لأول مرةٍ، تمّ مؤخرًا اختيار محامٍ عربي، ليكون عضوًا في لجنة اختيار القضاة في البلاد، هذا الاختيار يُضيف دفعةً جديدة في طريق تقدًّم المحامي المعروف خالد حسني الزعبي، وهو رئيس نقابة المحامين لواء الشمال، للمرة الثالثة على التوالي. وأهم القضايا التي يعالجها المحامي زعبي هي: الأرض والتجارة والبنوك.
عن مسيرته الشخصية، وأهمية موقعه الجديد، ورأيه في دائرة علاقاته كان لنا هذا اللقاء الخاص، مع المحامي خالد الزعبي، إليكُم اللقاء كاملاً:
بطاقة شخصية:
• تخرجت من كلية الحقوق الجامعة العبرية عام 1975.
- في الفترة الأولى تدربت في مكتب محامين في القدس.
- وفي الفترة الثانية في المحكمة المركزية في الناصرة، لدى رئيس المحكمة.
- عام 1976، استلمتُ شهادة المحاماة.
- وأمارس المهنة من خلال مكتبي الخاص منذ عام 1976 ولغاية وحتى اليوم.
- كاتب عدل منذ العام 1993.
- في العام 1995، عملتُ كقاضٍ في المحكمة التأديبية في لواء حيفا، حتى العام 2003.
- توليتُ منصب رئاسة نقابة المحامين فرع الشمال، منذ إقامة النقابة عام 2003، وللمرة الثانية عام 2007، وللمرة الثالثة عام 2011.
- كان لواء الشمال في نقابة المحامين تابع للواء حيفا، تم تصحيح القانون وأجريت انتخابات وتوليت المنصب في انتخابات بعد أن
- من مؤسسي المؤسسة العربية للحقوق الإنسان.
- عضو في لجان كثيرة،بينها لجنة اختيار مدير عام المحاكم الشرعية، ولجنة اختيار مدير عام نقابة المحامين العامة.
• ما مدى أهمية اختيارك لهذه الوظيفة؟
إنّ لجنة تعيين القضاة هي اللجنة المسؤولة عن تعيين جميع القضاة في البلاد، وفي جميع درجات المحاكم سواء كانت محاكم صلح أو مركزية أو عليا، وأي قاضٍ سيتم تعيينه أو ينتقل من درجة إلى درجة أعلى، سيتم انتخابه من قبل لجنة التعيين، وهي مكوّنة من تسعة أعضاء، وزراء اثنين، بينهم وزير العدل، ووزير آخري، واثنين من أعضاء الكنيست، وثلاثة قضاة من المحكمة العليا، بينهم رئيسة المحكمة، واثنين من المحكمة العليا، إضافة إلى محامييْن، من نقابة المحامين يتم اختيارهما، وفي تقديري هي أهم لجنة قضائية في البلاد.
• هل تتفق معي على صعوبة وصول العرب إلى المراكز المؤثرة للمجتمع؟
- لا شك أننا كأقلية نواجه صعوبة كبرى أن نصل للمراكز المؤثرة في البلاد، ولجنة تعيين القضاة، بين المركز المؤثرة، سواء على المواطنين العرب أو اليهود، هو مركزٌ حساس ويتطلب مسؤولية، كبيرة، وآمل أن أحقق انجازات لمجتمعنا ولشعبنا العربي.
• منصبك الجديد يفتح الشهية لآخرين بإمكانية التقدم!؟
- أعتقد أن على المحامين أن يعملوا على الوصول والتقدم، خاصةً أنّ إمكانية النجاح موجودة، المسألة مرتبطة بالعمل بمهنية وشفافية ومصداقية وأمانة. فَمن يحب مهنته حتمًا سينجاح، وأنا أحب المحاماة، كما ألفت نظر الآخرين أنّ النجاح ليس رهين اللحظة، بل هي مسيرة طويلة، ومَن يسعى لذلك يمكن أن يصل إلى أبعد ما يمكن، وفي مهنتنا هناك الكثير من النجاحات، والنماذج المشرّفة، لستُ الوحيد الذي حققّ النجاح، بل هناك محامين كثر وصلوا الى القضاء وللمحكمة العليا والمركزية، هذا يعني أنّ الباب مفتوح على مصراعيه، لمن يسعى للنجاح.
• رغم كثرة المحامين، فقد دعمتَ اختيار ابنتك لمهنة المحاماة!
- أنا اؤمن بالديمقراطية القرار الشخصي، فابني الكبير محامٍ ويُحضّر للقب الثاني في المحاماة في جامعة جورج واشنطن في واشنطن، وحصل على اللقب الأول من جامعة تل أبيب، وابنتي اختارت هذا الطريق، ولديّ أبناء آخرين، بينهم طبيبة وآخرٌ أنهى مراقبة الحسابات فأنا اؤمن بحرية الاختيار، ودوري كوالد هو الدعم، التوجيه وإعطاء النصائح.
