وسط حضور كبير لسيدات إعمال عربيات ويهوديات، عُقدَ يوم الاربعاء في فندق هشارون في هرتسليا مؤتمر "ياسمين"- جمعية سيدات أعمال عربيات ويهوديات- والتي تقف على رأسها عوفرا شتراوس، رئيسة مجلس الادارة في شتراوس ﭽـروب، وتديرها كرام بلعوم. عُقد المؤتمر بمبادرة المركز اليهودي العربي للتطوير الاقتصادي، صندوق كونراد أدﭭـنتشر و"ياسمين" في المركز اليهودي العربي، وتناول العديد من المواضيع الهامة التي تعنى بالتميّز في إدارة المصالح الصغيرة.

على هامش المؤتمر كان لنا لقاء مع السيدة عوفرا شتراوس. عوفرا هي شخصية مميزة جدًا، إنسانة بكل معنى الكلمة، يقدّرها عالم الأعمال المحلي والعالمي، وقد أدهشتنا بمدى اهتمامها وفعالياتها بدعم النساء وسيدات الأعمال العربيات واليهوديات على حدٍ سواء، واهتمامها بلقاء الآخر المختلف والتعاون من أجل دعم وبناء مجتمع أفضل.

وإليكم ما جاء في حديثنا...

س: أنت تقفين على رأس مجموعة شتراوس التي تعتبر إمبراطورية بمقاييس عالمية. ما هو سرّ نجاح شتراوس ونجاحك أنت شخصيًا؟

عوفرا: عندما نتحدث عن شتراوس أعتقد أن الأمر المركزي والأهم هو أننا أمام شركة قائمة منذ 70 سنة، خلالها تعلّمنا الكثير وفكّرنا بالإنطلاق نحو العالم الخارجي. أعتقد أن سرّ نجاح شتراوس هو الإدراك بضرورة العمل، الاجتهاد، الكدّ، المثابرة، الاتصال والتواصل مع كل ما يحدث ويجري من حولنا. وهكذا، أي عبر التواصل والاتصال، يمكن تسويق المنتجات. وفي الحقيقة لم نعتقد للحظة اننا في شتراوس بمثابة إمبراطورية، بل درجنا على القدوم إلى العمل في صباح كل يوم منطلقين من فكرة القيام بكل شيء من جديد- أي التجديد بشكل متواصل وإنتاج منتجات جديدة وجيدة لكي يختارها المستهلكون، سواء في البلاد أو خارجها. وهذا ما تعلّمناه وورثناه عن الأشخاص الذين أقاموا شتراوس، وأقصد جدّي وجدّتي ووالدي. لقد ذوّتنا المبدأ القائل أن العمل الجاد، الدؤوب والممتع في الوقت نفسه. هو الضمانة للنجاح. وهذا ما تربّيت عليه وأومن به. إنني أستمتع بكل لحظة في عملي، وقد حظيت بفرصة سانحة وكبيرة للعمل والاستمتاع، وليس فقط في شتراوس، بل أيضًا في شركة " إستي لاودر" – حيث عملت في السابق، وسنحت لي فرصة كبيرة للتقدّم والتطوّر والتعرّف على الأشخاص والعالم.

وبإختضار أقول، إن سرّ نجاحي هو العمل الجاد والدؤوب المليء بالمتعة والذي يوّفر إمكانيات التأثير على الناس.

س: لا يعرف الكثيرون أن بداية شتراوس كانت ببقرتين إثنتين! هلا تحدثيننا عن ذلك؟

عوفرا: بداية شتراوس كانت عندما قدم جدّي وجدّتي إلى البلاد، وهم لا يملكون شيئا. لقد ترعرعا في عائلة تؤمن بالدراسة الجامعية والتوجه إلى صناعة المعادن، ولكنهما إضطرا للبدء من لا شيء. وفعلا، إشتريا بقرتين وباشرا العمل. لقد تعلّم جدّي وجدّتي العمل بالزراعة وفلاحة الأرض، وبفضل قدرات جدّتي في مجال الطهي بدآ باعداد وانتاج الجبنة والبوظة. وهكذا، شرعا بشق الطريق بفضل روح المبادرة والمثابرة وبالرغم من المشاكل التي اعترضت اقامة الدولة، وبناء مصلحة وغيرها من الصعوبات.

