في الثلاثين من آذار عام 1976 كانت مدن الضفة الغربية على موعد مع مسيرات حاشدة انطلقت من مختلف المدارس الثانوية في مدينة رام الله إلى ميدان المنارة وسط المدينة، مئات الشبان هتفوا ضد قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتصعيد عمليات مصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين القاطنين في الداخل.

مئات الشبان من مدن رام الله والخليل ونابلس والقدس وبيت لحم كانوا من بين المشاركين في هذه المسيرات، حاولوا عبر "بكرا"، استعادة ذكرياتهم في هذا اليوم، والحديث عن تلك المسيرات، وطريقة تنظيمها بالسرعة المطلوبة، للوقوف إلى جانب أبناء شعبنهم في الداخل.

مسيرات حاشدة في رام الله...

عضو المجلس التشريعي وأمين عام حزب الشعب بسام الصالحي، كان أحد المشاركين في تلك التظاهرات التي اندلعت في مدينة رام الله، يقول:"في ذلك الحين كنت صبيا أبلغ من العمر 16 عاما، وفور انتشار خبر قيام سّلطات الاحتلال الإسرائيليّة بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي الفلسطينية في الجليل، وإعلان الجماهير العربيّة الإضراب الشّامل، وقيام جيش الاحتلال بالدخول إلى القرى الفلسطينيّة وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل، تحركت المسيرات المتضامنة في مختلف المدن الفلسطينية وبينها رام الله".

ويضيف الصالحي" خرجنا من مدرسة الهاشمية في مدينة البيرة باتجاه ميدان المنارة بعد انتشار الخبر، بعد أن جرى ترتيب خروج طلبة المدارس الثانوية في مدينة رام الله بشكل متزامن للوصول إلى نفس المكان، ولكن جيش الاحتلال الذي كان يحتل المدينة في ذلك الحين قام بالتصدي للمتظاهرين وجرى قمعهم واعتقال عدد منهم".

ويستذكر الصالحي "في ذلك الوقت كان العمل التطوعي للطلبة يتمحور حول مساعدة المزارعين في أرضهم لذا كان وقع مصادرة أراضي الداخل كبير على أهالي رام الله وفلسطين، كان الجميع يهتفون منددين بالاحتلال، وللمرة الأولى منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 تلتحم الجماهير في الداخل من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة في تظاهرات مشتركة".

لم يمضي أكثر من يوم واحد يقول الصالحي حتى أقدم جنود الاحتلال على اعتقال عدد من المشاركين في هذه المسيرات، وكذلك قام باستدعاء عدد من الطلاب لمراجعة مقار المخابرات الإسرائيلي، وبعد ذلك جرى فصل مجموعة من الطلبة من مدارسهم وكنت أنا من بينهم لكن ذلك لم يثنينا عن مواصلة النضال والتظاهر كل عام في ذكرى يوم الأرض".

"نابلس في إضراب"...

"في مدينة نابلس كان المشهد مماثلا بل أكثر سخونة" كما يقول عضو المجلس الثوري لحركة فتح سرحان دويكات، لدرجة كانت منتشرة مقولة في ذلك الحين "نابلس في إضراب"، كناية عن النضال المتواصل ضد الاحتلال منذ انطلاق فعاليات التضامن مع عرب الداخل منذ الثلاثين من آذار عام 1976.

يضيف سرحان "خرجنا في مسيرات حاشدة في نابلس بعد بيان جرى توزيعه من قبل منظمة التحرير وصل من بيروت يدعو للمشاركة في المسيرات الشعبية المناهضة لمصادرة الأراضي في الداخل في حينه، ويؤكد ضرورة الوقوف إلى جانب أبناء شعبنا في الداخل".

ويتابع دويكات حديثه قائلا "خرجت نابلس عن بكرة أبيها وكان يجري تنسيق الفعاليات بالتعاون بين شبان الطلبة الثانويين خصوصا مع طلبة مدرسة "قدري طوقان الثانوية"، بالتعاون مع المجلس البلدي في نابلس، وكان الطلبة يجتمعون في مكتب صحيفة الفجر الذي كان تابعا للصحفي المرحون عبد الرحمن الشوملي في حينه من اجل تنسق الفعاليات وسبل التصدي للاحتلال الإسرائيلي".

يستذكر دويكات إقدام جيش الاحتلال الموجود داخل مدينة نابلس في حينه على قمع تلك التظاهرات والاعتداء على المواطنين المشاركين في التظاهرات وكسر أبواب المحل التجارية في حينه من أجل كسر الإضراب الشامل الذي عم المدينة لعدة أيام".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]