تعد اسرائيل واحدة من الدول المتطورة على مستوى هذا العالم ، حيث تعتبر، اسرائيل نفسها، واحدة من الدول الديمقراطية التي تحافظ على حقوق الإنسان وتحميه انطلاقًا من ايمانها القاطع بأن "الإنسان هو أغلى ما نملك" ..
وبما أننا جميعًا سمعنا هذه الشعارات التي لا تكف "ترنُّ" في كل مناسبة سياسية ، اجتماعية أو اقتصادية حتى .. ، ارتأينا أن نسلط الضوء اليوم ، بمناسبة حلول اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد النساء ، على معطيات قد تجعلكم وتجعلنا نفكر مرة أخرى أو أكثر في ما إذا كان الإنسان ، في بلادنا ، فعلاً أغلى ما يملكون.
بينت الإحصاءات الرسمية التي أجرتها جمعية "نساء ضد العنف" هذا العام أن 14 أمرأة قتلن في بلادنا منذ بداية عام 2011 ، 9 منهن نساء عربيات ..!
ومن الجدير بذكره أن معظم ملفات التحقيق بهذه الجرائم تم إغلاقها بحجة "عدم كفاية الأدلة" ، ولا بد من التنويه أيضًا أن العدد الكلي للنساء اللواتي قتلن منذ عام 1991 حتى اليوم هو 150 امرأة ، واختيارنا للعام 1991 لم يأتِ صدفة فهو العام الذي وقّعت فيه اسرائيل على اتفاقية "سيداو" وهي اتفاقية اطلقتها الأمم المتحدة بهدف الحفاظ على حقوق النساء وحمايتهن..!
على اي حال ، انطلاقًا من أملنا بأن يكون العام المقبل أفضل علينا في هذا المجال ، وفي ظل متابعتنا لحملة "كفى للعنف فالسلاح يدمرنا" التي اطلقها موقع "بكرا" مؤخرًا بالتعاون مع د. أحمد الطيبي وعدد من الشخصيات البارزة في مجتمعنا رصدنا لكم رسائل عدد من الشخصيات الاعتبارية بمناسبة حلول اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة..
محمد زيدان: لا يمكن لجسد نصف أعضاءه مقهورة أن يصمد..!
قال رئيس جمعية حقوق الإنسان ، محمد زيدان في حديث له معنا :"رسالتي في هذا اليوم تتلخص بقولي ان مجتمعا لا يزال يتعامل مع المرأة بأسلوب عنيف ويتجاهل حقوقها فلا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال أن يرتقي إلى مصافي الشعوب. أي جسد لا يمكن أن يعيش محملاً بنصف أعضاءه وهي تعاني القهر والعنف" .
و تابع زيدان :"لا بد لي أن أذكر أنني شاركت في واحدة من اوائل المظاهرات التي نادت ضد قتل النساء في بلادنا والتي اطلقت في قرية الرامة عام 1991، وهناك عشنا محاولة اعتداء من شخص مسلح وصل لتخريب المظاهرة لكن الشرطة الاسرائيلية ارتأت أن عليها اعتقال عدد من المتظاهرين بدل اعتقال المعتدي ، وقد كنت أنا واحدًا من المعتقلين حينها.."
شرف حسان :علينا أن نفكر بحل جذري ، شمولي ومستمر..!
شرف حسّان ، مدير المشروع التربوي في جمعية حقوق المواطن قال بدوره:"اعتقد ان هذه المناسبة هي فرصة لطرح موضوع هام جدا يخص مجتمعنا العربي ومجتمعات اخرى ايضا ، لكن العمل التربوي والجماهيري في جميع الميادين يجب ان يمنهج ليمتد على مدار السنة فلأسفي الشديد ان هذه الظاهرة آخذة بالانتشار بشكل مقلق والدليل على ذلك هو حالات العنف والقتل التي نسمع عنها في الآونة الأخيرة من خلال الأخبار ووسائل الإعلام المختلفة."
أضاف حسّان: "العنف في العائلة وضد النساء انما هو امتداد لظاهرة العنف التي يواجهها مجتمعنا وهي ايضًا آخذة بالازدياد في الآونة الأخيرة لهذا علينا فهم العلاقة بين العنف الموجة ضد المرأة ومظاهر العنف الأخرى الموجودة في المجتمع جيدًا ، وعلينا ان نفكر بحل جذري وشمولي ومستمر .."
عايدة توما : علينا سحق أفكارنا المتوارثة عن المرأة ..
وعبرت ، رئيسة جمعية "نساء ضد العنف" عايدة توما سليمان قائلة :عمليًا ان النساء في كل العالم تتعرض لأشكال عديدة وانواع مختلفة من العنف سواء من الاسرة والمجتمع، وهناك أيضًا ماعنف أسميناه "عنف على خلفية سياسية" وهو الذي رأيناه خلال الربيع العربي حيث تمت ممارسة العنف ضد بعض النساء على خلفية موقفهن السياسي للأسف.
زادت توما:" تبقى المسؤولية الاولى والاخيرة للدفاع عن النساء في هذا المجال يقع على عاتق الدولة وأجهزتها ولكن بما ان هذا الامر غير وارد أو فاعل بالشكل المطلوب هنا ، كما نرى ، فإن علينا العمل على تغيير الصورة النمطية العالقة في أذهاننا عن المرأة وسحق أفكارنا المتوارثة عنها"..
وتابعت:"على القيادات ان ترفع صوتها لتندد بالعنف ضد النساء وان لا يكون صوتهم خافتًا لأن الموقف الذي نعيشه يحتاج جرأة حقيقية وبالتالي مواقف حقيقية أيضًا".
