القيادة السياسية الفاعلة من أبناء الطائفة العربية الدرزية في الأحزاب الصهيونية، تعود وتثبت للمرة الألف أن أعضاء الكنيست من الأحزاب الصهيونية يمثلون أحزابهم لدى الطائفة العربية الدرزية ولا يمثلون المصالح الحقيقية لأبناء الطائفة العربية الدرزية من خلال مواقعهم، ففي كل مناسبة يطل علينا هؤلاء بهدف كبت كل نضال شعبي عادل. وقد نجحوا قبل عام تقريبا بإقناع رؤساء المجالس العربية الدرزية على التوقيع على اتفاق مهين مع الحكومة تُمنح فيه هذه المجالس الميزانيات عن طريق قروض عالية الفائدة، ستؤدي حتما إلى توريط هذه المجالس المحلية في ديون غير محتملة بعد أعوام قليلة. أي مسكنات أوجاع لأمراض مزمنة.

في تلك الأيام تلقى عضوا الكنيست الدروز في الائتلاف الحكومي الإعفاء من حضور جلسات الكنيست للتصويت على ميزانية الدولة، (وهو إعفاء من المستحيل أن يتلقاه أي عضو في الائتلاف الحكومي)،لحضور وإقناع الرؤساء الدروز بالتخلي عن مطالبهم العادلة وإلغاء مظاهرتهم التي كانت مقررة بالاشتراك مع بقية المجالس العربية، وهرول هؤلاء الرؤساء للتوقيع على اتفاق لم يتطرق بتاتا لقضايا التخطيط والبناء في القرى العربية الدرزية ولا للخرائط الهيكلية العالقة في أروقة وزارة الداخلية منذ أعوام.

مر عام والسيناريو يعود على نفسه، والممثلين أنفسهم، ولكن المهمة أصعب عليهم بكثير، لان من يقود النضال الشعبي في الجلمة والمنصورة ليس رؤساء مجالس همهم الحفاظ على كراسيهم وإنما لجان شعبية قامت أصلا من اجل مهمة مقدسة وهي الحفاظ على الأرض. فإخواننا في الكرمل لن يقبلوا بالتنازل عن مطالبهم مقابل أن يرضى عنهم احد، وهم يعرفون جيدا من معهم ومن عليهم، ويذكرون من توافد للتضامن معهم قبل أن يصبح من أصبح لاحقا أعضاء كنيست. متسلحون بإيمانهم بصدق القضية وبقدسية الدفاع عن الأرض يدافعون بكل بسالة سائرين على قول المعلم كمال جنبلاط "لا نعادي ولا نعتدي بل ندافع وننتصر". ولذا نلاحظ منذ يوم الثلاثاء الماضي ارتباك أعضاء الكنيست ممثلي الأحزاب الصهيونية في معالجة القضية، مما أدى إلى أن يصدر احدهم وهو نائب وزير في الحكومة، نفس البيانات التي أصدرها قبل شهرين والتي تهدف إلى إيهام الجمهور أن رئيس الحكومة شخصيا وعد بالتدخل لحل الأزمة مع أصحاب الأراضي في الجلمة والمنصورة من أبناء الكرمل الشامخ.

ولكن الأهل في عسفيا ودالية الكرمل، تعلموا كما تعلم كل الجمهور أن هنالك فرقًا شاسعًا بين الوعود التي يطلقها هذا الوزير أو ذاك، وبين التنفيذ على ارض الواقع. والأهل في عسفيا ودالية الكرمل بقيادة لجانهم الشعبية لن يسمحوا لأحد ان يستغل نضالهم لكي يرفع اسمه داخل حزبه، وهم ليسوا هواة مشاكل واضطرابات ولكنهم لن يفرطوا في أي وسيلة نضالية حتى تتحقق مطالبهم ولن يتنازلوا عن شبر ارض إلا إذا تلقوا مقابلها ارض بنفس القيمة، إصرارهم ليس رهانًا بل اصرارًا حتميا.

هذا ما أثبته اهل عسفيا والدالية عندما ناضلوا لفك الدمج ألقسري على مجالسهم المحلية وهذا ما سيثبت في هذه المعركة الأهم والأشرس، وهم يستمدون القوة من التعاطف والتضامن من كافة جماهير شعبنا معهم، ويعرفون تماما أنهم ليسوا وحدهم. وان قضيتهم عادلة ونضالهم سيتكلل بالنجاح، رغم أنف اذرع السلطة.


*الكاتب عضو سكرتارية لجنة المبادرة العربية الدرزية وعضو سكرتارية الجبهة القطرية
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]