هل أنت على وشك الولادة ؟ هنالك سؤال يتردد على لسان كثير من النساء الحوامل، وهو يتمحور حول كيفية الولادة: طبيعيه بالمستشفى ,بالعملية (قيصرية), ولادة بالبيت,أو الولادة بالماء؟

ولكن لماذا لا تكون لديك ولادة مميزة ؟


وأنا أسأل: لماذا نخاف من الولادة في الماء ولا نخاف من الولادة القيصرية؟ وأيهما اخطر؟ والسؤال الذي يتردد عن الولادة بالماء هو: هل الماء يتسبب بغرق الأطفال؟
بالطبع لا, الطفل يعيش بضعة شهور في الماء دون أن يغرق، والولادة بالماء ليست بالأمر الجديد, وهي متبعة منذ عام 1800. وفي عام 1960 بدأت بالانتشار في روسيا ثم أمريكا وأوروبا، حيث في أمريكا هنالك حوالي 10000 مستشفى يستعمل الولادة في الماء. وفي انجلترا ثلاثة أرباع المستشفيات، هذا عدا عن مراكز التوليد الخاصة بالقابلات.

في هولندا حيث أعيش اليوم، تقوم معظم الهولنديات بالولادة في البيت أو في فندق ولادة، حيث أن الولادة المنزلية/ في الماء هي أمر عادي جدا.

ما هي الولادة في الماء:

الولادة في الماء هي عبارة عن عملية ولادة تتم في حوض مائي دافئ، من الممكن أن يكون البانيو أو حوض ماء خاص مستأجر. كما يجب أن تكون القابلة (أو الطبيب) ذا خبرة جيدة بالولادة في الماء.

من المهم جدا أن تقوم المرأة التي تريد الولادة في الماء باختيار هذا الأمر من صميم قلبها ومشاعرها الداخلية، وذلك من أجل تدفق الطاقة الإيجابية، والتي تسهل، بدورها، وتسرع عملية الولادة.

بعض شروط الولادة بالماء :

يجب أن يكون الحمل طبيعيا وبدون أي مشاكل صحية, مثل ضغط الدم العالي, سكري حمل الخ...
يجب أن يكون الحمل قد تعدى الأسبوع الـ 37
ألا يتجاوز وزن الطفل الـ 4 كيلو غرام
أن يكون الحمل بجنين واحد

ميزات الولادة بالماء:

الاسترخاء: إن أكثر ما تحتاجه المرأة خلال الولادة هو الاسترخاء والشعور بالأمان ووجود إنسان مهني يراقب سير الولادة.
وجود المرأة أثناء المخاض في الماء يساعدها على الاسترخاء, مما ينتج عنه هبوط في مستوى هورمون التوتر (الادرينالين) وبالمقابل ارتفاع مستوى هورمون الطلق (الأوكسيتوسين) المسمى كذلك بهورمون الحب، الذي يتم إفرازه خلال فترة الرضاعة .
كذلك مع الاسترخاء، يتم إفراز هورمون المورفين الذي يعتبر هورمون الفرح, ويقلل هورمونات الألم، فتشعر المرأة خلال الولادة بألم أخف بكثير من ألم الولادة على السرير، حيث أنه مع الاسترخاء وقلّة الألم، تتحكم المرأة أكثر بطريقة التنفس مما يساعدها على حركات ووضعيات مختلفة. كذلك، فإن الزوج عادة ما يرافق المرأة في هذه العملية، وتكون القابلة لها وحدها، وهو الأمر الذي من الصعب توفره في المستشفيات.
والمرأة أثناء الولادة بحاجة إلى قابلة معها معظم الوقت، لأنها في تلك اللحظات تكون بحاجه إلى كثير من العطف والحنان (Loving care)، كون المرأة تكون جالسة في حوض الماء مع تغيير وضعيات مختلفة بشكل يساعد على قوة الجاذبية مع الأرض, هذا مما يساعد على دفع رأس الجنين إلى أسفل أسرع وبأقل ألم. وحسب الدراسات، فإن الولادة في الماء أسرع من الولادة بدون ماء بنحو 30% من الوقت. فملامسة الماء لمعظم خلايا الجلد، وهي بالملايين، يعطي شعورا بالارتياح، لأن اللمس هو تواصل بين الجلد والقلب.
الماء يخفف الآم أسفل الظهر, ولهذا ببعض البلدان يسمى بالـ Aquadura. كذلك يساعد الماء على زيادة تدفق الدم في كل أعضاء الجسم مما يزود الطفل بكمية الأوكسجين المناسبة.
في هذا النوع من الولادات، يخرج الطفل إلى الحياة بطريقة هادئة، وغالبا ما لا تكون هنالك حاجه لشق العجان( القطب).
استرخاء المرأة وقلة الألم يعطيانها الدعم الذاتي، مما يساعد ويشجع الزوج على دعم زوجته ويساعده على تقوية العلاقة الزوجية.