أعرف جيدا أن الوسط العربي يهتم كثيرا بالزراعة، ومن قصّة نجاح شتراوس يمكن الاستنتاج أنه بالامكان تحقيق إنجازات ونجاحات عن طريق المواد الغذائية.

س: كيف يمكن بناء نموذج (موديل) لسيدات أعمال ناجحات في الوسط العربي، بإيحاء من قصص نجاح سيّدات أعمال في البلاد.

عوفرا: أعتقد أن هناك قصص نجاح في الوسط العربي أيضا، وكذلك في الدول العربية وفي صفوف النساء الفلسطينيات، وقد التقيت عددا كبيرًا منهن. إن نجاح المصلحة لا يتوقف على حجمها. وبإمكان كل سيدة أن تتواصل مع كل ما يشكّل لها مصدر إيحاء وإلهام. أؤمن أن نموذج (موديل) الايحاء يدفع دومًا نحو النجاح. وهكذا أقول لكل سيدة ترغب في ان تطوّر نفسها وترفع من مستوى معيشتها وتساعد أولادها، إن مجال الأعمال والمصالح هو وسيلة رائعة لتحقيق الذات والطموحات والأحلام.

س: المسؤولية الاجتماعية هي موضوع ساخن في كل شركة. ما هو إسهام شتراوس في مجال تمكين النساء، عمومًا، والنساء العربيات خصوصًا؟
عوفرا: موضوع المسؤولية الاجتماعية لأماكن العمل والمصالح هو حقًا قضية ساخنة ولها حضور. هناك من يرى ذلك في التبرّعات والأعمال الخيرية. ولكن برأيي، المسؤولية الاجتماعية تتجسّد في الطريقة التي ندير بها أعمالنا ونؤثر بواسطتها على ما يجري حولنا- سواء كان ذلك في مجال التوظيفات لدينا وكيف تتموبأية طريقة نؤثر على المجتمع. نحن في شتراوس نسأل أنفسنا دومًا حول أفضل الطرق لتحمّل مسؤوليتنا الاجتماعية.

في مجال الاختلاف القائم في البلاد- مثل الاختلاف بين الرجل والمرأة، فقد وضعنا نُصب أعيننا أهدافًا واضحة جدًا، حيث أعلن المدير العام لشتراوس أنه في غضون السنوات الأربع القادمة يجب أن تصل حصة النساء في الوظائف الإدارية لدينا إلى 50% ، علمًا أن النسبة اليوم هي 30%.

بالنسبة للنساء العربيات (وفي المجتمع "الحريدي") فان الأمر يتطلّب توجّها خاصًا جدًا. بدأنا بتعلّم وفهم أسباب ذلك، لقد آمنّا أن الأمور ستتحسن ولكن للأسف لم يحصل ذلك.

لقد وضعنا أمامنا هدف استيعاب نساء عربيات، درزيات ومتدينّات يهوديات، وكُلي أمل أن نوفّق في ذلك، علمًا أن ذلك يتطلّب جهودا من الطرفين. فمن جهة يتوجب على النساء العربيات ان يُسمعن صوتهن وأن يتميّزن، ومن جهة أخرى ينبغي على الشركات(المصالح) – مثل شتراوس- أن تتغيّر في مجال المقابلات الشخصية للقبول للعمل واستخدام المزوّدين والبحث عن الزبائن.

س: تشير التوقعات إلى أن العام القادم قد يكون عامًا صعبًا وقاسيًا من ناحية اقتصادية، ويتوقع الخبراء أن تكون المصالح الصغيرة والمتوسطة أكثر المتضررين، ما هي توقعاتك الشخصية لسنة 2012؟

عوفرا: نتوقع أن يشهد العالم في السنة القادمة ركودًا إقتصاديًا، وهذا يتطلب الاستعدادات المطلوبة من المصالح الكبيرة، المتوسطة والصغيرة. لذلك يتوجب على كل صاحب مصلحة أن يتخذ القرارات الضرورية بخصوص الاستراتيجية التي يعمل بموجبها وأن يتمحور أكثر في الأمور التي يُتقن عملها.

