"وُلدتُ مع مسؤولية، ومن دون أن أشعر عشت فيها، ولذلك لم أجد
صعوبة في عملي هذا... كنت أحبّ القراءة كثيرًا، وكانت لديّ أذن لسماع غيري، وهذا ما
ساعدني ويساعدني اليوم في المصنع؛ الأذن التي تصغي، والأحاسيس القوية جدًا. كنت
دائمًا أحسّ مع غيري، مع أخوتي، فكنت الأب والأم تقريبًا من دون أن أشعر، كنت اتحمل
المسؤوليات. هكذا أنا مبنية وهذا ما ساعدني على أخذ كل هذا الحمل على أكتافي"- تقول
سيدة الأعمال جوليا زهر، مديرة وصاحبة شركة ومصنع طحينة وحلاوة "الأرز" المعروفة.
كل شيء من حولها يوحي بجديتها وبشخصيتها التي أهّلتها لقيادة نشاطاتها التجارية
والصناعية: بيتها، عائلتها، تغلبها على صدمة وفاة زوجها، مؤسّس "طحينة الأرز"،
ثقتها بنفسها. من اللحظة الأولى تشعر بمركزيتها، بحضورها الصلب والواثق، بكونها
"مديرة" بالفطرة. كلماتها واضحة، ثابتة، جملها متراصة ومثابرة تعكس أفكارًا مبلورة
وغير متأرجحة.
التقيناها في بيتها في الناصرة، تتسلق التلال للوصول إليه؛
الطريق إليه ملتوية ويقع في قلب حيّ مكتظ يكاد يكون مُختنقًا. كنتَ تتوقع ربما أن
تقوم زهر بالانتقال إلى بيت أوسع، أرحب، إلى فيللا وربما إلى "الشيكون"، كما يليق
بصاحبة ومديرة مصنع كبير. ولكنها استثمرت في البيت الذي يمكنك أن تشعر فيه بالدفء
العائليّ الهادئ، رغم ما يمكن أن يُقال ويُكتب عن بيوت "الأغنياء" أو رجال الأعمال
أو الناس الميسورين. لم تجد زهر حاجة للابتعاد عن بيئتها الطبيعية، الفورية، بالعكس
فهي تعتقد أنها بيئة داعمة وإيجابية.
هل تلقيت الدعم
من المجتمع؟
"حتى في مقابلاتي لليهود أقول إنّ الوسط العربي ليس كما
تتوقعون؛ فهو لا يطفس المرأة ويضعها في الزاوية، بالعكس، لولا الدعم من الوسط
العربي والتشجيع ما كنتُ وصلتُ إلى ما وصلتُ إليه اليوم، وبالقدرة على تحمّل الحمل
الثقيل الذي أحمله على كتفيّ. وأنا أدعو النساء إلى العمل وعدم الخوف: كونوا
مبادرات أكثر".
قد لا توافق الكثير من النساء العربيات زهر على توصيفها هذا، بأنّ
المجتمع العربي "لا يطفس" المرأة ويحدّ من مبادراتها وأحلامها، ولكن من الواضح أنّ
زهر لم تصطدم بمثل هذه العوائق، رغم أنها تقول عن فترة ما بعد الثانوية: "من دفعتنا
واحدة تعلمت في الجامعة ساندها أهلها، بينما كان الأهل -بشكل عام- يفكرون متى سنخطب
ونتزوج"...
مجنونة شغل!
أنهت زهر الصف
الثاني عشر، ثم بدأت العمل في "كيرن بيطوح لعوفدي بنيان بعفودوت تسيبورويوت". عملت
هناك ما يقرب السنوات الثلاث، وبعدها عملت موظفة لسنة واحدة في البنك العربي. في
العام 1976 عملت مركزة إدارية في مدرسة "مفتان"، التي تستقبل طلابًا راسبين من
مدارس عادية، حيث يتعلمون فيها صنعة ما، حدادة أو نجارة وما شابه. "بقيتُ في
المدرسة مدة 27 سنة، وكنت قد دخلتُ في الأساس للعمل لسنة واحدة مؤقتة"، تقول زهر،
"كنتُ في هذا العمل في قمة عطائي... الطلاب كانوا بحاجة إلى معاملة خاصة... كنت
أعودُ إلى البيت ومشاكلهم معي، أشعر بهم كثيرًا."
مثلاً؟
"أذكر طالبيْن أخوين من القدس، الصغير ضُرب في المدرسة فأتى
الكبير وتهجّم على من ضربه. وصلا إلى المكتب عندي. كنتُ ضمن وظيفتي "أعيش الأولاد".
بكى هذا الولد، ففهمت أنه يعاني، وقد أتى من قرية بجانب القدس. والمعاناة جعلتني
أفكّر أكثر بهم، وتيقنت من الحاجة لفتح ملفات الأولاد وقراءتها. الطالب جاء للملجأ
في الناصرة، هروبًا من القدس، وسأل: هنا أيضًا يعتدون علينا؟! هذا الأمر أضاء الضوء
الأحمر لديّ بأنّ الأولاد بحاجة أكثر إلى الرعاية والاهتمام. يمكن أن نكتب قصص
طويلة عن هذه الفترة".
من الواضح
أنّ هذا شكّل أمرًا خاصًا ومميزًا في حياتك...
