بروفيسور محمد امارة : لم يسلم من العبرنة سوى المنابر والمقابر
ماهي علاقة ازمة الهوية بالعنف الذي يستشري في مجتمعنا ؟ وهل يرتبط ازدياد السلاح بنقصان الوعي ؟ ولماذا تضرب الظاهرة اوساط الشبيبة ؟ وماهي علاقة غياب اهداف ومنظومة قيم للتعليم العربي بالموضوع ؟

بروفيسور محمد امارة، باحث في مجال اللغة، كتب عن عبرنة اللغة وهو يقصد عبرنة ايديولوجية، كما يقول، بمعنى انها تتجاوز اللغة الى الانسان وثقافته ومنظومته القيمية التي في حال انفراطها، كما هو حاصل اليوم، يسقط الضابط الاجتماعي الذي يحكم السلوك الاجتماعي للجماعة وتدب الفوضى "الخلاقة "والتي تخلق في حالتنا مظاهر الاستخفاف بالقيم المجتمعية وبالمحرمات وتذبح في طريقها جميع البقرات المقدسة وعلى رأسها حياة الانسان كقيمة مقدسة لايمكن مصادرتها الا من قبل من وهبنا اياها .

عندما تتخلخل هذه المنظومة يحدث ما هو حاصل اليوم وهوضوء احمر يشير الى اننا بدأنا نخسر في المواجهة اليومية ومعركة الدفاع عن المنظومات المشكلة لهويتنا وفي هذه الحالة لانتحدث عن استبدال هوية باخرى بل عن انسحاق لهويتنا ،وهي ذات الاسباب التي حولت هوامش المدن الساحلية العربية الى اوكار للمخدرات والجريمة.

حول العلاقة بين اللغة والهوية ،بين التعليم والقيم بين ماهو حاضر من مظاهر عنف وفساد مجتمعي وما هو غائب من اهداف ومثل عليا عن واقع مجتمعنا ومؤسساتنا التربوية ،وحول كيفية مواجهة الازمة المجتمعية التي باتت تضرب في كل زاوية من زوايا مجتمعنا كان لنا هذا اللقاء مع البروفيسور محمد امارة وهو فاتحة لسلسة لقاءات سنحاول من خلالها طرق القضايا الراهنة التي تشغل مجتمعنا .

بكرا : لنبدأ باللغة والتحديات التي تواجهها كاحدى الادوات المشكلة للجماعة ؟

ب. امارة: اللغة العربية تواجه الكثير من التحديات ،تحديات داخلية ،قطرية مناطقية وعالمية وابرز هذه التحديات هي العبرنة والعولمة واستعمال مصطلح العبرنة ليس تلقائيا او اعتباطيا لانني اتحدث عن ايديولوجية لغوية تمس تركيب الهوية وليس عن مجرد شكل استعمالي للغة الاخر.

تاثير اللغة العبرية يضرب جميع زوايا المجتمع الفسطيني في الداخل ،في البيت ،المدرسة،الشارع،اماكن العمل وكل مكان ربما باستثناء شواهد القبور ومنابر المساجد.
بكرا : الى أي مدى تغلغلت هذه العبرنة الى نسيج الهوية الثقافية والوطنية؟

ب. امارة : هناك من تحدث عن اسرلة وازمة هوية يمر بها العرب في الداخل ،منهم من قبل هذه الاسرلة واعتقد انها صيرورة طبيعية شكلت هوية عربية ،اسميتها ،هوية العربي الاسرائيلي المفصلة على مقاس الدولة اليهودية الصهيونية ،ولكن كي نكون منصفين هناك ايضا فئات انتهجت نهج الممانعة وتصدت لصيرورة العبرنة التي تحمل بطياتها سلخ العربي عن هويته الاصيلة .

التياران موجودان والنزاع بينهما قائم ومتفاعل والعبرنة اضحت احدى ادوات فحص الصراعات القائمة.

