حملت لي الأيام شرف لقاءه الرفيع ، جاءني بخطى ثابتة يحمل عبير ورونق خاص يترجم الحياة ترجمة مثالية راقية ، طربت في سماع حروفه ورسمه لكلماته فهي قوية كالبراكين تارة حين تعلن ثورتها ودافئة تارة كأزهار الربيع ، مواهبه لا تنضب، وذو إطلالة ممزوجة بسحر فتان ، رائع الخصال، ومشاعره مسكونة بالروعة ، يتدفق معرفة وعلماً وثقافة ، خالي من الغرور ومجرد من التكبر ، للحديث معه شجون يجعلك تحلق في أفاق عليا جمع من عثراته في الحياة سلماً صعد به نحو النجاح ليبدأ مشواره على طريق المجد ، قد نختصره بوصفة درة نادرة من التميز وحالة خاصة من الإبداع نجم قناة العربية الصحفي والمذيع محمد أبوعبيد الذي يأسرنا يطل علينا بشعرة الأشيب وابتسامته العذبة وحضوره الأنيق مطلع كل صباح عبر نافذة برنامجه الصباحي أبوعبيد هو ابن بلدة عرابة في محافظة جنين لكنه ولد في بلدة يعبد القريبة في 21 كانون الأول عام 1972، حيث نشأ وتربى ودرس حتى أنهى دراسته الثانوية ، هو نجم إعلامي ذاع صيته وارتفع نجمه إلى عنان السماء فهو نجم بالمعنى الحقيقي وليس المجازي فبالإضافة إلى تقديم الأخبار والبرامج، يكتب المقالة بكل أنواعها الثقافية والاجتماعية والسياسية و يكتب الشعر، مولع بحب اللغة العربية وله معارض في الخط العربي وتعلم العزف على آلة الساكسفون الموسيقية، كما مثّل على خشبة مسرح جامعته مرتين، خلال فترة دراسته، يحمل رؤى وأفكار مثيرة للجدل العديد لمساندته للمرأة، طرحه الجريء لبعض التابوهات الاجتماعية .
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ....
كانت البدايات الإعلامية الأولى لأبوعبيد عاشق المرأة في العام 1996 عندما عمل في أحد محطات التلفزة المحلية كمقدم للأخبار والبرامج السياسية ، وعمله الجزئي في إذاعة محلية لتقديم برامج اجتماعية ، وكانت هذه التجربة حجز الزاوية الرئيس في مشواره للمشوار الإعلامي حيث أتاحت له الفرص بأن يعمل في دبي كمدير أخبار في أحد المحطات الإذاعية عامي 2001- 2002 وأنضم بعد ذلك إلى صفوف العربية عام 2003 مقدماً لبرنامج صباح العربية ونشرات الأخبار، تجربة أبوعبيد في أرض الوطن حملت له الكثير وكانت من أسرار نجاحه فحينما أوصدت في وجه أبواب العمل في المؤسسات الإعلامية ووكالات الأنباء في فلسطين " لنقص كفاءته" كما قال له أحد المسئولين عن محطة تلفزيونية ، لم يبقى أبوعبيد معلقاً في فراغ القلق ولم يؤجل طموحاته وهو الإنسان المتمرد والذي لا يأبى أن تبقى أحلامه مرسومة على الرمال أستطاع بمعول الإرادة أن يحلق عالياً ليخطً أسماً فلسطينياً بحروف الذهب وليصبح من أشهر نجوم الإعلام في الوسط العربي وأكثرهم رونقا وحضوراً ، يقول أبوعبيد بأن النجاح في المجتمع الذي تسوده المحسوبيات والواسطات ومثبطات العزايم يصبح فيه للنجاح طعم ورونق أخر تتضاعف فيه متعة ولذة النصر لأن النجاح في مجتمعاتنا الشرقية وثن يجب تحطيمه دوما.
منظومة العادات والتقاليد لا تتناسب في كل زمان ومكان ، والتقاليد البالية عثرة في طريق التحضر..
