أشد شيء على الأم، هو أن يُحال بينها وبين ولدها. سواء كانت من البشر أم من الكائنات الأخرى. فالناقة لا تعقل، لكنها تبكي وترزم إذا حيل بينها وبين فصيلها، فإذا ذبح أمامها ولهت عليه، فهزلت ولربما ماتت من شدة وجدها عليه. والطير تنتفض وتفرش بجناحيها إذا فقدت صغيرها... فما بالكم حين نتحدث عن البشر؟!

يوم أمس، صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على قانون "المواطنة" العنصري الذي يمنع الفلسطينيين مواطني إسرائيل من ممارسة حياتهم العائليّة في بلادهم في حال تزوجوا من فلسطينيين من سكان الأراضي المحتلّة أو مواطني الدول التي يعرفها القانون الإسرائيلي على أنها "دول عدو"، وهي العراق وسورية ولبنان و إيران إضافة طبعا لمناطق السلطة الفلسطينية.

جاء قرار المحكمة بأغلبية ستة قضاة مقابل خمسة أيدوا إلغاء القانون. إحدى هذه العائلات التي تضررت من إقرار هذا القانون العنصري هي عائلة تيسير ولنا خطيب، المقيمة في مدينة عكا. تتألف عائلة خطيب من الزوج والزوجة والأولاد عدنان (4سنوات) ويسرى (3سنوات ). 

تيسير يعمل محاضرا في كلية الجليل الغربي في عكا، أما الزوجة لنا، فتعيش مع زوجها منذ ست سنوات وهي من مدينة جنين .... مراسل موقع "بكرا" التقى العائلة في بيتهم بعكا ليقف على حالهم عن كثب، وليستشعر المرارة والغضب الكامنين في صدور أبناء العائلة إثر المصادقة على القانون العنصري ....

 المحكمة التي تصادق على تفريق الزوج عن زوجته هي محكمة "الظلم العليا"
يقول تيسير خطيب: "شعوري مليء بالغضب والحقد والألم. هذه المحكمة التي تدعي العدل، أضحت بالنسبة لي (محكمة الظلم العليا). فالمحكمة التي تشرع وتصادق على قوانين لفصل الزوج عن زوجته وتفريق الأم عن أبنائها، لا يمكن تسميتها إلا بمحكمة الظلم والقهر. يوم أسود يضاف إلى موسوعة هذه الدولة، وهو كذلك يوم اسود في حياتنا. في هذه المرحلة ليس لدي أي تصور عن المستقبل، لقد أرغمتني هذه الدولة على بغضها وكرهها، لأنها تقول لي أن حربها معي كفلسطيني، والتي بدأت منذ عام 48 لم تنته لغاية الآن. يبدو لي أنه لا يحق للفلسطيني أن يعيش في هذه البلاد بكرامة وبشكل طبيعي، ولا حتى أن يحلم بالعيش الطبيعي! هذا مؤشر جديد وخطير، وليس من المستبعد أن يعيد التاريخ نفسه ونشاهد الحافلات التي تقل أبناء شعبنا في طريقهم للتهجير من فوق تراب وطنهم مجددا".

ويتساءل خطيب: "هل يعقل.. مثل هذه القوانين كانت فقط في الدولتين الفاشية والنازية" !!

 كنت دائما متخوفة من هذا اليوم
أما الزوجة لنا فقالت: "منذ قدومي إلى البلاد من جنين، قبل ستة أعوام، كنت دائما متخوفة من هذا الأمر. والشيء المبكي المضحك هو أن تقوم ما تسمى بمحكمة العدل العليا بالمصادقة على هذا القانون. كيف يمكن لدولة تدعي الديمقراطية أن تفرق بين زوج وزوجته؟ بين أم وولديها؟ لقد ارتبطت بتيسير وأقمنا عائلة ولدينا ولدان، وكانت لدي أحلام وأحلام.. لكن أن تصل الوقاحة والعنصرية بهذه الدولة إلى تشريع يتناقض مع كل الشرائع السماوية والإنسانية؟! يكفي أن هذه الدولة لم تضمن لي الحقوق المدنية والاجتماعية كباقي أبناء البشر، فحتى الضمان الاجتماعي ينقصني، ولا يمكنني استخراج رخصة قيادة ،لكن كل الوقت قلت لنفسي لا ضير ما دمت بجانب زوجي وأبنائي"!! ...

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]