في ظل التصعيد في ليبيا واشتعال الثورات والمشاهد المؤلمة التي نشاهدها يوميًا من سفك دماء وقتل أرواح بريئة، حيث بدأ في الآونة الأخيرة الحديث عن المقابر الجماعية واستشهاد أكثر من 6000 ليبي، كل ذلك يجري، على خلفية مطالبة الشعب الليبي برحيل "العقيد" معمر القذافي، العقيد الذي لقب نفسه بملك ملوك أفريقيا وألقاب أخرى، قمنا في موقع "بكرا" بتسليط الضوء على هذا الملف من خلال لقائنا بشخصيات وضعت بصماتها على تاريخ ليبيا، وكانت لنا هذه المقابلة الخاصة والحصرية مع القاضي المتقاعد ورئيس محاكم الصلح في لواء الشمال الاستاذ خليل عبود الذي سكن طرابلس الليبية خلال عمله كمستشارٍ للحكومة الليبية في عامي 1951-1952 . إلى أن القاضي عبود يقيم اليوم في الناصرة ومع ذلك لا زال يتذكر ويتحدث عن تلك الفترة...

بكرا: سيدي القاضي خليل عبود، عرفني اكثر على نفسك، وكيف وصلت الى طرابلس ولماذا؟

عبود: ولدت في الرامة في عام 1926 ودرست التعليم الثانوي في الكلية العربية في حيفا، ثم سافرت الى بريطانيا وحصلت على شهادة المحاماة هناك في عام 1950 واعتبر اكبر القضاة سنًا في البلاد واول الحاصلين على شهادة المحاماة.

وأضاف سيادة القاضي: وصولي الى ليبيا وتنقلي بين بنغازي وطرابلس بالتحديد كان من اولى رحلات عمري للعمل خارج البلاد، وجاء ذلك بعد سفري للبرازيل في عام 1950، ومن ثم السفر الى الشام وعمان للحصول على الجواز الأردني، تأشيرة دخولي إلى ليبيا.

وأكمل القاضي: في الشام تعرّفت على مبعوث الحكومة الليبية الذي كان يبحت عن خبراء أجانب للعمل في ليبيا، وفعلا عملت كمستشارٍ للحكومة الليبية من عام 1951 حتى 1952 وبعدها عدت الى البلاد من فرط حنيني لها.

واضاف عبود : من عام 1973 حتى عام 1996 عملت قاضيًا في لواء الشمال وتم تعييني رئيسا لمحاكم الصلح في لواء الشمال واليوم اعيش في الناصرة البلد التي اعشقها وأحبها.

بكرا : صف لنا الحياة في ليبيا في فترة مكوثك، خلال سنتين؟

القاضي عبود : كنا ننظر الى الحياة في ليبيا كشباب ولا نفكر في الأمر من ناحية وطنية، فالمعاملة كانت ممتازة وحسنة من قبل الجانب الليبي وتلقينا معاشات محترمة كانت تناسب الحياة الرخيصة والبسيطة هناك.

وأضاف عبود : نحن كخبراء اجانب كنا نعمل مع رئيس الحكومة الملك ادريس السانوسي الذي كان يعاملنا بصورة ممتازة، وفي تلك الفترة لم يكن القذافي ونظامه حكامًا، والحياة كانت أفضل.

بكرا : كرجل قانون وقاضٍ كيف تنظر الحياة في ليبيا، والوضع الآن؟!

القاضي عبود: اليوم الوضع الاقتصادي افضل في ليبيا وكثرة الاموال هي التي غيرّت الوضعية الاجتماعية، خلال وجودي في ليبيا لم يكن البترول والطاقة مصدران للمعيشة،  ولو وُجد لبقيت البلاد فقيرة ولم ولن نسمع عن أية ثورة.

وقال: وهذا لا يعني أنني امدح النظام الليبي الفاسد كغيره من الانظمة العربية التي يجب محوها ومنح الحريات والديمقراطية للشعوب، الصورة سيئة جدًا، فالحكام فسدوا في الأرض، وعلى الجهات المختصة والدولية ايجاد الحلول السريعة لوقف المجازر التي يرتكبها القذافي.

بكرا : ما رأيك بنظام القذافي ، هل سيسقط ؟

عبود : اولا النظام في ليبيا غير طبيعي ، كيف لا ولا يوجد اي رئيس في الدنيا يقتل شعبه كما يفعل القذافي بأبناء شعبه، باعتقادي سوف يسقط قريبا رغم مناصرته مِن بعض القباائل وهم قِلة، ثم إنني اؤمن بعبارة " اذا الشعب اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " وهذا ما نتوقعه للشعب اليبي الثائر الباحث عن حريته وكرامته. 

بكرا : لو طلب منك ان تحاكم القذافي أي عقوبات تفرضها عليه؟

عبود : إسرائيليا لا يوجد عقوبة الإعدام، وإذا وكلوني بمحاكمته سأفرض علي حكم المؤبد كونة اجرم بحق شعبة مع العلم ان ديمقراطية اسرائيل ستخفف الحكم وسيحصل على ثلث كغيره من الذين حصلوا على ثلث المدة في البلاد، اما لو قُدر لي وكنت قاضيًا في ليبيا فسوف أقوم بمحاكمته بالإعدام فهو مجرم وتمادى بالاجرام والفساد، وأساء بحق شعبه وأبناء ملته، بيد أني لا اعلم ما هو القانون السائد في ليبيا، يمكن ان يكون قانونيًا ايطاليًا أو وفق الشريعة الاسلامية، ولكن بسبب الأثر السيء للقذافي في ليبيا فإنه يستحق ان يحكم عليه بالإعدام، وأنا شخصيًا إن وُكلت بهذا الملف فسوف أحكم عليه بالإعدام، دون تردد.

بكرا : ما هو تعليقك على ثورات الشعوب العربية؟

عبود : إن ما يجري هو تغيير جدي لدى الشعوب العربية، التي أصبحت متنورّة ومتطورّة ماليًا وتكنولوجيًا، وباعتقادي أنّ الشعوب العربية أرادت عبر الثورات ان تنال حريتها، ليس هناك شعوب فقيرة تقوم ثبورة وانما الشعوب الثابتة اقتصاديا وتشعر بالضيق الديمقراطي، وهذا ما حدث فعلا في الدول العربية، مع العلم ان هناك فقرٌ في بعض المواقع والزوايا في هذه الدول، كما وأعتبر هذه الصحوة كالرصاصة الاعلامية السحرية او الحقنة التي حركتها القنوات التلفزيونية من اجل تحريك الشعوب نحو الاستقلال والحرية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]