لأننا في موقع "بكرا" نولي قضية اغتيال المبدع الفلسطيني جوليانو مير خميس اهتمامًا بالغًا، ونحنُ كُنا أول من صدم بنبأ استشهاده على يد مجهول أمطره بسبع عيارات ناريه أثناء خروجه من مسرح الحرية الموجود في مخيم مدينة جنين ، الاثنين الماضي ، فأرداه قتيلاً على الفور أمام أعين طفله البالغ من العمر عامًا واحدًا "جاي جاي" ومربيته "وداد" التي تعد الشاهد الأوحد على مرتكب الجريمة، ومن باب المسؤولية والحرص على إظهار الحقيقة، فقد قام مراسلنا صباح الاثنين، بزيارة مدينة جنين في محاولة للقاء المربيّة وداد لنعرف منها تفاصيل الجريمة الحقيقية ولتجيبنا عن علامات الاستفهام التي تعيش داخل رؤوسنا لننقلها لكم أولاً بأول لتكونوا أول من يعرف الحقيقة الكاملة.

محافظ جنين: لا أعرف إن كانت وداد مسجونة أو تم إطلاق سراحها..

وصلنا في البداية إلى المبنى الجديد لمحافظة جنين والتقينا هناك المحافظ قدوره موسى لأستفسار منه عن مستقبل "مسرح الحرية" الذي أسسه مير خميس قبيل أعوام قليلة وتولى شؤونه من ألفها حتى يائها ، فأجابنا قائلاً : " إن عمل المسرح مستمر كما كان في حياة جول ولن يتغيّر أي شيء في هذا الصدد" ، وأضاف : " كما إننا سنعمل على توفير الحماية الكاملة للمسرح ، وسنحيطه بالأمن"..

وعن التطورات في مجريات التحقيق في قضية الاغتيال ، علّق موسى قائلاً : " أولاً اسمح لي أن استنكر هذه الجريمة البشعة التي وقعت على أرض مدينتنا التي تتميز بأنها مدينة "الأمن والأمان" بين مدن السلطة الفلسطينيّة ، وأعد الجميع ، عبر موقعكم ، إنه لن يهدأ لنا بال حتى يتم الكشف عن هوية المجرم الذي اغتال رمزًا من الرموز الثقافية لدى الشعب الفلسطيني ، خاصة وإن هناك تعليمات من سقف القيادة الفلسطينيّة توصينا بالعمل المكثف لأجل تحقيق الهدف المرجو ، ولا بد من أن أقول إن التحقيق لا يزال جاريًا ولم تردنا أية معلومات جديدة حتى الآن" ..

وعند سؤالنا عن مكان وجود وداد فأجاب قدورة إنه لا يعرف إن كانت مسجونة إحترازيًا من أجل الحفاظ على حياتها كونها الشاهدة الوحيدة أو إن كان قد أطلق سراحها ..

ألخلاصه إن سيادة المحافظ لم يسمع أي خبر عن مكان وجود الشاهدة..

روند عرقاوي : وداد موجودة في بيت جوليانو في جنين وقد التقيتها قبل أيّام ..

بعدها توجهنا إلى أرض مخيم جنين ، دخلنا باحة المسرح التي بدت أكثر هدوءًا من المعتاد رغم وجود عدد من الشبان والشابات الجالسين في المكان ، وهناك التقينا منسقة مدرسة التمثيل فيه روند عرقاوي التي أظهرت ترحابًا كبيرًا عند لقائنا ،وبعد السلام والكلام، سألناها عن مكان وجود وداد وأخبرناها عن نيتنا بلقائها فأجابت بصوت واثق إن وداد خرجت من السجن وهي موجودة في البيت الذي يملكه جوليانو في جنين وقد التقتها وتحدثتا قليلاً خلال المسيرة التي انطلقت من المسرح إكرامًا لروح جول قبيل أيام ، غير إنها ،وداد، ترفُض ، بحسب روند ، أن تتحدث مع أي صحفي أو أية وسيلة إعلامية خشية على حياتها في حال قامت بإظهار هويتها عبر الوسائل الإعلاميّة المختلفة وعلى الملأ..

