السياسي السوري المعارض أحمد أبو صالح في مقابلة حصرية مع موقع "بكرا"

* بشار الأسد مجرد صورة ومن حوله وخلفه هم الذين يقررون، لكن هذا لا يعفيه من المسؤولية

* حاشية النظام السوري أعدت خطة لإعلان سوريا مملكة هذا العام وتنصيب بشار الأسد ملكاً

* النظام السوري لم يتعلم من دروس الماضي وسيزول حتى نهاية هذا العام

* هناك شخصيات مدسوسة في الثورة السورية تعمل لجهات غربية يجب الحذر منها وإبعادها

* النظام السوري يراهن على الجيش في بقائه

 
يعتبر السياسي السوري المعارض المحامي أحمد أبو صالح أحد أشهر السياسيين في سوريا في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي. صحيح أنه تقدم في العمر، وتجاوز سن الثمانين، لكنه لا يزال قادراً على صنع السياسة، ويتحدث بها وعنها بكل جرأة وقوة وثقة بالنفس، ويتمنى لو يكون في سوريا لمشاركة إخوانه المنتفضين على بشار الأسد ثورتهم ضد النظام السوري. شغل السياسي أبو صالح مناصب وزارية وسياسية عديدة في عهد الوحدة بين مصر وسوريا، وكان عضواً في مجلس قيادة الثورة السورية. ونتيجة لخلافات سياسية مع حافظ الأسد، تم زجه في السجن، وتعرض لتعذيب كبير لأنه رفض أن يسير على نهج حافظ الأسد. عرض عليه رفعت الأسد التعاون لكنه رفض قائلاً له:" أنت محتال وقاتل، وعليك أن تعتذر أولاً للشعب السوري". يرفض التعاون مع جهات غربية لإسقاط النظام السوري، لأنه يؤمن بأن الشعب وحده هو الذي يسقط النظام وليس الغرب أو أميركا.

السياسي السوري احمد أبو صالح أكد لأول مرة لموفد موقع "بكرا" إلى العاصمة التشيكية "براغ" أن خطة تم وضعها في سوريا من جانب المقربين من النظام السوري، تتضمن جعل سوريا مملكة هذا العام، وتنصيب بشار الأسد ملكاً عليها.

أحمد أبو صالح صرح أيضا في المقابلة، بأن رجل الأعمال السوري المعروف رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، كان قد اجتمع مرات عديدة مع المقربين جدا من الأسد من كبار ضباط، ولا سيما في أجهزة الاستخبارات، ومع سياسيين ورجال أعمال وبرلمانيين، واتفقوا على أن يتم الاعلان عن سوريا هذا العام مملكة وتنصيب بشار الأسد ملكاً عليها.

وقال أبو صالح، إن حاشية النظام السوري، قررت اتخاذ هذه الخطوة لضمان استمرار حكم الطائفة العلوية لسوريا مدى الحياة.

وذكر أبو صالح لموفد موقع "بكرا" ، أن عائلة مخلوف هي التي كانت وراء موت باسل الأسد شقيق بشار الأسد، والذي توفي في حادث طرق في أواخر عام 1994، حيث تبين فيما بعد لأوساط النظام أن الحادث تم بترتيب من بعض أفراد عائلة مخلوف، لأن باسل الأسد كان على خلاف معهم بسبب تصرفاتهم.

" موفد موقع "بكرا" الى تشيكيا التقى السياسي أحمد أبو صالح في مقر إقامته في براغ، وأجرى معه الحديث التالي:

* كيف تنظرون إلى ما يجري الآن في سوريا ؟

ــــــ من المؤلم جداً أن تصل الأمور في سوريا إلى الحد الذي سقط فيه آلاف الشهداء، وتشريد وتهجير واعتقال الآلاف أيضا من المواطنين السوريين. الأسلوب الذي اتبعه ما يسمى بحزب البعث العربي الإشتراكي في سوريا، هو اسلوب دموي. الشعب السوري الذي صبر طويلاً على الظلم، انتفض الآن ولا رجعة عن الثورة الشعبية. والحقيقة أن تدخل بعض القوى الخارجية هو الذي أعاق لغاية الآن إسقاط النظام الذي كنا نتوقع سقوطه بسرعة أكثر. وهنا يجب القول بصراحة أن هناك شخصيات وفصائل في سوريا تزعم أنها مع الثورة لكنها في الحقيقة تسير حسب أجندات معينة. هناك أناس متسلقين مدسوسين في الثورة السورية يعملون لجهات لا تضمر الخير للشعب السوري.