وباعتقادي، على الحكومة والسلطات المحلية والمؤسسات المالية أن تدعم المصالح الصغيرة والمتوسطة. وقد تناهى إلى مسامعي أن هذه الأجسام تسعى بجدية للوقوف إلى جانب المصالح الصغيرة والمتوسطة، لأن هذه المصالح هي مصدر للربح والنمو الاقتصادي.

س: ما هي قراءتك الشخصية للمقولة: "يجب الإحساس بمشاعر المستهلكين وما يعتمل بقلوبهم"؟

عوفرا: في هذه السنة فهمت جيدًا أن الإحساس بمشاعر وقلوب المستهلكين يعني عدم الركون إلى الراحة، ونحن في شتراوس نترجم ذلك على أرض الواقع بعدة طرق، ومنها الشبكات الاجتماعية، التي بواسطتها يمكننا تلقي الرسائل. في هذا العام تعلّمنا درسًا مفاده أننا لم نُصغ بما فيه الكفاية لأحاسيس ومشاعر المستهلكين.

س: هل توافقين على الرأي القائل بأن الطريق إلى السلام بين الشعوب تبدأ من أماكن العمل والمصالح والتعاون الاقتصادي والتجاري؟

عوفرا: المصالح وأماكن العمل هي طريق لمدّ الجسور وإقامة العلاقات بين بني البشر وبين الدول، ولذلك أحبّ عالم المصالح والأعمال، ولم أفكر قطّ أن أكون في مكان آخر غير هذا العالم.

هناك من يعتقد ويؤمن أن مجال الأعمال هو مصدر لجني الأموال فقط، ولكن بالنسبة لي شخصيًا عالم الأعمال هو المكان الذي منه تمتد الجسور وتنشأ العلاقات.

عندما تُدير الأعمال كما يجب، فليس مهمًا مع من تتعاون، بالعكس، ان عالم الأعمال هو أفضل طريق وأسهل وسيلة للتواصل، الاتصال، التعاون والعمل المشترك. نعم، مجال الأعمال والمصالح هو طريق ممتازة ورائعة لصنع السلام، بما في ذلك في منطقتنا، التي تشهد تحوّلات من شأنها إتاحة الفرصة لإحداث تغييرات في التوجّهات والمواقف. أمامنا فرصة أكثر من أي وقت مضى للتأثير.

س: ماذا تقولين لكل سيدة عربية؟

عوفرا: حان الوقت للخروج إلى العمل، لأن المساعدة المالية التي تترتّب على عمل المرأة العربية هي الوسيلة لإقامة عائلة سليمة وسوّية أكثر، وبالتالي تحسين الأوضاع في البلاد. صحيح أن الأمر قد يكون صعبًا بعض الشيء، ولكن متطلّبات الحياة والمعيشة ليست بالسهلة .
أعتقد أن الزوج وأبناء العائلة يوافقون على خروج المرأة للعمل. نصيحتي أن يُجرّبن العمل، لأن النتيجة ستكون رائعة!

بطاقة تعريف...عوفرا شتراوس

عوفرا شتراوس هي إبنة ميخائيل شتراوس، تخرّجت من كلية المحاماة في تل أبيب، ثم شغلت منصب مديرة في شركة "إستي لاودر" في نيويورك.

عام 1989 شغلت منصب مديرة المبيعات في شتراوس، ثم مديرة تسويق بوظة شتراوس. في 1993 تم تعيينها مديرة عامة لشركة " معدني عولام"، وفي 1996 تولّت منصب المديرة العامة لشركة شتراوس عليت ونائبة رئيس الشركة.

في عام 2001 تمّ إختيارها رئيسة لشركة شتراوس عليت. في عام 2009 أدرجتها مجلة الفايننشال تايمز البريطانية في المرتبة 12 في قائمة النساء الأكثر تأثيرًا ونفوذا في العالم.

وفي سنة 2011 أختيرت رئيسة للغرفة التجارية إسرائيل- أميركا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]