بدأت وزارة الصحة في الجنوب، حملة "قطرتان" للتطعيم قبل أسبوع، وقد أتحذت قرارًا صائبًا بتعميم التطعيم لكل أنحاء البلاد ابتداءً من الأسبوع القادم. وبصفتي الشخصية لم أكن لأتردد لو كان أحد أبنائي ما زال في هذا الجيل، لكنت إصطحبته الى مراكز الأمومة والطفولة لتلقي التطعيم، كونها أنجع الطرق للسيطرة على انتقال العدوى وتفشي المرض.


تداولت وسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة أخبار مفادها وبحسب ما جاء في تصريحات وزارة الصحة، أنه وفي إطار عمليات الفحص الروتينية لفيروسات البوليو التي تقوم بها وزارة الصحة في أنظمة الصرف الصحي منذ عام 1988، تم العثور على فيروسات بوليو بكمية ملحوظة في عدد من أنظمة الصرف الصحي في جنوب البلاد، وأضيفت إليها مراكز أخرى خلال عمليات الفحص التي تتم اليوم في جميع أنحاء الدولة. 
يجدر الإشارة أن وجود الفيروس لا يعني وجود حالات مرضية للبوليو ( شلل الأطفال) بل وجود من هم يحملون الفيروس والذين لا تظهر عليهم علامات المرض كون الفيروس لم يصل إلى الجهاز العصبي ولم يتلف الخلايا الحركية في النخاع الشوكي.

بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فقد انخفضت حالات المرض في العالم بنسبة 99% منذ عام 1988، حيث قدر عدد الحالات في العالم سنة 1988 ب- 350,000 حالة، و223 حالة سنة 2012. حيث تعتبر دولة إسرائيل من الدول الخالية من مرض شلل الأطفال اليوم. وتبين أن الدول الوحيدة في العالم التي ظهرت فيها حالات المرض سنة 2013هي الباكستان، أفغانستان ونيجيريا، رغم أن عدد الدول التي ظهر فيها المرض سنة 1988 كانت 125 دولة.

يعتبر فيروس شلل الأطفال (poliovirus)، أنه ذو قدرة شديدة على إحداث المرض و تتراوح فترة حضانة المرض ما بين 4-14 يومًا. يدخل الفيروس إلى الجسم عن طريق الفم أو الأنف و ينتشر المرض عن طريق براز الإنسان، وفي حالات نادرة يُمكن أن ينتقل عن طريق الألبان والأطعمة الملوثة.

هناك نوعان من التطعيمات للوقاية من مرض البوليو – شلل الأطفال، الأول: التطعيم الحي المضعف – الفموي –OPV المكون من فيروسات حية يجري إضعافها في المختبر والثاني: تطعيم ميت غير نشط- IPVمكون من أجزاء الفيروس الميتة و الذي يعطى بواسطة حقنة. يتم إعطاء التطعيم الميت – غير النشط للأطفال في إطار التطعيمات الروتينية في مراكز الأمومة والطفولة بأعمار شهرين، 4 أشهر، 6 أشهر، سنة وفي الصف الثاني.

قد أشارت المعطيات أن الأطفال حتى سن 9 سنوات أي مواليد 2004،يمكنهم نقل الفيروس بشكل كبير الى أطفال وبالغين، بالرغم من أنهم قد حصلوا على التطعيم الميت بالسابق أو جزءًا منه. حيث أثبت أنه ومن أجل منع نقل الفيروس، على هؤلاء الأطفال الحصول على قطرتين من التطعيم الحي المضعف (OPV)، كون مواليد 2005 وما فوق لم يتلقوا هذا التطعيم.

بناء على هذه المعطيات، رأيت من واجبي تجاه المجتمع، أن أشجع البالغين، بتحمل المسؤولية تجاه أطفالنا والمجتمع بأسره، والاهتمام بأن يتلقى كل طفل حتى سن 9 سنوات التطعيم اللازم، بحسب توصيات وزارة الصحة. فقد بدأت وزارة الصحة في الجنوب ، حملة "قطرتان" للتطعيم قبل أسبوع، وقد أتحذت قرارًا صائبًا بتعميم التطعيم لكل أنحاء البلاد ابتداءً من الأسبوع القادم. وبصفتي الشخصية لم أكن لأتردد لو كان أحد أبنائي ما زال في هذا الجيل، لكنت إصطحبته الى مراكز الأمومة والطفولة لتلقي التطعيم، كونها أنجع الطرق للسيطرة على انتقال العدوى وتفشي المرض. إضافة إلى ذلك، علينا أن ندرك أنه يمكننا أيضًا المساهمة بعدم انتقال الفيروس، بأخذ الحيطة والحرص على قواعد الوقاية الصحية السليمة، مثل غسل اليدين بالماء والصابون جيدًا بعد الخروج من المرحاض، وقبل التعامل مع الطعام وبعد تبديل حفاظات الأطفال.

قطرتان تنقذ حياة، وقطرتان تحافظ على بلادنا خالية من الإصابة من هذا المرض. فليأخذ كل مواطن دوره، فالوالدان تجاه أطفالهم، والجميع من أجل توعية من حولنا فيما يخص الفيروس وانتقاله، فنحن مجتمع واحد وجسم واحد، فإن تألم عضو يؤثر على الآخر. فصحة مجتمعنا هو أمر يوحدنا و جمعينا نصبو اليه، ومعًا نستطيع تأدية واجبنا في المحافظة على صحة مجتمعنا.


* د. بشارة بشارات – مدير مستشفى الناصرة
رئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي
عضو في اللجنة الاستشارية لكلية الطب في الجليل- جامعة بار ايلان

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]