* أنت تشك في مصداقية المعارضة السورية في الخارج، لكن ما نراه الآن هو تبوء شخصيات من هذه المعارضة مراكز مرموقة فيما يتعلق بالثورة؟

ــــــ عندما أشرت إلى جانب سلبي في المعارضة،قلت ان هناك مجموعة من الناس الطيبين، لكن مع الأسف الشديد،هناك نسبة كبيرة جدا من غير الطيبين بينهم، ولا شك في وجود أناس وطنيين مع المعارضة في الداخل على استعداد لتقديم كل ما يملكون وكل ما يقدرون على تقديمه، لخدمة هذه الثورة، لكن مع الأسف هذه النسبة من الوطنيين هي نسبة منقسمة على نفسها.

* بنظرك، على ماذا يراهن النظام السوري في بقائه؟

ـــــ انا املك حق القول أنني أقدر الناس على فهم حقيقة النظام السوري، لأني عرفته عن قرب وكنت عضو مجلس قيادة الثورة في سوريا. وأنا شاركت في الثورة التصحيحية في الثامن من آذار عام 1963، التي شارك فيها ضباط وحدويون سوريون برزوا على الساحة قبل البعثيين. لكن كانت هناك مجموعة منظمة من الضباط البعثيين استطاعت أن تسرح كل من كان ينادي بالوحدة، ويعمل لمصلحة الشعب، وبدأوا بالاستيلاء على المفاصل الرئيسية للجيش، وايضا على السلطة التنفيذية. ومن كان يتحكم في سوريا كانوا من العلويين والدروز والإسماعيليين، حتى في الجيش، الذي يعتبر كل قياداته العليا من الطائفة العلوية، التي يعتمد عليها النظام السوري. صحيح أن نسبة العلويين لا تشكل أكثر من 12 بالمائة من السكان لكن هذه الطائفة، التي ينتمي إليها الأسد وأعوانه، هي التي تتحكم بزمام الأمور في سوريا، وهي المسيطرة على قيادات الجيش، ولهذا السبب يعتبر الجيش لغاية الآن الداعم الرئيس لبقاء بشار الأسد في الحكم. لكن هذا لا يعني أن كل الطائفة العلوية تؤيد نظام الأسد، فهناك معارضين كثيرين من العلويين.

* المتظاهرون في سوريا طالبوا في البداية بإصلاحات، ثم رفعوا شعار إسقاط النظام، برأيك إلى أي حد يستطيع الشعب السوري الثائر الاستمرار في هذه الثورة السلمية لإسقاط النظام؟

ــــــ اول عامل إيجابي تسلح به الشعب السوري الثائر هو الظرف الدولي، الذي يختلف كليا عن الظروف قبل ثلاثين عاما، في العام 1982 حدثت ثورة في حماة ضد النظام السوري، لكن النتيجة كانت تدمير حماة وقتل عشرات الآلاف بأمر من حافظ الأسد، ولم يتحرك أي بلد عربي، لكن اليوم الوضع يختلف، فالظروف تغيرت. تونس أعلنت ثورتها، ومصر تحركت في ثورة شباب، والثورة في اليمن لا تزال مستمرة. وأقول لك صراحة أنه ليس من السهل على النظام السوري القضاء على الثورة السورية، النظام يعرف تماما أنه في حال توقيعه على خطوات إصلاح حقيقية، فإنه يوقع على شهادة وفاته، ولذلك فمن المستحيل أن يفعلها، والشعب يعرف ذلك. النظام السوري بين نارين: نار الثورة ونار ما يسمى بالإصلاح، وكلا النارين ستحرق النظام عاجلاً أم آجلاً. النظام السوري وعد كثيرا بالإصلاح لكنه لم ينفذ أي شيء وعد به، ولذلك فالشعب السوري لا بديل له سوى الاستمرار في الثورة.

