إن كل من يرى أن زيادة الوزن هي شيءٌ له علاقة بسوء المنظر فحسب عليه أن يعيد النظر في تفكيره، فالسمنة ليست مجرد الشكل القبيح، بل هي مرض قاتل وتترافق مع مخاطر كبرى من خلال الإصابة بأمراض مزمنة أو ربما حتى الموت المبكر.

وقد أثبتت دراسات متعددة أنّ ثمّة علاقة متينة بين السمنة وتراجع الأداء البدني وخفض الإنتاجية بشكل عام. ولا تقتصر آثار السمنة على الإنتاج بزيادة معدلات الوفيات فحسب بل أيضا من خلال زيادة الأمراض وتفاقمها واستفحالها.

وليس من قبيل الصدفة أن تلجأ منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من السمنة المرضية القاتلة الوبائية والمنتشرة في العالم أكثر من انتشار المجاعة.

لقد شهد العالم تحولات كبيرة وأصبح عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة أكثر من عدد الذين يعانون من المجاعة. ويقدر عدد سكان الأرض ب 7 مليارات نسمة مع العلم أنّ هناك أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من الوزن الزائد فيما هناك 800 مليون يعانون من سوء التغذية.

تقدر منظمة الصحة العالمية أعداد المصابين بالسمنة المرضية في العالم بأكثر من ثلاثمائة مليون شخص، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب وداء السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض المفاصل وغيرها.

وتحذر المنظمة من أنه ما لم يكن هناك تحرك سريع فإن ثمة مخاطر من ارتفاع الرقم إلى خمسة ملايين بحلول عام 2020.

وتعرف السمنة بأنها زيادة وزن الجسم عن حدّه الطبيعي نتيجة تراكم الدهون فيه، وهذا التراكم ناجم عن عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم.

ان هناك نوعين من السمنة: سمنة البطن وهى الأسوأ والأخطر. أما النوع الثاني من السمنة، فهو سمنة الأرداف والمؤخرة والنصف الأسفل، وهى أقلّ خطرا، مع الإشارة إلى ان السمنة الزائدة هي مرض قاتل يؤثر على معظم أجهزة الجسم.

إن زيادة الوزن والسمنة مسئولان عن ثلاثة ملايين حالة وفاة سنويا في مختلف أنحاء العالم (14% إلى 20% من إجمالي نسبة الوفيات على مستوى العالم). وأجمعت المراكز الأمريكية للسيطرة والوقاية من الأمراض في عام 2004 على ان حوالي 400 ألف من حالات الوفاة سنوياً في الولايات المتحدة تعزى إلى السمنة والى عدم ممارسة الأنشطة البدنية.

فالسمنة قد تكون السبب في الإصابة بمرض ما تنتج عنه الوفاة مثل السكتة القلبية، الجلطة، انسداد الشرايين، القصور في الشريان التاجي المغذي لعضلة القلب وهذا يؤثر على نشاط عضلة القلب. فالقلب يضخ الدم للجسم كله وعلى طول الحياة بمقدار معين يوميا وإذا أصيب الإنسان بالسمنة فإن هذا المقدار يتغير بحيث يؤثر على العمر الافتراضي لعضلة القلب مما قد يصيبها بالتضخم أو يعرّضها للإصابة بجلطة تفضي عادة إلى الوفاة.

للسمنة تأثيرات سلبية أيضا على الجهاز التنفسي فالرئتان مسئولتان عن إدخال الأوكسجين للجسم، وعليه فإذا كانت هناك سمنة فقد نواجه صعوبة في التنفس بسبب زيادة كمية الهواء المطلوبة للجسم، وقد تحدث جلطة في الرئة.

أفضل أسلوب للعلاج هو ضرورة اتباع الحمية الغذائية المستمرة والدائمة والاعتماد على نظام غذائي قليل النشويات والحلويات والابتعاد عن الدهون والتركيز بشكل كبير على الخضار والفاكهة وزيادة ممارسة الرياضة والنشاط البدني وتبني أسلوب حياة أكثر حركة بدلا من تناول العقاقير لفقدان الشهية التي لها أعراض جانبية خطيرة.

تؤكّد جميع الأبحاث حول إنقاص الوزن أو الوقاية من البدانة على أنّ الحلّ الأمثل والعلاج الأكثر فعالية لعلاج السمنة المرضيّة هو العلاج الجراحيّ. والهدف من الجراحة هو إحداث فقدان فعّال وثابت للوزن ممّا يحدّ من مخاطر السمنة الزائدة. إنّ الصحة الجيّدة هي الهدف الأساسي من الجراحة من وجهة نظر الجراح.

الدكتور ناصر سكران أخصائي الجراحة العامة، استشاري جراحات السمنة، وجراحات المناظير
Sakran Nasser M.D., General, Laparoscopic and Bariatric Surgeon

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]