في الانتخابات القريبة سأصوت للقائمة المشتركة. هذا ليس خيارا طبيعيا بالنسبة لي. في الواقع صوتت في معظم المعارك الانتخابية للجبهة الديمقراطية للسلام المساواة، لكن أيدلوجية الحركة الإسلامية مثلا بعيدة جدا عني جدا. أنا أعتقد أيضا أن السياسة في نهاية المطاف تتأسس على تأكيد الاختلاف وعلى التنافس الأيدلوجي. لا أرغب دعوات الوحدة حينما تصدر عن الجمهور اليهودي، وأنا متأكد بأنني حتى لوكنت فلسطينيا لكنت معنيا بالتعددية وتنوع الطروحات السياسية. بالنسبة للشرائح الأكثر تطرفا في الجمهور الإسرائيلي من المريح لهم وضع كل العرب في خانة واحدة. والقائمة المشتركة تتماشى مع تلك الفكرة المسبقة الرائجة، وهذا أمر سيئ.
نحن في حقبة غير عادية- لا على مستوى الشرق الأوسيط ولا إسرائيل. إمكانية إنهاء الاحتلال لم تبدو بعيدة كل هذا البعد قط. الحكومة تتلكأ في مواجهة ظاهرة العنف اتجاه المواطنين العرب واتجاه الفلسطينيين غير المواطنين. وتنظيمات كاهانية كـ "ليهافا" تنشط دون معيق. والعنصرية السافرة أصبحت عملة سياسية شرعية. والحكومة تشجع نهج الفصل والإقصاء للعرب بمساعدة "قانون لجان القبال"، "قانون النكبة" وغيرهما.
يعيش اليهود والعرب جنبا إلى جنب في هذه البلاد- هذا هو الواقع ببساطة- لكن المنظومة السياسية تطمح إلى توحيد اليهود بالقوة للسيطرة على
العرب- بالقوة أيضا. والتطورات في الشرق الأوسط تشجع أجواء العنف والإحباط. وعلى خلفية أحداث سوريا وليبيا والعراق، ينظر الجمهور اليهودي والمجتمع الدولي بنفس النظرة إلى أحداث كالحرب على غزة والتدهور الخطير في علاقات اليهود والعرب في الصيف الأخير. إن إقامة القائمة المشتركة هي بنظري تعبير عن الحاجة لأدوات سياسية جديدة للعهد الجديد.
سأصوت للقائمة المشتركة أيضا لأنني أعتقد بأنه ينبغي إرساء قواعد جديدة للعلاقات السياسية بين اليهود والعرب. وإذا ما نجح هذا المشروع السياسي يمكنه أن يؤدي إلى تحول تاريخي. التحدي الأول سيكون لليسار اليهودي ليدرك أنه لا يمكن إنجاز شيء دون ربط أواصر التعاون مع الفلسطينين. من غير الممكن عزل الأحزاب العربية ولا يمكن أخذهم كأمر مفهوم ضمنا، والوصاية ستضطر لإخلاء مكانها لمبدأ لاستماع والتفهم. التحدي الآخر سيكون لكل الجمهور اليهودي: إذ أنه لا يمكن تجاهل قوة مكونة من 14-15 مقعدا. وسيتزايد الحضور الفلسطيني في لجان الكنيست وفي وسائل الإعلام وفي برامج الاستضافة. وقد رأينا في هذه الحملة تأثير الوحدة على وسائل الإعلام العبرية، التي بدأت تستمع – للمرة الأولى- للأصوات التي ترتفع من الشارع الفلسطيني.هكذا يبنون متستقبلا جديدا.
سأصوت للقائمة المشتركة لأنني أثق بأعضاء القائمة المشتركة في الكنيست وبقيادتها. ليس فقط من باب التضامن بل أيضا من منطلق المصلحة الشخصية لي كيهودي إسرائيلي. أيمن عودة ، جمال زحالقة، عايدة توما، يوسف جبارين، أحمد طيبي، دوف حنين - أتيح لي أن أتعرف على بعضهم شخصيا، وهم أناس يفهمون الواقع السياسي الإسرائيلي بكل ثناياه، بما في ذلك احتياجات ومخاوف وطموحات المواطن اليهودي. في كافة الأحزاب يوجد أعضاء كنيست يهتمون بالقضايا الاجتماعية لكن في القائمة المشتركة يوجد الكثير منهم. هناك أشياء تعتبر مفهومة ضمنا - من يمثل الجمهور الأكثر اضطهادا وفقرا في إسرائيل يدرك أهمية العدالة الاجتماعية أكثر من كل هؤلاء الذين تعتبر هذه القضايا بالنسبة لهم أمر نظري أو أيدلوجي.
سأصوت للقائمة المشتركة لأنني واثق أن أعضاء الكنيست التابعين لها لن ينسوا العاطلين عن العمل، والأسر المعدومة، والاكتظاظ في المستشفيات والمدارس، دون اية علاقة بالهوية القومية. وأنا واثق أن القائمة المشتركة يمكنها أن تقود النضال ضد الاحتلال في الوقت الذي تخلى الكثير عنه.
سأصوت للقائمة المشتركة لأنها تساعدنا في تغيير الحوار الذي يسيطر على مركز الاتجاه السائد الإسرائيلي. دون حضور فلسطيني قوي لا يمكن زعزعة النزعة العسكرتارية الإسرائيلية التي تضر بنظري أيضا باليهود، بحرية الفرد وحرية التفكير.
من دون الفلسطينيين لا يمكن محاربة العنصرية وكراهية الغرباء. المجتمع الإسرائيلي يتنكر للمركّب العربي في هوية قسم كبير من اليهود، تماما كما يتنكر لكونه جزء من الشرق الأوسط من الإقليم الثقافة التاريخ والجغرافيا. وبهذا هي تردد بسخرية مريرة ادعاءات من يرون في اليهود غرسة صليبية غريبة يمكن أن تزول من المنطقة. الحضور الفلسطيني في الكنيست وفي الحياة العامة يذكرنا أين نحن موجودين وتساعدنا في أن ننخرط في هذه الأرض. لهذ بالنسبة لي التصويت للقائمة المشتركة ليس بديلا افتراضيا ضد العنصرية والتعصب القومي- بل هي الخطوة الأكثرعملية والأكثر تفاؤلا اليوم من أجل كل سكان هذه البلاد.
[email protected]
أضف تعليق