روت الطالبة "م.ي" عشرون عاما، من مدينة جنين، كيف اصيبت وعائلتها بانفلونزا الخنازير، "لا استطع نسيان الساعة الخامسة من يوم الاربعاء عندما جاء اخي من كندا واجتمعنا معه في غرفة الجلوس نرحب به ونتحدث معه، وكان يسعل بشكل لافت للانتباه و الدموع تنهمر بشدة من عينيه، واحيانا اخرى كان ينفث هواء سعاله على وجهي فانزعجت منه، لكني لم اشك انه مصاب بانفلونزا الخنازير، وبعد ساعتين من الزمن استسلم اخي لحرارة جسده المرتفعة وسعالهِ الكثير ورقد في الفراش، وبعد نتيجة الطبيب المتاخرة تاكدنا من اصابته بالفايروس."
وبعد اسبوعين اكتشفت انني اصبت بالعدوى وخلال تفكير عميق ادركت كيف التقطت الفايروس واخوتي الاربعة ووالدتي و خطيبي ايضا، وهكذا بدات العدوى.
كيف بدات العدوى تنتقل للعائلة
بدات العدوى تنتقل الينا واحدا تلو الاخر،اختار الفايروس ان يقتنص رئة والدتي التي تعاني من التهاب رئوي ليتمكن منها ويجلسها على الفراش،وبسرعة جاء ابي وحمل سماعة الهاتف السوداء وطلب الاسعاف شارحا لهم حالتها "زوجتي تعاني من التهاب رئوي ونشك باصابتها بانفلونزا الخنازير"، جاءت سيارة الاسعاف، وقام الاطباء عند باب البيت بارتداء الكمامات والكفوف امام اعين الجيران،ليبدؤوا الجيران بقول التفاهات بعدما اجزموا ان العائلة مصابة بالفايروس،قال احد الجيران "هذه العائلة تاكل لحم الخنزير" واخر "انظروا الى عامل النباتات جاء ليعقم المنزل بدلا من الحديقة".
وبسبب حالتها المزرية تم نقلها الى المشفى وهناك ثبت اصابتها بالانفلونزا المكسيكية،لكن الاطباء رفضوا علاجها خوفا من انتقال العدوى فقد كنا نحن من يدخل لها الطعام والدواء وفي احيانا كثيرة نبكي امام الاطباء وتتفجر صرخاتنا من اجل فحصها والاطمئنان عليها،بعد يومين خرجت من المشفى وذهبنا الى البيت لنضعها في غرفة خاصة.
اصابتي بالفايروس
لم ادر انني الهدف الثالث للفايروس، فقد كنت اسعل بشدة لكني لم اشعر بالقلق،ذلك لاني برفقة اقاربي،وقلت في نفسي "ربما يكون السعال بسبب دخان سجائر عائلتي"، لكن حالتي بدات تزداد سوءا صبيحة يوم الاحد، وقلت لابي بخوف "يبدو انني مصابة بانفلونزا الخنازير" لكنه هدء من روعي وجعلني اقذف من عقلي هذا الوهم، وفي اليوم التالي ذهبت الى الجامعة وبدات يومي كالمعتاد،واثناء محاضرة الساعة العاشرة بدا الفايروس يسيطر على جسدي وشعرت بضعف في جسمي كما لاحظت ارتفاع درجة الحرارة،طلبت من المعلم ان اغادر للذهاب للطبيب لكنه رفض وقال "اذا اردت الخروج عليك بسحب المساق" وفور انتهاء المحاضرة ذهبت الى المستشفى.
دخلت الى الطبيب وشرحت له حالتي سالني "هل زاركم اقارب من امريكا؟" قلت "نعم، وقد اصيب اخي ، هرع الطبيب من الخوف وقال بصوت مرتفع للاطباء "اشك انها مصابة بانفلونزا الخنازير"، لبس الاطباء الكمامات وبدؤا بفحصي رفع الطبيب راسي وادخل خرطوما في انفي،ارتجفت من الخوف وصرخت "بديش اتعالج هلاء بتحكوا اول مصابة بالفايروس في الجامعة" فقد كان خوفي نابعا من نظرات المجتمع،هداني الطبيب "انه رشح وليست باعراض انفلونزا الخنازير" وجعلني انتظر بالخارج لتظهر نتيجة الفحص، كانت رئتاي تؤلماني وحلقي يحترق بما فيه الكفاية لاصرخ على نظرات الناس الغريبة في ممر المستشفى.
نظرات الناس
كان الممر يعج بالناس الخائفين يحدقون بي بنظرات قلقة ويتفوهون بكلام يشعروني باني منبوذة "ديروا بالكم انها مصابة بانفلونزا الخنازير" وامراة تنادي طفلها "تعال يا محمد ما تقربش عندها" بعدما سمعوا الاطباء يقولون انها مصابة بالفايروس وخصوصا وانني ارتدي كمامة،وقمت بالاتصال بوالدي وذهبنا الى البيت بعد ان ظهرت نتيجة الفحص باصابتي بالفايروس.
استمر الفايروس يفتك في جسدي فهدني ورماني على الفراش، جاهدت عدة مرات على النهوض لكن الفايروس اللعين اصر ان ياسرني على السرير ويجعلني جثة هامدة، انتظر الشفاء من الله والدواء الذي اشربه لكي يقضي على المرض،في اليوم التالي بدات انفاسي تضيق وشلت حركتي ولم استطع المقاومة وقلت "نهايتي حانت" استمررت على هذا الحال طيلة اليوم لكن حقن الاطباء اعادتني الى الحياة مرة اخرى.
اخوتي اصيبوا بالفايروس…واجبرت على سحب الفصل
في اليوم الرابع مارست حياتي بشكل معتاد لكن الفاجعة الكبرى عندما علمت بان اخوتي الاربعة اصيبوا بالعدوى كان اكبرهم ثلاثة عشر عاما واصغرهم طفلا في التاسعة من العمر،وكنا ستة اشخاص في نفس المنزل نعاني من الفايروس،ولم تكفينا الغرف ليكون كلا من في غرفة خاصة،لذلك مارسنا حياتنا بشكل اعتيادي كنا نلعب وناكل ونتحدث مع بعضنا،وكنا نضحك عندما نتتذكر اننا مصابون جميعا بالفايروس، ومع الالتزام بالدواء تغلبنا على المرض.
لقد شفيت من المرض لكني وجدت ان الناس مصابين بفايروس عدم الرحمة، في البداية اتصل بي احد رؤساء الجامعة ليجبرني على سحب الفصل "عليكي بسحب الفصل حتى لا تنقلي العدوى الى الاخرين" شرحت له باني تعافيت تماما وهناك اوراق طبية تثبت ذلك لكنه رفض وهددني بالسقوط بجميع المواد "ان لم تاتي ستحملي المواد، انتطرك غدا لتوقعي على سحب الفصل ولن تذهب عليك الاموال"، وصبيحة يوم الخميس ذهبت الى الجامعة ورايت صديقاتي وكن خائفات من الاقتراب مني ولم يرحموني باسئلتهم الجارحة "هل صحيح ما سمعناه انك مصابة بانفلونزا الخنازير؟" قالت احد الصديقات، وكان الرد سريعا وبدون خجل "نعم انا" لقد كنت واثقة انه مرض ليس بالخطير وعلاجه بسيط فهو ليس كمرض الايدز لكن الاعلام وثقافة الناس المتدنية جعلتني اخجل من المرض في البداية
[email protected]
أضف تعليق