وبعد أن أبدينا إصرارًا على المحاولة أرسلت برفقتنا شابًا يدعى جمال وهو أحد الطلاب المنتسبين إلى مدرسة التمثيل في المسرح وطلبت منه أن يدلنا على مكان وقوع الجريمة وأن يرشدنا بعدها للوصول إلى بيت جوليانو ..

وبعد أن رأينا المكان الذي اغتيل فيه مير خميس توجهنا ، بناءً على إرشادات جمال ، إلى تلّه تدعى "تلّه الأبراج" والتي يقع عليها بيت مير خميس وبيت شريكه في المسرح وجاره زكريا الزبيدي ..

منزل جوليانو: وداد موجودة في السجن منذ يوم الحادث..

وصلنا إلى المكان ، وبالصدفة البحتة ، التقينا الزبيدي بينما كان يهم لركوب سيارته والذهاب إلى مكان ما ، صافحناه وسألناه إن كانت وداد موجودة في الداخل ، فأجاب مستغربًا إنه لا يعرف إن كانت وداد في المنزل ولم تغادره لتعود إلى بيت عائلتها الموجود في مخيم "العروب" في قضاء مدينة الخليل ، وسألنا بالدهشة ذاتها : هل تم تسريحها من السجن أصلاً ..؟

وبما أن هذا الجار "لا يعرف شيئًا" دخلنا إلى باحة المنزل ، وطرقنا بابه ، وعندما فُتح الباب رأينا ممثلاً شابًا كان أحد المساعدين المهمين لجوليانو أثناء إدارته مسرح الحرية ، وعلى الفور عرفناه بنا وسألناه إن كانت وداد موجودة في المنزل وإن كان مسموحًا أن ألتقيها.. ، فأجاب بذات الهدوء: إن وداد ليست هنا فإنها لا تزال في سجن مديريّة شرطة جنين منذ يوم الحادث حتى اللحظة ولا يسمح لنا بلقائها أبدًا وذلك لأسباب أمنية كما أعرف..!

عندها شكرتُاه وغادرنا متوجهين إلى مديرية الشرطة في محاولة يائسة منا للقاء وداد ..

مديريّة شرطة جنين: لم نقُم بسجن وداد ولو لدقيقة واحدة..!


بعد مدة خمسة عشر دقيقة انتظرنا أمام باب غرفة نائب المدير في المديرية أذنَ لنا بالدخول ، وهناك التقينا المقدّم مهند صوان الذي استقبلنا بلطف ملحوظ وطلب مني الجلوس..

افتتحنا حديثنا معه بسؤالي عن عدد المتهمين بارتكاب جريمة الاغتيال حتى الآن.. ، فأخبرنا إنه لا يوجد سوى متهم واحد رئيسي في هذه القضية وهو الاسم الذي صرحتم عنه عبر صفحات موقعكم قبل أيام قليلة ، لكننا لن نستطيع إدانته بارتكاب الجريمة إلا بعد أن يصلنا ملفه الخاص الذي يحتوي نتيجة فحص الـ D.N.A والموجود لدى إدارة أحد السجون الإسرائيليّة التي كان ، المتهم ، مسجونًا فيها لمدة تزيد عن الستة سنوات بتهمة انتسابه لحركة مقاومة..!

وردًا على سؤالنا إذا كان يقول إن إسرائيل هي التي تؤخر أمر البت في هذه القضية ..؟ أجاب نافيًا: لا ، فإننا نجري في تحقيقاتنا المكثفة حتى نصل إلى أدلة أخرى ..

عندها سألناه عن وداد وعن إمكانية لقائي بها ولو لدقائق خمس لا أكثر.. فأتانا ردّه مفاجئًا حين قال : إننا لم نقم بتوقيف أو سجن وداد ولو لدقيقة واحدة ، فقد اكتفينا فقط بأخذ إفادتها كونها شاهدة رئيسية على ما حدث وسمحنا لها بالمغادرة فورًا بعد ذلك..

وتابع معلقًا : إن وداد لم تكن سوى شاهدة على الجريمة والشاهد لا يُسجن بحسب القانون ..

هنا غادرنا بعد أن شكرناه على تعاونه وما زال السؤال المعلّق يدور في الرأس: ترى أين اختفت وداد..؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]