يتّضح من خلال معاينة التقرير أنّ اللّجنة المحلّيّة لم تراقب بنجاعة المصانع التي تشتغل بالموادّ الخطِرة. وإن لم يكُن ذلك كافيًا، فقد اعتادت اللّجنة المحلّيّة أن تؤهِّل – كإجراء لاحق، وعلى امتداد سنوات – البناء غير المرخَّص، وهي بذلك قد شجّعت جريمة البناء غير المرخّص
يكشف تقرير مراقب الدولة لعام 2010 عيوبًا وتقصيرات خطيرة في نهج اللجنة المحليّة للتنظيم والبناء في حيفا.
مستندات سياسة:
لا يسري على مستندات السياسة إجراء معارضة، ولم يتمّ إعلام الجمهور بها. وقد أبدى التقرير نقدًا لاذعًا لمشروع الإسكان المُتوقَّع بناؤه في "كريات سيفر". وجاء على لسان المراقب أنّ اللجنة صدّقت خُطة بناء تقترح بناء مرتفعًا جدًّا في حيّز واحد فقط، من دون أن يتمّ التحقّق من تأثير ذلك في المِساحات القريبة منه. وقد منحت اللجنة المبادر حقوقًا بنسبة 250% على قطعة أرض مِساحتها أقلّ من 2.6 دونم، وصدّقت إنشاء مبنًى من 22 طبقة، بخلاف تعليمات مستند سياسة محور "موريا".
الاستخدام المتجاوز للأرض:
منحت اللجنة مبادريْن استخدامًا متجاوزًا لمبنييْن لمُدد طويلة، وذلك بخلاف القانون. وفي "سيتي سنتر" – سمحت باستخدام متجاوز: مكاتب بدلاً من مِساحة خدمات فندقية – نحو 12 سنة، من دون توفير حلّ بديل لمِساحات الخدمات الفندقية التي حُوِّلت إلى مكاتب، وبخلاف طلبات البلدية.
أمّا في المجمّع التجاريّ "چراند كنيون" – حديقة ملاهٍ بدلاً من مِساحة خدمات فندقية: صُدّق عليها لثلاث سنوات، لكنّها استمرّت نحو ستّ سنوات إضافية من دون تصديق اللجنة المحلية، ومن دون تسوية استخدام المِساحات من خلال خارطة بناء المدينة.
مراقبة البناء:
مراقبة البناء لم تكن ناجعة في بعض الحالات، وقد تمّ اكتشاف ارتكاب مخالفات بناء في مرحلة متقدّمة من البناء، وغالبًا ما كان ذلك بعد تقديم شكاوى في هذا الخصوص، فقط. لكنّ هذا ليس هو كلّ شيء. فداخل مصانع تقوم بخزن موادّ خطِرة في خليج حيفا، لا يقوم القسم بمراقبة مهْنية لإقامة مبانٍ ومنشآت تُستخدَم فيها موادّ كهذه، كما أنّه لا يقوم، مطلقًا، بإعداد خُطط عمل لمراقبة المصانع، ولا يُبادر إلى مراقبتها من حين إلى آخر.
التأهيل كإجراء لاحق للبناء غير المرخّص:
تنتهج اللجنة المحلية – على امتداد سنوات – القيام – كإجراء لاحق – بتأهيل البناء غير المرخّص والاستخدام المتجاوز للأرض، وهي بذلك تشجّع جريمة البناء غير المرخّص. وجاء على لسان المراقب أنّ استمرار الوضع الحاليّ على ما هو عليه؛ حيث لا يتمّ تطبيق قوانين التنظيم والبناء على هذه المصانع، ينطوي على خطر حقيقيّ يُحدّق بمِنطقة الخليج برمّتها.
وقد ذكر المراقب في تقريره أنّ على اللجنة المحلية أن تصدّق على الاستخدام المتجاوز للأرض بصورة منضبطة ولمُدد قصيرة، من خلال ملاءمة إجراءات التخطيط إلى الاحتياجات البيئية. وفي ضوء تركيز المصانع الخطِرة في خليج حيفا، وفي ظلّ المخاطر المُحدّقة، أكّد المراقب أنّ على اللجنة تفعيل مراقبة مهْنية وناجعة في جميع ما يتعلق ببناء وإقامة مبانٍ ومنشآت تحتوي على موادّ خطِرة، وذلك – ضمن أشياء أخرى – من خلال تأهيل قوًى بشرية مهْنية والمبادرة إلى إعداد خُطط عمل جارية في هذه المصانع. وقد أضاف أنّ غياب المبادرة إلى المراقبة الفورية والمركّزة للجنة، في جميع ما يتعلق بتأهيل البناء غير المرخّص، يُسيء إلى سيادة القانون وإلى المصلحة العامّة، ومن شأنه التآمر على هدف القضاء على جريمة البناء غير المرخّص. وجاء: "من اللائق أن تتبنّى اللجنة سياسة صارمة، أن تقاوم جريمة البناء غير المرخّص، وأن تضمن التخطيط المستقبليّ السليم".