الانفتاح مفهوم واسع يشتمل على كثير من الجدل، لأن هذا المفهوم يحتوي على جانبين أحدهما مطلوب والآخر مرفوض أبوعبيد وكما رأينا في العديد من كتاباته يعد من أبرز دعاة الانفتاح فهو يرى ومن خلال زاويته الخاصة بأن الانفتاح الإنساني هو حالة حضارية وتفاؤلية الذي يأتي ضمن شروطه تقبل الأخر ويحترم الحريات الفردية ، والضوابط الاجتماعية ومنظومة العادات والتقاليد التي نتشبث بها ونمنحها قدسية دينية دون وعي أو إدراك لا تتناسب مع كل زمان ومكان فما هو مقبول اليوم ورائج كان محظور في السابق ، بالتالي ينبغي علينا التخلص من بعص التقاليد البالية والتي تعتبر سبب تراجعنا و عثرة في سبيل التقدم والتحضر حيث يتم دمجها بالحلال والحرام أو نغلبها عليها ، ويضيف أبوعبيد بأن العادات هي نسبية وليست مطلقة فالحريات التي يمارسها بعض الأفراد قد تلاقي رفضا من أفراد آخرين والخطأ الشائع هنا هو تحدث الكثيرين بصيغة التعميم واستخدام ضمير " نحن" فأن الانفتاح الذي تحدث عنه أبو عبيد هو الانفتاح الذي يشمل المرأة والرجل والذي قد يتطلب في أحيان كثيرة تخطي وتجاوز عقبة التقاليد كي نسير في عجلة المجتمعات المتقدمة .
أبوعبيد والمرأة حــــــكاية عشق سرمدية
يعتبر أبوعبيد من عشاق المرأة الأشاوس والمدافع الحر والمستبسل عن كينونتها فالمرأة وكما يقول هي نصف المجتمع الأول، والنصف الثاني للمجتمع جاء من المرأة إذن هي نصف المجتمع عدداً وكل المجتمع إعداداً ، ولا غني للرجل عن المرأة فهي اختزال للجمال الرباني ناهيك عن معاناتها كأم وتحملها مشاق الحمل والولادة والتربية، هذه الأسباب مجتمعة هي من أسرار عشق أبوعبيد للمرأة ويستنكر ويعتب على الثقافة المجتمعية السائدة و التي تربط الفضيلة بالرجل والرذيلة بالمرأة وهذا شيء معيب وتعد من أبشع صور الاضطهاد للمرأة لأن عالم الفضيلة والرذيلة ليس محصور بجنس دون الأخر ، ولكن صور الاضطهاد مستمدة من الطريقة في التنشئة والتربية داخل أرواقه المنازل الذي تمنح الذكور مساحة من التعبير والانطلاق على النقيض من المرأة .
وحالة العشق السرمدي للمرأة التي نبتت كأزهار الربيع في قلب أبوعبيد كانت امتداد فطري لعشقه لوالدته التي يرى فيها ارتباط المواطن بوطنه وارتباط التلميذ بمدرسته فهي المدرسة والوطن والماضي والحاضر والمستقبل .....
أبوعبيد الشاب الأشيب لا زال يبحث عن المرأة التي ستختصر كل نساء الأرض والتي تجمع كل ما يحبه بالمرأة من جمال وأنوثة وذكاء وثقافة فالحب في حياة أبو عبيد حالة تأتي وحدها ودون إذن مسبق لآن الحب هو كيمياء القلوب والزواج هو نتاج حالة حب حقيقية وليست وهمية فالحب العقلاني والناضج هو الذي يستمر والحديث عن أن بعض مظاهر الحب تختفي بعد الزواج هي أكاذيب فلو كان أساس هذا الحب متين لما تلاشت ملامحه بعد حين .؟؟
شخصية لا تعرف التكبر ولا ترتضي أن تلتصق فيها صفة الغرور
يحمل أبوعبيد قلباً يتسع لكل محبيه فهو حريص كل الحرص على التواصل مع الآخرين بكافة صور التواصل التي من أبرزها تواصله مع جماهيره صفحتين عبر الفيس بوك بصورة شخصية ، وتقبل دعوة الآخرين للقائه والتفاعل معهم ، ناهيك عن رفض أبوعبيد للألقاب التي يطلقها عليه محبيه وتقبله النقد وحتى الإساءة من قبل معسكر الرافضين والمهاجمين لأفكاره بروح رياضية وطيب خاطر ....
في سؤالي أبوعبيد عن أحد مقالته الأدبية " لو كانت عندي ابنة... هكذا سأربيها" التي أثارت عاصفة هوجاء من الردود من قبل الرافضين لطرحة الفكري وتأييدا كبيرا من جمهور الفتيات قال معلقاً بأن هذا المقال جاء منسجماً مع ما يتسلح به من قناعات وأفكار تحترم المرأة ويمنحها قدسية في الحياة الاجتماعية قال معلقا على أخر ما جاء فيه " سأعلّمك السباحة قبل أن أعلمك الكتابة " , لأنك عند الحاجة ستجدين من يكتب عنك , لكن لن تجدي من يسبح عنك قاصداً بذلك أمرين : السباحة بمفهومها الواقعي والأمر الثاني يحمل دلالة على تعليم الفتاة أو أبنته الإبحار في فلسفة المجتمعات التي تسودها التقاليد المتلاطمة
المشهد الفلســـــطيني أنت منذ الآن غيرك ...
