تجري سبع مؤسسات ثقافية فلسطينية استعدادتها لاطلاق" قلنديا الدولي"، أكبر تظاهرة فنية فلسطينية في مجال الفنون المعاصرة، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2012 بمشاركة 50 فناناً فلسطينياً وعالمياً بهدف التعزيز من مكانة فلسطين في المشهد الثقافي الفني العالمي. وسيتخذ قلنديا الدولي من القدس، ورام الله، وغزة، والناصرة، وعدد من القرى والبلدات الفلسطينية مسرحا له. وضمن البرنامج سلسلة من المعارض والعروض الأدائية والتركيبية وأعمال الفيديو، ومقاربات مفاهيمية لمواضيع شتى، اضافة الى ندوات وحوارات مع متحدثين محليين ودوليين، وجولات ميدانية تسلط الضوء على القيم الجمالية لمعالم معمارية ومكانية في فلسطين.

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك

وتسعى هذه التظاهرة، التي تستمر على مدى 15 يوما، الى نسج خيوط بين المؤسسات والفضاءات الفلسطينية المختلفة، في محاولة لتوحيد الجغرافية الفلسطينية المفتتة من خلال جهد فني مشترك لا يعرف الحدود ويسعى الى إشراك المواطن الفلسطيني واعطائه فرصة لتذوق الفنون البصرية لفنانين محليين وعالميين. ومن المؤمل أن يعقد هذا الحدث كل عامين.

وسيروج قلنديا الدولي للثقافة والفنون المعاصرة على المستويين المحلي والدولي من خلال حشد جهود وموارد أهم المراكز الثقافية الفلسطينية التي تعنى بالفنون البصرية وهي: مركز رواق، ومؤسسة المعمل للفن المعاصر، ومؤسسة عبد المحسن القطان، وحوش الفن الفلسطيني، والاكاديمية الدولية للفنون- فلسطين، ومركز خليل السكاكيني الثقافي، ودارة الثقافة والفنون في مدينة الناصرة.

برسكيان لـــــ"بكرا": الحدث متميز وفريد

وقال جاك برسكيان، المدير الفني لـ"قلنديا الدولي" لــــــــ"بكرا": "يعد هذا الحدث متميزاً وفريداً على أكثر من صعيد، فلم يسبق أن كان هناك احتفاء بالفنون المعاصرة الفلسطينية والعالمية بهذا الحجم في فلسطين. وسيكون "قلنديا الدولي" مظلة توحد جهود العديد من المؤسسات الثقافية والفنية، وتجمع عشرات الفنانين المعروفين والناشئين، ويلتقي ذلك مع أحد الأهداف الأساسية للحدث، وهي إشراك المجتمع المحلي في فعاليات فنية متنوعة".

وأضاف برسكيان أن "قلنديا الدولي" يهدف إلى تعزيز مكانة فلسطين في المشهد الثقافي الفني العالمي، وسيمنح "قلنديا الدولي" الفنانين الفلسطينيين منبراً دولياً لعرض أعمالهم أمام المؤسسات والمتاحف الفنية العالمية التي ستأتي إلى فلسطين لاستكشاف المواهب الجديدة، كما يسلط الضوء على الحياة والثقافة المعاصرة في فلسطين. وسيكون للحدث تأثير إيجابي على الشباب الفلسطيني إذ سيقربهم من العاملين في مجال الفن على مستوى العالم من خلال اللقاءات وورشات العمل التي ستقام في المراكز المجتمعية والنوادي والمنظمات الشبابية. كما سيكون له أثر جيد على المشهد الفني الفلسطيني من خلال تبادل الخبرات مع الفنانين الزائرين والاطلاع على الثقافات الفنية الأخرى من مختلف أنحاء العالم.

قلنديا رمزية فلسطينية

ويشير برسكيان لـــــــ"بكرا"، أنه لم يكن اختيار المنظمين لاسم "قلنديا الدولي" من قبيل المصادفة، فهذا الاسم يحمل رمزية كبيرة لدى الفلسطينيين، إذ تمثل قلنديا مجموعة المراحل التي مر بها الشعب الفلسطيني منذ احتلال أرضه، فـ "قلنديا" هي قرية استضافت مخيم اللاجئين الذي بات يعرف باسمها والذي لا زال سكانه يحلمون بالعودة الى ديارهم. وقلنديا هي القرية التي شطرها جدار الفصل إلى قسمين، وهو الحاجز العسكري الذي يخنق الضفة الغربية ويفصلها عن القدس وباقي العالم، وهو رمز لمعاناة يومية للفلسطينيين. وقلنديا هو مطار كان يحمل أيضاً اسم "مطار القدس الدولي"، والذي كان نقطة للوصل والالتقاء مع بقية العالم حتى عام 1967، قبل أن يصبح رمزاً للانفصال والتجزؤ في عام 2000.

ويرى ان هناك حضوراً قوياً لـ "قلنديا" من خلال الأعمال الفنية والكتابية التي تم انتاجها فلسطينيا في الفترة الماضية وأنه من خلال توظيف هذه الدلالات التي تم تشويهها أو محوها بشكل متعمد فإن استخدام السياق الرمزي لقلنديا بتعدد معانيه يسعى للفت النظر الى تاريخ مضى يجري اختصاره بشكل معتمد.