بكرا : جهاز التعليم كان وما زال احد ادوات سياسة الضبط والسيطرة التي استخدمتها المؤسسة ضد جماهيرنا والحال كذلك فان الصراع على مضامين التعليم واستقلالية التعليم العربي هو جزء من الصراع على الهوية ،هل تؤيد ذلك؟

ب . امارة : نعم،رغم مرور 63 عاما على النكبة وعلى اقامة دولة اسرائيل رافقتها تغييرات هائلة على الصعد الداخلية والخارجية الا ان جهاز التعليم العربي مازال يرزح تحت وطأة سيطرة المؤسسة الاسرائيلية وحتى الان لم تؤخذخصوصيتنا القومية، الثقافية والبداغوغيةعلى محمل الجد حيث نجد تشويها للمنظومة القيمية التي نريدها لابنائنا ودوائر هوية لا تعبر بالضرورة عن شخصيتنا الجمعية.

بكرا : يوم السبت القريب سيعقد المجلس التربوي، الذي انبثق عن لجن متابع التعليم العربي والذي ترأسه انت،سيعقد مؤتمره الاول ما هي اهداف هذا المجلس وكيف يمكنه التاثير على اهداف ومضامين التعليم العربي ؟

ب. امارة : اقامة المجلس التربوي اتت بعد فشل كل محاولات التاثير على السياسات التربوية في جهاز التعليم العربي من داخل جهاز التربية والتعليم . لقد وجدنا لزاما علينا اخذ زمام المبادرة في تشكيل التعليم العربي من جديد من ناحية بناء منظومة قيمية تتلاءم مع خصوصيتنا القومية الثقافية والبداغوغية وتاخذ البعد التاريخي وجذور هذا الشعب في هذه الارض وهذه المنطقة.

بكرا : قبل ان نخوض في اهداف المجلس وكيفية تحقيقها ، لا بد من التنويه، ان تشكيلة المجلس كونه انبثق عن لجنة متابعة التعليم المصنفة حزبيا قد لاقى الكثير من الانتقادات وما زال ناهيك عن انها قاصرة عن التصدي لمهمات التعليم العربي الكبيرة ؟


ب. امارة : اولا يجب الاشارة الى ان المبادرة اتت من لجنة متابعة التعليم الا ان المشاورات ابتدأت منذ ثلاث سنوات وشملت فئات وشخصيات مختلفة من اكاديميين وناشطي مجتمع مدني وسياسيين كذلك عقدت العديد من الورشات والحلقات الدراسية لبلورة الفكرة واخراجها الى حيز النور ،وقد انقسمت الاراء بين من نادى بان يكون المجلس مستقلا منذ انطلاقه ام يرتبط لفترة معينة بلجنة متابعة التعليم وهذا ما استقر عليه الرأي.

بكرا : كيف ستحققون اهدافكم في ظل معارضة وزارة المعارف؟
المعارف كما اوضحت على لسان مسؤول كبير لا تريد السماع بهذه الفكرة،لان التعامل مع المضامين والمناهج يجب ان يتم فقط عن طريق الوزارة وهذا الموضوع بالنسبة لهم "خط احمر" .

المجلس مستقل واتى لاسماع صوتنا الناقد تجاه السياسات التربوية الحالية وطرح البدائل وسيتم العمل من خلال مستويين :
الاول بناء التدعيم الداخلي بما معناه احداث التفاف جماهيري واسع حول اهداف التعليم العربي ومنظومتنا القيمية التي سيصيغها المجلس .

الثاني بناء شراكات على المستوى القطري مع الاكاديميا والمجتمع المدني الاسرائيلي .
بكرا :ماهي مشاريعكم العملية ؟

ب. امارة : كما اسلفت نحن بصدد صياغة اهداف التعليم العربي بعدها سنبدأ ببناء مناهج بديلة او مكملة وطرح مناهج جديدة غير موجودة حاليا لتلبي احتياجات الطالب العربي .

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]