أكدت الدكتورة رنا عفيفي، المختصة بالجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية، أن فحص الماموغرافيا – تصوير الثدي الشعاعي - من شأنه أن يمنع استئصال كامل للثدي في حال الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان الثدي.

سرطان الثدي، بالإمكان التغلب عليه

وتقول عفيفي، التي تعمل في مستشفى الكرمل في حيفا إن سرطان الثدي هو أحد السرطانات التي بإمكاننا أن نقلل من نسبة الوفيات الناتجة عنها، من خلال الكشف والتشخيص المبكرين". إذ أن "نسبة الوفاة بسبب سرطان الثدي انخفضت كثيرا في السنوات الأخيرة في أعقاب ازدياد التشخيص المبكر، علما أنه ليس بالإمكان تشخيص كافة أنواع السرطان مبكرا"!

وتؤكد د. عفيفي أن أحد الفحوص الهامة في هذا المجال هو الماموغرافيا – تصوير الثدي بالأشعة السينية- حيث بالإمكان إجراؤه بشكل روتيني مرة كل سنتين لكل امرأة فوق سن الخمسين. وهو يهدف لاكتشاف العلامات الأولية للإصابة بسرطان الثدي قبل بدء الشعور بالألم، أي في مراحل مبكرة جدا.

التاريخ المرضي العائلي... مؤشر سلبي!

كما تؤكد أنه عند وجود حالات من الإصابة بسرطان الثدي في العائلة، وبشكل خاص لدى الأقرباء من الدرجة الأولى، "من المفضل إجراء فحص الأمواج فوق الصوتية - الأولتراساوند - أو فحص الماموغرافيا للثدي، بجيل أصغر من العادة، لأن هنالك احتمال لأن تصاب هؤلاء النساء بالسرطان أكثر من احتمال إصابة غيرهن بالمرض... في مثل هذه الحالات، تبدأ المراقبة والمتابعة الطبية من جيل ثلاثين عاما وما فوق، ومن قبل طبيب جرّاح من أجل ملاحظة حدوث أي تغييرات على الأنسجة في الثدي أو بمبناه التشريحي. هذه المتابعة، تزيد من نسبة اكتشاف السرطان بشكل مبكر، وتقلل نسبة الوفاة".

أما حول تجاوب الوسط العربي مع هذا الفحص، فتقول د. عفيفي: "للأسف الشديد تجاوب الوسط العربي أقل من الوسط اليهودي، ولذلك يجب رفع الوعي في وسطنا لأهمية هذه الفحوصات".

لا يتم دائما استئصال الثدي بشكل كامل

وفي ردها على سؤال حول العلاجات المتوفرة لسرطان الثدي، والتي تؤول في العديد من الأحيان إلى استئصال الثدي، تقول عفيفي: "العلاج الأولي والأساسي لسرطان الثدي هو استئصاله! يتم الاستئصال بناء على حجم الورم ودرجته من حيث اكتشافه مبكرا أم لا، وهذا يحدد نسبة الاستئصال واستمرارية العلاج. إذا كان حجم الورم صغيرا، يكون الجزء المستأصل من الثدي صغيرا ومحدودا، بينما في حالات معينة تكون هناك حاجة لاستئصال كامل. كذلك، وبحسب نوع الورم وحجمه، يتم فحص الغدد اللمفاوية في منطقة تحت الإبط، وذلك من أجل الفحص بشكل أولي إذا ما كان هنالك انتشار للورم السرطاني خارج الثدي، لأن الغدد اللمفاوية هي أول المواقع التي ينتشر إليها سرطان الثدي لدى النساء"..

وتضيف: "وبناء على نتائج الفحوص، يتم التفكير إذا ما كانت هناك حاجة لعلاج كيميائي أو هورموني، أو علاج بالأشعة. والعلاج بالأشعة هو جزء من استكمال علاج بقية الثدي بعد استئصال جزء منه".

وتقول د. عفيفي حول الأعراض التي تواجهها المريضة عند استئصال الثدي، من الناحية النفسية والصحية: "هنالك إحراج وحياء في الحديث عن هذا الموضوع. لذلك، فإن اكتشاف السرطان مبكرا في الوسط العربي هو أعلى منه في الأوساط الأخرى. ففي مراحل متقدمة قد تشعر المرأة بتورم في منطقة معينة في الثدي ولا تتوجه للعلاج خوفا من أن يكون المرض سرطانا، وهذا يؤدي إلى تأخير في التشخيص لعدة أشهر، إن لم يكن أكثر من ذلك... احتمال إجراء عملية استئصال جزئي مع الحفاظ على شكل الثدي وعدم استئصاله كاملا، يكون أكبر عند الكشف المبكر".

هنالك علاج، وهنالك حلول تجميلية

وتتابع حديثها قائلة: "في حالات الاستئصال الكامل، هنالك العديد من العمليات التجميلية التي من الممكن إجراؤها في مراحل متقدمة من العلاج، وهي تهدف لترميم الثدي. هذه العمليات قد تتم عبر إدخال مواد خارجية (سيليكون)، أو عن طريق تحويل ونقل العضلات من مكان آخر في الجسم إلى الثدي، وبناء ثدي جديد عمليا. اليوم، تعتبر نتائج هذه العمليات ذات جودة عالية جدا، وتشعر المرأة بارتياح لأنها تساعدها على التغلب على المشاكل النفسية التي قد تنتج عن الاستئصال. بالإمكان إعادة ترميم الثدي خلال العلاج المكمل، ولكن الأمر يتعلق بدرجة الورم. فعند استخدام العلاج الإشعاعي، يفضل الانتظار لحين الانتهاء منه، أو من العلاج الكيميائي، وفقط بعد ذلك يتم البدء بترميم الثدي. يحتاج الأمر لنقاش طويل، ويتعلق بكل حالة وحالة، ويرتبط الأمر بكل إنسان بذاته".

الفحص الدوري... ينقذ الحياة
وتوجه د. عفيفي نصيحة للنساء قائلة لهن: "من الواضح أن موضوع استئصال الثدي هو موضوع فيه نوع من الإحراج أو الإحساس بالفقدان، ترافقه مشاكل نفسية. لكن من المفروض أن نتذكر أن هنالك موضوعا أهم، وهو إنقاذ الحياة، فهذه العملية ضرورية لإنقاذ حياة المرأة من الورم السرطاني. اليوم، تتوفر الكثير من الوسائل لمنع الوصول لهذه المراحل والتقليل من حجم الإصابة، ومنها عمليات استئصال الثدي الكامل. المطلوب من كل امرأة هو الحفاظ والمتابعة بحسب تعليمات وزارة الصحة في البلاد. بالتوجه لإجراء فحص الماموغرافيا مرة كل سنتين، والتوجه للطبيب في حال الإحساس بأي تغيير بمبنى الثدي، سواء كان الإحساس بورم ما أو أوجاع ما أو إفرازات معينة. لا حاجة للإحراج، من المفروض التوجه بشكل مباشر وسريع للفحص الطبي".

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]