يُعتبر السكري من أكثر الأمراض شيوعًا في العالم. وتكمن أهميته في كونه المسبب الرئيسي لكثير من الأمراض والعاهات التي تصيب الإنسان، مثل أمراض القلب، الجلطة الدماغية، الفشل الكلوي، العمى، العجز الجنسي، إنسداد شرايين الرجلين، تلف الأعصاب وغيرهم من الأمراض.

د. موسى: هُناك تصاعد مقلق وبوتيرة عالية حيثُ يقدر عدد المصابين 248 مليون إنسان

مراسلة موقع بُـكرا التقت مع د. فؤاد موسى - أخصائي طب العائله، وطبيب سكّري في صندوقي المرضى مكابي وكلاليت في الناصرة الذي قال أن: هناك تصاعد مقلق، وبوتيرة عاليه، في عدد المصابين بمرض السكري (السُّكّريِّين) عالميًّا ومحليًّا، ممّا يشكل تحدِّيًا كبيرًا للأجهزة الصحيّة والإقتصادية في كل دول العالم. ويُقدَّر عدد السُّكّريِّين في العالم ب 248 مليون إنسان، يُضاف اليهم 7 ملايين سكريِّ جديد كل سنه (1 كل 4.5 ثانيه)، ليصل العدد، حسب التوقعات، إلى 380 مليون مريض سنة 2025.

وتابع د. موسى: من الجدير ذكره أنَّ هذا التصاعد في الإصابات بالسكري يتزامن مع التصاعد المخيف في نسبة المصابين بالسّمنة أو بالوزن الزائد، ممّا يؤكد على العلاقة الوثيقة بينهما.

وتكفي الإشارة هنا إلى أنَّ 2 من كل 3 سكّريين، يعانون من الوزن الزائد أو السمنة، وأنّ 90% من حالات السكري يمكن ربطها مع السُّمنه.
أمر مقلق آخر هو الهبوطً المتواصلً في أعمار السكريين، فبينما كان السكري مرضًا يصيب، غالبًا، الكبار في السن، أي فوق جيل 50، نجد اليوم ِشبابًا وشابّاتٍ في جيل 20-40 سنه، وحتّى في جيل المراهقة مصابين بالسكري، وبالسُّمنة، والحديث هنا عن سكري الكبار أو ما يُسمَّى بالسكري من نوع 2, وليس سكري الأطفال (نوع 1).

وأكد د. موسى في قوله: أُلخص القول من كل ما سبق إنَّ السكّري، مقرونًا بالسُّمنة، هو وباء القرن ال 21.

بُـكرا: كيف ممكن أن نعرف السُكري؟

د. موسى: السكري هو اسم لمجموعة من الحالات الطبية التي تتميّز بصفة مشتركة واحدة, وهي مستوًى مرتفعٌ من السكّر في الدم. وتشترك في حدوث السكّري عوامل وراثية (جينات) وعوامل بيئيه في تفاعل معقّد بينها.
3 مركّبات أساسيه تلعب دورًا في تحديد مستوى السكر في الدم,وبالتالي تحدّد وضع التوازن:
1- إفراز الإنسولين من خلايا "بيتا" في البنكرياس
2- قدرة الإنسولين على إدخال السكر (الجلوكوز) إلى خلايا الجسم "الحساسيه للإنسولين).
3- إنتاج السكر في الكبد (مصنع السكر)

تشخيص المرض..

د. موسى هناك 4 طرق لتشخيص السكري:
1- مستوى سكر (جلوكوز) في الدم 126 مغم% أو أكثر, بعد صوم ليلي لمدة 8 ساعات
2- مستوى سكر (جلوكوز) في الدم 200 مغم% أو أكثر, ساعتين بعد تناول 75 غم من الجلوكوز المحلول بالماء
3- مستوى سكر (جلوكوز) في الدم 200 مغم% أو أكثر, في أية ساعة من اليوم, بدون علاقه مع الأكل
4- مستوى ميزان السكر (HbA1c) 6.5 غم% وما فوق (مقياس هام ودقيق لمعدل مستوى السكر في الدم في آخر 3 أشهر)
ملاحظه: لتشخيص صحيح للسكري، يجب أن نحصل على أحد هذه الأرقام مرتين على الأقل

بُـكرا: ما هي أعراض المرض؟ وكيف يمكن تجنبها؟

د. موسى: يظهر على المُصاب بالسُكري الأعراض التالية: العطش، التبول الزائد، الإرهاق المتواصل، هبوط في الوزن, غباش في الرؤيه.
تجنب المرض ...
وتابع د. موسى بحديثه: هناك أشخاص لديهم قابلية لظهور مرض السكري أكثر من غيرهم، مثلًا أقرباء مرضى السكري, أو أي إنسان مع مستوى سكرفي الدم قريب من الأرقام المذكورة أعلاه، مثلًا " 100-125" مغم% صباحًا بعد صوم ليلي.