"تأثير كبير جدًا. وإلى جانب هذا، كنت أعمل مع مجموعة كبيرة،
واستفدت كثيرًا من الاتصالات مع وزارة المعارف ووزارة العمل، وإذا ما تغيّب أحدهم
عن العمل كنتُ أعمل مكانه، وفي حال تغيب معلم أعمل مكانه- كنت مجنونة شغل! وقد
منحوني جائزة العاملة المتميزة. كانت هذه الأمور تأتي من دون جهد، ولم أنتظر
المقابل."
وكيف بدأ مشوارك مع "الأرز"؟
"بتاريخ 1/9/2003 استشرتُ زوجي بأن أطلب أجازة من العمل على حسابي لأساعده
في عمله في المصنع. فأجابني: "نكون سوية في البيت وفي العمل أيضًا؟! إبقي أنت في
المدرسة وأنا في عملي". ولكنني كنت أرى كم كان متعبًا وكيف يعود إلى البيت متأخرًا
ليتحدث عن المشاكل ليلاً، فقلت في نفسي: كلّ العطاء الذي أعطيه يذهب إلى المدرسة؟
فزوجي بحاجة لي أكثر... وفي النهاية وافق، على أن أجرّب لشهرين. وقد طلب مني مازحًا
"أن لا أعمل مديرة عليه، كما في البيت"... قلت له إنني سأكون يده اليمنى، ووافق.
"أخذت أجازة غير مدفوعة لستة أشهر، وكنت قد طلبت سنة فلم يوافقوا، على
اعتبار أنني لو نجحت في العمل في المصنع فسوف أستقيل من عملي في المدرسة! عملنا
ثلاثة أشهر، وفي شهر تشرين الثاني من تلك السنة كان هناك معرض، "يسرا فود"، وأعطاني
زوجي المرحوم صلاحية التصرف بهذا المشروع كيفما أريد، من دون تدخل منه. كانت هذه
المرة الأولى التي نشارك فيها في معارض، فحضّرنا لافتات وعمالاً للمعرض، الذي أجري
في تل أبيب في "جانيه هتعروخاه". وبما أنّ أبنائي كانوا صغارًا، اصطحبتُ صديقتي
معي، وهي لبقة في هذه الأمور، مع اثنين من المُسوّقين، وأحضرت نماذج للتعريف عن
عملنا. عملت على التحضير للمعرض ثلاثة أسابيع. عند العودة منه مساء يوم الإثنين
تلقيت اتصالاً بأنّ زوجي في المستشفى، رغم أنه لم يكن مريضًا. وعندما وصلنا إلى
الناصرة كان قد توفي إثر اصابته بنوبة قلبية عن عمر 56 عامًا، رغم أنه كان
رياضيًا... كانت فاجعة ومصيبة غيرت حيلتي كلها وبعدها بدأت حياتي الجديدة."
من أجل أسعد...
عندما قرر المرحوم أسعد
زهر تأسيس مصنع "الأرز" للطحينة كان يعمل مع أخوته في "فك ولف الموتورات". في العام
1991 اشتروا ماكنات تابعة لمصنع طحينة بهدف تفكيكها وأخذ الموتورات الخاصة
بالماكينات. ووقتها، تقول زهر، كان شراء الموتورات والعمل فيها في الحضيض، حيث كان
شراؤها أرخص من تصليحها. "لذلك رأى زوجي أنّ ثلاثة شركاء لا يمكنهم إعالة عوائلهم
من هذا العمل، فقال لماذا لا نفتح المصنع؟! وهكذا، بدلا من فكّ الموتورات قاموا
بتشغيلها. عندما وصلنا إلى المصنع لم تكن لدينا أغورة. لقد بُني المصنع من لا شيء.
ذهب أسعد إلى السيد جول الشقحة طلبا للمساعدة وأعطاه أوّل "كونتينر" سمسم، على أن
يبيع الطحينة فيأتي لسداد سعر السمسم. كانت لديه مبادرة رهيبة وشجاعة، فأحضر أناسًا
من نابلس لتحضير الطحينة، وبدأ يعمل. كان قلبه قويًا وشجاعًا، لم يكن يخاف
المبادرات. ليتني أملك نصف ما كان يتمتع به من صفات الشجاعة."
تقول زهر إنّ
المصنع في البداية كان يُصنّع 100 كيلو من السمسم يوميًا، وكانت هذه الكمية تُوزع
مجانًا. كان المرحوم أسعد يتجوّل في الحارة، ولدى الأقرباء أو الأصدقاء، ويطلب منهم
-خاصةً السيدات- أن يتذوّقن الطحينة ليعطين رأيهن، "كان يحبّ أن يسمع ويتقبل
الملاحظات السلبية، يذوّقهم ويخبرونه بما ينقص، حتى وجد السمسم المناسب والخلطة
المناسبة. الطحينة التي كان يعملها في البداية كانت تُوزّع ولا تُباع، كان معطاءً
وبقي كذلك حتى آخر لحظة في حياته."
وبعد
هذا؟
"هكذا بدأنا، وتدريجيًا صرنا نبيع وندخل إلى الحوانيت، نبيع
صندوقًا أو اثنين. بدأنا بتعبٍ وبشقاءٍ ولم نصل عبر الدعايات أو التسويق الدعائي.
