يقبع العديد من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، تحت طائلة التعذيب النفسي والجسدي، فكل يوم يمضي تبتكر فيه إدارة السجون الإسرائيلية أساليب جديدة للتعذيب، التي تمارسها ضد الأسرى الفلسطينيين، كأداة لزيادة الضغط النفسي والجسدي عليهم، بالإضافة إلى إحتجازهم غير الأخلاقي، ووضعهم في ظروف غاية في الصعوبة.

ويتعدى عقاب الأسير بتحطيم من نفسيته، ليصل أحياناً للضغط عليه من خلال تهديده بالمس بأفراد عائلته وأسرته، وهذا نوع من السياسات المتبعة التي تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية، ناهيك عن معاقبتهم بحرمانهم من زيارة أقربائهم لهم لفترات طويلة جداً.

ونتيجة لهذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الأسرى الفلسطينيون، يظهر عليهم الإنهاك الصحي والتردي في أحوالهم الصحية، وتقوم مجموعة من الأطباء من خلال جمعية حقوق الإنسان بزيارة الأسرى بين الحين والآخر..

يعمل د. محمود محاميد- وهو "متخصص في الأمراض الباطنية، وفي وحدة أمراض الكبد في مستشفى العائلة المقدسة- النمساوي في مدينة الناصرة"، والذي أنهى تخصصه نهاية العام الماضي في الأمراض الداخلية بإمتياز، يعمل مع جمعية أطباء حقوق الإنسان، منذُ أربع سنوات في مستشفى ميداني مكوّن من 7-10 أطباء " عرب ويهود"، حيثُ يقومون بزيارة إلى قرى الضفة الغربية كل يوم سبت من كل اسبوع ويقدموا لهم المساعدات الطبية بالقدر المستطاع، ويشير د. محاميد أن هذه المناطق تفتقر إلى أدنى الخدمات الطبية.

رسالة إنسانية تتعدى الحدود وتخترق الجدار

ويتحدث د. محاميد عن المساعدات التي يقدمها المستشفى الميداني لسكان قرى الضفة المحتلة، الذين يعانوا من أوضاع صحية صعبة لسوء الوضع الصحي والخدمات الصحية، التي تكون بمشاركة من أطباء مختلفي التخصصات الطبية: " عظام، باطني، نساء وعلاج طبيعي وغيره"..

وتحدث د. محاميد أيضاً عن مشاركته مع الأطباء ذاتهم أثناء الحرب على قطاع غزة خلال عام 2009، وتقديم المساعدات الطبية اللازمة للمصابين، التي كانت مصابا جلل حسب وصفه، وكانت هذه المساعدات بحاجة لتصريح حصلوا عليه من قبل محكمة العدل العليا في حينه.

بالإضافة إلى العمل من خلال هذا المستشفى الميداني يتم تقديم المساعدات الطبية لمواطني الضفة والقطاع، والقرى غير المُعترف بها في النقب، التي تعاني أيضاً من نقص في المرافق الصحية وعدم وجود صناديق مرضى. إضافة لمساعدة العمال الأجانب المتواجدين في البلاد بصورة غير شرعية، بحيث لا يتمتعوا بالحقوق الطبية والضمان الصحي.

كيف يتم التوجه لمعالجة الأسرى..

يتقدم الأطباء لفحص الأسرى في أعقاب توجه الأهل أو الجمعيات الحقوقية والإنسانية المتواجدة في الضفة التي يتعذر عليها تقديم المساعدات لهم، إلى جمعية الأطباء لحقوق الإنسان، وبدورها تقوم الجمعية بتحضير التصريحات اللازمة للأطباء، معظم الأسرى هم من الأمنيين، لهذا تكون عملية المراقبة والتحقيق مع الأطباء المعالجين شديدة، ودون أي معنى، فقط لإضاعة الوقت والتضيق على الأطباء والأسرى المرضى.

