تمسك حسناء بيد زملائها .. تلامس أصابعهم .. تومئ لهم بالانطلاق نحو حياة أعمق تملؤها الحركة والحيوية... ترقص على أنغام 'الدلعونة' و'زريف الطول' و'رايح على بلادي'.. تقفز فرحا وتتلمس أرجاء المكان بقدميها.. مالئة روحها بالأمل رغم إعاقتها البصرية.

حسناء عمر، في ربيعها التاسع، تقود فرقة للدبكة الشعبية والفلكلور خاصة بالصغار في مدرسة القبس بمدينة البيرة، حيث تقيم، تعاني من إعاقة بصرية كاملة صاحبتها من الولادة، منعتها من رؤية الألوان والإحساس بدفئها.

تقول حسناء: أحب الحياة والعيش فيها بكل ما هو ممتع، لهذا شاركت في فرقة الدبكة حبا بها ورغبة في تعلم ما يراه الآخرون صعبا... احلم بالحياة والتنعم بها دون أي حاجز، والدبكة تشكل عندي جانبا من الفرح والترويح عن الذات.

وأضافت 'تعلمت الدبكة خلال هذه السنة ووجدتها سهلة، فنحن نتعلم الحركة من خلال وصفها من المدرب، وخلال الليل نبقى نتدرب عليها حتى نتقنها، ولم أجد صعوبة في إتقان أي حركة مصممة.

وأشارت إلى كيفية التنسيق مع أعضاء الفرقة حول الحركات، فقالت 'انأ أحس فيهم وأستشعرهم، أيضا نستخدم طريقة العد'.

وأوضحت أن المكان يلعب دورا مهما؛ 'فإذا كانت تفاصيل الساحة معروفة للفرقة يصبح أداؤها أفضل.. ومن الصعوبات التي نواجهها في بعض الأحايين هو تغيير المكان، لذا لا بد لنا من دراسته ومعرفة جوانبه قبل البدء بنشاطنا'.

وأوضحت أن الأهل يساندون ويشجعون في تنفيذ مثل هذه النشاطات، قائلة 'لم نواجه أية ردة فعل من قبلهم ... وأنا أرغب بتعلم المزيد وليس في الدبكة فقط بل في أشياء أخرى"، وتأمل حسناء أن تصبح مدرسة تربية وطنية تدرس عن الوطن وحبه وما يمثله.

بدوره، قال باسل جودة مدرب الفرقة: في بداية الأمر وجدت صعوبة في تقبل الأمر على صعيد الشخصي، لكن أردت أن أجرب وادخل التحدي، وهذا ما وجدته لدى الأطفال فأعطيهم الحركة رغم تعدد الإعاقة لديهم إلا أنهم في اليوم التالي يتقنونها.

وأضاف جودة 'بعضهم تدرب على بعض الحركات الصعبة من خلال ملامسة يده رجل متقن الحركة والإحساس بحركتها... فما هي إلا مرات حتى يتقنها'.

وأفاد أن الفرقة شاركت على مستوى محافظة رام الله في مسابقة التربية والتعليم للدبكة الشعبية للمرحلة الأساسية وحصلت على المركز الثاني.

وأشار إلى أن هناك فرقان للمدرسة، فرقة للكبار وأخرى للصغار تحت الـ10 سنوات، من ضمنهم حسناء التي تقودهم وتعطيهم الحركات، مؤكدا أن الموقع يلعب دورا هاما من خلال الإحساس به ومعرفة تفاصيل زواياه.

من جانبها، أشارت سها عفونة مديرة المدرسة، إلى أن الهدف من إنشاء فرقة الدبكة هو 'قتل وقت الفراغ الموجود عند الطلبة وإشغالهم بما يفيدهم على الصعيد الشخصي والاجتماعي، وإكسابهم مهارات أخرى وتنمية قدراتهم حسب ميولهم وهواياتهم'.

وأكدت أن هناك صعوبات تواجههم و'لكن هذا يعتبر تحديا لهم وهم قادرون على مواجهته وكسب الرهان كما حصل معهم من خلال مشاركتهم في مهرجان الدبكة الذي نظمته وزارة التربية والتعليم، وسوف يشاركون في مهرجانات أخرى في الفترة المقبلة'.

يذكر أن المدرسة تشرك الأطفال المكفوفين بمختلف النشاطات عدا الدبكة، فهناك الرسم لقليلي الرؤية... وهناك نشاطات رياضية وفنية، وأخرى فكرية.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]