إذا عرفنا ان المعمر السيد شحادة شاهين قد بلغ من العمر 118 سنة وخانته ذاكرته منذ بضع سنوات..فبالتأكيد لن نسمح لأنفسنا ان ننسى أي شيء أو حدث، فالاحداث التي نتذكرها خلال سنوات عمرنا لا تقارن بالأحداث التي مرت على أحد أكبر المعمرين في البلاد والمولود عام 1892!!
وبنظرة على مئة وثمانية عشرة سنة من تاريخ البلاد..ومئة سنة منذ ان أصبح شاهين شابا، سنجد ان أجيالا تعاقبت..اختفت مدن وظهرت مدن جديدة..حقب وحكومات وزعماء رحلوا، كما انه عاش حياته في منطقة جغرافية مكتظة الأحداث إما مشاركا أو شاهدا، فقد ولد في يافا ونشأ في نابلس ومقيم الآن في بيت صفافا جنوب القدس..وعاصر الحقبة العثمانية والانتداب البريطاني والحكم الاردني ثم الاحتلال الاسرائيلي.
وقد حاولت مراسلة موقع بكرا خلال زيارتها الخاصة لبيته أن تستمع لحديثه عن تلك الذكريات لكنه لا يتذكر ولا يسمع كل ما سألته، عدى انه استطاع التعريف عن نفسه وتذكر عمره وكان يردد عبارة "نشكر الرب" بشكل متكرر ومتقارب، وهو جالس على كرسي متحرك خلف طاولة مستطيلة عليها قارورة ماء وعلبة الادوية وراديو صغير.

حياته البسيطة..

وقد تحدثت مراسلة موقع بكرا الى ابنة المعمر شاهين الصغرى "سوزي" التي تناولت جزءا من حياته البسيطة اليوم وكيفيه قضاءه لوقته حيث بدأت بعلاقته بوالدتها وقالت :"هو شديد التعلق والحب بوالدتي ودائم السؤال عنها..يسأل حتى لو غابت عنه الى ساحة المنزل، بدأ مرضه الشديد بعد اصابة والدتي بالسكري وقطع قدميها وغسيل الكلى، الذي دفعها الى الغياب عنه لايام، ادت الى دخوله في حالة صعبة".

زوجته المسنة والمريضة هي التي يسأل عنها دائما ويحرص على تناولها الطعام والدواء في الوقت المحدد حفاظا على صحتها.

وتحدثت الزوجة حيث قالت :"عاش الحرب العالمية الاولى والثانية والنكبة والنكسة والانتفاضتين وكان أحد الجنود مع تركيا في الحرب العالمية الاولى لكنه هرب اثناء وجوده في قطار وبقي مختبئا لمدة ثلاث سنوات، ولم يكن يزعلني ابدا حتى اليوم وهو شخص مرح ويدللني كثيرا"، كما أكدت انه فرح لكونه أحد المعمرين ويعتبر وجوده حتى اليوم "هبة وسر من الله".

وأضافت سوزي :"يصحو والدي من نومه الساعة الثامنة صباحا ويبقى على كرسيه جالسا حتى الساعة 11 ليلا ومعظم وقته يكون نائما على كرسيه، ويعيش هذه الايام حالة من الملل والاكتئاب فهو يعاني من ضعف في السمع فلا يستطيع الحديث المستمر مع من حوله".

سوزي أم لخمسة أبناء تعتني به دائما تقول :"يرفض الخروج الى ساحة المنزل الخارجية لشعوره بالبرودة طوال ايام السنة"، مشيرة انه يبقى مرتديا الملابس القطنية والصوفية الثقلية طوال الوقت.

وتؤكد سوزي أن والدها يتذكر حتى اليوم ابنائه جميعا باسمائهم، ويتمنى رؤية ابنته ريما المقيمة في الاردن والتي تم سحب هويتها اوائل التسعينات وحرمت من زيارة البلاد، كما تؤكد أنه كان يلعب طاولة الزهر مع زوجها يوميا وكان يربح دائما!!

عائلته الكبيرة..جدا وعلاقته بسوزي!!