يستشهد أبوعبيد بعنوان قصيدة دوريش الأخيرة أنت منذ الآن غيرك في وصفة للمشهد الفلسطيني قائلاً بأن حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني حالة محزنة وأساءت للقضية الفلسطينية لأن قيام شخص بتوجيه طعنة لأخيه مشهد مؤلم وقاسي وأن الخطر أصبح متشعب الأطراف وليس من جهة واحدة حيث أن الصراع في السابق كان محدود لكن اليوم هناك تصارع على القضية وإذا لم نعد إلى رشدنا سننزلق إلى منزلقات أخطر ومن هنا وجه أبوعبيد دعوة لأبناء الشعب الفلسطيني للالتفات إلى القضية كي تبقى القضية الفلسطينية فلسطينية بحتة دون تدخلات خارجية لأن التدخلات هي من باب الصراع على النفوذ والمطلوب هنا التئام الشمل لأن المشروع الفلسطيني هو مشروع وطني ومشروع بناء دولة مستقلة .
وأكد أبوعبيد بأن صورة الفلسطيني في الإعلام أصحبت مشوه وأن المشهد الوحيد الذي تستعيد فيه القضية بعض التعاطف هي في حالة العدوان والحروب الإسرائيلية، فالشارع العربي تراجع في حجم دعمه الموقف الفلسطيني ولم يعد هناك اهتمام لما يحدث لغياب المنهجية في طرق التعاطي والتعاطف مع القضية الفلسطينية ؟؟؟
مجتمعاتنا الشرقية تعاني من انفصام بالشخصية وكفانا مساحيق تجميل لإخفاء عيوبها
طوفان الفيديو كليبات التي باتت تعصف بالفضائيات ليل نهار وتعكس حالة من الصخب والنشاز الموسيقي التي تتنافي مع ابسط مفاهيم الغناء والفن والتي تجعلنا ندور في فلك ثقافة الصورة الاستهلاكية يرى أبوعبيد بأن ظاهرة الكليبات لو لم تلاقي رواجا ومستهلكين ما راجت هذه السلع وأن هذه المحطات والفضائيات التي تعرض الكليبات لها سوق استهلاكي وهنا توقف أبوعبيد في حديثة عند نقطة مفصلية قائلا بأن مجتمعاتنا تعاني من انفصام بالشخصية حيث إنها تقول في العلن شيئا وفي السر تفعل نقيضه ونتعامل مع ثقافة العيب والحرام على أمزجتنا الخاصة ووفق أهواءنا ونتوارى خلف ستار الدين والفضيلة وهذا ناتج عن مرض ضيق الأفق الذي أضحى بمثابة مرض يعصف بوجودنا على الرغم من حاجتنا الماسة في بناء مجتمعات نظيفة ونقية تخلو من الأقنعة المزيفة وتحترم الأخر وتسود فيها العدالة والحريات الفردية والأمن والأمان .
صبــــــــاح العربية .....
يتمتع بيكاسو الكلمة كما يليقة محبية بشخصية وكاريزما تحمل فكراً وطرحاً حراً ورؤى فلسفية أكبر من القضايا والمواضيع التي يطرحها في برنامج صباح العربية ويعلل أبوعبيد ذلك لكون صباح العربية هو برنامج صباحي واجتماعي والقضايا الجدلية التي يحملها أبوعبيد تحتاج الى مساحات أوسع لطرحها من التأملات المطروحة في صباح العربية ، والأمر الأخر الدور الحيادي الذي يمارسة أبوعبيد في البرنامج لا تسمح له بطرح رؤيته فأفكاره وكتاباته كما يقول يعبر عنها من خلال مشروعه الأدبي الذي يتسع لرؤيته .
ويجمع المذيع الأشيب بين أناقة المحضر وعمق الجوهر ويسعى من خلال مظهرة واطلالتة الشبابية لتوصيل رسالة مفادها بأن صورة المثقف في أذهاننا هي صورة رجل رث الثياب يقيم في برج عاجي ولا يتواصل مع الآخرين ولا يبالي بنفسة ومظهرة ، وعلى النقيض فأننا ننعت الإنسان الذي يهتم بنفسة ويعتني بمظهرة بأنه إنسان سطحي وسفيه ولكن أبوعبيد يحاول ان يجمع بين حسن المظهر الخارجي وعمقه الفكري والثقافي والأدبي فهو يحمل عقلاً يسعى الى تنميقة باستمرار على الرغم من عشقه للموضة والأزياء والحياة العصرية،، الجدير بأن وسامة أبوعبيد التي يجسدها شعرة الأبيض الذي هو بمثابة العلامة التجارية لأبوعبيد إضافة للأداء المتميز والسلوك الحضاري في التعاطي مع جماهيره وسعته الثقافية وعشقه للغة العربية هذه الأمور كانت تأشيرات المرور لقلوب الجماهير كما يصفها ..
