إذا هي أداة جديدة دخلت مؤخرا قاموس الصراع بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين، المنتشرين في مختلف تلال الضفة الغربية، هذه الأداة تتمثل في الخنازير البرية المتوحشة التي تستهدف المزارعين في كل مكان، وتحول دون وصولهم إلى أرضهم الزراعية ويتلقها المستوطنون خارج أسوار مستوطناتهم، لتعيث فسادا في الحقول الفلسطينية وتفترس كل من تجده في طريقها. 

ولعل أخر حادث سجل هو بحق المزارعة كفاية الريماوي من قرية دير السودان شمال رام الله، حيث هاجمها قطيع من الخنازير البرية أثناء قيامها بفلاحة أرضها الزراعية القريبة من منزلها، وقالت المواطنة إن هذه القطعان انطلقت من مستوطنة حلميش القريبة من القرية والتي يقطنها أكثر الإسرائيليين تطرفا. 

وأكد شهود عيان أن عشرات قطعان الخنازير تشاهد في محيط القرى، ويصعب القضاء عليها إلا بإطلاق النار، وقد فشلت مساعي المواطنين الفردية من أجل تسميم هذه القطعان التي تعيش على أكل لحم الحيوانات الأخرى. 

ويسعى المستوطنون من خلال هذه الحيوانات المتوحشة إلى منع الفلسطينيين من الوصول إلى أرضهم كذلك، يسعون إلى إتلاف المحاصيل الزراعية وتدمير الأراضي تمهيدا للاستيلاء عليها، ففي سلفيت مثلا اشتكى مزارعون فلسطينيون من انتشار مكثف للخنازير المتوحشة في أراضيهم والتي يطلقها المستوطنون لتفريغ المنطقة من الفلسطينيين ليسهل مصادرتها وسرقتها بعد ذلك بحجة انها خراب وبور. 

وقال المزارع محمد الشعيبي من قرية دير غسانة بالقرب من رام الله أن الخنازير لا يقف في طريقها شيء حيث لم يجدي السم معها نفعا ولا تسييج الأراضي فهي تتكاثر بسرعة وتعوض ما يموت منها بسرعة تكاثرها وتهاجم حقله الزراعي بشكل متواصل في منطقة المطوي. 

من جهته، قال رئيس نقابة العمال الزراعيين خليل عمران، إن الخنازير لا تهاجم المستوطنات الجاثمة على صدورنا، فالمستوطنات المجاورة لمنطقة المطوي محاطة بأسيجة أمنية، ولا تستطيع الخنازير الاقتراب من منازل المستوطنين، بينما تداهمنا تلك الخنازير صباح مساء وتنام في مزارعنا وتترك آثارها المدمرة بشكل شبه يومي دون تعويض للمزارعين. 

وبين عمران أن المزارعين يتعرضون كل عام لخسائر فادحة جراء هجمات الخنازير إلا أن هذا العام هو الأكثر خسارة حيث ترك الكثير من المزارعين ثمار بعض الأشجار كالعنب والتين خشية ان تكون الخنازير أكلت منها فيتم نقل مرض أنفلونزا الخنازير إلى المزارعين. 

ولم تكن قرى نابلس ايضا بعيدة عن هجمات الخنازير حيث قال جعفر اشتيه نائب رئيس بلدية سالم : إن الخنازير هاجمت ثلاثة منازل وبركسات أغنام تعود للمواطن ذيب حسن وشقيقه زياد، ودمرت 32 خلية نحل تعود للمواطن طه يونس حمدان (38) عاما، كما هاجمت سيارة المواطن بهاء زاهد حسين (32) عاما وهو في طريق خروجه من القرية". 

وقال المزارع عبد السلام الجمل انه فوجئ بتخريب قطيع من الخنازير لأرض له مزروعة بالبصل الذرة والحمص وان استمرار ذلك يؤدي إلى تدمير محصوله السنوي. 

ودعا الجمل وزارة الزراعة الفلسطينية والمؤسسات الناشطة في المجال الزراعي الى دعم مزارعي البلدة والعمل على مجابهة انتشار الخنازير في أراضيهم. 

ويرى خالد منصور مسئول العمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية، أن غلاة المستوطنون قاموا بجلب أعداد من الخنازير البرية، بسرية تامة إلى حظائر خاصة داخل مستوطناتهم، ثم قاموا بإطلاقها باتجاه القرى والأراضي التي يملكها الفلسطينيون، وقد تمت عملية الإطلاق من أكثر من مستوطنة وفق خطة مدروسة بعناية، وقد أفاد شهود عيان فلسطينيون أنهم شاهدوا بأم أعينهم شاحنة إسرائيلية تتوقف بالقرب من أراضي قرى سبسطية والناقورة ودير شرف الواقعة غربي مدينة نابلس وبمحاذاة مستوطنة ( شافي شومرون اليهودية ) وقام مستوطن إسرائيلي بفتح أبواب الشاحنة وإطلاق عشرات الخنازير لتدخل الحقول الواقعة في تلك المنطقة ( وهي رواية سبق أن نشرتها الصحف الفلسطينية اليومية ). 

ويتابع بدأت هذه الخنازير بالعيش والتكاثر في الأودية- حيث مجاري المياه العادمة- وفي المناطق المهجورة التي لا يستطيع السكان الوصول إليها، لقربها من المستوطنات، ونظرا لان الخنازير تعتبر من الحيوانات الأكثر تكاثرا- حيث تلد الأنثى في البطن الواحد ما بين 4 إلى 6 خنانيص في فترة حمل قدرها 115 يوم فقط- وقد وصلت أعدادها الآن إلى الألوف، وهي متواجدة اليوم في معظم المناطق الفلسطينية- وخصوصا مناطق الأغوار والمناطق الشفا غورية والمناطق المحاذية للمستوطنات وخاصة منطقة نابلس وواد الفارعة- وأصبحت هذه الحيوانات مع الأيام تشكل خطرا فعليا على حياة السكان ومزارعهم.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]