الفرقٌ بين الأوضاع المعيشية الصعبة التي مرّرنا بها في السنة الماضية وبين هذه السنة ليس كبيرًا، اللهم إلا التغيير الذي فرضته حركة الكواكب حسب التقويم الهجري، فحلّ عيد الفطر المبارك، أيامًا قبل موعد افتتاح السنة الدراسية، فزاد العيد طنّة، وضاعف مصروفات الأهل.
أهالٍ في ضائقة!
الفرحةٌ بالعيد وبهجةُ الأيام الأخيرة للشهر الكريم لم تمنع الأهل من الشكوى والدعوة إلى الله أن يلهمهم الصبر وأن تمر هذه الأيام على خير.
سيدةٌ تحيطُ بأبنائها الثلاثة وتحمل بيدها سلةٌ فيها من الدفاتر والكتب والأقلامِ القليل، هي منحةٌ من أحد المتبرعين، الذين رفضوا أن يكشفوا عن اسمهم، المهم أنهم يقدمون مساعدةً لوجه الله، لأسرةٍ محتاجة، الأمُ فيها مريضة.
اكتفت أم محمد، وهي سيدة نصراوية، بشراء لوازم مدرسية بمبلغ 500 شيكل، وتفكر بأن تشتري ملابس العيد بالتقسيط من دكانٍ يتبع لأحد الأقارب، على أن تعود بعد العيد، لفحص ما يحتاجه أبناؤها الثلاثة من ضرورياتٍ يجب اقتناؤها.
في المقابل، ينتظر فارس محمد، من حي وادي الحمام في شفاعمرو، وهو عامل بناء في إيلات، ريثما ينتهي أبنائه من شراء لوازمهم من المكتبة. يقول السيد فارس: أعمل في مدينة ايلات، في مجال البناء، عندي سبعة أولاد، بينهم ثلاثة يتوجهون للمدارس، أنا شخصيًا لا أشكو من ضائقة مادية، فالحمد لله، بين أبنائي من يعمل، ويخفّف عني، لكنني أشعر بصعوبة الحياة، مثل غيري، فالأسعار مرتفعة، وإذا كانت ميزانية الابن الواحد، من بين أبنائي الثلاثة الذين يدرسون تصل إلى 500 شيكل عن الفرد الواحد، فلا تنسي أنّ هناك ملابس، أحذية، ومعايدات، ومصاريف أخرى على العيد "الله يعيدو ع الجميع بهداة البال"!
ويتابع: "أصحاب الدخل العالي بالكاد يتجاوزون هذه الظروف، فكيف للناس المحتاجين؟! كيف سيتدبرون أمرهم؟! إنها تكلفة وأسعار مرتفعة".
المجمعات التجارية تنافس المكتبات المحلية: أسعار الجملة والعرض الجذاب
وتقول السيدة ماجدة صفورية، صاحبة مكتبة في شفاعمرو: الوضع صعب بالتأكيد، لكن هناك بعض المساعدات من أبناء شفاعمرو، وأيضًا مِن قسم الشؤون في البلدية، وقد تلقى العشرات هؤلاء المساعدة بمبلغ لا يقل عن 500 شاقل، وهذا بالتأكيد عامل مساعد، "الله يكثر من أعمال الخير".
وتضيف السيدة ماجدة: أعتقد أن عملية الشراء لم تنتهِ بعد، فالعائلات عادةً تنتظر حتى اليوم الأخير حتى تأتي لشراء مستلزمات الأهل، وهذا على ما أعتقد بسبب الضائقة المالية، وتحضيرات العيد أيضًا.
وتطرقت السيدة ماجدة إلى المجمّعات التي خفضت القليل من أسعارها، فأضرت قليلاً بالمكتبات والمحال التجارية الأخرى، ربما لأنّ العين تؤثر وعرض البضائع، وكذلك تجارة هؤلاء تتم بالجملة، بينما ينجح أصحاب هذه المحلات بالتلاعب بالأسعار وفق المُستطاع، فمثلاً يمكن عمل تخفيضات هائلة في سعر الحقائب المدرسية، بينما يرفع من سعر الدفاتر أو الأقلام... وفق مبدأ "التجارة شطارة!".