• ألا ترى أنّ مشكلة المشاكل هي العدد الهائل للمحامين في البلاد؟!
هناك مشكلة فعلاً، خاصةً أنّ السوق لا يتحمّل هذه الأعداد الكبيرة، لكن يجدر بنا معرفة أنّ دراسة القانون لا تؤدي بالضرورة إلى امتهان المحاماة، وافتتاح مكتب، لقد صارَ هذا الأمرُ صعبًا.
ومِن خلال عملي في نقابة المحامين بالشمال، أقوم بتركيز مشروع فُرص عمل للمحامين، سواء كان ذلك من خلال مزاولة المهنة في مكاتب خاصة أو حكومية أو تشجعيهم للتوجه إلى مجالاتِ عملٍ أخرى، تعتمد على دارسي القانون. نعم هنالك مشكلة جدية في البطالة التي يعاني منها عددٌ كبير من خريجي المحاماة، وهناك مَن يعيشون بطالة مُبطنة، إذ يبدو وكأنهم يعملون، لكنهم فعليًا لا يتمتعون بدخلٍ كافٍ يسد مصاريفهم.
• إلى ماذا تطمح؟
موقعي الطبيعي هو مكتبي، نعم، كان لي الشرف ببناء هذه نقابة المحامين في لواء الشمال، إذ بنيتُ مؤسساتها بمساعدة زملائي المحامين الذين كانوا معي، لكن يظلُ موقعي الأول والأخير هو مكتبي.
نعم سعيدٌ باختياري في لجنة تعيين القضاة، وكان هذا الاختيار مِن حظي كيف أخدم مجتمعي، هو من أجل خدمة مجتمعي، وأن أطوّر وأحسن أوضاع أبناء شعبي.
ويهمني بصورة خاصة خدمة الجهاز القانوني، من خلال اختيار أفضل القانونيين في المحاكم وأكثرهم نزاهة وملائمة للوظيفة.
وبين طموحي وآمالي الكبير أن يتم تعيين أكبر عدد من المحامين العرب في المحاكم المختلفة.
ولأنني أعرفُ النقص الحاد الذي يعاني منه المحامون العرب في الجهاز القضائي فعددهم هو 6%، علمًا أنّ العرب في البلاد يشكلون 20% من السكان، وأنّ هناك حاجة مُلحّة لزيادة حصة المحامين العرب في المواقع المؤثِرة.
كما أنظرُ بعين الأهمية إلى زيادة عدد القضاة العرب، الأفضل والأكثر ملائمة طبعًا، خاصةً أن تعيين قاضٍ غير ملائم، حتى لو كان عربيًا، سيضُر بالجهاز القضائي، بل إنه قد يُشكّل عقبة أمام القضاة الآخرين الأنسب منه، لتولي وظيفته.
وحين تنتهي مُدة اختياري في لجنة تعيين القضاة أو سواها، سأظلُ في مكتبي ومحيطي، وسأكون سعيدًا بعملي.
• لو لم تكن محامٍ، ماذا كُنتَ ستعمل؟!
احب مهنتي كثيرًا، ولو لم أكن محامٍ وعرفت مزايا هذه المهنة، لكنتُ اخترتُ المحاماة.
• تصطدم بمشاكل المجتمع، كيف تنظر إلى حالنا كعرب؟!
بحكم كوني محامٍ منذ 35 سنة، أشعرُ أنّ القضايا والمشاكل تزداد ، وتؤثر بشكلٍ مباشر على المجتمع، صارت المشاكل جزءً من وجودنا وواقعنا، كثرت مشاكلنا، عمالاً وموظفين، في العمل وفي التأمين الوطني وقضايا الأرض، والضرائب، والبنوك، والعلاقات الزوجية، قضايا زواج وطلاق، ونفقة، وكلما زاد عدد أبناء مجتمعنا، كثُر همُنا، كُنا في العام 48، نشكّل 180 ألفًا، اليوم وصل عددنا إلى مليونيْ عربي، ما يعني ازدياد المشاكل، وتحولنا بفعل التطور الاقتصادي وارتفاع جدول المعيشة إلى مجتمعٍ فقير، يفتقر إلى المصالح والمناطق الصناعية وفرص العمل وما إلى ذلك من قضايا.
• صِف لي العلاقات في دائرة المحامين!
فيما يتعلق بالمحامين العرب، أوضاعهم بخير، وبصفتي مُطلّع منذ 20 عامًا، فإنني متأكد أنّ نسبة تفوق الـ 80% من المحامين العرب لا غُبار عليهم، ولا شكاوى ضدهم، وبعض الشكاوى يتم معالجتها بسهولة، والعلاقات بين المحامين أنفسهم ممتازة، هناك تعاونٌ وانسجام، باستثناء بعض التجاوزات القليلة.
