أصدرت يوم أمس وزارة الاسكان تقريرها بشأن سوق الشقق السكنية، والذي يشير الى أزمة في سوق الشقق السكنية، حيث اتضح أنّ القسط الشهري لقاء الشقة السكنية ارتفع في اسرائيل من 30% الى 38% خلال ست سنوات. ويتسبب رفع أسعار الشقق السكنية إلى أزمة حقيقيّة داخل إسرائيل، خاصة في ظل الظروف الاقتصاديّة الصعبة، بحيث أنّ أزمة السكن مرتبطة إلى حدّ بعيد مع الاقتصاد الاسرائيلي وقوّته. للحديث عن الموضوع وللكشف عن المزيد من التفاصيل، مراسلنا حاور الخبير الاقتصادي د. رمزي حلبي عن الموضوع.

وأكّد د. حلبي في بداية حديثه أنّ هناك فشل ذريع في سياسة الحكومة الإسرائيليّة بما يتعلق في العلاقة بين وزارة الإسكان وبنك اسرائيل بسوق السكن في اسرائيل، وفي مجال شراء بيت او شقة، أو في حالة التوجه الى سوق الايجار واستئجار البيوت، بحيث تشير المعطيات إلى أنّ هنالك ارتفاع مذهل في اسعار السكن التي ارتفعت منذ عام 2005 وحتى اليوم بنسبة 44%، بينما معدّل الأجور في اسرائيل ارتفع في نفس السنوات فقط 3%، ومن خلال هذه المعطيات يمكن تصوّر كم يثقل هذا على كاهل الأسرة التي تود شراء البيت، فهناك ارتفاع مذهل في أسعار السكن.

وأضاف: "إضافة إلى ذلك هناك ارتفاع كبير جدا في أجرة السكن، فإذا كانت تدفع العائلة حوالي 30% من معاشها قبل 6 سنوات بهدف الإيجار والسكن بالمعدل، اليوم اصبح يدفع حتنى 40% من معاشه، علما أنّ معدل الأجور في اسرائيل يساوي 9 الاف شاقل، وهذا جدا جدا مقلق".

خطورتان.. التلويح بأزمة في البنوك، واتهامات وزارة الإسكان

وعن خطورة التقرير وأسباب التلويح بأزمة حقيقيّة في إسرائيل، قال د. حلبي إلى أنّ الأزمة تتعلّق بخطرين قائمين بسبب الارتفاع المذهل في أسعار السكن، الخطر الأول – وهو كبير، اتهام وزارة الاسكان البنوك على أنّهم قدّموا بين سنوات 2009-2012 ما يقارب 35 مليار شاقل قروض إسكان (مشكنتا)، وفقط كان 15 مليار إعتمادات مصرفية لبناء شقق جديدة، مؤكّدا أنّ هذا يدل على ان هنالك تقصير كبير جدا في كل أجهزة ومؤسّسات إسرائيل، وعليها أن تعمل على أن تكون أسعار السكن معقولة حتّى تستطيع الأسرة تحمل هذا العبء.

خطر آخر، هو أن يتورّط بنك إسرائيل بأزمة على غرار أزمة امريكا في سنوات 2007-2008، عندما انهارت البنوك لأن العائلات لم تستطع تحمل إرجاع مدفوعاتها الشهرية لقروض الأسكان، الأمر الذي أدّى إلى قيام البنوك بالحجز على البيوت وامتلاكها، ولكن البنوك التي اخذت البيوت أصبحت تعاني من أزمة في السيول، وأدّى بالتالي إلى انهيار في عدد من البنوك في أمريكا، مضيفا: " وهنا يكمن الخطر بأن يخرج سوق السكن من السيطرة، وأن لا تستطيع الكثير من العائلات إرجاع هذه الأموال، ليخلق أزمة كبيرة على مستوى الدولة". وأمام هذين الخطرين، أشار إلى أنّ المجتمع العربي بعيد عن هذا الخطر، لأنّ في المجتمع العربي قليل ممّن يأخذون قرض الإسكان، والبناء يأتي بمبادرة ذاتيّة وباستعمال أرض تتبع ملكيّتها للمواطن، وبالتالي فإنّ أي خطرستكون العائلات المتضرّرة قليلا من الوسط العربي.

في إسرائيل، الأسعار أغلى، ولكن هنالك إقبال مستمر!

وردّا على سؤال مراسلنا، حول تأثير السكن في مركز البلاد – وتحديدا في تل أبيب، مع ارتفاع أسعار الشقق السكنيّة، علّق قائلا: "في تل ابيب حالة خاصة وهي مركبة جدا، الاسعار المتعلّقة في الاستئجار تتخطى اكثر من 5000 شاقل، ويمكن دفع أكثر من نصف المعاش من أجل استئجار شقة، وهذا مقلق، ولكن نلاحظ أن تل أبيب لا تزال موقع يجذب المواطنين للسكن في المنطقة بسبب وجود فرص العمل، كما وأنّ إمكانيات العمل وتطوير التجارة كبيرة جدّا، فيمكننا أن نرى دولة اسمها تل أبيب وليست فقط مدينة، ومع ارتفاع الأسعار والمشاكل التي تعصف بالمواطن، نرى أنها تجذب الكثير من العائلات والأفراد للسكن فيها بسبب الاعتبار الاقتصادي وتوفّر فرص العمل".

توصية: تغيير شامل لسياسة الحكومة، وتخفيض أسعار الأراضي

وأخيرا، وجّه توصية عبر موقع "بكرا" لحكومة إسرائيل، أكّد فيها أنّ على الدولة استخدام سياسة اخرى واستبدال سياستها الحالية من خلال تحرير أراضي، وتخفيض أسعارها، بالإضافة إلى وضع رقابة حكومية على رفع ايجار السكن، مضيفا: "المشكلة الاساسية هي حسب قوانين العرض والطلب، فهناك عدد قليل من الشقق الجديدة التي تبنى في إسرائيل، من ناحية الأسعار هناك فشل حكومي ذريع بسبب أنّ مديرية أراضي إسرائيلي تنظر للأرض كسلعة يجب الربح منها، وعلى الحكومة انتهاج سياسة بديلة تتلخّص في أن يقوم المقاول بدفع القليل من سعر الأرض، لأن المقاول عندما يدفع ثمن الارض باهظا يدحرج هذه الاسعار على المستهلك، ورفع مستوى بناء الشقق السكنيّة وخفض أسعار السكن ووضع رقابة على هذه الأسعار".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]