ونوّهت صفوري إلى تغييرات جدية حصلت هذا العام في الكتب إذ تمّ استبدال كتاب الرائد، الذي أمضى الطالب معه سنواتٍ طويلة، علمًا أنّ كتب أخرى ألغيت، مثل الرياضيات، وبعض الكتب كانت تضاف إليها كراريس للكتابة، وتمّ إلغاء هذه الكراريس، ما يعني أنّ الحفاظ على السعر الأساس للكتاب الجديد أو حتى انخفاض سعره بشكلٍ طفيف.
وختمت بالقول: إنّ تكلفة الطالب الواحد تصل إلى 450 شاقل في الصف الأول، وتتغير وفق جيله، ففي المرحلة الثانوية مثلاً، عدد الكتب أكثر، يعني مبلغًا ماليًا أكبر، لكن التوفير يتم عندما يحافظ الأبناء على كتبهم لتنتقل إلى الابن الأصغر وأعتقد أنّ الأهل الذين يعلمون ثلاثة أبناء، ومع حلول العيد سيصرفون من جيوبهم ما لا يقل عن 3000 شيكل جديد.
تغيّر الكتب، هل يأتي بكتب أفضل؟
وتقول السيدة أمال شوفانية، صاحبة مكتبة البلد، إنّ أسعار الكتب لم تتغير كثيرًا عن أسعار السنة الماضية، وإنّ هناك نهج معينًي جري في السنوات الأخيرة: يتوجّه مؤلف كتاب دراسي معيّن يتوجه إلى مدير المدرسة ويُطلعه على مؤلفاته، وللمدير ومعلم الحصة أن يوافق على الكتاب أو يرفضه، لذا فإنك لا ترى توحيدًا في الكتب، بل إنّ هناك أنواع من الكُتب تُدرس في البلدة الواحدة، فيها بعض التسويق والتجارة، لكن في المقابل فيها تغيير ربما للحصول على الكتاب الأفضل، كما تلفت شوفانية نظري أنّ سعر كتب الرياضيات هي الأكثر ارتفاعًا!
ولأنّها قارئة، وليست فقط صاحبة مكتبة استهجنت صدور سلسلة كتب "الجديد" للمرحلة الابتدائية، لأنّ "فيها دروس لا تتعلق حتمًا باللغة العربية، بل هي معلومات عامة، فيها قدر كبير من الآراء الشخصية وقليل من التربية، وآمل أن يشاركني الكثيرن في رأيي هذا، فما علاقة "الرجل الآلي"، و"قططي" باللغة العربية وتربية الطفل؟!"
مشاريع تبادل الكتب تخفّف قليلاً عن كاهل الأهل!
باشرت جمعية الأصالة للتمكين المجتمعي في شفاعمرو، خلال الأيام الماضية، بحملة جمع حقائب للطلاب من العائلات المستورة، نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة وخاصة مع تزامن عودة الطلاب للمدارس مع حلول الأعياد ومرورًا بالعطلة الصيفية وشهر رمضان.
وأفاد مدير الجمعية، رياض حصري، إن الإقبال على الحملة يفوق التوقعات بسبب الظروف الصعبة، وأنّ الجمعية تقوم في هذه المرحلة بجمع الحقائب من الأهالي الذين يقومون بتقديم حقائب أبنائهم المستعملة (بحالة لائقة لتقديمها للمحتاجين) ويتمّ أيضًا جمع التبرعات التي تصرف لشراء الأدوات القرطاسية والحقائب الجديدة أيضًا.
وأضاف حصري أنّه في كل يوم يستقبل أعضاء الجمعية المكالمات من العائلات المستورة من كافة إحياء المدينة، إذ قمنا بتوزيع كل ما جمع على الطلاب المحتاجين.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
ماني فاهمك اخووي وضح اكثر ووش دراك ان هذا الشيء انهكهم ؟