حنين زعبي : إقصائنا عن موارد وطننا وعن حقوقنا السياسية والاقتصادية هو نصيب الرجل من العنف كما المرأة..
عضو الكنيست عن جزب التجمع الوطني الديمقراطي ،جنين زعبي قالت :"أولاً ، ان العنف الجسدي الذي تتعرض له النساء يعد آفة اجتماعية وان تعامل المجتمع مع المرأة انما يدل على تقدم المجتمع ومكانة الانسان فيه ، نحن لا نستطيع الا ان نتذكر جرائم انعدام الشرف المرتكبة ضد النساء وان عدم التعامل بجدية مع هذه الجرائم يمنحها شرعية وان التساهل معها يعد امرًا لا شرف فيه هو الآخر ...".
وتابعت زعبي :"مع ذلك ان العنف ضد المرأة لا يقتصر بالطبع على العنف الجسدي بل ان هناك اشكال عدة له ، فتهميش المرأة في المجتمع يعد عنفًا ، تهميشها في قيادة مجتمعها هو عنف ، واقصائها عن اماكن العمل والانتاج المجتمعي والاقتصادي هو أيضًا عنف.."
اختتمت زعبي حديثها قاائلة:"في سياقنا كفلسطينيين أصحاب هذا الوطن الاقصاء عن موارد وطننا وعن حقوقنا السياسية والاقتصادية هو نصيب الرجل من العنف كما المرأة ، بالتالي فإنه لا يمكننا النهوض بواقع المرأة الفلسطينية الا من خلال نضال وطني عام يكون فيه نضال المرأة جزءًا من نضال المجتمع بشكل عام ، وعلى هذا ان يتكامل مع نضال داخل المجتمع نفسه لا علاقة لاسرائيل بالضرورة فيه ، نضال يتعلق بالقناعة والإرادة الخاصة لمجتمعنا في دفع مكانة المرأة ودفع مكانة مجتمعنا كنتيجة حتمية لذلك"..
عرين هواري : لقد بات متعبًا أن نناضل وحدنا في هذا المجال..
عرين هواري من جمعية "سوار" قالت لـ "بكرا" :"إنني أطالب المجتمع ، هذا اليوم ، أن يرفع صوته ضد العنف ضد المرأة ، وأن يشاركنا صرختنا كنسويّات ، فقد بات متعبًا أن نناضل وحدنا في هذا المجال ، ولم يعد يكفينا أن نصرخ ولا تصل صرختنا إلا لآذاننا نحن ، فدعونا نقف وقفة مجتمع واحد في وجه كل الجرائم التي ترتكب بحق انسانيتنا واستمراريتنا وأمان أولادنا.."
فتحي مرشود : مجتمعنا يعاني التهميش من الإحتلال ويمارسه بدوره ضد المرأة ، أليس هذا اضطهاد مضاعف لها..؟
فتحي مرشود، رئيس مكتب حيفا في "شتيل" قال لـ "بكرا" : "شكرا لتوجهكم إلي لتقديم رسالة ، فيعنيني كثيرًا ان اكون واحدا من الاصوات المشاركة في مثل هذا اليوم ، وعليه أقول إنه لا يمكن ان نتقدم كمجتمع إذا بقي الحال هنا على ما هو عليه في هذا المضمار ، فالعنف برأيي إنما هو حاجز غير قابل للزوال أمام التقدم والتحضر لأي مجتمع.."
وتابع مرشود :"علينا ان نذكر ، خلال هذا اليوم ، ان هذه القضية لا تمس بالمرأة فقط انما تمس بالانسان كإنسان أينما كان ، كما أن مجتمعنا يعاني التهميش من الإحتلال ويمارسه بدوره ضد المرأة ، أليس هذا اضطهاد مضاعف..؟ ، برأيي ، علينا ان نعمل معًا لوقف المد الذي تعيشه هذه الظاهرة وإيجاد الحل بأسرع وقت لننقذ مجتمعنا قبيل فوات الأوان".
ريم أبو لبن: القضية أكبر من تسجيل تواريخ واستذكارها
وتقول المعالجة النفسية ريم أبو لبن: القضية أكبر من تسجيل تواريخ واستذكارها، وهذا الأمر يُزعجني وأرفضه، لسنا بحاجة إلى " يوم" نكافح من خلال العُنف ضد المرأة، نحن بحاجة لتربية المجتمع وبناءه لرفض العُنف، ونبذه، بشكل يومي وليس مرة كل سنة.
وعبرت ابو لبن عن أسفها فيما يخص الاحصائية التي تشير أن 200 ألف إمرأة مضروبة في إسرائيل، وهذا الرقم متوقع، وربما يكون العدد أكبر من ذلك بحكم أن الكثير من النساء لا يصرحن على ضربهن لخوفهن على حياتهن، هُناك نساء يعتقدن أن العُنف فقط يكون جسدي أو جنسي، العُنف ايضاً لفظياً، حتى عندما يصرخ الرجل بوجه المرأة هذا نوع من العنف.
وأضافت: أعتقد أنه يجب إعادة النظر في كيفية التعامل مع العنف وتغيير السُبل في محاربته، التذكير بنبذه واستنكاره لا يقف فقط عند تاريخ مسجل على الرزنامة، أو امام مظاهرة تنديد في قتل امرأة، أو بيان استنكاري، الأمر بحاجة إلى طرق جديدة نحارب من خلالها الحد من العنف.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
كل الاحترام