ضمن فعاليات "قلنديا الدولي"..... حوش الفن يبث الروح في الفنان الراحل الحلاج من خلال معرض استرجاعي

وتنظم مؤسسة حوش الفن الفلسطيني معرضا استرجاعيا للفنان مصطفى الحلاج في مدينة القدس ضمن فعاليات "قلنديا الدولي" تنظمه 7 مؤسسات ثقافية فلسطينية تتخصص في الفنون البصرية والفنون المعاصرة في تشرين ثاني/نوفمبر المقبل. ومن خلال عرض 40 عمل من أعمال الحلاج الملقب بـ "شيخ الفنانين" يسعى حوش الفن الى توثيق اعماله ومسيرته الفنية والقاء الضوء على حياته كأحد أهم رواد الحركة الفنية الفلسطينية.

وكان الحلاج، الذي ولد في بلدة سلمه قضاء يافا عام 1938 وهُجر منها وعائلته في 1948، وعاش لاجئا في سوريا معظم حياته قد توفي في حريق شب في مرسمه في دمشق عام 2002، اثناء محاولته لإنقاذ آخر أجزاء من جدارية ارتجالية أراد لها أن تكون الاطول في العالم ووصلت حتى ذلك التاريخ الى 114 مترا. وتمكن حوش الفن الفلسطيني من احضار جزءا من اعماله من سوريا اما الجزء الاخر فقد تم الحصول عليه من خلال احد اقاربه في فلسطين الذي أرسلت إليه جزء آخر من اعماله من سوريا.

ويكمن تميز الفنان الحلاج، الذي درس فنون النحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة عام 1963، في لوحاته المستوحاة من الميثولوجيا والرسومات الفرعونية والسومرية والكنعانية، والتي أنتج معظمها باللونين الأبيض والأسود، بأسلوب فني مختلف عن باقي فناني جيله. ففي رسوماته تتجلى أنصاف حيوانات وأنصاف بشر في محاكاة للاساطير القديمة التي تتمحور حول الالهة والتي سادت في رسومات الحضارات الأولى.

وبرع الحلاج في الكتابة والنحت والتصوير والحفر والرسم الصحفي، وكانت انتاجاته غنيّة بتعبيرات تسبر أعماق الجذور الحضارية للإنسان الفلسطيني والعربي، عبر أساطيره وأغانيه وفلسفته وزخارفه وعاداته وتقاليده وفلسفته الشعبية وعلاقته بالارض والمنفى في مقاربة سعى من خلالها إلى ترجمة العلاقة الجدلية بين الماضي والحاضر والمستقبل عبر مضامين اجتماعية وسياسية.

ويشمل المعرض لوحات للحلاج وسكيتشاته وعرض وثائق قيّمة وصوراً شفافية لأعماله عبر صناديق ضوئية، إضافة إلى عرض فيلم يشمل حوارات مصورة مع مقربين من الفنان على الصعيد الفني والشخصي، وإصدار كتيب استرجاعي يحتوي على مقالات حول حياته وإنتاجه وصور للوحاته.

ويعتبر مصطفى الحلاج من أوائل الفنانين الذين ساهموا في تشكيل معالم فن المقاومة، الا أن اعماله تعرضت للمصادرة والضياع والتلف بسبب حوادث متكررة، منها فقدان ما يقارب 2500 لوحة حفر خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والتي نجا منها بضع قوالب خشبية للطباعة. وآخر هذه الحوادث الحريق الذي شب في عام 2002 في مرسمه بصالة ناجي العلي التي أسسها الحلاج في دمشق، حيث تسبب الحريق بأضرار كبيرة وأودى بحياته.

ومن المقرر أن يتم تنظيم ندوة بمشاركة الفنان سليمان منصور، الذي كان احد المقربين للحلاج، يناقش فيها إنتاج الحلاج الفني وموقعه ضمن خارطة الفن الفلسطيني وأهميته في تشكيل هوية فن المقاومة الفلسطيني إضافة للتطرق لشخصية الحلاج كإنسان وعلاقتهما الفنية والشخصية. كما سيتم الترتيب لطلبة المدارس والكليات لزيارة المعرض في محاولة لزيادة وعي وتقدير المجتمع المحلي والأجيال الشابة للفنون البصرية ورموزها الرائدة.

"قلنديا" فرصة للحلاج

وسيتيح "قلنديا الدولي" فرصة لوضع المعرض الاسترجاعي للحلاج ضمن سياق فني متميز على المستويين الفلسطيني والدولي، حيث ستحظى هذه التظاهرة باهتمام دولي ومحلي واسع النطاق. ومن المقرر أن تنطلق التظاهرة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وتستمر خمسة عشر يوماً، بتنظيم من رواق، ومؤسسة المعمل، ومؤسسة عبد المحسن القطان، وحوش الفن، ومركز خليل السكاكيني، و اكاديمية الفنون الدولية- فلسطين وبيت الثقافة والفنون في الناصرة، و بعروض تشمل عشرات الفنانين الفلسطينيين والعالميين في القدس ورام الله وغزة والناصرة وعدد من القرى الفلسطينية.

ويذكر أن حوش الفن الفلسطيني هي مؤسسة فلسطينية ثقافية غير ربحية تأسست عام 2004 في القدس، وتعنى في تطوير ورفع مكانة الفنون البصرية ووضعها ضمن مساحة البحث والتحليل ضمن السياق التاريخي والمعاصر من خلال التوثيق والحفظ والعرض والنقاش.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]