استيقظت ام توفيق في صباح الثلاثاء الموافق الرابع والعشرين من الشهر الجاري في تمام الساعة الرابعة فجرًا لا لتأدية صلاتها وحسب وإنما للإسراع في توضيب ما تبقى من أثاث في "عريشتها" منعا لوصول يد جنود الاحتلال إليها وسلبها إياها !

ام توفيق تلك السيدة التي تراقص العقد الأربعيني بسمرتها ، هي أم لعائلة تتكون من 9 أفراد وتسكن في قرية العراقيب الواقعة قرب مدينة رهط ، والتي تتعرض منذ ما يقارب الشهر ونصف الشهر الى حالات هدم وتهجير قسري من قبل الآلة الحاكمة .

في تمام الساعة الثالثة عصرًا انطلقت من الناصرة متوجها إلى العراقيب التي وقفت على أرضها في تمام السادسة والنصف من مساء اليوم نفسه ، وهناك ، التقيت السيدة ام توفيق ابو مديغم التي استضافتني بترحاب شديد في "العريشة" التي تسكنها وعائلتها معبرة عن سعادتها بوصولي .

وخلال حديثنا الذي امتد الى ما يقارب الساعة ونصف أخبرتني عن تجليات عنصرية الدولة الحاكمة تجاه قريتها موضحة بأنهم دخلوا اليها قبل ما يقارب الثلاثين يومًا مخترقين بيتها في الساعة الخامسة صباحا بدون أي إذن او اخلاق ومطالبين اياها بمغادرة البيت وعائلتها والا سيتم هدمه فوق رؤوس النائمين !!

مضيفة : وعندما أجبته بأنهم أطفال صغار ويغطون في نوم عميق !! صرخ بي : أيقظيهم !!

عندها ايقظت ابنائي وحملت بعض حاجياتي التي يطبق عليها القول : "ما خف وزنه وغلا ثمنه" وخرجت لأجد كل جيراننا يمرون بتجربتي ذاتها ويقفون بجانبي في الساحة الكبيرة التي تبعد عن منطقة سكننا بعض الكيلومترات القليلة ، لنشهد عمليات اقتراب الجرافات التي تهدم أحلامنا وأمننا ومسكننا !!

انني اليوم لا أملك الا ألبوم صور تذكاريه أسعفني الوقت لحمله معي حتى أتمكن من تذكر شكل حياتنا التي هدمتها الوحشية الاسرائيلية .

لا بد وأن يعرف العالم ما واجهناه ونحن نحسب في عداد المواطنين الاسرائيلين ! ، فاننا نعيش اليوم في العراء تحت السماء والطارق في انتظار تنفيذ قرار الهدم الخامس الذي يتوقع وقوعه بين ليلة وأخرى ! ، بينما يعيش العالم الاسلامي أجواء شهر رمضان الذي لا نلمس منه شيئا حيث اننا لا نمتلك معدات للطهي والتحضير للافطار ونتناول افطارنا عن طريق معونات تصلنا من اقربائنا في رهط !

وعند سؤالي عن الوعود التي تلقوها من الجهات الرسمية على درب الحل لمشكلتهم أخبرتني ام توفيق بأنهم تظاهروا قبيل يوم واحد من لقائنا امام مبنى وزارة الداخلية غير ان التظاهرة لم تمنحهم سوى تأجيلا لتنفيذ قرار الهدم الخامس الى ما بعد الشهر الكريم !

مضيفة : اطلب أن تتعامل معنا اسرائيل على اننا بشر قبل التعامل معنا على اننا مواطنين في هذه الدوله .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]