تعقيب بلدية حيفا
وجاء في ردّ البلدية بشأن مستند السياسة: "إنّ اللجنة المحلية هي الجهة المخوَّلة تحديد سياستها، وإنّ هذه السياسة غير خاضعة لتصديق أيّ جهة تنظيمية أو غيرها. وذلك بخلاف مستند سياسة محور "موريا" الذي طلبته اللجنة اللوائية، لذا تمّ تحويله إلى تصديقها".
وكان ردّ البلدية في شأن "كريات سيفر": "يجري الحديث عن موقف تنظيميّ مبدئيّ لا تشوبه شائبة قانونية أو غيرها. ويُعتبر هذا الموقف توصية أمام اللجنة اللوائية التي لم تناقش الخارطة بعد، كما لم تبلور موقفها بعد. وإنّه لدى إيداع الخارطة ستُسمع هناك اعتراضات، ستأخذ اللجنة بالحسبان موقفها التخطيطيّ قبل تصديق الخارطة أو رفضها".
أمّا ردّ البلدية في شأن الـ"سيتي سنتر": "بما أنّه جرت في السنوات الأخيرة محاولات متواترة ومتعاقبة لتسوية الاستخدام المتجاوز من خلال إبداء جِدّية ونيّة لإيجاد فندق بديل في المدينة، ليست هناك مصلحة عامّة في اتّخاذ إجراءات جنائية عدا الإنذار الذي تمّ إرساله". كما ذكرت البلدية أنّه "في حال فشل إجراء الاستخدام المتجاوز"، ستُضطرّ الشِّرْكة أ إلى "وقف الاستخدام المتجاوز فورًا، وإن لم تفعل فستُتّخَذ ضدّها الإجراءات القانونية المطلوبة".
وأمّا ردّ البلدية في شأن المجمّع التجاريّ، الـ"چراند كنيون": "الاستخدام المتجاوز غير المصدَّق عليه في الحالتين ("سيتي سنتر" و"چراند كنيون") مستمرّ منذ وقت بعيد جدًّا، وستستخلص اللجنة العبر في المستقبل. تمّ اتّخاذ إجراءات لتسوية الاستخدام المتجاوز، شملت تقديم طلب للحصول على تصريح وتقديم خارطة بناء مدينة بالنسبة إلى الاستخدامات المتجاوزة.
وكان هذا ردّ البلدية في شأن مراقبة المصانع التي تضمّ موادّ خطِرة: "مجال الموادّ الخطِرة هو في نطاق مسؤولية وزارة حماية البيئة وسلطة الإطفاء، في حين أنّ مراقبة البناء التي هي بمسؤولية بلدية حيفا، في إمكانها – كأقصى حدّ – أن تكشف عن بناء جديد بدون ترخيص".
وأضافت البلدية: "عندما يجري الحديث عن ساحات مصانع في مِساحات هائلة، من الصعب أن نضع اليد في التوقيت المناسب على كلّ بناء جديد، حيث إنّ البُناة – وبخلاف القانون – يبذلون كلّ ما في وُسعهم لإنهاء البناء خلال وقت قصير جدًّا وفرض حقيقة قائمة. هناك عامل في مِنطقة المصانع الخطِرة مسؤول عن المراقبة، كما تُجرى جولات أسبوعية لمهندس المدينة وطاقمه في نطاق قيود القوى البشرية والأوليات العامّة. كما أنّه تجري محاولة لترشيد عملية المراقبة من خلال التقاط صور ثلاثية الأبعاد من الجوّ بصورة موسميّة".
وهكذا جاء ردّ البلدية في شأن التأهيل – كإجراء لاحق – للبناء غير المرخّص: "لا تنتهج اللجنة المحلية سياسة تدعم التصديقات كإجراء لاحق. تمّ في السنوات الأخيرة بلورة سياسة تنفي بصورة مبدئية وضعًا يكافأ فيه المخطئ، حتى إنّه تمّ لهذا الغرض إعداد توجيه المستشار القانونيّ للبلدية. هذا وإنّ البلدية تعمل على تسوية شاملة في مجال الموادّ الخطِرة، ولدى أيّ طلب تصريح بناء تُطالَب المصانع بتقديم مسح مخاطر احتماليّ، وتعليم جميع المباني القائمة ومسحها "المصرَّحة منها وغير المصرَّحة" لغرض التسوية الشاملة للبناء في أرجاء المصانع".
[email protected]
أضف تعليق