كان التسويق يجري دائمًا عبر التسويق الكلامي، من الفم إلى الأذن. كان زوجي يقضي
الساعات الكثيرة في المصنع، يخرج قبل العمال ويعود إلى البيت آخرهم. وأحيانًا في
العاشرة ليلاً، لأنهم كانوا يعبئون المنتج يدويًا، في المرطبان، وليس كما اليوم عبر
الماكنات. كانت البداية في السنوات الأولى عبارة عن معاناة. ولكن بعد 12 سنة
تطوّرالمصنع، وبدأت النتائج تظهر بعد خمس سنوات من التأسيس، وبدأنا نكبر رويدًا
رويدًا، وكل ذلك كان على حساب صحة زوجي.
"في العام 1999 انتقلنا إلى
المنطقة الصناعية حيث لا يزال مصنعنا الى اليوم، . هكذا كبرنا من التسويق عبر
الدعاية المباشرة بين الناس، ونتيجة للعمل والجهد المضيين. لم نتلقَ الدعم أبدًا،
وكل ما كان كان من الجهد الخاص والذاتي."
- هل كانت هناك منافسة؟
"بالتأكيد، لم نكن الأوائل. ولكننا حتى اليوم لا زلنا نعمل على الطريقة
القديمة المكونة من 13 مرحلة (يُنظر إلى المادة المرافقة)، مع أنّ هذا يسبب فرقًا
في السعر بيننا وبين المنافسين، فطحينة "الأرز" أغلى، لكن والحمد لله كل ما ننتج
نبيع."
ذهبتُ إلى تاجر السمسم
في نهاية
العام 2003 فقدت جوليا زوجها ورفيق دربها ومؤسس مصنع "الأرز". كانت الصدمة أكبر من
أن تُستوعب. "كنتُ مذهولة"، تقول زهر، "لم أكن أفكّر في المصنع بل في الحدث نفسه.
كُنا زوجي وأنا زوجًا مُنسجمًا، وكانت حياتنا جميلة ومن دون مشاكل. كانت وفاته
الفجائية من دون سابق إنذار بالنسبة لي صدمة كبيرة، وأخذ الأمر معي بضعة أيام، كي
أبدأ باستيعاب التفاصيل. قبل وفاة أسعد بأسبوعين زارنا في المصنع مدير بنك ديسكونت
في الشمال، وكنت موجودة خلال الزيارة، وتحدثنا معه. كنا نفكر في صنع الحلاوة في
أيامها، فانزوى به أسعد ليريه صورة الفولفو الـ 92 القديمة، وقا له هل تذكر أنك
عندما حضرتَ للمرة الأولى إلى هنا جلستَ على تنكة ولم يكن لدينا ثمن كرسي؟! فقال له
طبعًا أذكر، فقال له أسعد: نحن تطوّرنا أكثر وصارت لدينا كراسٍ نُجلسك عليها. وقد
سُرّ هذا المدير، وأذكر وقتها أنهما جلسا قرابة الساعتين ونصف الساعة يتحدثان. كانت
جلسة اجتماعية، وقد اتصل بي المدير في أسبوع المأتم وقال لي: لقد عرفتك لساعتين،
لكنني أعتقد أنك يجب أن تعملي في المصنع، ولديك القدرة على ذلك... أذكر هذه
الكلمات.
"بعد أسبوع، وبعد أن خفّت الزيارات، جلست لأفكر في ثلاثة أمور:
أنّ المصنع أقامه شخص تعب وكدّ حتى كبره، وسهر الليالي، فكيف أترك المصنع هكذا وهو
حقه وحياته وطريقه وأتنازل؟! الأمر الثاني أنني أذكر أنّ السوق في العام 2003 كانت
صعبة جدًا، وكانت هناك أزمة اقتصادية، ليست كالأزمة اليوم، ولكن كان لدينا 22
عاملاً يجهلون أين سيذهبون... أنت ستعيلين 22 أسرة؛ والأمر الثالث– أولادي، حيث كنت
موظفة، وأبنائي اعتادوا على العيش في مستوى حياتي معيّن، فماذا كنت سأفعل؟!"
هل فكرتِ في بيع المصنع؟
"هل
فكرت بأن أبيعه؟! كنت في مفترق طرق لا أعرف أيّ اتجاه فيه سأسلك. بعد ذلك صليت
وطلبت من ربي أن يعطيني علامة حول ماذا سأفعل، أتابع العمل في المصنع أم أبيعه
لأستفيد من الفائدة في البنك؟ كنتُ في حيرة من أمري، لكنها لم تستمر طويلاً، فبدأ
العمال بالاتصال والسؤال عن المصير. بعد أسبوع تمامًا عدتُ إلى المصنع وجلستُ إلى
العمال، وطلبت منهم المساعدة كي أكمل، بمعرفتهم، وبالعمل بطريقة صحيحة، فليست لديّ
خبرة. واتفقنا مع العمال. كانت لدينا التزامات، شيكات وبنوكًا، وأتتني قوة غريبة.
وأذكر أول شيك وقعته كان بقيمة 300 ألف شيكل! فالشيكات التي وقعها أسعد لم تعد
مقبولة؛ كنت أوقع على شيكات بقيمة 200-300 شيكل وليس 300 ألفًا. دخلت إلى البنوك
بالاستشارة بداية مع المحاسب، حتى أعرف أين موقعي! زرت مدير البنك، وبارك لي
وشجّعني، وأخبرته بكلّ التفاصيل، وكأنني رُميت في البحر وطلب مني أن أسبح، فقد أغرق
أو أنجح في السباحة، والحمد لله سبحت بكلّ قوتي حتى وصلتُ الشاطئ.
