حول البحر الميت وتأثيراتها البيئية".
هذا وناشد المركز المجتمع الدولي بضرورة التحرك لوقف القيود الإسرائيلية المفروضة على الفلسطينيين في منطقة الأغوار، مثل عدم السماح بإنشاء أي بنية تحتية أو إقامة أي مشاريع تنموية، إلى جانب استمرار إسرائيل في مصادرة الأراضي وهدم المنازل ومنع ترميم البيوت والطرق القائمة.
منذ عام 67 إسرائيل دمرت 140 مضخة مياه:
أشارت دراسة "تقييد الوصول في الأغوار" حول المياه بأنه ومنذ عام 1967 سعت إسرائيل لتدمير 140 مضخة ماء كما صادرت أكثر من 162 مشروعاً مائياً للزراعة أنشئ في ظل إدارة الحكم الأردني، فبعد ان كان في الأغوار 774 بئراً تقلص العدد إلى 328 في عام 2005. ووفق اتفاق أوسلو عام 1995 فيحق للفلسطينيين 20% من المياه في الضفة الغربية، لكنهم لم يستفيدوا في الواقع إلا من 17% فقط دون مراعاة الزيادة السكانية التي تضاعف إلى 50% خلال 15 عاماً، مع العلم أن الإسرائيليين يحصلون على كمية مياه تعادل أربعة أضعاف ما يحصل عليه الفلسطينيون.
وكانت نتيجة ذلك بأن خسر القطاع الزراعي الفلسطيني 12 محتملة للعمالة الزراعية الفلسطينية، بالإضافة إلى 60 ألف دونم زراعي. مع العلم بان المستفيد الأول من هذه المناطق ومواردها هم المستوطنين.
منذ العام 2000، 31% من الفلسطينيين تعرضوا للتهجير من الأغوار
هذا واستندت الدراسة إلى تقرير دولي، أشار إلى 31% من الفلسطينيين تعرضوا للتهجير المؤقت والدائم منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وقد تصاعد الأمر ما بين عامي 2010-2011 حيث تم إصدار 350 قرار هدم، إخلاء، وإنذارات استهدفت 11 تجمعاً مختلفا في وادي الأردن.
ولفت التقرير إلى قيود الحركة والتنقل، ففي الوقت الذي يصارع فيه الشعب الفلسطيني من أجل حقه في حرية التنقل، تعتبر الأغوار أحد أكثر المناطق التي عليها قيود في العالم، فالقيود استثنائية على الفلسطينيين من وإلى الأغوار، وذلك بسبب المناطق العسكرية المغلقة، نصب الحواجز، وفرض أنظمة صارمة. وقد تم التضييق على تنقل مواطني الأغوار من والى الضفة الغربية، عبر فرض 4 حواجز تفتيش وهي: التياسير، الحمرا، معالي افرايم ويتاف. كما يسمح فقط لمن يحمل بطاقة خاصة بالأغوار أو من يملك تصريحا خاصاً دخول الأغوار في مركبته الخاصة.
وحول البناء فقد أثرت القيود الإسرائيلية على البدو والرعاة شبه الرحل والمزارعين فبينما يقطن 70% من السكان في محافظة أريحا، يعيش الباقون في تجمعات رعوية وزراعية. كما تنتشر الألغام على مساحة 200 ألف دونم في الأغوار وقد شكل الأطفال 30% من ضحايا تفجيرات الألغام.
62% من الأغوار أرضٍ زراعية والفلسطينيون محرومون من الاستثمار فيها
كما ناقشت الدراسة الزراعة في الأغوار، حيث تشكل الأراضي الزراعية فيها ضمن مناطق "ج" 62%، فلا يستطيع المزارعون الفلسطينيون توسيع إنتاجهم ويتطلب دخولهم لأراضيهم اذونات خاصة، تسمح لهم بزيارتها من السادسة صباحا حتى السادسة مساءً. ووفق تقرير البنك الدولي فان 60% من الأراضي الزراعية غير متوفرة للفلسطينيين، وفقط ربع الأراضي الصالحة للزراعة مستغلة من قبلهم. وذلك على عكس أراضي المستوطنات في الأغوار التي تستغل 95% من أراضيهما، وتعتبر 50% منها تحت إشراف مزارعي المستوطنات. وبالنسبة لأراضي الرعي، فان 80% من أراضي الرعي موجودة في الأغوار، وإن ما نسبته 100% من الأراضي هي مناطق جـ، ونتيجة للاغلاقات العسكرية والمناطق المغلقة فقد تضررت فئة الرعاة بشكل كبير.
الأراضي الزراعية تتعرض لخطر بيئي حقيقي
عرضت الدراسة الأثر البيئي لاستخدام المبيدات الزراعية في الأغوار، حيث تبين ان 96% من الأراضي الزراعية و87% من الأراضي البعلية في الضفة الغربية تعامل بقسوة من خلال مبيدات مؤذية وغير قانونية، كما تطرق التقرير للمياه العادمة التي تصرف في أراضي الأغوار وتسبب ضرراً كبيراً للبيئة، وقد تصل للمناطق السكنية وتنشر العديد من الأمراض. وقد تطرقت الدراسة أيضاً إلى انه ونتيجة قلة المياه المتوفرة بسبب القيود الإسرائيلية والسيطرة على الآبار، يعمد بعض المزارعين في الأغوار الوسطى مثل العقربانية، النصارية، بيت حسن، عين سيبلي والجفتلك، إلى ري مزروعاتهم بالمياه العادمة، والنتائج الصحية تباعاً تكون كارثية على الصحة العامة وصحة التربة والحياة النباتية.
حوض نهر الأردن يتعرض للاستنزاف
الورقة الثانية ركزت على إظهار موقف بيئي منتقد للاستنزاف لمياه حوض نهر الأردن، فبعد أن كان من أكثر مياه العالم اختزانا للقيم البيئية والتربوية والدينية، يشكو اليوم من عمليات النهب وتغيير ملامحه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ما قطّع وصال جريانه الطبيعي وأخذ يهدد بحيراته بالجفاف.
واعتبرت الورقة عمليات النهب جزءاً من سياسة الاحتلال التوسعية القائمة على إلغاء الغير وتجاهل حقه في أرضه ومائه، كما انتقدت الورقة فكرة تنفيذ مشروع قناة تربط بين البحر الميت وأحد البحار المفتوحة "مشروع البحرين الأحمر- الميت" والتي تم اقتراحها إسرائيليا منتصف السبعينات، من أجل التغطية على مسؤولية الاحتلال في تدمير البحر الميت، بذريعة "إنقاذه من الجفاف"، علما بأن إعادة تغذية نهر الأردن بروافده المائية الطبيعية كفيلة بإيقاف التدهور الحاصل في البحر الميت، إن لم يكن إصلاح جزء هام من الخراب.
وقد نوهت الورقة من الأخطار البيئية التي يمكن أن تنتج عن مشروع قناة البحر الأحمر – الميت، فإن الكثيرين من الخبراء البيئيين يرون عكس ذلك، بل يصرون على أن هذا المشروع سوف يسبب كارثة بيئية كبيرة يمكن أن تحل.
[email protected]
أضف تعليق