أثبت أهالي قرية كوسكوي (Kuşköy) التركية منذ زمن بعيد براعتهم في إبداع الحيل لحل مشكلة التواصل عبر المسافات الطويلة في ظل انعدام الكهرباء ووسائل التواصل الحديثة، إذ اخترعوا قبل 400 عام طريقة بسيطة للتواصل من خلال الصفير.
يطلق الأهالي على هذه اللغة اسم “لغة الطيور” أو “كوس ديلي ” (kuș dili) نسبة إلى كوسكوي مكان نشأتها، والتي تعني في حد ذاتها ” قرية الطيور”.
هذه الوسيلة الرائعة للتواصل نشأت قبل أكثر من 400 عام نظراً لطبيعة العمل في مزارع جبال بونتيك، ذات المنحدرات الجبلية الوعرة التي تجعل السفر وإن كان لمسافات قصيرة أمرا صعبا للغاية.
ولهذا السبب، شعر القرويون بالحاجة إلى إيجاد بديل لطريقة التواصل، فاستوحوا طريقة الصفير من زقزقة الطيور، وبدأو باستخدام مقاطع من الكلمات التركية التي ثبت أنها أكثر فعالية وأقل استهلاكا للطاقة من الصراخ أو المشي لمسافات طويلة للوصول إلى الشخص الآخر لغرض التحدث إليه.
نجح القرويون في صياغ جمل من لغة “الصفير” لإخبار بعضهم البعض عن قدوم زائر جديد أو لطلب المساعدة أو دعوة بعضهم بعضاً إلى شرب الشاي، حتى أنهم صاغوا أحاديث طويلة ومعقدة من خلال الصفير.
يصل صدى “لغة الصفير” التي يطلقها القرويون لمسافة كيلومتر واحد، وإذا كانت المسافة أطول، يعمل الجيران على تمرير الرسالة حتى تصل إلى صاحبها.
أهالي قرية كوسكوي تربطهم علاقة مجتمعية وثيقة واستمروا في التواصل بلغة العصافير حتى بعد حصولهم على الكهرباء عام 1986، ولكن هذه اللغة بدأت تدخل عالم النسيان في السنوات الأخيرة بسبب هجرة شباب القرية للعيش والعمل في المدينة واستخدامهم لوسائل التواصل الحديثة فانحصرت لغة الطيور لدى الأجداد.
تقع كوسكوي في منطقة “كاناكسي” (Canakçı) ويحكمها محمد فاتح كارا الذي يحاول جاهداً الحفاظ على لغة الطيور وجعلها أكثر شعبية بين الشباب. ومن جانبه يعمل شريف كوسيك، رئيس جمعية لغة الطيور، على تنظيم مهرجانات سنوية منذ السنوات الـ15 الماضية لتعزيز اللغة وتشجيع الشباب والصغار على تعلمها.
يجذب مهرجان كوسكوي حوالي 2000 شخص سنويا، ولكنه مع ذلك لم ينجح في تشجيع الشباب على المحافظة على لغة العصافير فكل ما يجذبهم إلى المهرجان هو حفلات الرقص والموسيقى الصاخبة وفقاً لبعض شيوخ القرية.
كوسكوي هي واحدة من الأماكن القليلة في العالم التي يعتمد أهاليها على لغة الصفير، إلى جانب جزيرة لا غوميرا الإسبانية.
[email protected]
أضف تعليق