لدى المعمر شاهين 9 أبناء ( 5 ذكور و4 اناث) وجميعهم يقيمون في خارج البلاد باستثناء سوزي التي تسكن في شقة ملاصقة لشقة والديها، حيث ترفض سوزي بشدة وضع والديها بملاجئ للعجزة، وهي مستعدة لرعايتهما بمساعدة زوجها واولادها الخمسة وتوفير كافة احتياجاتهما، وهي تخشى على مصيرهما في حال وضعتهما في الملاجئ وتقول :" كبار السن في البيت بركة، وعلينا ان نكرم الوالدين كما تعبوا وسهروا على راحتنا ونحن صغار".

واعربت سوزي عن حزنها لعدم وجود جهات ترعى المسنين الكبار وتوفر لهم وسائل الترفيه وقالت :"بعد مرض والدتي كان والدي بحاجة الى من يسليه ويحدثه، وحاولت جاهدة البحث عن شخص يقوم بذلك وكنت على استعداد لدفع راتب له لكن للاسف لم أجد"، مضيفة ان كافة النوادي المختصة بالمسنين تكون لمن هو قوي البنية فقط (يستطيع المشي لوحده وصعود الدرج والحديث).

ما كان يأكل..

أما عن نظامه الغذائي فقالت سوزي :"في شبابه وشيخوخته يحافظ على اوقات طعام (الفطور والعشاء والغذاء) وهو على هذا الحال، وكان يبتعد عن تناول المأكولات الدسمة كما كان يشرب زيت الزيتون، ويشرب الماء باستمرار والعصير والمشروبات الساخنة، وفي وجبة الفطور والعشاء يتناول شرائح الخبز ويأكل الفواكه".

أحواله المالية ومشكلته مع الدوائر الحكومية..

أما عن وضعه المالي والاداري فقالت سوزي :"لا يوجد أي دخل أو راتب ثابت لوالدي، فهو محروم من مخصصات التأمين الوطني "الشيخوخة" لأنه تخطى كان يبلغ 75 عاما عندما احتلت اسرائيل القدس، وبالتالي حسب القانون الاسرائيلي من تخطى الستين عام 1967 لا يستحق مخصصات من التأمين".

ويعاني شاهين من وجود ماء أسود في عينه مما يسبب له ضعف النظر، ويعاني من ضعف في السمع، ومن عدم التوزان والدوار، وتظهر على وجهه حبوب كبيرة الحجم وهي بسبب سرطان الجلد، وقد ظهرت قبل عامين لكن الاطباء لم ينصحوا بازالتها جراحيا خوفا على صحته من المخدر، فيما يتناول ادوية لتمييع الدم ودواءا لدر البول، لكنه لا يعاني من أمراض مزمنة كالسكري او الضغط.

أما عن مشاكله مع الدوائر الرسمية الاسرائيلية والخاصة فتقول سوزي :"بعد الامراض التي حلت بوالدتي قمت باستئجار منزل لهما مجاور لمنزلي وعندما ذهبت لوزارة الداخلية لتغيير عنوانه طلبوا حضوره شخصيا واليوم وبعد مرور خمس سنوات لم يتم تغير عنوان السكن، لأن المطالب متعددة ومتغيره في كل زيارة".

وأضافت أن شركة الماء كانت تطلب هي الاخرى حضوره شخصيا من اجل ساعة ماء ولكن بعد عدة سنوات وبعد نشر مقال في احد الصحف الاسرائيلية وافقت على ربط ساعة ماء محددة له فقط، كما ان شركة الكهرباء محافظة القدس تريد حضوره شخصيا لتقديم اي طلب ايضا.
عائلة من المعمرين..

تزوج المعمر شاهين مرتين..الاولى انجب منها 7 أبناء، وبعد وفاتها بسبع سنوات تعرف على زوجته الثانية الحالية في عمان وتزوجها تحديدا بتاريخ 8-11-1959.

في سن 113 عاما كان يستطيع قراءة الجريدة ومتابعة نشرات الاخبار بالراديو، وكان يقوم بشراء كافة مستلزمات البيت من الطعام والشراب والاحتياجات الاساسية.

المعمر شاهين الذي يتبع الديانة المسيحية..اصله من نابلس وولد في يافا وهاجر منها مع اخواته الى القدس، منهم من هاجر لامريكيا.
أحدى شقيقاته وتوفيت وهي في سن 110 سنوات واخرى هاجرت للاردن وتوفيت عن عمر ناهز 104 سنوات..اما شقيقته الصغرى فبقيت بالقدس وتوفيت عن 78 سنة فقط، ابنته الكبرى تبلغ اليوم 83 عام، وله العديد من الاحفاد وأحفاد الأحفاد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]