رواية عريضة وعريقة، تجسدها النصب التذكارية لتخلد قصة انتماء وتضحية بل، وتجسد الذاكرة الجماعية والفردية للجماهير في لوحة فنية ومجسم فني واحد.
النصب التذكاري في سخنين يخلد شهداءه الذين سقطوا دفاعا عن الارض والمسكن، ليحمل رواية وقصة وحكاية وطنية في الذاكرة الجماعية للفلسطينيين في البلاد، وأيضا يجسد قصة يوم الارض الخالد لكل الجماهير العربية أولا وللعالم العربي.
ويقف النصب التذكاري بكل ما حمل من حجارة، شاهدا على اسباب اندلاع الاحداث البطولية التي سطرتها الجماهير المنتفضة، ويبقى النصب شاهدا على أن الاسباب ما زالت حتى يومنا قائمة أو أكثر، من قضايا هدم ونهب اراضي وتضييق الخناق، وهو رمز الى قيمة وقصة وحكاية وقضية يطمح الى تخليدها، والجماهير العربية باتت الى أحوج ما يكون لتخليد هذه الذكرى لإبقاء شعلة التمرد دفاعا عن الارض والمسكن وايضا لتنقل قصة يوم الارض الى الاجيال المتعاقبة وتوريثها كإرث حضاري وطني إنساني للاجيال المتعاقبة التي تملك الحضارة والتاريخ والانتماء ولها الماضي والحاضر والمستقبل.
المحراث، يربط بين التراث والحب الجارف للارض
المحراث بجانب النصب التذكاري السخنيني ايضا له قصة تجسد ثقافة وتراث الشعب العربي الفلسطيني في البلاد، ففي عام 1948 كانت الجماهير الفلسطينية تعيش على الفلاحة، كان المحراث والفلاح يلامسان ويقبلان الارض وترابه، هذا المحراث الذي كان يجمع كل العائلة في الارض للزراعة، فكان المجتمع فلاحي يعيش حياته كلها من نتاج الارض وخيراته، وكان ايضا من المعروف قديما انه في أشهر الصيف كانت العائلات السخنينية تسكن سهل البطوف للزراعة، فالمحراث والعود يدل على الانتماء وزالعلاقة بالارض والتشبث بها وهو رمز، الى جانب النصب التذكاري الذي يعبر عن الالم.
غزال ابو ريا من لجنة الدفاع عن الراضي المحلية عام 1976 يقول: "نريد ان ننقل من خلال النصب التذكاري روايتنا للجيل الشاب، تأكيدا ان لشعبنا ثقافته وانتمائه وماضيه وحاضره ومستقبله، فنحن لسنا فرع مقطوع من شجرة، لنا الارض التي نحن جزء منها، نعيش الجبال والصنوبر والصبر، فهذا النصب التذكاري يخلد ذكرى الشهداء". وعن فكرة اقامة النصب التذكاري قال: "أتت الفكرة في بناء النصب التذكاري من لجنة الدفاع عن الاراضي المحلية في سخنين وكانت نشيطة وفعالة عام 1976 وقام الفنان عبد عابدي بتصميم النصب التذكاري".
وعن قيمة العمل قال ابو ريا: "كل شهيد اردنا ان تكون له الحياة، فهو ترك عائلة او زوجة او اولاد وكل شهيد هو اسم وله حياة ومن حقه العيش، والثلاثين من آذار حقق حلم ومستقبل هذه العائلات ونحن نترحم عليهم ونستمد قوتنا منهم، والنصب التذكاري مر بمرحلة الترميم وهو محط زيارات اهلنا في الداخل والخارج ليسمعوا قصة وحكاية الجماهير من خلال النصب التذكاري".
في عرابة، النصب التذكاري إحترف الانتظار
وفي عرابة بدأ مشروع اقامة النصب التذكاري في عرابة بعد احداث هبة أكتوبر عام 2000 وسقوط الشهيدين اسيل عاصلة وعلاء نصار، وكان قد أقر في اجتماع اللجنة الشعبية في عرابة آنذاك الشروع في العمل ببناء النصب. وكان المرحوم حسين علي نصار الناشط في حركة ابناء البلد أول المبادرين لتنفيذ المشروع على أرض الواقع. ومنذ ذلك العام عملت اللجنة الشعبية على اتمام العمل بالنصب التذكاري، لكن للاسف هذا العمل توقف وتعرقل لاسباب عدة ولسنوات طويلة. العمل توقف ليستأنف بعد ذلك لفترة وجيزة ومن ثم يتوقف مرة أخرى، ونشبت خلافات بين عدة جهات، ليصبح وكرا لاستعمال مخدرات والمشروبات الروحية وغيرها وكان موقع "بكرا" قد نشر تقريرا مفصلا عن هذه الحالة.
اليوم استأنف مجددا العمل على إتمامه وقطع شوطا طويلا في ذلك ومن المتوقع ان يكتمل خلال شهر، بعد ان تم انتخاب لجنة يركزها محمد كناعنة امين عام حركة ابناء البلد.
النصب التذكاري في عرابة صممه الفنان وليد قشاش وايضا الساحة تم بناؤها من قبل شباب وطنيين متطوعين، والطموح بان يصبح صرحا ومعلما من معالم عرابة الوطنية لتكون الرسالة التي يؤديها هي رسالة جماعية موحدة تؤدي الى التشبث بالارض والانتماء الوطني .
يقول محمد كناعة أمين عام حركة ابناء البلد: "نحن هنا متشبثون بعلمنا بوطننا وانتمائنا الوطني لهذه الارض وهذا النصب التذكاري له صفات سامية سنحافظ عليها للاجيال القادمة حتى فعلا لا تفقد هذه الاجيال البوصلة التي هي موحدة لنا جميعا، وفي هذه المناسبة وعبر موقع "بكرا" اوجه رسالة واضحة الى كل اهلنا بان النصب التذكاري هو لكل شعبنا، لالاف الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الارض والكرامة، منذ عام 1936 وحتى يومنا، والواجب يدعو الى صيانة هذا المكان لما يحمله من معان وطنية وثورية".
[email protected]
أضف تعليق