في الـ31 من أيار، حل اليوم العالمي لمكافحة التدخين. ولهذا الغرض، التقينا د. ميخال كوهين دار – الطبيبة اللوائية في لواء الشمال في وزارة الصحة، التي قالت إن الوزارة قررت المباشرة بفعاليات شهر بدون تدخين من مدينة الناصرة!

وتحدثنا د. كوهين دار عن المشروع الذي أطلقته الوزارة، بالقول: "قبل ثلاث سنين قررت إنشاء منتدى حماية الصحة، أنا كطبيبة لوائية مع مديري المستشفيات الثمانية في لواء الشمال (الانجليزي والفرنسي والنمساوي في الناصرة، بوريا في طبريا، زيف في صفد، مزرع في عكا، الجليل الغربي في نهاريا، وهعيمق في العفولة).

يتم تطبيق هذا المشروع عبر ثلاث قنوات، الأولى هي التربية والمنع، والخطوة الثانية غي التطبيق عبر السلطات المحلية، أما الخطوة الثالثة فهي الفطام عن التدخين بمساعدة صناديق المرضى. خصوصا بعد إدخال ورشات الفطام إلى سلة الأدوية، حيث باتت الدولة تشارك في تمويل هذا العلاج لمدمني التدخين!

إدمان كأي إدملن...

وتؤكد د. ميخال: "ليكن واضحا أن تدخين السجائر أو الأرجيلة قد يصل حد الإدمان، إدمان مثله مثل أي مخدرات أخرى، لا فرق بينهم!!! تشير الأبحاث أن غالبية من يشاركون في ورشات الفطام عن التدخين يعلنون بعد حوالي نصف سنة أنهم أقلعوا عن التدخين فعلا. إلا أنه وللأسف، بعد سنة ترى أن الأغلبية عادت لتدخّن (حوالي النصف)، وبعد بضع سنين ترى أن النسبة الفعلية لمن ترك التدخين كليا منخفضة جدا"!!!

وتطرح د. ميخال بدائل للتدخين، على سبيل المثال ممارسة الرياضة والنشاط الحركي، فتقول: "يدعي المدخنون أن السيجارة أو الأرجيلة تمنحهم الراحة وأنهم يستمتعون بها، ولكن بالإمكان الاستمتاع بأساليب أخرى كممارسة الرياضة مثلا، فعند ممارسة الرياضة، يفرز الجسم يفرز الأندروفينات التي تمنحك هذا الشعور بالمتعة... حتى أنه بعد ممارسة الرياضة لا تشعر بالرغبة لتناول الطعام في العديد من الأحيان. هناك حلول، والنشاط الرياضي هو أحد هذه الحلول، ولا يدور الحديث عن الركض فحسب، وإنما كل نشاط حركي كان".

نسبة المدخنين بين العرب، ضعف نسبة المدخنين اليهود

وتضيف د. ميخال في حديثها حول المشروع المذكور آنفا، أنه تقرر فحص نسب المدخنين، في مدينتي الناصرة وكرميئيل، ومقارنة النتائج مع شفاعمرو وأبو سنان، وطبريا والمجلس الإقليمي عيمق هياردين، اللاتي لم تشارك في المشروع. فجاءت النتائج كما كان متوقعا: نسبة المدخنين العرب أعلى منها لدى اليهود في البلاد!! ففي حين كانت نسبة المدخنين من اليهود في البلاد عامة 23%، في لواء الشمال نسبة المدخنين اليهود كانت 23.4%. وفي الوقت الذي كانت فيه نسبة المدخنين عامة (عربا ويهودا) في البلاد 27%، كانت النسبة في لواء الشمال 28%. أما عند التقسيم بين العرب واليهود، فتبين أن نسبة المدخنين في المجتمع العربي تصل إلى النصف (حوالي 50%)، بينما بحسب تقرير وزير الصحة وصلت النسبة في المجتمع العربي إلى 52%!!!

مشروع متكامل، ومدروس للمدى الطويل

وتحدثنا د. كوهين دار، عن أهمية المشروع، والقسم الأول منه، وهو التعليم ومنع التدخين من الصغر، حيث تحدثت بافتخار عن النشاطات التي نظمها طلاب مدرستي بير الأمير ومي زيادة في الناصرة حول مضار التدخين ومنع التدخين. وشددت أن العمل مع مرشدين ومرشدات من قبل الخدمات النفسية، لتعليم المعلمين والمعلمات كيفية تمرير فكرة عدم التدخين ومضاره للأطفال والطلاب، وفيما بعد الطلاب أنفسهم.
وعندما سألتها عن عدم فاعلية هذه النشاطات، خصوصا وأني شاركت بجميع هذه الفعاليات كطالب في المدرسة الابتدائية وفيما بعد الثانوية، الا أنني أصبحت مدخنا بحد ذاتي عند الكبر!! فقالت د. ميخال: "المشروع ليس مجرد أسبوع صحة آخر، بل أنه مشروع للمدى البعيد، فنحن ندخل قضية عدم التدخين عبر الحصص التعليمية العادية، اللغة الانجليزية، العربية، العبرية، والنصوص المقروءة، أو الرياضيات أو النشاط الرياضي. يتم تفعيل المشروع على طول السنة الدراسية وبكل النشاطات المدرسية!! فهذا أمر مختلف جدا عن الحديث عن موضوع معيّن لأسبوع والانتقال لموضوع آخر وخلّصنا"!!!