"وقد عرض
عليّ مدير البنك المساعدة. لقد آمنوا بي لأنني كنت صادقة وصريحة، وكنت أطرح المشاكل
أمامهم ونصل إلى حل سوية. وكان يقوم بتكبير رصيد الدين اعتمادًا على الميزانيات
الأخيرة، ولأنه يرى نجاح العمل".
وماذا مع المزودين
والتجار؟
"أكثر من خاف مني هو تاجر السمسم، فقد كان لدينا دين كبير
عنده، مع تمديد دفع لمدة 90 يومًا، وإلى حين وصول موعد تسديد المبلغ سنصل إلى
ملايين الشواقل. ذهبت إليه في تل أبيب، وقلت له يومها: "نحن نتعامل معك منذ 1991،
هل رجعت شيكاتنا؟ فقال: لا، قلت له ولن يرجع لك شيك ما دمت أنا موجودة هنا. إعتبر
أنّ أسعد موجود، أنا أبيع بيتي ولا أترك شيكاً واحدًا بلا رصيد. فقال لي: أنا
أصدقك. كان قبل هذا يفكر كثيرًا قبل أن يعطيني "كونتينر"، فيصلني في يوم ما، ولا
يصلني في يوم آخر، كان خائفًا وكنت أتفهمه، لذلك جلست معه. أسعد بدأ وأنا أكملت في
خطه، من ناحية البنوك والتجار. العامل يأخذ كلّ حقوقه من العطل والنقاهة والساعات
الإضافية وتأمينات التقاعد."
هل اجتزت كلّ هذا وحدك؟
من دون مساعدة؟
"عندما بدأت عملي لم أجد من يساعدني، اعتمدت على
قدراتي الشخصية وما كنتُ أخجل من طلب المساعدة عندما أحتاجها. كنتُ أستعين بكلّ من
يعرف وأستمع إلى العمال وأستفسر عن طريقة الإنتاج، رغم أنني قضيت ثلاثة أشهر في
الطابق السفلي ولم أدخل قسم الإنتاج، ولم أكن أرى كيف تُصنع الطحينة. واستمرَّ
الحال سنة حتى أصبحت أجيد صنع الطحينة... فقد تقوقعت في مسائل البنوك والمكتب
والعلاقة مع الناس والخارج، لكنني كنت أتذوّق الطحينة يوميًا لأعطي ملاحظاتي إذا ما
كانت جيدة، أم تحتاج إلى شيءٍ.
"رغم محاولات الاستفادة من مستشارين مهنيين
إلا أنني كنت أعرف كل مشاكلنا. لقد عشت المصنع من الصباح إلى الليل، وحتى اليوم،
أقضي ساعات طويلة فيه، ومن حسن حظي أنّ أبنائي كبروا والبيت خفّت مسؤولياته، ولو
أنّ أبنائي صغار لما استطعت الاستمرار في هذا الطريق، فحرامٌ أن يكون عملي هذا على
حساب الأولاد. هكذا بدأت أدرس الأمور كلها، شيئًا فشيئًا، حتى صرت أقوى، ومع الوقت،
صرت أعرف ما يدور من حولي."
إبحثوا عن
التحميص
هذا عالم صعب بالتأكيد...
"أسمّي هذا العالم
"جونغل" (غابة)! لقد اعتدتُ قبل هذا على طلاب ومدرسة ومعلمين، لكن الحياة هنا،
التجارة، تختلف، والواحد يريد أن يأكل الآخر. ومع ذلك وجدتُ نفسي أقوى وأتطور."
كيف تطور العمل والإنتاج في
المصنع؟
"الأمر الأول الذي قمت به هو زيادة الإنتاج. ففي المرحلة
الأولى كانوا ينقلون السمسم من مرحلة إلى مرحلة بواسطة الدلو. أحضرت مهندسًا من
"الكريوت" وطلبت منه أن يقف يومين في المصنع، حيث راقب العمل هنا، وبناءً عليه،
قمنا بتحضير ماكنات تزيد الإنتاج والمُنتَج، مع أنني أعرف أنّ العمل اليدوي دائمًا
أفضل من الماكنات من ناحية الجودة النهائية. فحضر وبنى طريقة عمل كاملة كلفت
الملايين، وقد استثمرت كل الربح الذي ربحته في الخمس سنوات الأخيرة في تطوير ماكنات
الانتاج. وقبل هذا كان لدينا زوج محامص والآن أصبح لدينا عشرة أزواج محامص...
المحامص كانت مشكلة في الإنتاج من ناحية كونها عنق زجاجة"."
هل التحميص أمر هام في صنع الطحينة؟
"الفرق بين
التصنيع التقليدي الأصلي وبين الجديد، أنّ المصانع الجديدة تحمّص بالطريقة المغلقة،
نحن الذين نعمل وفق الطريقة الأصلية نتبع التحميص في المحامص المفتوحة، بحيث يخرج
البخار وينشف السمسم. لقد استغرقني وقت طويل حتى تعلمت مراحل سير العمل. نظرتُ إلى
التعبئة، كنتُ أخجل بالتعبئة القديمة عندما كنت أدخل إلى السوبرماركت، لأنها كانت
مصنوعة من ورق الخرومو، وعندما تعبئ الطحينة وهي حارة، تتمدّد التعبئة، حيث أنّ
الماكنة تلصق الورقة على كل المرطبان، وعندما يبرد المرطبان يتقلص، وتصبح الملصقة
غير مناسبة ومثنية، إضافة إلى أنّ المرطبان لم يكن مغطى بشكلٍ محكم من الأعلى، وكنت
أشعر بأنّ المرطبان يسيل. كنت أنظر إلى المنتج وأقول إنه لدينا منتج مميز، فلماذا
لا تكون لدينا تعبئة مميزة؟ كانوا يقولون لي: لا تغيري التعبئة فهي تدلّ على
صناعتنا. أنا كنت ضد التيار وغيّرت التعبئة ودفعنا سعرًا مضاعفًا وصنعناها بطريقة
أنيقة، حيث اعتمدنا الملصق المسمّى "إن بولد" الذي يصنع أثناء صناعة المرطبان،
مباشرة، وبعد أن غيّرنا، بكل تواضع، قام الجميع بالتغيير."