ليست الألقاب هي التي تكسب المجد بل الناس من يكسبون الألقاب مجدا.
يطلق معجبو أبوعبيد كثير من الألقاب عليه مثل بيكاسو الكلمة لاسلوبة الكتابي الذي يجعل من المقالة او النص لوحة تشكيلية، ورسول الغرام لرغبته الكبيرة بنشر الحب في قلوب الجميع او عبقري الرومانسية لمفرداتة في التعبير عن حالة الرومانسية او العشق ولكن أبوعبيد يقول بأن الألقاب هي مفردات لا تكسب المجد بل الإنسان بتميزة ومثابرته هو من يكسب الألقاب مجداً ...
وفي سؤالي أبوعبيد عن كثرة كتاباته الأدبية والاجتماعية بعيدا عن السياسية قال بأن له تجربة في الكتابة بالشؤون السياسية ولكن تركيزه بالكتابة على الشؤون المجتمعية لها قراء بمختلف التوجهات والشرائح والفئات كونه يكتب عن ظواهر اجتماعية عامة ولكن الكتابة في السياسية قد لا تهم إلا المهتمين فيها فالقضايا المجتمعية ا هي اكبر همي ومبلغ علمي كما يقول.
الإعلام الفـلســــطيني يعكس حالة من البؤس والكآبة....
يؤكد نصير الاثنتين المرأة واللغة بأنه لا يوجد إعلام فلسطيني بل يوجد إعلاميين فلسطينيين لأن الإعلام لا يعني فقد وجود أدوات ووسائل إعلامية بل ضرورة وجود إعلام بالمفهوم المنهجي والمؤسساتي يستطيع أن ينقل ويرصد الأخبار وينقلها إلى الأخر بشكل مؤثر وبالتالي يكون هذا الإعلام متكامل يشمل التمثيل والفن والتعبير والمسرح حيث أنه لا يوجد إعلام يعكس المشهد الفلسطيني الحي بل الإعلام الحالي هو إعلام يعكس حالة من الكآبة والبؤس الذي يعيشة المواطن الفلسطيني وحث أبوعبيد على ضرورة وجود إعلام فلسطيني وعربي محايد يخاطب الجميع على اختلاف معتقداتهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية والحزبية, ليخدم القضايا العربية والفلسطينية ويغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
المثقف يعيش حالة تقوقع على الذات معلناً إنا ومن بعدي الطوفان
يقول صاحب الشعر الأبيض بأن المثقفين من أبناء مجتمعاتنا يحاربون الأخر ولا يتقلبون وجود أي شخص لدية نواه ثقافية ، وسياسة تبني المواهب وتشجيعها غير موجودة وان المحسوبيات هي سيدة الموقف والفاصلة في استيعاب الآخرين وهنا يوظف أبوعبيد مثال حينما طلب نشر قصيدة له في احد الصحف المحلية وتم رفضها كونها لا تصلح على الرغم من أن نفس الصحيفة تصدر قصائد اقل جودة ، والمثقف يبقى في حالة تقوقع على الذات يرفض الآخرين .
كما يؤكد أبوعبيد بأن الكثيرين من أبناء جلدته قاموا بمحاربته في التسعينات وها هم الآن يحاولون احتضاني من جديد ، ولأبوعبيد رسالة عتب على كافة المؤسسات والجهات الفلسطينية الإعلامية والمؤسساتية حيث لم يتم تكريمه أو تكريم إعلاميين فلسطينيين آخرين عاملين في الأوساط الفضائية من أي جهة فلسطينية على غرار ما تفعل الكثير من البلدان العربية في تكريم أبناءها ، وهذه ليست دعوة لتكريمه فهو متنازل عن هذا التكريم وكما يقول هنا يكفيني شرفاً إني كرمت فلسطين بانتشاري عربيا ويكفيني شرفاً بأني منتمي لهذا الشعب " .
أبو عبيد والحلم المستقبلي يحلم أبوعبيد في بناء كينونه إعلامية تشمل عمله ونشاطه الإعلامي والأدبي الوليد وظهور أبو عبيد على شاشة العربية هو جزء من هذه الكينونة الساعي لتشيدها.
[email protected]
أضف تعليق