أسدل الستار أخيرا على الموسم الكروي 11/2010، تاركا وراءه الكثير الكثير من الذكريات الجميلة واللحظات الزاخرة بفنون الكرة، التي لا يمكن لعاقل أن ينساها. فازت الفرق الكبيرة بحصتها من الألقاب، وجرفت وراءها قلوب عشرات الملايين من المحبين حول العالم.
ولأن هذه الفرق الكبيرة (وأقصد الأوروبية تحديدا)، تقدم كرة القدم كنوع من الفن والأداء الراقي، فإنها تستميل قلوب الملايين، ويبدأ هؤلاء بالركض والتنافس على تشجيع أحدها، واقتناء الإكسسوارات التي تحمل شعار الفريق الذي يحبونه. وتشكل بهذا تجارة رابحة للكثيرين من الباعة الذين يحتفلون بازدهار تجارتهم خلال الموسم الكروي.
كذلك حدث مع أفضل فريق في العالم (بشهادة كل من يفقه أسرار الكرة)، بطل الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا لهذا العام، فريق "برشلونا"، الذي يجمع على حبه الكثيرين، بضمنهم آلاف مؤلفة من أبناء شعبنا العربي في البلاد، والذين يقومون بدورهم بتشجيعه حاملين الأعلام والشالات وغيرها من مستلزمات التشجيع. إلا أن ما أثار انتباهي –وأنا من مشجعي هذا الفريق- أن الأعلام والكرات وغيرها من الإكسسوارات الرائجة في بلادنا تحمل شعارات "معدّلة" لهذا الفريق. وأقصد بالتعديل، ذلك القرار الغريب الذي اتخذه شخص، أو مجموعة أشخاص، باستبعاد الصليب الأحمر الجالس على خلفية بيضاء في شعار الفريق الأصلي، واستبداله بأشكال أخرى.
لا علم لي من "أفتى" بهذا الأمر، أو إن كان الأمر موجّها ومبرمجا، أم أن الصدفة وحدها هي التي جعلت هذا الشعار يخرج إلى النور بعدّة نسخ لا تمت إلى نسخته الأصلية بصلة. وعلى الرغم من أني لاحظت وجود نسختين معدلتين من الشعار، إلا أن التعديل لم يطل إلا الجزء الذي يختص بالصليب في الشعار، دون سواه.
هل هو رجل دين أفتى بحرمة رفع المسلمين لشعار يحمل رسم الصليب؟! أم تراها يدٌ مشبوهة تحفر المطبات في ظلمة الليل والخفاء لتوقع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد؟!
الحقيقة أن الإجابة لا تهمني، لأن الأمرين بالنسبة لي سواء. فلا يهم من أمر بهذا العمل بقدر ما يهمني من نفذه، ومن باع هذه الأعلام ومن اشتراها، ومن أي منطلق قبل التعامل معها وتداولها! ليس لمثل هذه الخطوة من مبرر إلاّ الطائفية، وعدم احترام الآخر المختلف من باب التعصب (وأنا لا أقصد أبناء شعبنا العربي الفلسطيني من النصارى ت لأنهم ليسوا "الآخر" – بل أقصد الآخر الحقيقي المختلف، الإسباني المسيحي غير العربي).
من أين جئنا لأنفسنا بحق العبث برموز الشعوب الأخرى ومعتقداتها؟! ليس لنا أي حق أخلاقي أو ديني أو غيره من الحقوق للقيام بهكذا عمل! إما أن نقبلهم كما هم ونحبهم على هذا الأساس، وإما أن نتركهم وشأنهم... تخيلوا مثلا، لو جاء مواطن إسباني (أو كاتالوني في هذه الحالة)، وقرر أن يعبث بشعار أحد الفرق العربية (الإسلامية) التي تحمل رمز الهلال والنجمة – المميزين للمسلمين- وأن يستبدله بشيء آخر، كأن "يعدّل" رمز فريق "الهلال" السعودي بهذا الشكل:
طبعا سنقيم الدنيا ولن نقعدها مدّعين أن الطائفية وصلت حدودا لم يعد بالإمكان السكوت عنها!
جيد، من الممكن أن يقول لي قائل إن الأمر ليس طائفية، بل إنه مبني على حسن النية، وما هو إلا محاولة لدرء الطائفية ومحاربتها من خلال إزالة كل الرموز الدينية – الطائفية عن الأعلام والشعارات التي لا تتصل بالدين بشكل مباشر. لهذا أقول، إنني أقبل بطرح وجهة النظر هذه، إذا كانت صادقة، وسأسأله إن كان يوافق على الذهاب إلى أبعد من هذا، خطوة إضافية أخرى على طريق محاربة الطائفية، ويرضى بحذف الشعارات الإسلامية عن أعلام بعض الدول العربية والإسلامية... فما رأيكم مثلا أن يحمل علم تركيا رمز "سمايلي" بدلا من الهلال والنجمة؟! وماذا عن استبدال عبارة "الله أكبر" على العلم العراقي بجملة تمثل كل العرب، مثل أغنية أم كلثوم "إنت عمري".... هل يوافق على هذا الاقتراح؟! هل من حسن نية ومحاربة للطائفية أفضل من هذه الخطوة؟!