هل استعنتِ بمستشارين؟
"هذه المسألة لا تحتاج الى
استشارة، أعتمد على ذوقي. ولكن أعترف أنّ لديّ مشكلة، فأنا أستشير الناس، وأسمع
كثيرًا لكن في النهاية أعتمد على نفسي وأقرر وحدي. عندما كنا نصنع الحلاوة قبل
سنتين كنت أتذوّقها، وأسمع من يقول "ما أطيبها"، فأقول إنّ فيها شيئَا غريبًَا، حتى
وصلت الى مرحلة وجدت التركيبة الملائمة، وقلت: نعم هذا ما أريده أن يخرج إلى
السّوق.
"ومع كل التغييرات حافظنا على الشعار وعلى اللون الأحمر وشكل
الأرزة حتى نبقى معروفين، وكي لا نظهر على أننا جُدد، وذهبت إلى مصممة غرافيكية
متميزة ومصوّرة، وصوّرت مراحل العمل على السمسم، وأحضرنا "ستايليست"، حتى نعرف
ستايل التعبئة، فأنا أؤمن بمقولة: أعطي الخبز لخبازه."
وهل للتعبئة تأثير كبير؟
"بعد هذه التحديثات أنجزنا
في البداية تعبئة لنصف كيلو (طحينة)، واكتفيت بهذا في البداية حيث أنني أحب أن تسير
الأمور على نار هادئة، وأبقينا على تعبئة الكيلو القديمة، ولكن الناس صارت تتبلبل:
هل هذا قديم؟ هذا جديد؟ فقررت تحضير تعبئة للكيلو غرام أيضًا، واستغرق الأمر أيضًا
مرحلة طويلة بين 6-7 أشهر. وعندما بدأنا بتحضير تعبئة الحلاوة أيضًا واجهنا مشكلة:
ذهبت إلى كل مصانع إسرائيل المتخصصة في البلاستيك، كلّ العبوات لديهم مستعملة
ومستهلكة، وبناء وتصميم تعبئة جديدة تكلف كثيرًا، بقيمة حوالي 500 ألف دولار لأربعة
نماذج. بعد ذلك وجدت كتالوج لدى شخص يستورد بضاعة من تركيا، وأعجبتني تعبئة حلوة،
وطلبت منه أن يحضر لي نموذجًا للعبوّتين: واحدة 300 غرام وواحدة 600 غرام. من
تجربتنا نعلم أنّ العربي لا يريد التعبئة الصغيرة بل الكبيرة، ولا أستطيع أن أنافس
الموجودين في السوق فكلهم حلاوتهم رخيصة، ونحن عملنا حلاوة أكثر من 60% منها طحينة،
وهي غالية، وقد صنّعناها بجودة عالية ومكلفة، وكنت أمام خيارين: إما أن نذهب الى
المنتج ذي الجودة أو الى الشعبي، فقررت أن أكمل في المنتج ذي الجودة، ومن يريدنا
أهلاً وسهلاً، ولن أحارب كل الدنيا، وطلبت النموذجين الاثنين وسارت الامور. لكن
اليوم يضغطون ويريدون لرمضان التعبئة الكبيرة، من فئة الكيلو أو الإثنين.
يا حلاوة!
ما هي
التشكيلة الموجودة اليوم في السوق لحلاوة "الأرز"؟
"الموجود اليوم
في السوق من فئتي 300 غرام و600 غرام، وبخمس مذاقات مختلفة: شوكو فنيل، شوكو،
المحشي، فستق حلبي وبذور الكاكاو –بذور الكاكاو المحمص التي يتم تكسيرها وتُوضع على
الحلاوة بحيث يصبح طعمها مرًا-حلوًا. لم نصنع حلاوة بالجوز لأنه يفسد قبل انتهاء
عمر الحلاوة. نحن أعددنا الحلاوة لتكون موجهة أكثر للسوق اليهودية، وهناك يطلبون
رزمات من 6 كيلو. في السوق اليهودية يحبّون أن يقصوا كمية من مئة أو مئتي غرام،
غهكذا يشعرون بأنها طازجة أكثر."
كيف تصلون الزبائن
اليهود في المركز؟
"لدينا مسوقة في تل أبيب، تدخل الى كل سوبر ومتجر
طبيعي. نحن لم ندخل إلى الشبكات التجارية الكبيرة لأنها تأخذ كلّ المربح ولا يتبقى
لدينا شيء، ونحن صغار إذا لم نأخذ الربح الكافي أصل في النهاية إلى وضع أدفع فيه من
جيبي، فتنازلت عنهم. وبما يخص مركز البلاد فنحن نقسم بيعنا إلى قسمين: الجملة
والخاص؛ ففي الجملة نزود المطاعم بشكل خاص، ولدينا شاحنتان أو ثلاث إلى تل أبيب،
وهي للمطاعم التي تبحث عن الجودة. واليوم صرنا نزوّد حلاوة للبيع بالمفرق في
الحوانيت وحلاوة عادية، كما أننا صرنا نصنع طحينة "مليئة" (المطحونة مع القشرة)
تحتوي على كمية كبيرة من الكالسيوم، بينما الطحينة العادية فيها أقل بكثير."