سلبيات الولادة بالماء
أحيانا يبرد الطلق, لذلك يجب الدخول إلى الماء عندما تكون فتحة عنق الرحم 5 سنتيمترات أو أكثر .
من الصعب قياس كمية الدم التي تفقدها المرأة أثناء أو بعد الولادة.

للطفل

يكون لدى الطفل رد فعل الغوص (Diving Reflex) مما يمنع استنشاق السوائل للرئة، فهو يميز بين السوائل / الحليب والهواء.
يكون الطفل ما يزال مربوطا بحبل السرة (أو حبل المشيمة) الذي يوفر له الأوكسجين. بعد الولادة، يخرج الطفل من ماء الرحم (ماء السلى) إلى مياه عادية دافئة بنفس درجة الحرارة التي كان يعيش فيها فترة التسعة شهور، فهو ينتقل تدريجيا إلى العالم الخارجي، مما يخفف عنه الصدمة التي تسمى Birth Shok، وبحسب بعض الدراسات، فإن الطفل الذي يولد بولادة هادئة يكون إنسانا هادئا في حياته، ونوعية الولادة لها تأثير على السلوك الشخصي للإنسان مدى الحياة، وتعتبر الولادة بالماء أكثر نوعية ولادة هادئة بالنسبة للطفل.
في البلاد على صعيد المجتمع العربي، لا يوجد أي مركز ولا أي قابلة/ طبيب للولادة في الماء / البيت، بينما هنالك قابلات عربيات من أفضل القابلات في البلاد، وهن متخصصات بالولادة الطبيعية، ويعملن في مختلف المستشفيات.

كذلك توجد مستشفيات عربيه تشجع على الولادة الطبيعية والمكوث في حوض مائي خلال كل فترة المخاض فقط, لأنه في البلاد ولادة الماء ما زالت ممنوعة في المستشفيات، بعكس كل دول العالم. مع أن نتائج الأبحاث التي أجريت على الأطفال الذين ولدوا في الماء بالمقارنة مع الأطفال اللذين ولدوا بولادات غير الماء أثبتت انه لا فرق بين الولادة بالماء أو غير الماء على صحة الأطفال.
في الوسط اليهودي: هنالك عشرون قابلة وطبيبان تركوا العمل في المستشفيات وعندهم مراكز توليد خاصة بهم، حيث أن هنالك نحو ألفي امرأة يهودية تلد بالبيت خلال كل سنة.