رحم الله فنان فلسطين، الشهيد ناجي العلي، يوم رسم كاريكاتيرا كان أبلغ من كل الكلام، وبجملة واحدة قال كل ما يجب أن يقال: "احتجاجاً على الطائفية، وحتى ما حدا يعرف شو دينه... قطعناله حمامته"!!!
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
عمي سماح طولي بالك الزلمة مغلطش بحدا هاضا رأيو
تحياتي لك لا تنهى عن خلق وتاتي بمثله عيب عليك كيبر ... لقد وصلت لي الفكره من قرائه الموضوع انه لايحق لنا العبث بمعتقدات الاخرين او الاستهزاء بها ولايجوز ان نقوم بالعبث بشعاراتهم شكرا لموضوعك الشيق فقد اتيت بشيئ رائع ولاكن .... ما لا افهمه سيدي كاتب الموضوع ما قصدك من تغير كلمه الله واكبر على العلم العرقي بكلام تافه لا معنى له فهل قصدت ان تجعل من الموقف تحريض طائفي ارجو منك التوضيح وانت تعلم بان هذه الكلمه تشعل غضب مليار وسبعمائه مليون مسلم فهل هي خط مطبعي ام هي رساله موجه للمسلمين !!!!!!! الى الساده موقع بكرا المحترمين ارجو وانا احد قرائكم المستمرين ان يتم الاخذ بعين الاعتبار بالموضوع المدرج اعلاه وان يتم متابعت الموضوع واطالب سيادتكم بتوضيح كامل لمعنى ما اتا واعتذار من قرائكم على ما اسيء لهم بالقصد او بالغير وشكرا لكم
عزيزي الفلسطيني، تحياتي لك بالبداية... قد لا تستغرب إن قلت لك إني لا أقصد إساءة لأحد. فمن ينتقد إساءة لحقت بالآخر، لا يمكنه أن يسيء لنفسه. وبكلمات أخرى: إن كنت قد دافعت عن رمز لدين لا أنتمي إليه، فلا يعقل أن أسيء لدين أنتمي إليه، ولو بحكم الولادة. أما بعد، فإن كل ما قصدته هو بالفعل شيء من المبالغة التي تهدف لاستثارة غضب القراء، لا لشيء إلا لأني أعتبر أن واجب الصحافة الحقيقية، الموضوعية والمهنية هو أولا أن تنتقد ذاتها ومجتمعها بصدق، وبشدّة وبحدّة أحيانا إن كانت تهدف لخلق التغيير... وهذه رسالتها. أصارحك القول، ليس هذا رأيي بالدين أو بجملة "الله أكبر" (على الأقل من باب احترام حرية العقيدة) ولا أنا جادّ بطرح هذه الاقتراحات... كل ما هنالك أني قصدت توضيح معالم صورة مجتمعنا القبيحة التي نراها حين نقف أمام المرآة، لنراها بكامل بشاعتها – كما هي تماما- قصدت المبالغة لأظهر مدى الإساءة التي تلحق بالآخرين نتيجة لتصرفات نمارسها يوميا ونعتبرها عادية على الرغم من كل ما فيها، ونحن في الحقيقة لا نعتبرها عادية ولا نمر عليها مرّ الكرام إلا لأنها صادرة عنا بحق الآخرين، ولو كانت صادرة بحقنا لانزعجنا كثيرا... كما انزعجت أنت. ولأنك انزعجت، فإني أشكرك لأن رسالتي قد وصلت فعلا
الموضوع بايخ ، وانك بتححدث عن الدين الاسلامي بطريقة غير مباشر "افتي" مين حكالك انو بنادم مسلم حاجي خراف فاضي يا صالح علي وخص نص موقع بكرا انو بنشر وانتوا موافقين الراي !!!
تافه الموضوع، بس بدكوا تكرهوا الناس ببعضها؟!
اهنىء صاحب المقال واتمنى ان تصل رسالته كاملة...مقالة رائعو وموضوعية....مع اني لا اطيق برشلونة اقول لكل الغاضبين...انظروا كيف تضايقتم عندما اقترح الكاتب تلاعبا برموزكم....لماذا لا تفكرون ان جمهور برشلونة الاسباني ولاعبي الفريق سوف يتضايقون ان تلاعب احد برمز فريقهم وحتى دون ان ينتبه جمهورهم العاشق؟ ومع ان هناك عداء بيني وبين البرشلونة بما اني اشجع الانتر..ولكن مع ذلك اعتقد انهم لا يستحفون ان يتلاعب احدهم برمزهم ويمر الموضوع مر الكرام
كل الاحترام موضوع بجنن ويا ليت مجتمعنا يستطيع النهوض نهضة حضارية ليتقبل الاخر !!