البعض يسميها بالمشاحر، وآخرون يسموها بالمفاحم، والبعض يصل إلى حد وصف المشكلة ‘بذهب اسود"، لكن هذا الذهب بات مهددا بالانقراض بعد "الحرب الأخيرة" على هذه المفاحم كما يقول مواطنو يعبد لمراسل بكرا الذي زارهم في بلدتهم، حيث أصبح من المحظور عليهم تصنع الفحم من الآن فصاعدا بناءً على قرار إسرائيلي.
صاح احد العمال ملوحًا بيديه اللتين يكسوهما سواد الفحم وقال واصفا حجم المشكلة 'بهذا القرار إسرائيل ضربت يعبد بقنبلة نووية ، إنها كارثة أين سنذهب؟ نحن أكثر من ألفي عامل نعيل عشرة آلاف نسمة لا نعرف سوى هذه المهنة منذ خلقنا ونحن نعمل في الفحم'.
ويقول علي وهو عامل في المشاحر بصوت خافت بالكاد كان مسموعا كأنه سيقول شيئا لا يعلمه سواه ملتفتا يمينا حيث الحاجز الإسرائيلي وشمالا حيث الحاجز الثاني وظهره لمستوطنة دوتان "جاء الجنود وقاموا باستفزاز العمال لم نقل شيئا أعطونا أوراق فتحناها إنها إخطارات هدم لم نقل شيئا قالوا منطقة عسكرية وانصرفوا، لتوفير الراحة لعشرين مستوطنا في مستوطنة دوتان القريبة".
الهدف... ضرب الاقتصاد الفلسطيني
وبطرق جديدة وأكثر فاعلية لضرب الاقتصاد الفلسطيني والسيطرة عليه بصورة كاملة، انطلقت العديد من الجمعيات اليهودية والتي تطالب بهدم صناعة الفحم النباتي الذي تشتهر به قريتي برطعة ويعبد.
كثير من أصحاب هذه المفاحم يعتبرونها تراث لقريتهم ولتاريخهم، فصناعة الفحم قد عرفت في هاتين القريتين منذ عهد الخلافة العثمانية وذلك لتزويد قطار الحجاز الذي كان يمر بهمها في تلك الأيام، ولتصبح هذه الصناعة المصدر الأول للدخل في هذه القرى والتي تعتاش منها مئات العائلات في قريتي برطعة، ويعبد والقرى المجاورة.
ومنتصف العام الجاري، اقتحمت قوات من الشرطة الإسرائيلية ترفقها القوة العسكرية بالإضافة إلى عدد من الجرافات، وبدأت بهدم المفاحم بحجة تأثيرها على المستوطنات القريبة منها ولعدم حصولها على تراخيص العمل اللازمة وهدم حينها ما يقارب العشرين منشأه في قريتي برطعة الشرقية، وقرية المنطار.
وأكد العديد من المواطنون لمراسل موقع بكرا على أن الحكومة الإسرائيلية قد أنذرتهم قبل حوالي عام، بضرورة الوقف الفوري لتلك المفاحم وإزالتها، الأمر الذي حققه محامي دفاعهم باستصدار قرار ينص على إيقاف تلك المفاحم وإنذار بالهدم، ولكن لعل جرافات الهدم قد اشتاقت لعملها التي تنتهجه منذ سنين، لتقوم بعملية الهدم مغلقة في ذلك عشرات البيوت الفلسطينية.
وبحسب تقرير مفصل أصدره المجلس القروية "برطعة الشرقية" عن عدد الخسائر التي حلت من هذه العملية :" تدمير أكثر من 80 بيت فحم، وإشعال النار وتدمير 530 طن من الفحم المنتج، كما عملت جرافات الاحتلال على تدمير حمولة 56 شاحنة حطب، وتقدر الخسائر بأكثر من مليون شيكل، بالإضافة إلى قطع أرزاق عشرات الأسر التي كانت تعتاش من العمل في هذه المفاحم".
