صدى لوعة الحسرة والبكاء ، التي انطلقت من على ضفاف نهر الخلود ، سهل مرج عيون جنوباً ، هضاب وادي التيم والبقاع ، وهزَ الجولان والجليل وروابي وجبال الشوف وعالية الشامخة، وخلوات البياضة العامرة، وحاصبيا الباسطة ظلها رمز الوحدة السماوية في لبنان، والتي عانقت الكنائس بالكنيس العتيق ،الجامع والخلوات المتعددة ابتداء من الكنعانين والفينقين وحتى اليونان، العرب والانباط.
بكل مشاعر الحزن والأسى، وبقلوبٍ مرتعشة، خاشعة مؤمنة بالقضاء والقدر، ووسط موجة من الاستنكار والاستياء الشديدين، تلقى أبناء الطائفة المعروفية في جميع أنحاء البلاد خاصة، والعالم عامة، وعلى كافة الانتماءات والمستويات نبأ اغتيال شيخنا الغالي أبا رشاد سليمان الحرفاني ابن حاصبيا 61 عاما، وذلك اثر قيام جبناء مجهولين إطلاق الرصاص عليه في دكان الاقمشه الذي يمتلكه ليجعله يلبي نداء ربه ويجاوره.
لا ادري ما أقوله في حق هذا الشيخ العظيم، فحقيقةً يعجز القلم عن التعبير، وبأي كلمات لان الموقف وصاحبه اكبر من كل الكلمات، إذ يصعب التركيز. تدمع العين وتنحبس الأنفاس وخاصة عندما تكون على علاقة ومعرفة شخصية أمثال راحلنا الكريم، المعطاء، الزاهد، التقي الصابر الورع. وفي هذا المقام لا بد أن أتطرق، وبشكل شخصي ما قام من خدمة لا تثمن. فالمرحوم اخذ على عاتقه كافة الترتيبات والإجراءات التي كانت مليئة بالأشواك مشروع بناء خلوة في رحاب خلوات ألبياضه، وتجهيزها كليا تنفيذَا لوصية زوجتي المرحومة ملكة كامل أبو عبيد، والتي تم سجي جثمانه فيها لتحتضنه بمماته كما احتضنها ورعاها بحياته. ولم أنسى فضله والحفاوة التي كان يستقبلني بها مرارا في بيته العامر.
لا يختلف اثنان، أن أبي رشاد العلم الدّيان ركن التوحيد، المعرفة والإيمان، التقي الورع، نبع الطهر والطهارة، صاحب المسلك التوحيدي، ناشر عمل الخير والفضيلة، صاحب الوجه البشوش، حيث تكلم بلغة التسامح والمحبة والتواضع، وزرع بذور الالفه وجمع الشمل .
نفتقدك يا أبا رشاد، يا صاحب البيت والقلب الرحب. نفتقدك مرشدا للأخلاق الحميدة، ونشر الفضيلة مدافعا عن كلمة الحق والحقيقة، درعا واقيا للدين، صاحب المواقف الرجولية والقول السديد .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]