خلال مراقبتي لها تعمل، كان هناك ألف فكرة تدور برأسي، فإن المأمورة القضائية لحماية القاصرين في بلدية الناصرة، سلوى قبطي، التي وصلت إلى مكاتبنا في الناصرة بعد أن دعوتها بغية التحدث عن عملها وعالمها، كانت تظهر حزمًا شديدًا وقوة في شخصيتها خلال تعاملها مع قضايا عائلية حساسة ألزمتها مهنتها أن تتولاها...

سلوى، التي تعمل منذ 45 عامًا في المهنة ذاتها، حدثتنا عن طبيعة عمل المأمورة القضائية بقولها:"إن عملنا يستوجب أن نكون جاهزين للعمل على مدار الساعة لحماية كل طفل يمر بضائقة أو يتعرض للخطر، وبالرغم من أن وقت عملنا غير محدد بدوام ثابت إلاّ أننا نتمتع أيضًا بصلاحيات كبيرة أهمها أن بإمكاننا إصدار أمر طوارئ متى ارتأينا حاجة لذلك دون الرجوع إلى المحكمة في حال وجدنا طفلاً قابعًا في خطر..."

مجتمعنا يخشى الفضيحة...


وتابعت:"إننا نستقي معلوماتنا من مراكز الشرطة التي تعلمنا بأي وضع خاص لأطفال قد تشهدها خلال عملها بالإضافة إلى أن المستشفيات والمدارس والعائلات يعتبرون مصادر مهمة وأساسية للمعلومات، كما أن عليّ التأكيد أن قانون العقوبات في إسرائيل الذي سن عام 1989 يفرض على كل إنسان يتحفظ على معلومات بشأنها إزالة خطر عن إنسان آخر بعقوبة السجن، ذلك يعني أن أي منا سيتم معاقبته في حال سمع أن طفلاً ما يعيش داخل أسرة تؤذيه أو لا تمنحه حقوقه الأساسية ولم يبلغ عن الأمر، غير أن المشكلة الحقيقية التي نعاني منها أننا وبرغم القانون والمحاولات الشخصية بين الشؤون الإجتماعية والعاملين الإجتماعيين وبين العائلات فإننا لا نزال نلمس أن أبناء مجتمعنا يخشون التصريح بوجود مشكلة في العائلة خشية من الفضيحة أو لاعتبارات اجتماعية أخرى وهذا أمر مقلق وخطر فمن الممكن مثلاً أن يتعرض طفل لاغتصاب من قبل والده، وهذه إحدى الحالات الموجودة، وحين تكتشف الأم ما جرى تتكتم عن الإعلان عنه وتفضل التعامل مع المشكلة بإخفائها وعدم مواجهتها دون أن تدري أن هذه الخطوة ستترك أثرًا لا يمحى في حياة الطفل هذا إن لم تستمر أيضًا..."

كان الطفلان يعانيان من التشويش...

عن الخطوات التي قامت بها عندما سمعت خبر اتهام أم من منطقة الناصرة بمحاولة قتل طفليها عن طريق إغراقهما في حيفا ومن ثم محاولتها قتل نفسها، قالت سلوى: "إن هذه القضية لا تزال بيدي القضاء ولم يصدر قرار المحكمة إن كانت الأم مذنبة فعلاً أم بريئة، لكنني أود إعلامك أنني وعند استماعي للخبر توجهت فورًا لاستلام الأطفال من مركز الشرطة ومن هناك نقلتهم إلى مكان آمن وقمت بالتعريف عن نفسي لئلا يشعر أي منهم بالغربة أو الخوف من وجودي، وبعد أن تمكنت من رفع منسوب إحساسهم بالأمان تركتهم ينامون، ذلك لأنه ممنوع وبشكل قاطع أن أتحدث مع أطفال في مثل هذه الحالة العصيبة، ذلك لأن الطفل بطبيعته مخلوق صادق وبريء ويمكن التأثير عليه بسهولة، لذا فإن أي كلمة مني قد تصدر عن دون قصد من الممكن أن تغير مجريات التحقيق لأن الأطفال سينقلون كلمتي وكأنها كلمتهم دون وعي كامل منهم لما يفعلون، خاصة في مثل هذه الحالة التي كان الطفلان يعيشان تشويشًا كبيرًا..."

قضايانا ليست "فيلم عربي طويل"...

وأضافت سلوى: "إن أهم المهارات في عملنا هو أن نتمتع بالقدرة الكافية على أخذ القرار وحسم الأمور بالإضافة إلى إمكانية العمل بأسرع وقت، فالقضايا التي نتعامل معها ليست فيلمًا عربيًا طويلاً ولا يمكننا التعامل مع أي منها ببطء وتروٍ لأن حياة طفل موجودة على المحك وعلينا تفادي وقوع الخطر قدر الإمكان لذا فإن الحكمة والسرعة من أهم المهارات التي على المأمور القضائي أن يتمتع بها..."

أما عن رسالتها للمجتمع، قالت:"إن رسالتي الأولى سأوجهها للحكومة الإسرائيلية التي أنهكتنا بمواصلتها تضييق الخناق علينا سواء اقتصاديًا، سياسيًا أو اجتماعيًا، فهذه الضغوط جميعها لن تولد بيننا سوى الإنفجار، ولأبناء مجتمعنا العربي أقول أنني أوصيكم بالتعاون معنا وأن لا تترددوا من التوجه لمكاتب الشؤون الإجتماعية طلبًا للمساعدة من أجل الحصول على المتابعة الصحيحة لمشكلتكم من أهل الإختصاص..."

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]