ناهيك عن المماطلة في الوقت لإعطاء التصاريح للأطباء في مزاولة عملهم بالوقت المحدد، فالموافقة في معظم الأحيان تأتي متأخرة وتكون على حساب صحة الأسير المريض!

الأسير يحيي الشريدي قصة إنسانية وراء قضبان الأسر...

تم إعتقال الأسير يحيي الشريدي ضراغمة قبل ثماني سنوات، ولحظة إعتقاله قامت القوات الإسرائيلية بضربه على رأسه، ومنذُ ذلك الحين وهو يعاني من آلام في الرأس، دوار، الإغماء وفقدان للوعي.

رغم هذه العوارض لم تكترث أي جهة في تقديم المساعدات والعلاج للأسير المُصاب، ومن الممكن أن يُعاني من نزيف داخلي أو ورم.

وبعد معاينة حالته، وتقديم الفحوصات اللازمة، أوصينا حينها ضرورة أن يكشف عليه طبيب مُختص في الأعصاب، وعمل صور " سي تي". هذا الأسير يعاني من الاكتئاب ومن الممكن أن يُقدم على الإنتحار، وقد تم توجيهه إلى طبيب نفسي ليعالجه، لأنه في حال إستمر في هذه الحالة نخشى أن يسوء وضعه إلى درجة ميؤوس منها.بالإضافة إلى أنه يُعاني من مشاكل بأسنانه نتيجة الضرب المبرح،لا يستطيع الأكل، في حال لم يمت منتحراً، وقد يواجه خطر الموت من الورم المتواجد في رأسه وفي أسوأ الحالات بسبب وضعه الصحي لعدم تناوله الغذاء الذي يقوي جسده.

وبهذا الشأن قام محام متبرع، برفع شكوى ضد الجندي الذي قام بضربه، وقوبل الأمر بالتقصير من قبل الجهات المعنية، ولم يتم محاسبة الجندي، وإضافة على ذلك، وجود تزوير بالحقائق، منها أن الأسير يتظاهر أنه يعاني من الأوجاع والآم الشديدة، أو لإدعاء آخر أن الأسير لا يفهم اللغة العبرية، ومن الصعب على الطبيب الذي يكشف عليه ( من أصل روسي) التفاهم معه، لأنه هو بالأصل لا يُجيد اللغة العبرية، لهذا قمت بتوجيه طلب للسلطات المعنية أن يكون الطبيب المعالج والذي يكشف على ألأسرى عربياً.

هذه الحالة تضاهيها الكثير من الحالات في السجون، يجب إلقاء الضوء على أوضاع الأسرى المتواجدين في السجون الإسرائيلية، التي حالتهم تُرثى لها، معظمهم يُمنع من الخروج من داخل زنزانته، التي هي عبارة عن 3 أمتار يحتجز فيها 8 أسرى، يأكلون ويشربون داخلها ويقضون حاجتهم.
دور السُلطة الفلسطينية في قضية الأسرى...

يُحدثنا د. محاميد عن التقصير الآتي من قبل المسؤولين في السُلطة الفلسطينية، وخاصة في حال يكون الأسرى ضمن المحسوبين على حماس.

عام 2010 الأسوء على الأسرى..

وأوضحت الإحصائيات الأخيرة التي قامت بها جمعية أنصار السجين، أن عام 2010 كان الأسوأ ويقدر عددهم 6800 أسير موزعين بين 20 سجناً ومعتقلاً ومراكز توقيف، من بينهم 34 أسيرة فلسطينية و 300 طفل أعمارهم أقل من 18 عاماً ويعتبر إعتقالهم محرماً قانونياً!، و 210 معتقلاً إدارياً دون تهمة أو محاكمة، و 21 أسيراً معزولاً داخل زنازين إنفرادية بشكل غير إنساني، بالإضافة إلى إستشهاد 16 أسيراً داخل السجون، بسبب سوء المعاملة والوضع الصحي المذري الذي يعيشونه

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]