قبل مدة بدأ "الأرز" بتصدير منتوجاته إلى خارج البلاد. هذه خطوة ليست
بالهينة لكل من يتعامل مع التصدير، ولكن زهر تقول إنها راضية جدًا عن هذا الفرع، بل
أكثر من ذلك: "الجيد في التصدير أنك تحصل على نقودك مباشرة؛ لا يوجد "شيك راجع" ولا
توجد جباية أو تحصيل ديون، كما أنّ مردوده أعلى رغم أنه يُباع بنفس السعر.
كم يشكل التصدير من مجمل إنتاج
"الأرز"؟
"تقريبًا الثلث. بدأنا بالتصدير في معارض في خارج البلاد. كان
لدينا زبونان اثنان، وتابعا العمل معنا، زبون يشتري علبًا بوزن الكيلو والنصف كيلو،
والزبون الآخر بالكميات الكبيرة، وهناك زبون صغير آخر."
وهل لديكم قدرة على زيادة كمية التصدير؟
"نحن نعمل اليوم
في مناوبة ونصف المناوبة ولدينا قدرة على العمل لثلاث مناوبات حتى نزيد المبيعات.
نحن اليوم ضاعفنا الإنتاج مرتين قياسًا بحجم الإنتاج عندما أتيت الى المصنع."
ومجال الحلاوة جديد أيضًا..
"إنتاج
الحلاوة جديد بدأناه منذ أربعة أشهر فقط. الحلاوة تعتبر موسمية، مع أنّ اليهود
يشترونها في عزّ الصيف. والحلاوة تحتاج إلى مزيد من الجهد. ولكن الحلاوة جيدة لنا،
فعندما تتوجه إلى زبون ولديك اكثر من منتج يكون هذا في صالحك. اليوم ننتج الحلاوة
بأنواعها، إلى جانب الطحينة العادية والطحينة المليئة (بالقشر). وهذا شجّع المبيعات
أيضًا."
وهل اضطررتم لزيادة حجم
المصنع؟
"لم أضف طابقًا، فكله من الموجود. كان لدينا مخزن كبير في
الطابق العلوي، قسمناه، بحيث خصصنا نصف المكان للحلاوة والنصف الآخر ظلّ مخزنًا.
ومع ذلك أصبح المصنع مزدحمًا الآن، ونبحث اليوم عن قطعة أرض، حيث أنّ صندوق "كيرن
تسفونا" بملكية فرطهايمر وافقوا على منحنا مليوني شيكل، فمن الممكن أن نشتري قطعة
أرض ونبني ونطور المصنع عليها.
كم عاملا لديكم
اليوم؟
"مع الحلاوة لدينا 25 عاملًا يتقاضون المعاشات."
في
إطار:
بطاقة هوية
وُلدت جوليا زهر عام 1954 ابنة بكرًا لعائلة من
ثلاثة أبناء وبنات
تلقت دراستها في مدرسة مار يوسف، وتخرجت منها العام 1971
بعد التخرج بدأت العمل في "كيرن بيطوح لعوفدي بنيان فعفودوت تسيبورويوت" وعملت
هناك حوالي الثلاث سنوات
عملت موظفة في البنك العربي لسنة واحدة
في العام
1976 بدأت العمل مركزة إدارية في مدرسة "مفتان"، واستمرت في عملها هناك 27 سنة حتى
العام 2003
في 1/9/2003 خرجت إلى أجازة للعمل في مصنع العائلة لمساعدة زوجها
المرحوم
في تشرين الثاني من نفس السنة شاركت في معرض "يسرا فود". في طرق العودة
من المعرض وصلها خبر وفاة زوجها
تدير طحينة وحلاوة "الأرز" منذ العام 2003
في إطار:
سرّ "الأرز": الأصالة
يرتكز سرّ إنتاج الطحينة في
مصانع "الأرز" على الحفاظ على الطريقة التقليدية في الإنتاج، رغم تحديث الماكنات.
المرحلة الأولى هي التنظيف وهي لم تتغير. ثم التقشير، ثم النقع، ثم الغسل مرة
أخرها. بعدها يُنقل السمسم إلى المحامص ويُحمص مرتين، مرة وهو رطب، ومرة وهو ناشف.
بعد ذلك يُنقل إلى التنظيف، وأخيرًا الطحن. "هذه الطريقة الأصلية وهي الطريقة
النابلسية الأصلية"- تقول زهر.
طحينة "الأرز" خالية من أية مواد كيماوية،
فلا يُضاف إليها المُبيّض الذي يزيد الطحينة بياضًا، فتبقى الطحينة في "الأرز" بلون
البيج "أوف وايت". كما أنّ الطحن لا زال يجري بالحجارة (حجر الرحى) ولا يقوم
الآخرون بهذا النوع من الطحن. وبعد طحن السمسم مرتين يصبح ناعمًا.
بعد هذا
يُخرج السائل على تنكات حتى يبرد قليلاً وبعد ذلك يُعبّأ، ويصبح سائل الطحينة الذي
نعرفه. في "الأرز" يستخدمون السّمسم الذي يحوي نسبة قليلة جدًا من الزيت.