علينا أن نكسر دائرة التدخين...

وتقول أن "السؤال الذي يطرحه المشروع هو كيف تكسر دائرة التدخين"؟ وتضيف: "الأولاد يتمثلون من أهاليهم في العديد من الأحيان. ونحن نعمل في هذا المشروع على أن نكسر هذه الحلقة، ليس أن نقضي على علاقة الأهل بأولادهم، ولكن أن يطلب الولد من والده أو والدته عدم التدخين بالقرب منه، وبالتالي نقلل من مضار التدخين على الأولاد!! ان يقول الولد لوالديه: حافظوا على صحتكم، أريد أهلا لسنين طويلة!!".
وتضيف: "عندما يطلب طفل بسن 5 سنين، من جده أو والده أو جدته عدم التدخين، فلا يمكن للجد أو الوالد أن يرفض له هذا الطلب!! مباشرة سيقوم برمي السيجارة أو الأرجيلة"!

كما أشارت إلى أن تطبيق المشروع سيبدأ أيضا في الحضانات، إضافة لتفعيل المشروع في المدارس الابتدائية. آملة أن يتواصل أيضا في المدارس الإعدادية والثانوية مستقبلا.

وحول بداية تطبيق القانون، قالت د. ميخال: "في بلدية الناصرة، جاء رئيس البلدية وقال لي أنه لديه مشكلة في قضية منح غرامات للسكان! فهم يستصعبون حتى منح غرامات لسيارات تقف في موقع ليس معدا لذلك، فكم بالحري عند الحديث عن منح مخالفة للتدخين في موقع عام، وهذا يتم مباشرة وجها لوجه؟؟! ولذلك قمنا بتجهيز لافتات تحذر من التدخين في الأماكن العامة، وكانت البداية في المستشفيات.. فقد تصل قيمة الغرامة إلى ألف شاقل!! ولذلك قمنا بتجهيز ميثاق منع التدخين في الأماكن العامة، والذي تم تعليقه في المستشفيات بداية، وثم قام الطلاب بالتجوّل مع الميثاق الذي وقعّ عليه رئيس المجلس المحلي أو البلدية".

ممنوع التدخين في المدارس
يذكر أنه بحسب مدير عام وزارة التربية والتعليم، كما تؤكد د. ميخال كوهين در، يمنع المعلمون والمدراء من التدخين في المدرسة، إلا إذا تم ذلك في مكان مغلق بعيدا عن الطلاب! وتشير إلى أنه يتم التشديد على ذلك في الفترة الأخيرة.
وتشير د. كوهين إلى المعطيات التي تؤكد أن "10000 شخص يموتون سنويا جراء التدخين في البلاد، أي أن 27 شخصا يموتون يوميا من السجائر".

وتؤكد في رد على سؤال حول الاختلاف في قيمة الاستثمار بين محاربة التدخين ومحاربة حوادث الطرق أن وزارة التعليم ووزارة الصحة خرجتا في حملات كبرى لمحاربة ظاهرة التدخين، بميزانيات عملاقة خصصت لهذه المشاريع! معربة عن أملها أن يتحول اليوم بدون تدخين إلى سنة بدون تدخين، وان يكون هذا اليوم يوميا طوال السنة!

نتحدث لكل شخص باللغة التي يفهمها

وتواصل: "نحن نعرف على سبيل المثال أن الشبيبة لا تهتم كثيرا بالأضرار الصحية، لأنها قد تبدو بعيدة جدا عنهم، في المستقبل البعيد، فيقولون لنفسهم أنهم أقوياء وبصحة جيدة وما إلى ذلك. ولكن إذا قلت لهم أن التدخين يضر أيضا بالرجولة، والسموم والكحول كذلك الأمر. وقلت للفتيات أن التدخين قد يؤدي إلى تجاعيد مثلا،ولرائحة كريهة!! عندها سيمتنعون عن هذا".

وتقول في رد على ادعاء أن "الأرجيلة هي لقاء اجتماعي": "دعنا لا نوهم أنفسنا، فالسموم هي أيضا لقاء اجتماعي، والكحول كذلك تجمع الشباب، الأمر مماثل. ولكن يجب ألا يكون هذا لقاءنا الاجتماعي، يجب أن نعثر على أمور أخرى تجمعنا وليس الأرجيلة فحسب. يوم السبت الماضي أجري نهائي دوري أبطال أوروبا بين برشلونة ومانشستر يونايتد، هذا لقاء اجتماعي مرح أيضا. الكل يجلس ويتابع برنامج تلفزيوني واحد، ليس من الضروري أن نمرر الأرجيلة فيما بيننا لنقضي وقتا ممتعا!! يمكننا أيضا أن نشاهد المباراة او أن نقضي وقتا ممتعا مشتركا بالذهاب إلى البركة أو البحر أو حتى لمشاهدة مسرحية ما وما إلى ذلك".

خلال 6 سنوات: لواء الشمال نظيف من التدخين!!!

وتنهي د. ميخال كوهين در حديثها بالقول: "برأيي، خلال ست سنين سيكون لواء الشمال خاليا من التدخين!! لن يدخن البشر بالكميات التي يدخنون بها اليوم، لن يدخنوا في المواقع التي يجب ألا يدخنوا بها... الفكرة ليست منع من يدخن اليوم عن التدخين كليا، وإنما منع المدخنين الجدد من دخول هذه الحلقة وعالم التدخين"!!!
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]