وأردف د. موسى أن الأشخاص الذين لديهم القابلية للتعرض إلى المرض باستطاعتهم تجنب الإصابة به، فبالإضافة للعامل الوراثي الذي يلعب دورًا مفصليًّا في ظهور السكري، هناك دور هام وأساسي للعامل البيئي،والمقصود هنا هو نمط الحياة، أي كمية ونوعية وتوقيت الأكل، الفعاليات الجسديه (الرياضه)، الوزن والتدخين. هنا بالضبط يكمن الفرق بين من سيعاني قريبًا من السكري، وبين من سيؤجل ظهوره لسنين، أو ربما يمنع ظهوره !
لقد أثبتت الأبحاث العلمية بما لا يقبل الشك، أن الحفاظ على نمط حياة صحيّ ( أكل صحّي، وزن ملائم، مشي يومي وعدم التدخين) يمكن أن يؤدي إلى تأجيل أو ربّما منع ظهور السكري لدى أصحاب القابلية لظهور المرض, وأن كل كيلوغرام تخفضه من وزنك, يقلل بشكل كبير من احتمالات الإصابة بمضاعفات السكري التي سبق ذكرها.

بُـكرا: كيف نتعامل مع السكري ؟

د. موسى: مجرّد تشخيص السكري، يشعل ضوءًا أحمرَ لِما يحمله من معانٍ هامّةٍ:

1- في هذه المرحلة المبكِّرة من المرض، يكون البنكرياس، وهو الغدّة المسؤولة عن إفراز الإنسولين في الجسم، قد فقد قُرابة 50% من الخلايا التي تفرز الإنسولين، والمسمّاه خلايا بيتا. أي أنه يعمل بنصف طاقته فقط.

2- مستوًى مرتفعٌ جدًّا للسكر في الدم، يلحِق ضررًا إضافيًّا لخلايا بيتا ويضعف عمل البنكرياس وبالتالي يحِدّ من قدرته، المحدودة أصلًا،على إفراز الإنسولين. ويُسَمَّى هذا الوضع:

"تسمُّم سكَّر".

3- الحفاظ على توازن في مستوى السكر وال HbA1c في هذه المرحلة الأولية من السُّكَّري، يحمل أهمِّيَّة قصوى في حماية الجسم من المضاعفات بعيدة المدى مثل مرض القلب والكِلى والعينين والأعصاب الخ..., فبغض النظر عن توازن مستوى السكر وال HbA1c في المراحل المقبله. وهذا ما يُسَمَّى بالذاكره الميتابوليه (الأيضيه). بمعنى آخر " تتحدّد حِدَّة المضاعفات بعيدة المدى لدى السكّريِّين بحسب توازن السكّري في هذه المرحلة الأولية من المرض, بالذات".

4- تشخيص السكري، وهو مرض مزمن، يحمل في طيّاته عناصر غير طبية، نفسيّة واجتماعيّة. فالإنسان السُكَّريُّ "الجديد"،خاصةً إذا كان أو كانت في سِنِّ صغير، يجد نفسه أمام تحَدِّ صعب لم يعهده من قبل، وعليه أن يواجهه بما لديه من قدرات نفسية وجسدية ومادّيه.
كل هذه العوامل تؤكد على أهمية التعامل مع مرض السكري بجدِّية كبيرة، ومحاولة التوَصُّل إلى التوازن المطلوب بأسرع وقت ممكن. وهذا يتطلب عدّة أشياء:

1- المشي لمدة ساعة، 3 أيام في الأسبوع على الأقل. مفضَّل كل يوم (أو أية رياضة حركه، أخرى).

2- التوجه لأخصّائية التغذيه والعمل حسب إرشاداتها.

3- الإقلاع عن التدخين حالاً.

4- ألتوجه للممرضات للحصول على مواد تثقيفيه بما يتعلق بالسكري.

5- اتِّباع إرشادات الطبيب بما يتعلق بتناول الأدويه المختلفه.

6- عدم الخوف أو الرهبه من الإنسولين وبالتالي الإمتناع عنه. فلنتذكر أن الإنسولين هو أقوى وأسرع علاج للسكري في كل مراحله، وهو علاج آمنٍ وفعّال، وفي جزء من الحالات يجب البدء بالعلاج بالإنسولين من اليوم الأول للتشخيص.

7- الحفاظ على المتابعة المنظَّمة لدى طبيب العائلة، بما في ذلك القيام بالفحوصات الدورية مرّة كل بضعة أشهر, حسب تعليمات الطبيب.

8- الحفاظ على المتابعة المنظَّمة لدى الممرضة، بما في ذلك فحص الرجليين والأصابع

9- فحص عينين سنوي لدى طبيب عيون أخصًّائي

10- في بعض الحالات هناك حاجة للإستعانة بالعاملة الاجتماعية للمساعدة في إزالة حواجز نفسية أو اجتماعية قد تعترض طريق السكّريِّ الجديد، وأحيانًا القديم، وتمنعه من تلقي العلاج الأمثل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]