للمرة التاسعة والسبعين على التوالي، هدمت جرافات الداخلية قرية العراقيب البدوية في صحراء النقب.
لحظات، وردّ الأهالي ببدء بناء القرية للمرة الثمانين، حاملين شعاراً يبدو أنه سيتسمر لوقت طويل: نبني فيهدمون، ويهدمون فنبني، عملية مستمرة بوتيرة شبه شهرية.
وفي مشهد بدا روتينياً لسكان القرية، الذين انخفض عددهم من 570 إلى 100 نسمة، داهم أكثر من 300 جندي إسرائيلي، مع جرافات وأكثر من 40 آلية، قرية العراقيب التي لا تعترف بها إسرائيل في صحراء النقب، وبدأوا بإزالة ما يشبه المنازل، التي بناها الأهالي من الصفيح أو الشعر، أو عجال المطاط، ليستقروا فيها مع مواشيهم.
شيخ العراقيب صياح الطوري:
«خلال لحظات أصبحنا خارج منازلنا، طردونا بالقوة. وأصبحنا في العراء.. في البرد القارس»، يقول شيخ العراقيب صياح الطوري، الذي استفاق مع عائلته على صراخ جنود الاحتلال ليخلوا منازلهم في القرية.
لم نستخدم العنف وقلنا لهم سنبني القرية من جديد
وأضاف الطوري «حاولوا استفزازنا وضربنا من أجل أن نقاومهم بأي نوع من العنف، لكننا لم نستجب وقلنا لهم بأننا سنبني القرية من جديد».
ويعيش الطوري مع أولاده وأفراد عائلته في قرية العراقيب، وهم عادة يعيدون بناء المنازل المدمرة بأقل إمكانيات تذكر، وما زالوا مع من تبقى من أفراد القرية يرددون «نصمد أمام ظلمهم وجبروتهم من أجل أرضنا ولقمة عيشنا».
خلفية
وتتعدى مساحة العراقيب الفعلية 150 ألف دونم، مملوكة للعائلات البدوية التي ولدت في صحراء النقب. وتخضع القرية مع أكثر من 40 قرية بدوية لا تعترف بها إسرائيل داخل النقب، لمضايقات شديدة من أجل إخلائها ضمن ما يعرف بمحطط «برافر»، الهادف إلى طرد البدو الفلسطينين من صحراء النقب ونقلهم إلى ثلاثة تجمعات.
ويرى الطوري أن إسرائيل «تطبق مخطط برافر من دون أن تقره من خلال سياسة المضايقة والتهجير والتشريد المستمرة بحق بدو النقب».
واعتبر العضو العربي في الكنيست الإسرائيلية أحمد الطيبي أن ما حصل من هدم للعراقيب للمرة الـ79 هو «سياسة التهجير المعروفة للحركة الصهيونية التي تقود سياسات إسرائيل تجاه العرب وتحديداً في النقب»، مؤكداً أن «العراقيب أصبحت نموذجاً للهدم والإقصاء من جهة، ونموذجاً للصــمود من جهة أخرى».
قانون برافر بيغن
وفشلت إسرائيل من خلال قانون «برافر ــ بيغين» أن تمرر مشروعاً لمصادرة نحو 850 ألف دونم من أراضي النقب وتهجير سكان هذه القرى التي تعتبرها «غير شرعية» ولا تعترف بها وتمنعها من البناء لتغطية احتياجات نموّ سكانها، لكن القانون لم يمر في الكنيست الإسرائيلية، بعد احتجاجات من بدو النقب والفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وتبلغ مساحة صحراء النقب 14 ألف كيلومتر مربع، ويشكل البدو العرب القسم الأكبر من سكانها، وعددهم نحو 380 ألف نسمة، وتسعى إسرائيل إلى «حشرهم» في ثلاثة تجمعات عربية بهدف الاستيلاء على أراضي النقب بالكامل.
«هذه سياسة مستمرة لتهجيرنا من أرضنا ونحن لن نرضخ لها»، يؤكد أبو عرار، قائلاً: «كلما هدموا سنبني من جديد».
[email protected]
أضف تعليق