سوق القزازين.. أحد أسواق مدينة الخليل التاريخية، بني في العهد الأيوبي وتطور عمرانه في العهد المملوكي، وعاش شيئًا من الكساد في العهد العثماني، حيث أقواسه التاريخية وأروقته الجميلة، فقد استمد السوق اسمه من نوع البضاعة التي تباع فيه وهي الأواني الزجاجية، وخاصة الزجاج الخليلي الملون الذي يصنع في نفس المدينة.

وأنت تسير في أزقة سوق القزازين تشاهد القناطر المسقوفة أحيانًا والمكشوفة أحيانًا أخرى، إضافة إلى شوارعه المبلطة بحجارة خليلية تاريخية كبيرة الحجم، فالحوانيت الملتصقة جنبًا إلى جنب والمنازل والقصور الشعبية المشيدة فوق الحوانيت والمطلة على ساحات السوق ومساجده: "مسجد القزازين" بمئذنته التاريخية، و"مسجد السنية"، و"مسجد الأقطاب"، تلكم المساجد التي تؤكد على عراقة المكان وحضارته وأصالته العمرانية.

محاولات للتهويد

الباحث الدكتور سامي خلف التميمي، أشار إلى أن "عراقة الخليل وأسواقها وحواريها تؤكد على عروبة المدينة وإسلاميتها في الوقت الذي يعمل فيه الاحتلال الصهيوني على تهويدها".

فالمدرسة الدينية التوراتية في مستوطنة كريات أربع تعلم أطفال الصهاينة بأن الخليل مدينة يهودية عبر آلاف السنين، وهذا بدوره أجج عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في المدينة والذي توج بالمذبحة الشهيرة داخل المسجد الإبراهيمي.

وأضاف الدكتور التميمي: "إن سوق القزازين كان ملتقى تراثيا وحضاريا وتجاريا عبر العصور، فهو يتوسط مجموعة من حواري المدينة المشهورة: "حارة بني دار"، و"السواكنة"، و"العقابة"، و"المشارقة"، التي ينتهي المطاف بساكنيها إلى مربعة السوق؛ حيث مقهى بدران، أضف إلى ذلك أن أحد أهم الطرق المؤدية إلى المسجد الإبراهيمي تمر عبر السوق.

حنتش: الاحتلال فرع السوق من سكانه

من جانبه، اعتبر خبير الخرائط والأراضي والاستيطان، عبد الهادي حنتش، أن سلطات الاحتلال عملت على تفريغ السوق من سكانه، وأحاطته بمجموعة من المواقع العسكرية والتجمعات الاستيطانية: بيت هداسا، وبيت رومانو، وأبرهام أبينو، إضافة إلى مستوطنة كريات أربع الكبرى، التي تخرج غلاة المستوطنين.

وأضاف حنتش: "إن سلطات الاحتلال أغلقت السوق بأبواب إلكترونية متعددة، وزرعت العشرات من الكاميرات، ونشرت قوات كبيرة راجلة تعيق الحركة التجارية وحركة الفلسطينيين، مما قلص دخول وعبور المتسوقين إلى السوق، وساهم في إغلاق المئات من الحوانيت والمحال التجارية، فبات السوق خاويًا على عروشه".

إحياء جديد

وعلى صعيد محاولات إحياء سوق القزازين من جديد، قال عماد حمدان، رئيس لجنة إعمار البلدة القديمة: "لقد قامت اللجنة بإعمار المئات من المنازل القديمة والحوانيت والأسواق، وافتتحت مكاتب للعديد من الوزارات الفلسطينية لإحياء البلدة وأسواقها، إلا أن عنف المستوطنين عرقل الحياة العامة، ورغم ذلك، فإننا ماضون نحو البناء والتعمير ولن تؤثر علينا سياسة التهويد التي تقودها دولة الكيان الصهيوني".

هكذا يبدو المشهد التراجيدي في سوق القزازين التاريخي، بعراقته الحضارية والتاريخية والذي سيبقى شاهدًا على أسطورة التحدي بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والمكان، وبين المستوطنين الغاصبين الذين يعملون على طمس المكان والزمان.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]