التأمين الصحي لا يساهم بأي مبلغ في الولادة في الماء/ البيت حيث تصل تكلفتها إلى ما بين 700 و 1000 دولار مع المعاينة والمرافقة خلال كل فترة الحمل والنفاس - (Coaching).
في مجتمعنا، ما زال للعائلة تأثير كبير على "أين وكيف" تلد المرأة. مهم جدا أن نعطي القرار الأول والأخير للمرأة الحامل بشأن أين وكيفية الولادة، لأنه شعور نفسي داخلي، وألا يكون الأمر وراثيا بمعنى "حيثما ولدت أمي أو أختي يجب أن ألد أنا"، لأن كل امرأة وكل ولادة تختلف عن الأخرى.
في صحفنا العربية المحلية خاصة، والوطن العربي عامة، قليل ما يتم التطرق لهذه المواضيع، بينما تمتلئ الصحافة الغربية والإنترنت كثيرا بهذه المواضيع
في المجتمع اليهودي هناك جمعيات نسائيه فعاله للمطالبات بحريه الولادة في البلاد، ووصلت الأمور حد عرض مشروع قانون للقراءة الأولى في الكنيست، ولكنها ما زالت متعثرة.

كثيرا ما تقوم النساء اليهوديات والأجانب بالكتابة عن تجربة الولادة (סיפורי לידה) عبر الصحافة أو في الانترنت. أنا شخصيا حتى الآن لم أجد كتب أو حتى مواد في الانترنت على مستوى اللغة العربية، كلها بلغات أجنبية. قد يكون هذا سببا في عدم وجود ظاهرة الولادة الطبيعية /الماء/ البيتية بشكل مميز في الوطن العربي.

تجربة شخصية:
في البلاد، كقابلة، تنقلت بين عدة مستشفيات، من مستشفى صفد حتى مستشفى هداسا عين كارم، وعملت كقابلة أكثر من عشرين سنه، ورافقت آلاف النساء خلال الولادة، وكأني كنت أبحث عن شيء مفقود في داخلي، ولكن بالصدفة، وخلال وجودي في مركز ولادة في لوس أنجلس- كاليفورنيا (المركز هو لقابله فلسطينيه من مدينة عكا- خريجة مدرسة التمريض في المستشفى الانجليزي في مدينة الناصرة), رأيت عملية ولادة في الماء لأول مرة في حياتي. كانت تختلف عن آلاف الولادات التي رأيتها في المستشفيات، حيث أن الولادة بالنسبة للمرأة صراخ وبكاء وألم .

غيّر هذا الحدث مجرى حياتي المهنية مباشرة، وتحولت إلى قابله طبيعيه وبدأت ابحث وأتعمق في سيكولوجية المرأة والولادة وتعلمت الكثير الكثير، حيث مكثت هناك في المركز عدة أشهر.
لم تكن عيناي تصدق ما أراه: ولادة على أنغام الموسيقى التي تعشقها المرأة، ورود تملأ الغرفة، تصوير فيديو متواصل لكل الولادة, المرأة تأكل وتشرب وتمشي متى تشاء، ديكور الغرفة مميز مما يعطيك شعورا بالدفء النفسي والراحة والاسترخاء،أضواء خافته وشموع, حتى التعبير عن ألم المخاض يختلف كليا عن ذلك الذي في المستشفيات، كل شيء منسق ومرتب قبل الولادة بشكل جيد حيث يعطيك شعورا بيتيا دافئا، يعتبرون الولادة فرحة عمر. كما يخططن ليوم الزفاف، يقمن بالتخطيط ليوم ولادة لبطفل. المرأة في الأشهر الأخيرة للحمل تقابل عدة قابلات ولا يعيقها بعد المسافة، قد تسافر ساعات طويلة إلى مركز الولادة أو القابلة التي ستولدها في البيت، وبعد ساعتين من الولادة تذهب المرأة إلى بيتها .
هذه المجموعة من النساء، لا تعتبرن الحمل والولادة حالة مرضية. إنما حدث طبيعي جدا، لأن جسم المرأة مبني للولادة. يشاركن في دورات تحضيريه للولادة أو دورات تحضيريه للولادة في الماء، كما توجد دورات سباحه خاصة للحوامل، ودورات لرياضة اليوجا التي تعلم الحوامل على الاسترخاء والتركي، ولكي تسهل عملية الولادة يجب تحضير الجسم نفسيا وجسديا خلال فترة الحمل.

ازدهار أبو عيد- بلانك
لاهاي-هولندا


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]