يرى المحلل السياسي أنطوان شلحت أن اسرائيل لن تقدم على شنّ هجوم عسكري على ايران، رغم التهديدات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتقرير وكالة الطاقة الذرية الذي يشير إلى تطوّر في البرنامج النووي الايراني نحو حيازة اسلحة نووية..
من جهته يرى شلحت أن "هذا التقرير يبدو أنه فتح المجال امام اماكن تصعيد الضغوط التي تمارس على ايران لكبح برنامجها النووي، ولا بد من ملاحظة أن اسرائيل تتصدر هذه الحملة حتى من قبل أن يصدر التقرير. كما أنه لا بد من ملاحظة أن هذه الحملة مقرونة بتصاعد الحديث عن احتمال شن اسرائيل هجمة عسكرية على ايران لوقف برنامجها النووي حتى من دون أن يكون هناك ضوء أخضر من الأسرة الدولية أو من الولايات المتحدة. أخيرًا يجب أن نقول أن هذا التقرير قد وضع الموضوع الايراني في مركز جدول الأعمال الاقليمي وربما العالمي بعد أن بدا أنه نُحيّ جانبا. وبطبيعة الحال فان هذا الأمر يؤدي الى صرف النظر عن أحداث كبيرة أخرى في منطقتنا في مقدمتها طبعا ثورات الربيع العربي والأفق المسدود الذي وصلت اليه العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين".
اهتمام قديم لنتنياهو بالملف الإيراني
وفي رده على سؤال حول كون هذه التصريحات النارية لنتنياهو جاءت في هذه الفترة صرفا للنظر عن المشاكل الداخلية التي تعاني منها اسرائيل، فيقول: "أنا أعتقد أن اهتمام نتنياهو بالملف النووي الايراني لم ينشأ فجأة وانما هو اهتمام قديم العهد منذ أن عاد الى منصب رئيس الحكومة وهناك من قال في حينه إن عودته كان الهدف الرئيس منها أن يعالج هذا الملف، وأحد المحللين قال إن تسلم نتنياهو رئاسة الحكومة يقرّب المواجهة بين اسرائيل وايران.. ولكن لا شك في أن تصعيد الحملة الاسرائيلية على ايران في هذا الوقت بالذات جاء ليخدم نتنياهو في عدة مجالات، وفي طليعتها صرف النظر عن مشكلات أخرى يعاني منها على المستويين الداخلي والخارجي، وتلحّ على ايجاد حلول فورية لها. ويمكن القول أن الحديث عن الملف النووي الايراني سيسهّل له طريق الهروب الى الأمام من هذه المشكلات، ومحاولة اشغال الرأي العام في القضية الايرانية"..
مبدأ بيجن...محرك لنتنياهو
وعن إحتمال شنّ هجوم فعليّ من قبل اسرائيل على ايران أو العكس، يؤكد شلحت أن الامكانيات مفتوحة على جميع الاحتمالات. مضيفا: "هناك امكانية أن تقوم اسرائيل بشن هجوم على ايران هي امكانية واردة، خصوصا في ضوء عدة أمور، الأول كما قلنا أن نتنياهو يضع هذا الأمر في رأس سلم أولوياته. ثانيا، أن ما يحكم اسرائيل حتى الآن هو ما يسمى مبدأ بيجن، وفحواه عدم السماح لأي قوى أخرى في منطقة الشرق الأوسط بامتلاك أسلحة نووية باستثناء اسرائيل، وما زلنا نذكر أن بيجن نفسه هاجم المفاعل النووي العراقي في العام 1981، وأن أولمرت هاجم ما اعتبر أنه مفاعل نووي في سوريا سنة 2007. ثالثا، شن هجوم عسكري على ايران لا يخدم فقط سياسة وقف برنامجها النووي وإنما يهدف ايضا الى الحد من نفوذها وتأثيرها في المنطقة والتي تصاعد في الآونة الأخيرة بحسب القراءة الاسرائيلية لجوهر ما تعنيه الثورات العربية. في الوقت نفسه هناك امكانية للجم مثل هذا الهجوم من قبل الأسرة الدولية والتقارير الصحافية تقول إن الولايات المتحدة تعارض قيام اسرائيل بمثل هذا الهجوم. وعلينا أن نأخذ بالاعتبار أن اسرائيل لا يمكنها القيام بهذا الهجوم بدون الحصول على مساعدة لوجيستية من الولايات المتحدة، ما يعني أن معارضة هذه الأخيرة، لهذا الهجوم، يمكن أن يكون عاملا مهما في عدم إقدام اسرائيل عليه"!
على الدول العربية الخوف من إسرائيل
ويقول في رده على تعليقي أن الدول العربية وايران هي التي يجب أن تخاف من اسرائيل أكثر من ان تخشى اسرائيل من ايران: "طبعا الموقف الاسرائيلي من الملف النووي الايراني هو موقف سياسي استراتيجي، قائم على اساس أن اسرائيل هي التي يجب أن تحتكر امتلاك السلاح النووي في الشرق الأوسط بحجة أنها مهددة في وجودها من قبل الدول المحيطة بها. ولا اعتقد أنه ناجم فقط عن عنصر الخوف لأنه صحيح ما تقوله بأن الجانب الذي يجب أن يخاف هو الجانب العربي بسبب امتلاك اسرائيل أسلحة نووية. وما يمكن قوله هو أن موقف اسرائيل يعكس جوهر السياسة الاسرائيلية التي تتعامل بها مع محيطها الاقليمي والقائم على أساس أنها تعتبر نفسها مهددة في الصميم وأن هذا التهديد هو تهديد أبدي ولا يزول".
من الممكن أن تكون إسرائيل وراء التفجير الذي حصل اليوم في إيران
اما بما يخص التقارير الأخيرة حول انفجار في مخزن اسلحة بالقرب من العاصمة طهران والذي أودى بحياة عشرات البشر، لا ينفي شلحت إحتمال أن تكون اسرائيل أو أي من الدول الغربية من وراء ذلك، قائلا: "أعتقد أن هذا الانفجار يأتي في ضمن هذه المحاولات للجم البرنامج النووي الايراني. بكل الأحوال من وراءه هم معارضو الملف النووي الايراني، وبما في ذلك اسرائيل والدول الغربية والولايات المتحدة. هناك تعاون استخباراتي على مستوى العالم كله بناء على ما تنشره وسائل الاعلام. اسرائيل ستبقى وستعمل على كل المستويات من أجل وقف البرنامج النووي الايراني.. تهديدها بشن هجوم عسكري لا يعني أنها ستكف عن بقية المحاولات.. الهجوم العسكري قد يكون الاحتمال الاخير الذي يمكن أن تلجأ اليه"...
كسر الإحتكار الإسرائيلي وتوازن الرعب الإقليمي
وينهي شلحت حديثه بالقول: "برأيي أن موضوع الملف النووي الايراني يضع منطقة الشرق الأوسط أمام مفترق طرق خطر للغاية، يمكن أن ينزلق الى مواجهة شرسة ولكنه من ناحية أخرى يمكن أن يؤدي الى وضع يتم فيه كسر الاحتكار الاسرائيلي لموضوع امتلاك الأسلحة النووية، ما يعني نشوء حالة من توازن الرعب الاقليمي مع كل ما يمكن أن ينطلي عليه ذلك من تحجيم لسياسة اسرائيل العدوانية ولموقفها المعادي إزاء محيطها الإقليمي".
[email protected]
أضف تعليق