في إطار:
التسويق: أهروني وأنا...
تقول زهر إنها لا تستطيع
تولي مهمة التسويق وحدها: "لدينا مسوقون وهم يحضرون الزبائن، وهناك الكثير من
الزبائن الذين يتصلون بنا ونحن بدورنا نزوّدهم- وهذا أفضل. الدعاية المباشرة هي
أفضل الوسائل. لدينا شخص من رمات جان يملك محل حمص مشهورًا، يضع طحينتنا في الواجهة
ويقول إنه يستعمل طحينة "الأرز"، وهذه أحسن دعاية لنا.
"أنا عملت كثيرًا
على وسائل الاعلام، كنا مرتين في التلفزيون، في الصحف، نشارك في معارض، "يسرا فود"
في تل أبيب، ونحن مشتركون في شيء اسمه "سوق الفلاحين" في تل أبيب، كل يوم جمعة. وفي
هذا السوق يبيعون أشياء خاصة، مثل الخضروات العضوية والخبز الخاص. ما أعمل عليه
الآن أن يكون المرطبان الصغير في كل بيت في مركز البلاد. يأتون من القدس ويشترون
صناديق ويوزعونها على أنفسهم، لأنه ليس لدينا مُسوّق في القدس ومن الصعب أن نصل إلى
هناك.
زهر تقول إنّ السمسم "المليء" غير معروف بعد عند العرب ("موضة"
الحبوب المليئة بدأت منذ سنتين أو أكثر قليلا وهي تشجع على استهلاك الحبوب التي
تُصنع مع القشور، مثل الخبز المصنوع من الحنطة المليئة أو الأرز المليء). وهم
يبيعونه بنفس السعر، مع العلم أنه من المفروض أن يكون أرخص، "لكن العمل به أصعب
ويحتاج الى وقت أطول، كما يجري طحنه بطريقة خاصة، ولذلك فهو أغلى"- تقول زهر.
زهر تقول إنّ اليهود يعدّون السلطة بالطحينة المليئة ومن الممكن أن نصنع
الصلصات بها. وفي السابق كانت البيوت العربية كلها تصنع الطحينة، بينما كان اليهود
يشترونها جاهزة، واليوم بالعكس، نحن لم نعد نصنع الطحينة، واليهود يعودون الى
القديم. أنا اذهب الى هذه السوق لأسمع ما هي ردود الفعل عند الناس، هل أحبوا
الطحينة، هل أحبوا الحلاوة، ونخلط الطحينة بالليمون ونعطي نماذج للتذوق مع خبز
عربي.
زهر تشير إلى أنّ الطباخ الشهير يسرائيل أهروني كتب أنّ الطحينة التي
كنا نأكلها مع الفلافل وتوسخ ملابسنا، تحولت إلى منتج محترم، وكل مطعم يحترم نفسه
يبحث عن الطحينة الجيدة، ثم وضعنا في ضمن الخماسية المتميزة- مرتين. في المرة
الأولى وضع الأرز، وفي الثانية اسمًا آخر لشركة يهودية نزودها بالطحينة وتبيعها كما
هي".
الحملات الدعائية القطرية بحاجة إلى ملايين الشيكلات. سألناها عن طحينة
"بركة" التي خرجت بحملة إعلانية كبيرة. زهر: "هم أنفسهم طحينة الهلال، لكنهم
اذكياء، فالهلال قد يخلق ردود فعل عنصرية، ولهذا خلقوا للوسط اليهودي "طحينة بركة"،
وهي نفس الطحينة ونفس الحلاوة، ولكنها باسمين، واحد للوسط اليهودي والهلال للوسط
العربي. هذه شطارة". من جهة أخرى تتحفظ زهر: "نحن لسنا بحاجة إلى حملات دعائية
كبيرة لأنّ طحينتنا جيدة وليست بحاجة لتسويق"، ومن جهة أخرى تقول إنها بادرت إلى
حملة إعلانية في الصحف العربية ولكنها لم تشعر بأية فائدة من بعد الحملة: "بهذه
التكلفة كان الأجدى أن أصنع طحينة وأوزعها على الناس ليذوقوها- فهذه أفضل دعاية".
في إطار:
الطحينة والحلاوة والسمسم
السمسم هو نبتة موسمية
تنمو في الأساس في أثيوبيا ونيجيريا والسودان. وفي السابق كان المزارعون في البلاد
يزرعون السمسم إلا أنّ خفض الجمرك على السمسم المستورد قضى بشكل شبه نهائي على
زراعته المحلية. تُستخدم حبوب السمسم لصناعة الزيت والطحينة والحلبة وغيرها.
وكونها بذور زيتية، يُستخدم السمسم لحالات الدوخة والزغللة بالعين وطنين
الأذن. والبذور تلين (تشحم) الجهاز الهضمي وتعالج الإمساك. وتزيد من لبن الرضاعة
لهذا يوضع على الحلبة. ويستخدم زيت السمسم المعروف بالسيرج أو بالشيرج (حسب اللفظ)
في الطبخ وقلي الأطعمة وله أعتبار خاص لدى اليهود، كما يستخدم في مستحضرات التجميل،
وهو غني بالدهون غير المتشبعة ومضادات الأكسدة. وتستعمل أوراقه في مشاكل الكلي
والمثانة وتوصف للأطفال في الإسهال والأرياح.
