شابٌ في منتصف العشرينات، إياد شلبي من شفاعمرو، متميزٌ بإصراره وقوة شخصيته، تجاوز قدراته المحدودة بكثير، وأصبحَ بطلاً في السباحة، ومن بطولةٍ في الصين، إلى اخرى في ألمانيا، ليعودَ الى البلاد والبسمة تزيّن وجهه، فهو فخور بأنه استطاع تحقيق انجاز رائع، ويمارس الرياضة التي تولّع بها.

عندما تدخل بيت السباح الشفاعمري إياد شلبي، من ذوي الاحتياجات الخاصة (يعاني من الإعاقة في النطق والسمع وشلل في رجليه)، تشعرُ أنّ حياةً في البيت، فالوالد يوسف يحاول بشتى الإمكانيات أن يدعم ابنه، وأكثر ما استطاعَ فعله هو تحوله إلى توأم روح إياد، يُمضي معه وقتًا طويلاً، يتجاوز في الكثير من الأحيان الوقت الذي يقضيه مع شقيقه التوأم عماد.

اختارَ الوالد بإرادته وبحبٍ كبير، ترك عمله في أحد المصانع القريبة من شفاعمرو، في العام 2001، ليعالِج ابنه المعاق إياد ويقف إلى جانبه بعد تعرضه للدهس.
صارَ يتنقل به من مركز إشفاء إلى آخر، حتى استقرَ به الحال أن يدعم ابنه الذي يعشق السباحة، تجعله يشعر بالمتعة، ويعيشُ فرحةً لا يمكن وصفها.

وكل يومٍ باستثناء يوم الجمعة، يُسافر الوالد يوسف وابنه إياد إلى بركة السباحة في زفولون، ليتلقى درسًا آخر في التدريب على السباحة، استعدادًا للمشاركة في بطولة قريبةٍ... صارَ السفر جزءًا من حياة الشريكيْن الدائميْن.
ولم يمنع من الوالد أنّ مؤسسة التأمين الوطني تُدفِّع الوالد الذي يُسافر مع ابنه ثمن سفره، باقتطاعه كامل معاشه، أو الإبقاء عليه بحيثُ لا يتجاوز الـ 800 شيكل.

عن علاقة الشاب إياد شلبي بالسباحة يتحدث والده!

"بدأ حب إياد للسباحة منذ طفولته، عندما دربه الشفاعمري كارم صبح، فحببه بهذه الهواية، ومن هناك صارَت السباحة كالدماء التي تجري في العروق، صارَ يتدرب بدلاً من النصف ساعة، ساعتين أو أكثر".
"في البيت عشرات الأوسمة التي حصلَ عليها إياد من بطولاتٍ شارك فيها، لم نترك بلدًا إلى وكُنا فيه، لكنّ هذه الأوسمة لم تشفع لنا، ولم تمنحنا تقديرًا في نظر المؤسسات بل على العكس، وكأنّ انجازات ابني لا تعني شيئًا".

وتابع الوالد: "لا أريد أن أعمم، لكنني فعلاً لا أشعر بالاهتمام الكافي، فعلى عكس المجتمعات الأخرى التي تهتم بأبنائها وترعاهم خصوصًا عندما يكونون من ذوي الاحتياجات فتوفر لهم كل ما يمكن أن يحتاجونه، إن كان ذلك بالرعاية الإنسانية، أو بالسؤال عن الاحتياجات التي يمكن أن تُقدم له، أو حتى بتشجيعه ليشعر أنه واحد من هذا المجتمع وليس أقل من غيره".

أضاف الوالد: "أنا راضٍ كل الرضى عن نجاح ابني، انه شابٌ طموح ومكافح رغم الإعاقة الدائمة، وهو استطاع ان يفعل ما عجز كثيرون عن فعله، وإضافة إلى ذلك فهو شابٌ ذكيٌ جدًا، يتصفح الانترنت باستمرار، يقرأ، استطاع مؤخرًا أنّ يصنع لوحة تركيبية مكونة من 6000 قطعة، وهي ايضًا انجازٌ يدل على مدى ذكائه".

* ممن تشكو تحديدًا؟

"أبدأ من المؤسسات التي تقدم الخدمات في المدينة، وولديْ إياد وعماد والحمد لله في وضعٍ الاجتماعي جيد، لكن أعتقد أنه في الكثير من البيوت هناك حالات مثل إبنائي وحتى أسوأ، ولا تجد من يسأل عنها، ومن أبسط الأمور التي أتسائل بخصوصها، مصاعد كهربائية في المؤسسات الرسمية: في البلدية، في صندوق المرضى، في التأمين الوطني. وأكثر من ذلك أنهُ في مجتمعاتٍ أخرى، هناك زيارة دائمة للشخص ذي الاحتياجات الخاصة، ويُسأل عما يحتاجه، وما يُمكن أن يُقدَم له، ويعرف الأهل هناك ما يستحقون من دعمٍ ومن خدمات وما عليهم من واجبات، أما هُنا في المجتمع العربي، فلم أجد موظفًا واحدًا يقترح عليّ عرض خدمات لأنّ ابنائي والعائلة جميعًا تستحقها بسبب ظروفنا الخاصة، لكنهم إن أرادوا مصلحةً أو ضريبة منا فلن يتوانوا في تحصيلها من الجميع".

* هل تعتبر تأقلم إياد وعماد في المجتمع دليل نجاحهما؟

"بالتأكيد، فالإصرار على النجاح وتحقيق الذات لا يتجاوز الإنسان صاحب القدرات الخاصة، بل على العكس، يبدأ من هذا الشخص، الذي لا يرى في إعاقته حاجزًا يقف أمام تطوره وتقدمه في المجتمع، إياد العربي الوحيد في البلاد الذي حقق إنجازًا ملموسًا في عالم السباحة، حصل على العديد من الميداليات والكؤوس، وما انتظاره للمسابقة العالمية في السباحة إلا دليل آخر على أنّ الطموح لا يكسر الإنسان القوي، إياد وعماد يدخلان إلى عالم الانترنت ويتصفحان كل جديد ومفيد لهما، إليسَ هذا دليل نجاحهما، رغم قلة الرعاية من قبل المجتمع، لكنْ بالتربية والدعم والدفء العائلي، يعوّضان عما يفتقدانه من احتياجات".

رد مؤسسة التأمين الوطني على اقتطاع معاشه

نائبة المتحدث باسم مؤسسة التأمين الوطني، روني غودليطر: قصة العائلة الشفاعمرية معروفة، لكننا للأسف، نتحدث عن قانون ضمان الدخل ولا يمكننا تجاوز أو تغيير القانون. ولمن لا يعرف فإنّ قانون ضمان الدخل يُتيح للشخص السفر مرتين في العام لا أكثر، والسيد يوسف يسافر باستمرار، ولا نستطيع كمؤسسة مساعدته بتاتًا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]