شبح الهدم اليوم يصل إلى قرية يعبد
تشكل صناعة الفحم في يعبد إلى حوالي 30% من مصادر الدخل للقرية، حيث تعتبر يعبد عاصمة المفاحم في فلسطين، وفيها ما يقارب ال 50 منشأة وأكثر، إلا أن جرافات الهدم لم تشفي غليلها بعد، فبعد يومين من هدم المفاحم في قرية برطعة، أمهلت المؤسسة الإسرائيلية التي تفرض نفسها ظلما وطغيانا على الأراضي الفلسطينية، بإمهال أصحاب 20 منشأة في يعبد بأن يقوموا من خلال المهلة بإغلاق مفاحمهم ومصادر رزقهم كونها تلوث المستوطنات القريبة وتعكر صفو حياتهم – مثلما يدعون، أو فسيتم هدمها مثلما هدمت مفاحم قرية برطعة.
قلق وترقب بقرية يعبد بعد هدم المنشآت في برطعة
كما وأكد التاجر يوسف العبادي، صاحب منشاة فحم بقرية يعبد على أن دائرة تنظيم البناء في الحكومة الإسرائيلية قامت بإبلاغ بعض أصحاب المفاحم في قرية برطعة أثناء هدمها مفاحمهم، بأن عملية هدم أخرى ستنفذ قريبا في مفاحم قرية يعبد.
وأعرب أصحاب المفاحم في القرية عن تخوفهم من تنفيذ الحكومة الإسرائيلية ما قالته مؤكدين أن حوالي 2000 فرد يعتاش من المفاحم، وأكثر من 500 عامل يعملون فيها .
تجدد مطالب المستوطنات لإغلاق المفاحم
هذا وكان قبل أيام قليلة قد افتتحت صفحة اجتماعية على الفيس بوك تطالب بإغلاق كافة المفاحم في منطقة وادي عارة والتي تكمن وجودها في قرية برطعة وقرية يعبد القريبة من مدينة أم الفحم، والذين يطالبون من خلالها "بأن يعيشوا بسلام" بعيدين عن دخان المفاحم، متناسين أن هناك محطة توليد الطاقة، والتي تعد اشد خطورة من الفاحم من حيث كمية إنتاج الدخان السام والملوث للبيئة، حيث تقوم هذه الجمعيات في هذه الأيام بمحاولة لحشد للرأي العام لعملية هدم أخرى وإغلاق المئات من البيوت الفلسطينية بحجج واهية.
الدخل الاقتصادي المقدر من المفاحم
وكان قد أجرت دراسة أكاديمية للدور الاقتصادي الذي تلعبه صناعة الفحم في قريتي يعبد وبرطعة، فقد بلغت قيمة الإنتاج السنوي حوالي (34 مليون و 700 ألف) شيكل، ومتوسط إنتاج موقع التصنيع الواحد (148) طن من الفحم، وتباينت هذه الكمية بين (20-400) طن للموقع الواحد. الأمر الذي يشكل نسبة كبيرة من الدخل على تلك القرى.
هذا واستنكر رئيس بلدية يعبد السيد يوسف حمارشة، الأعمال التي تقوم بها المؤسسة الإسرائيلية على مواطني البلدة قائلا:" أن اغلب المفاحم الموجودة في قرية يعبد قائم قبل قيام إسرائيل، كما وان المفاحم موجودة على أراض ملك خاص وأهلها يملكون (طابو)، ومعظم أصحاب المنشآت تربطهم عقود رسمية بأصحاب الأراضي".
وأكمل قائلا:" أن ما يقوم به الاحتلال ما هو إلا جزء من الحرب النفسية التي تهدف إلى ضرب اقتصادنا وتجريدنا من حقوقنا، في حين ينشط مستوطنو المستوطنات المجاورة في عملية سلب الأراضي وتوسيع الاستيطان ظلما وطغيانا".
يوضح الجدول التالي أسماء أصحاب المفاحم التي تم هدمت في قرية برطعة والخسائر الناتجة عن عملية الهدم.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
مصدر رزقهم حلو عنهم منيين بدهن يعيشو بس عندهم تجاره