* هناك من يقول أن بشار الاسد لم يرغب في تفاقم الأمور في سوريا إلى هذا الحد، لكن الذين حول بشار الأسد هم الذين يريدون ذلك للحفاظ على مصالحهم، كيف ترون ذلك؟

ـــــــــ نعم بشار الأسد هو كذلك، من هم حوله ومن هم خلفه هم الذين يقررون، وما عليه سوى التنفيذ. بعد وفاة حافظ الأسد ظهر خلاف بين شخصيات علوية قيادية حول تولي الحكم كاد أن يؤدي إلى صدام، ولذلك تم قبول تولي بشار الأسد الحكم كحل وسط.

* بين من ظهر هذا الخلاف؟

ـــــــ بين قادة أجهزة الاستخبارات علي فياض، علي حيدر وعلي دوبا، وغيرهم، وهؤلاء كانوا هم النظام في سوريا, وجرى توافق بينهم على أن يتولى بشار الأسد الحكم، لكن عمليا هم الذين يقررون كيف تسير سوريا. وكان المفروض أن يتولى الحكم باسل الأسد لو بقي على قيد الحياة، لكن آل مخلوف هم الذين قتلوا باسل الأسد، لأن بشار وأخيه ماهر كانا الأقرب سياسياً إلى عائلة مخلوف، ولذلك فإن بشار الأسد هو مجرد صورة، وبالرغم من ذلك فإن هذا الأمر لا يعفي بشار من المسؤولية، لأنه الرئيس، ولو كان بشار الأسد غير مقتنع بما يجري فباستطاعته الاستقالة، وبما أنه لم يفعل، فإنه يتحمل كافة المسؤولية.

* هل تعتقد بأن الثورة السورية لا بد لها من اللجوء إلى السلاح كما حصل في ليبيا؟

ــــــــ أنا أتمنى أن لا يحدث ذلك، لكن النظام يواصل تكثيف استعمال القوة من قتل وتنكيل بالشعب، والشعب لا بد له من إيجاد وسيلة أخرى لمواجهة ألنظام، لأنه حتى الآن يتبع الأساليب السلمية، التي لم تسفر سوى عن سقوط المزيد من الضحايا.وأنا أعتقد بأن عناصر من الجبش السوري التي يمكن أن تعلن انشقاقها عن النظام، هي التي تستطيع المواجهة بالسلاح وهذا أمر مشروع في جميع الشرائع.

* الملاحظ وجود ميوعة وتراخي في الموقف الغربي تجاه ما يحدث في سوريا، وهذا ما يشجع النظام السوري على الاستمرار في أعمال القتل، أليس كذلك؟

ــــــ الغرب يعرف تماما أنه في ما لو بقي بشار في الحكم، فإن مصالح الغرب ستبقى على حالها، وإذا انتصرت الثورة، فإن فيه الكثير من الأشخاص ذوي المسؤولية، تربطهم علاقات مع الغرب، الذي سيقوم في هذه الحالة بوضع شروط للتعامل مع سوريا المستقبل. هؤلاء الأشخاص يقوم الغرب الآن بتلميعهم، والعرب أيضاً يقومون بذلك.والغرب الآن يراوح ويراوغ وينتظر كفة من ستربح للإنضمام إليها وتأييدها.

* برأيك إلى أي حد يستطيع النظام البقاء في الحكم؟

ـــــــ سأصارحك في نقطة في غاية الأهمية. آل مخلوف وهم أخوال بشار الأسد، قرروا الاعلان عن سوريا مملكة وتنصيب بشار ملكا عليها، تماما كما جرى في البحرين. وقد تم اتخاذ هذا القرار في مطلع هذا العام بعد مشاورات طويلة، وكان من المقرر أن يتم الاعلان عن ذلك هذه السنة، لكن التطورات في سوريا حالت دون ذلك، أي أن الثورة فاجأتهم. النتيجة الحتمية أن النظام سيزول مهما حاول البقاء.

