في مثل هذه الأيام، التي شحّت فيها الأمطار، واستمرت درجات الحرارة بالارتفاع، عادت مجموعة من المسنات في عرابة الى الوراء، وقررن ان يعدن الى ماضيهن ويتذكرنّ ماضيهن وهن طفلات صغيرات، لمراسل موقع بكرا الطقوس التي مارسوها من أجل هطول المطر، والاغاني التي انشدوها. فقد كانوا قديما يخرجون يستغيثون في الشوارع على شكل مسيرة يهللون يطوفون الشوارع فيرشّ اصحاب البيوت عليهم الماء على أمل ان تمطر السماء.

التقى مراسل موقع بكرا مع الحاجات زكية نعامنة، ام نايف ياسين وام ابراهيم نعامنة، اللاتي كنّ يعدنّ الخبز في الطابون ويحضّرن البرغل، فما زلن محافظات على طريقة الخبز والطبخ القديم في الطابون بجانب بيوتهن وعمره اكثر من 40 عام.

تقول الحاجات الثلاث انهن منذ سنين طويلة لم يتذكروا هذه التهاليل او ما اسموه " التغيّث" وطلب الغيث، فهذه العادة انقطعت منذ زمن طويل الا انهم أصروا ان يتذكرنها بمساعدة بعضهن ليذكروا منها ما يلي:
يلا الغيث غيثينا حسن الاقرع راعينا يلا الغيث غيثنا تشتي على المضافات
يلا الغيث ياربي تسقي زرعنا الغربي من شرقة ومن غربة تيطلعلو شعبتين
تقول الحاجة ام ابراهيم ان المقصود هنا هو هطول المطر على المضافات التي كانت عبارة عن ديوان رجال الحارة او القرية والمقصود بحسن الاقرع هو خير الله.
يا ربي ليش حابس والزرع تحتك يابس
ياربي واحنا صغار شو ذنبنا طلبنا الخبز من امنا ضربتنا على ثمنا

ويسردن لنا قصة هذين البيتين فيشرن الى انه عندما كان المطر ينحبس ولا يهطل فيقل الخبز ويكون تخوف من عدم حصاد القمح بكمية كبيرة، لذا فكنا عندما نطلب ونحن صغار من امهاتنا الخبز اي الاكل فكانت تضربنا على افواهنا لعدم توفر الاكل حتى نسكت.

ياربي يا عالي تشفق على الصغار كل الحواصل سكرت ونحنا منين تكتال
يا الله غيثك، مللي بيتك واسقي العطشان .

هنا يدل على ان عدم توفر المياه أدى الى القحط وعدم وجود محصولات فكانوا يدعون الله ان يمنّ عليهم بالمطر ليروي الارض العطشى للاعالة من محاصيلها، والصغار هم الابرياء والمستجاب لدعواتهم فكنّ يطلبن من الله الغيث لاجل ابنائهن، وربما لان الابناء هم اغلى من لديهم لذا فكانوا يطلبون قديما من الله الغيث لاجل الابناء.
وعن طرق اخرى لطلب الغيث يقلن انهن كن يتجمعن في ساعات الليل امام مسجد القرية ويقمن باحضار طاحونة القمح يضعنها امام مدخل المسجد ويقمن بطحن القمح ويرددن:
مالك تطحني بالليل من قلّة المطر والسيل رشو باب داركو تينحرث فدانكو
رشو باب عريشتكو تتحرث كديشتكو.
وعن اقتراب هطول المطر بعد التهاليل والامنيات والمسيرات فكانت عندما تغيّم السماء يقلن:
راحت ام رعيده تجيب المطر لاقت القمح طول الشجر
راحت ام رعيده تجيب البروده لاقت القمح طول العقوده

وام رعيدة المقصود فيها هو الرعد والبرق الذي يسبق هطول المطر فعندما يبدأ البرق والرعد ويدل على قدوم الشتاء يبدأ هطول المطر فيشبهون ان الرعد الذي احضر الشتاء وعندما انتهى الشتاء وجد الرعد ان القمح اصبح ناضجا والبرودة المقصود فيه هو صوت الرعد.

ويشرن الحاجات انه عندما كن يخرجن من اجل استغاثة الله باحضار الغيث كان اصحاب البيوت يرشون على الاطفال المياه من أجل ان يستجيب لدعائهم، لان الاطفال هم الاكثر ممن الذين يستجاب لهم.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]