أما بالنسبة للعلاقات اليهودية العربية بين المحامين، فهي عادية جدًا، وليس هناك اشكالية أو فروقات بين الطرفين، بل هناك مكاتب عربية يهودية مشتركة، ولم أرَ أبدًا، أو يجري أمامي أيُ نزاعٍ أو شكاوى أو قضايا تتعلق بمسألة القومية.
• ما هي نسبة المحامين والقضاة العرب مِن مجمل المواطنين؟!
عدد المحامين العرب تصل ما يقارب الـ 6 آلاف، أما إجمالي عدد المحامين العرب المسجلين فهم 56 ألف، لكن الممارسين الفعليين للوظيفة هم 42 ألف محامٍ، ونسبة ممارسي الوظيفة لا تتجاوز الـ 12%. أما بخصوص الجهاز القضائي فإنّ القضاة العرب يشكلون 6% من عدد القضاة وهذا غير كافٍ، ونحنُ نتحدث عن 40 قاضٍ من جميع الدرجات وفي جميع المحاكم.
• مَن يتحمل مسؤولية تدهور أوضاع مجتمعنا العربي؟
عدة جهات، بينهم الشرطة، فنحنُ نتراجع من ناحية أمنية، حتى بات الخوفُ شخصيًا، بازدياد ظاهرة العنف، وانتشار الأسلحة، وهذه مسوؤلية الشرطة، ولو عالجوا الظواهر السلبية بالتأكيد سيكون الوضع أفضل. لكن في المقابل هناك مسؤولية جماعية، سواء على المدجرسة أو المجتمع الصغير، والمقصود البيت، إضافة إلى جميع الأطر التي يجب أن تتفاعل وتعمل على تحسين الأوضاع وبناء جيل شابٍ واعٍ ونظيف، وهناك ضرورة لإيجاد أندية وخلق نشاطات اجتماعية، الأمر الذي من شأنه أن يُساهم بتحسين صورة مجتمعنا، علمًا أنّ المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل يمر بمشاكل اقتصادية مؤثرة ووضعية صعبة، حتى أننا أفقر مجتمع في البلاد، والفقر قد يترك ورائه انحدارًا للمخدرات وانحرافًا باتجاه الجريمة، جميعنا يتحمل المسؤولية، والجميع يجب أن يبحث عن حلول.
• هل لديك متسع من الوقت لممارسات هواياتك؟!
في حدود الوقت المُتاح، بسبب كثرة النشاطات التي أخذتها على نفسي أحاول أن أمارس الرياضة، مطلع بشكلٍ دائم على ما يحدث من خلال الصحف، وقدر الإمكان القراءة هي من الأشياء التي أحبها، لكن للأسف في المدة الأخيرة الأوضاع التي حُصرنا فيها بسبب كثرة المسؤوليات، أخذت الوقت على حساب الهوايات والرغبات.
• كيف ينعكس الوضع السياسي على فرض القوانين؟!
ما مِن شك أنّ الأوضاع السياسية في البلاد سيئة، ويتم طرح قوانين عنصرية، وخاصةً ضد الأقلية العربية، لكن تجاوز الهجوم الأقليات إلى الهجوم على اليسار، وتقديم اقتراحات قوانين لكم الأفواه، سواء كان ذلك بتوسيع قانون ما يسمى "القذف والتشهير" أو غيره من القوانين التي تحدد من عمل الجمعيات الأهلية وتحدد دور الصحافة أيضًا. ومع ذلك نُرحب بمحاكمة أشخاص أساؤوا استخدام سلطة القانون. وللأسف القوانين العنصرية تظهر أنّ القانون ليس صاحب القرار بل إنّ هذه المقترحات والتي تحول بعضها إلى قانون، يقوم عمليًا بتكبيل أيدي المحكمة وتعجيزها عن مزاولة صلاحياتها، ونحنُ ضد هذا الاتجاه. ومن جهة أخرى، نحنُ مع محاربة الفساد المالي، الذي قد يتحول إلى فسادٍ أخلاقي ومجتمعي إذا فشلنا في محاربته.
• كيف تنظر إلى تقدّم المرأة العربية في المجال القضائي؟!
يُسعدني تعيين أول عضو في لجنة تعيين القضاة الشرعيين، والتي وقع الاختيار على المحامية منال حليحل، لتولي هذا المنصب، الذي يحمل أهمية كبيرة، وفي السنوات الأخيرة نرى أنّ عدد القاضيات العربيات في المحاكم، بازدياد، وهو تغييرٌ شعرنا به منذ 15 عامًا، وازدياد عدد المحاميات بشكلٍ عام، يساهم أيضًا في رفع نسبة المحاميات العربيات بصورة طبيعية، حيثُ وصل عدد القاضيات العربيات إلى 15 قاضية، ليسَ كافٍ، لكنه خطوة أولى في طريق تقدم النساء العربيات، بِتن يشكلن 30% من عدد القضاة في البلاد، وهذا فخرٌ لمجتمعنا العربي.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
كل الأحترام دايما رافع راسنا الى الامام