يحتوي جنس السمسم الرئيسي
(Sesamum) على أكثر من 30 نوعًا ومجموعة كبيرة من الاصناف.
الطَحِيْنة أو
الطحينية أو الراشي أو الرهش هي عصارة حبّ السمسم، حيث يعصر السمسم بعد تنظيفة
وتحميصه على النار، كما يمكن عصره من دون تحميصه. تضاف الطحينية إلى السلطات أو
الحمص، أو تخلط مع الدبس وتؤكل شتاءً كفطور. تدخل الطحينية في صناعة العديد من
الحلويات وكذلك في صناعة الحلاوة الطحينية والحلاوة السمسمية ووجبة الكفتة.
تعتبر الطحينة من أشهر منتجات السمسم في الشرق الأوسط، ورغم أن تاريخ
الطحينة لا يكاد يعرف بالضبط، إلا أنه يبدو أنها قديمة الاكتشاف، ولعل مصدرها كان
شامياً أو تركياً.
وتُقسم الطحينة إلى طحينة بلدي، وهي داكنة اللون، وطحينة
شامي وهي فاتحة اللون. وهم بذلك ينسبون حلاوتها حسب لونها إلى حلاوة طحينية (من
الداكنة) وحلاوة شامية (الفاتحة والمعروفة على مستوى العالم العربي باسم الحلاوة
الطحينية). والفارق في لون الطحينة في أصله يعتمد على درجة تحميص السمسم منزوع
القشر، فكلما زاد تحميصاً زاد لونه دكانة.
أما الحلاوة الطحينية فإن
صناعتها تتم مباشرة من الطحينة السائلة، حيث يتم تنظيف السكر وتنقيته، ثم يطبخ في
الماء بشكل جيد وبحرارة ومدة زمنية معينة، ثم تضاف إليه كمية معينة من شرش الحلاوة
(عود الحلاوة)، فنحصل على مزيج أبيض ناصع يخلط مع الطحينة السائلة بشكل جيد، وبهذه
البساطة نحصل على الحلاوة الطحينية.
أما إذا أردنا إضافة حشوة الفستق أو
غيره إلى الحلاوة فإن ذلك يتم بإضافة مادة الحشوة إلى الخليط ومزجه مع الحلاوة قبل
التعبئة. والحلاوة الشعر الحالية تصنع من الطحينة، ولكن الأمر لم يكن كذلك قبل
سنوات، إذ كانت تصنع من دقيق القمح وهي ما زالت كذلك في سوريا حيث تسمى «غزل
البنات». أما الحلاوة الشعر التي تصنع من الطحينة فتبدأ صناعتها بطبخ السكر ثم
تبريده ثم يخلط بالطحينة السائلة ويدخل في ماكينة خاصة يسحب خلالها ويخرج على هيئة
خصل من الشعر تترك هذه الخصل لتبرد ثم تعبأ.
وتعتبر الطحينة مادة غذائية
عالية القيمة الغذائية لا تختلف كثيراً في قيمتها الغذائية عن السمسم، فهي مادة
دسمة بها دهون وبروتينات وشيء من الكربوهيدرات، إلا أن نسبة الألياف بها أقل. أما
الحلاوة فهي تزيد في قيمتها الغذائية سعرات حرارية بسبب وجود السكر فيها، ولعل
عمليات التصنيع تفقد الطحينة، ومن ثم الحلاوة، النسبة المتبقية من مجموعة فيتامين
«ب»، لذا فتصبح الحلاوة الطحينية أو الشعر مادة غذائية دهنية سكرية مرتفعة السعرات
الحرارية.
عناوين في المادة:
"كنتُ في هذا العمل في قمة عطائي...
الطلاب في المدرسة بحاجة إلى معاملة خاصة... كنت أعودُ إلى البيت ومشاكلهم معي،
أشعر بهم كثيرًا".
"قلت لزوجي إنني أرغب بالعمل معه في المصنع فأجابني:
"نكون سوية في البيت وفي العمل أيضًا؟! إبقي أنت في المدرسة وأنا في عملي"... في
النهاية وافق، وطلب مني مازحًا أن لا أعمل مديرة عليه، كما في
البيت".
"تلقيت اتصالاً بأنّ زوجي في المستشفى، رغم أنه لم يكن مريضًا.
وصلنا إلى الناصرة وكان قد توفي إثر اصابته بنوبة قلبية عن عمر 56 عامًا، رغم أنه
كان رياضيًا... عندها بدأت حياتي الجديدة".
عندما قرر المرحوم أسعد زهر
تأسيس مصنع "الأرز" للطحينة كان يعمل مع أخوته في "لف الماتورات". في 1991 اشتروا
ماكنات تابعة لمصنع طحينة بهدف تفكيكها وأخذ الموتورات الخاصة بالماكينات ولكنهم
أخذوها وفتحوا مصنعًا للطحينة...
"بدأنا تدريجيًا نبيع وندخل إلى الحوانيت،
نبيع صندوقًا أو اثنين. بدأنا بتعبٍ وبشقاءٍ ولم نصل عبر الدعايات أو التسويق
الدعائي. كان التسويق يجري دائمًا عبر التسويق الكلامي، من الفم إلى الأذن".
"كنت في مفترق طرق لا أعرف أيّ اتجاه فيه سأسلك. بعد ذلك صليت وطلبت من ربي
أن يعطيني علامة حول ماذا سأفعل، أتابع العمل في المصنع أم أبيعه لأستفيد من
الفائدة في البنك؟"
[email protected]
أضف تعليق