اقسم بالله العظيم أنني قد شاهدت قبل يومين صدوراً عارية على شاطئ بحر غزة! ولم أنفعل، ولم أتوتر، ولم تنتابني نوبات تشنج، وكان الأمر بالنسب لي طبيعياً جداً، ومألوفاً، ولم أر أحداً على شاطئ البحر يغضب، أو يثور، أو يتدخل، أو تأخذه الحمية، أو يعترض.
أقدم هذه الشهادة المعززة بالقسم عبر وسائل الإعلام؛ كي أجيب على تساؤل جاءني عبر البريد الإلكتروني من الشاعر المبدع الأديب الدكتور فاروق مواسي، وهو يقول:
صديقي العزيز، ولك تحيتي ومحبتي. ورد في مقالة في موقع الجبهة عندنا (فلسطين 48) ما يلي :"ما يجري في قطاع غزه مثل منع الرجال من الجلوس على شاطئ البحر بصدور عارية، وحظر مصففي الشعر الذكور العمل في صالونات الحلاقة التي ترتادها النساء، وعدم السماح للنساء بتدخين النرجيلة في المقاهي، وعدم السماح بالغناء في الأعراس  بأغانٍ وطنية، أو عاطفية، وإلزام المحاميات بارتداء اللباس الشرعيّ في المحاكم، وعدم ارتداء البنطلون، وإغلاق دور السينما، والنوادي المختلطة، وحرق المخيمات الصيفية لأطفال فلسطين الذين عانوا من الحرب والحصار، وغير ذلك من قرارات ظلامية بعيدة عن حضارة شعبنا ووعيه، وهي بلا شك محاولة لجرّ هذا الشعب باسم التزمت الديني إلى قرون مظلمة خلت".
يختتم الدكتور مواسي رسالته قائلاً: أشكرك إذا تبيّنت لنا الحقيقة، حتى يجيء الحق.
أجبت في بداية مقالي عن منع الرجال من الجلوس على شاطئ البحر بصدور عارية، أما عن حظر مصففي الشعر، فإنني أزعم أن لا رجل شريف، أو فلسطيني حر في غزه يقبل على ابنته، أو أخته، أن تستسلم بين يدي رجل غريب، وترخي مفاصلها وهو يصفف لها شعرها، ولو تم ذلك، لطلق أي رجل شهم زوجته ثلاثاً، فالناس في غزه لها شرف، وكرامه، وحمية عربية. وهنا استثني بعد المجموعات الساقطة، المشوّه فكرياً.
        أما بخصوص النرجيلة التي أخذت كل هذه الشهرة، والصيت الإعلامي، وكأنها صواريخ مقاومة مهربة من إيران، فأقول مع القائلين: قد أخطأت حكومة غزه في قرارها منع النسوة من تدخين النرجيلة، ولا سميا أن مدخنات النرجيلة في قطاع غزه مع المبالغة الشديدة جداً لا يتجاوزن خمس عشرة امرأة لا غير، فيا ليت الحكومة لم تمنعهن عن النرجيلة، وتركتهن يشعلن في البنطلون الذي يستعرضن فيه أعواد الثقاب.
أما بخصوص الغناء في الأعراس، فكل سكان قطاع غزه قاطبة تري وتسمع وتنزعج من موضة تقليد الأغاني المصرية، التي غزت شوارع غزة، وتطفح بالصراخ، ويركب فيها المغنى المغمور "الحنتور" و"يتحنتر وسط زحام غزة.
أما عن دور السينما، فيعرف أهل غزة من يسارهم حتى يمينهم، أن قطاع غزة بلا دار سينما واحده منذ أكثر من ثلاثين سنه، قبل أن تلد حماس، وقبل أن تحمل فيها أمها، فالمحاصر، والمحارب، والمنتفض، والمقاتل، والجريح، وأهل الأسير، والمسكون بهم الوطن لا وقت لديهم للتلهي في دور سينما، ويكتفي الناس في غزة بما تعرضه مئات الفضائيات من أفلام، ومسلسلات تسمح فيها فترات عدم انقطاع التيار الكهربائي.
أما بخصوص النوادي المختلطة، فإن من يدخل جمعية الشبان المسيحية في شارع الجلاء في مدينه غزه، يبصر بعينيه حرية العلاقة، والتعامل، والحياة بلا أدنى تدخل!
في نهاية شهادتي، اقسم بالله العظيم أنني لا انتمي إلى تنظيم حماس، ولم أحظ بهذا الشرف، ولا علاقة خاصة تربطني بحركة حماس من قريب أو بعيد، ولا أفكر في أن أكون من حماس في يوم من الأيام، ومع ذلك سأشهد بالحق، وأنقل إلى فلسطينيي 48، وإلى الأمة العربية واقع غزة كما هي، بلا تزييف وراؤه أهداف تخدم جهات سيادية عليا، لها مصالحها الإستراتيجية التي تتجاوز قطاع غزه، لتصل إلى عمق التاريخ العربي والإسلامي، لتصيب بمقتل فكره المقاومة، وإرادة التحدي، ونهوض الأمة، والارتقاء في مواجهه الأعداء.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]