* إذا الدور الذي تقوم به الجامعة العربية لا فائدة منه؟

ــــــ الجامعة العربية لها عيوب كثيرة. تأسيسها تم بإرادة من الاستعمار وبالتحديد من بريطانيا. ميثاق الجامعة العربية، ميثاق هزيل جداً، لا يتجاوز الاجتماعات التقليدية والخروج بنتائج لصالح الأنظمة. يعني جامعة الدول العربية هي جامعة الأنظمة العربية وليس جامعة الشعوب العربية. يعني أمين عام الجامعة العربية لا يملك سوى صلاحية سفير فقط، ولا يملك صلاحية رئاسة اجتماعات وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية رغم أنه أمين عام الجامعة. بمعنى أن الجامعة العربية لا يمكن أن تتخذ أي قرار ضد نظام عربي إلا بالاجماع فقط، لأنها جامعة أنظمة عربية. القرا الوحيد الذي تم الإجماع عليه في الجامعة العربية هو فقط قرار تجميد أرصدة ليبيا. إذا لا فائدة من دور الجامعة العربية، والتعويل عليها لا جدوى منه.

* يلاحظ أن الموقف الروسي مؤيد كليا لنظام الأسد، ما المبرر لذلك؟

ـــــــ النظام السوري عليه ديون ضخمة جداً لروسيا، التى تخشى فيما لو وقع تغيير النظام أن يتملص النظام الجديد من الالتزامات لروسيا ولا سيما بالعقود المبرمة بين البلدين. وسبب مهم آخر هو أن روسيا لا تريد الظهور وكأنها ذيل لأميركا، كونها دولة عظمى.

* علمنا بأن نظام مبارك منعك من الدخول إلى مصر، رغم أنك كنت يوما ما رئيس الاتحاد القومي الاشتراكي في عهد الوحدة بين مصر وسوريا وكنت عضو مجلس قيادة ثورة في سوريا، برأيك لماذ كان هذا التصرف اللاأخلاقي معك بهذا الشكل، حتى بعد الثورة في مصر ؟

ــــــــ أشكرك جداً على هذا السؤال. أنا بالفعل كنت ممثلاً للجمهورية العربية المتحدة مرات كثيرة في العالم، وكنت رئيسا للإتحاد القومي وتبوأت مناصب وزارية، أي أنني كنت قريبا جدا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويؤسفني أن يتم التعامل معي بهذا الشكل. كنت قد تقدمت في عهد مبارك ثلاث مرات بطلب للذهاب إلى مصر في السفارة المصرية في براغ ، وكان طلبي يتم رفضه كل مرة. وفي تموز الشهر الماضي، أي في عهد الثورة عدت مرة أخرى وتقدمت بطلب للسفارة المصرية للذهاب إلى مصر للنقاهة خصوصا أنني تجاوزت سن الثمانين من العمر، لكني مع الأسف الشديد فوجئت مرة أخرى بالرفض. بعد ذلك بعثت برسالة إلى كل من صحيفتي "الكرامة" و"العربي" في القاهرة، شرحت فيها عما جرى معي من تعامل سيء من المسؤولين في القاهرة، وطلبت نشر الرسالة لإطلاع المواطنين المصريين على تصرف المسؤولين معي. وأعتقد بأن رفض طلبي في عهد الثورة الجديدة كما كان يرفض في عهد مبارك هو أمر عجيب غريب، وهذا يعني أن المسؤولين في عهد مبارك لا يزالوا يعشعشون في الدوائر المتنفذة. تصور أن المومسات الإسرائيليات كن يدخلن إلى مصر في عهد مبارك بدون سمة دخول يتجولن بكل حرية، وكذلك الجواسيس كانوا يدخلون دون إزعاج، وانا ابن الجمهورية العربية المتحدة يمنع دخولي في عهد مبارك وفي عهد الثورة، ولذلك أطلب من الجهات المصرية المختصة إعادة النظر في هذا الموضوع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]