مع دخول موسم الزيتون في مناطق معينة من الضفة الغربية ذات الحرارة المرتفعة، تزايدت مخاوف المزارعين من هجمات المستوطنين المختلفة، وبات ينتابهم خوف حقيقي من ظاهرة انتشار الخنازير البرية المتوحشة التي يطلقها المستوطنون باتجاه حقول الفلسطينيين، والتي أدت في بعض حالاتها إلى قتل وجرح عدد من المزارعين.

ويؤكد مزارعو الضفة أن المستوطنين هم من يطلقون الخنازير كي يبعدوا الفلسطينيين عن مزارعهم خاصة القريبة من المستوطنات والجدار.

المزارع خالد مصطفى من بلدة بدو شمال غرب القدس المحتلة يقول، لـ"بكرا": "في كل موسم أتحضر لملاحقة ومطاردة الخنازير وإبعادها عن عائلتي خاصة في المناطق كثيفة الأشجار، حيث تكون عادة مختبئة خلال النهار".

ويتذكر مصطفى العام الماضي حيث أصيب المواطن إسماعيل لطفي ( 55 عاما) بكسور في كلتا رجليه، وبجراح في أنحاء متفرقة من جسده، عندما تعارك مع الخنازير في محاولة منه لإبعادها عن أفراد عائلته.

بدوره، يقول المزارع إياد حسونة، إنه يخشى من بداية موسم الزيتون هجمات الخنازير، وهو ما يحصل في الغالب حيث تكون الخنازير مختبئة طوال العام في مخابئها المعهودة.

وتبلغ مساحة الأرض المزروعة بالزيتون في فلسطين لهذا العام حوالي 954895 دونما، وبمعدل إنتاج يصل إلى 63 كغم بعدد اشجار تصل الى 11 مليون شجرة حسب تقرير صدر حديثا عن وزارة الزراعة الفلسطينية.

مزاعم كاذبة


وتتذرع سلطات الاحتلال خاصة تلك المسماة "سلطة حماية الطبيعة"، بالتوازن البيئي والطبيعي، كي تبرر إطلاق الخنازير، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما كما تقول التقارير الزراعية والمهندسون الزراعيون، وهو ما دحضه المهندس الزراعي علي عليان.

وأضاف لـ"بكرا" "يؤدي إطلاق الخنازير وكثرة تناسلها إلى الإخلال بالتوازن البيئي، وليس إلى التوازن البيئي خاصة بهذه الكثرة، لأنه لا يوجد في الضفة ما يقوم بافتراسها من الحيوانات، ما يؤدي إلى مهاجمة المزارعين خاصة في موسم الزيتون حيث يكثر تواجد المزارعين في أراضيهم".

وبحسب الناشط في مجال مقاومة الاستيطان سعيد يقين، فإن عملية نشر الخنازير من قبل سلطات الاحتلال هي وسيلة واحدة من بين وسائل كثيرة تأتي ضمن سياسة محاربة المزارع الفلسطيني في لقمة عيشه، وهي إحدى الوسائل المتبعة من قبل الاحتلال في التضييق على المزارعين.

ويضيف: "وهي أيضًا وسيلة من بين وسائل كثيرة ومتعددة تهدف في مجملها إلى إبعاد المزارع عن أرضه ليسهل سرقتها ومصادرتها بعد ذلك، من قبل الاحتلال لتوسيع مغتصباته".

تصعيد إسرائيلي ضد الزيتون

هجمات المستوطنين وسرقة المحصول لا تقل خطورة عن الهجمات التي تنفذها الخنازير البرية في الضفة الغربية وأكد مزارعون ومهندسون في لقاءات أن قطاع الزيتون يواجه عقبات وتحديات جسام أبرزها تلك المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي وإقامة المستوطنات والجدار العازل وشق الطرق الالتفافية إضافة لسياسة الحرب الممنهجة من قبل المستوطنين ضد الزيتون.

واضطر المزارعون هذا العام النزول باكرا إلى حقولهم الزراعية لجني ثمار الزيتون نظرا لتصاعد حجم الاعتداءات من قبل المستوطنين والمتمثلة بتجريف مساحات شاسعة لصالح إقامة شوارع التفافية ونظرا لإقدام المستوطنين على سرقة ثمار الزيتون وإحراق مئات أشجار الزيتون المثمرة. وحسب بعض الخبراء والمختصين فإن نسبة سيل الزيت من الزيتون حتى الآن تعد متدنية لأن الثمار لم تنضج بعد.

وهنا قال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية في حديث مع مراسل بكرا في رام الله "بكرا" "إن هذا العام شهد تصعيدا خطيرا من قبل المستوطنين تمثل بشن حرب على شجرة الزيتون في معظم المحافظات الفلسطينية".

وأكد أن عشرات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون أقدم المستوطنون على تجريفها لصالح شق طرق التفافية قرب المستوطنات، إضافة إلى إقدامهم على إشعال النيران بمئات الدونمات الزراعية ما تسبب في إتلاف واحتراق مئات أشجار الزيتون المعمرة.

وأشار دغلس، إلى أنه تم رصد عشرات الانتهاكات في محافظات الضفة الغربية تمثلت بقيام المستوطنين بسرقة محصول الزيتون في نابلس والخليل وسلفيت وطولكرم إضافة إلى خلع وتدمير واقتلاع مئات أشجار الزيتون المثمر.

وقال: "رغم التنسيق المسبق مع الجانب الإسرائيلي في هذا المجال إلا أن المستوطنين أعلنوا الحرب ضد المزارعين وشجر الزيتون، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي يتدخل متأخرا وأحيانا يقف مكتوف الأيدي تجاه ما يحدث من اعتداءات".

فياض: اعتداءات المستوطنين متواصلة

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض في حديث سابق أن المستوطنين دمروا واقتلعوا وأشعلوا النار في أكثر من 4200 شجرة زيتون خلال العام الحالي، كما تركّزت اعتداءات المستوطنين خلال الشهرين الماضيين في محافظات نابلس وقلقيلية وسلفيت ورام الله، وأسفرت عن تدمير 1000 شجرة زيتون، وتكسير ما يزيد عن 990 شجرة، بينما شكلت عمليات قلع أشجار الزيتون أكبر نسبة اعتداء في كل المحافظات، حيث وصلت إلى ما نسبته 21% من إجمالي هذه الاعتداءات.

وأفرد فياض في حديثه الإذاعي الأسبوعي امس مساحة واسعة حول موسم قطف الزيتون وأبعاده، ودلالاته، و"الجهود التي تبذلها الحكومة لحماية حصاد هذا الموسم من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي واعتداءات مستوطنيه المستمرة على مُزارعينا وعلى شجرة الزيتون، التي لطالما كانت هدفاً للمستوطنين وإرهابهم ضد شعبنا ومقدراته، ومصادر رزقه".

وأشار إلى أن المستوطنين دمروا واقتلعوا وأشعلوا النار في أكثر من 4200 شجرة زيتون خلال العام الحالي، كما تركّزت إعتداءات المستوطنين خلال الشهرين الماضيين في محافظات نابلس وقلقيلية وسلفيت ورام الله، وأسفرت عن تدمير 1000 شجرة زيتون، وتكسير ما يزيد على 990 شجرة، بينما شكلت عمليات قلع أشجار الزيتون أكبر نسبة اعتداء في كل المحافظات، حيث وصلت إلى ما نسبته 21% من إجمالي هذه الاعتداءات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]