جريمة واحدة، 5 قتلى، بلد تنزف...والشرطة كالعادة "إستلمنا شكوى سابقًا"

لم يشهد وسطنا العربي منذ سنوات كثيرة جريمة أبشع من هذه التي وقعت صباح اليوم الأحد في دبورية ، جريمة تقشعر لها أبدان حتى من ليس لديهم مشاعر، جريمة جعلت قريةً كاملة تبكي حزناً وألما.

قتل بلا رحمة

اليوم في دبورية قام رجل يدعى بشير نجار بإطلاق النار على إبنتيه (من طليقته الأولى) وهما بطريقهما إلى المدرسة، وأردى الأولى قتيلة وهي مادلين نجار والثانية جريحة بحالة بالغة الخطورة. كان للضحيتين فقط 5 دقائق للوصول إلى مقاعد الدراسة، وكان حولهما عدد من الزملاء، وإذا تقدّمت لأحد بسؤال "ما جرى؟!" فلن تجد الجواب، حيث ما زالت الصدمة واضحة على وجوه الطلاب، وكل ما يذكروه "رجل غاضب والكثير من الدماء"!

القاتل توجه بعد ذلك إلى بيت الآباء حيث تعمل طليقته الثانية زهيرة ججيني فقتلها هناك هي وإبنتهما لمى الصغيرة التي تبلغ من العمر 4 سنوات- التي أختطفها من المدرسة بعد جريمته الأولى. وفي حديث إلى شاهدة عيان قالت لـ "بكرا" "كان واضحًا جدًا أنه ساخط، وضع المسدس على رأس لمى وصرخ على زوجته عدة مرات "بنتك، راح تشوفيها ميتة"، لتقوم زهيرة بالتوسل إليه أن يتركها وشأنها، لكن لم ينصت إليها وأطلق النار على لمى، زهيرة هربت بدورها لكن النار طالتها وأردتها قتيلة، لم نستوعب ماذا جرى وكل تساؤل لماذا لم نوقفه ليس في محله، كيف يمكن أن نوقفه؟!".

بعد ذلك توجه لبيت الموظف المسؤول عن طليقته المغدورة في بيت الآباء وهو عبد السلام عزايزة، وقتله بالرصاص أيضاً علمًا أن عزايزة كان في خضم التحضيرات لخطبة إبنتيه في 20.9 و- 27.9، لتوقف أربع رصاصات في صدره كل فرحة في المنزل وتبدل الأفراح إلى أحزان وأسئلة "لماذا"؟!

القاتل، وبعد جريمته الثالثة هرب بسيارته إلى الشارع الواصل بين دبورية وإكسال، ليوقف سيارته هناك ويضع حداً لحياته، وفي الخلاصة خمسة قتلى وشابة مصابة بجروح بالغة الخطورة وتتفاوت الأخبار حول حالتها، وعشرات الأطفال تراقب ببث حي ومباشر كيف يقوم أب بإعدام أولاده بدون شفقة أو رحمة، وبلد وادعة هادئة مصدومة وتحاول أن تتنصل من "المجرم".

الشرطة تعترف، سلاح غير مرخص وسوابق بالعنف العائلي!!

الشرطة بدورها وصلت للمكان وباشرت بالتحقيق، حيث عقد الضابط إيتان منشه مؤتمرا سريعاً تحدث فيه عن حيثيات الحادثة وأجاب عن بعض الأسئلة وجاء في حديثه " أن الشرطة باشرت بالتحقيق، وأن القاتل كان قد حقق معه مرتين سابقاً بشبه العنف العائلي، والمرة الأخيرة كانت هذا العام، أي قبل بضعة أشهر، وأن السلاح الذي عثر عليه معه هو مسدس غير مرخص يشتبه بأنه مسروق وخلفية الحادثة غير واضحة حتى الآن".

الإصابات كلها بالجزء العلوي من الجسم

البراميديك ألون حلفون من نجمة داوود الحمراء بمنطقة الجلبوع تحدث بدوره إلى "بكرا" عن عدد القتلى الذين تم نقلهم حيث قال أن هنالك 5 قتلى وفتاة جريحة بحالة حرجة جداً، وأن طواقم نجمة داوود حاولت إنقاذهم إلّا أن حالتهم كانت سيئة جداً، فالإصابات كلها بالجزء العلوي من الجسد، إما بالرأس أو بالصدر، مما يؤكد ما قاله الشهود عيان لـ "بكرا": القاتل أعدم ضحايا بالرأس ومن مسافة صفر!.

إستدعاء أخصائيين نفسيين للمدارس وبيوت العزاء

هذا وقد كان لنا حديث مع ماتي أفني رئيس اللجنة المعينة في دبورية والذي قال " الحديث يدور عن حادثة خطيرة جداً ومحزنة ، القرية تعيش بحالة من الذهول وقد قمنا بالتوجه للجهات المختصة لتحويل أخصائيين إجتماعيين ونفسيين للقرية وتمت الإستجابة لطلبنا وها هم يعملون في مدارس القرية وروضاتها، وفي بيوت المغدورين، قسم الشؤون في المجلس يعمل كل ما بوسعه لمحاولة تخفيف الألم على الأهالي، وسيتم إرسال الطلاب لبيوتهم باكراً اليوم في حين سنقرر بعد ذلك ما الخطوات القادمة".

لا تربط القاتل بأخي أي علاقة

زرنا بيوت العزاء وتحدثنا لبعض العائلات وقد قال لنا الأستاذ عبد الله عزايزة شقيق المرحوم عبد السلام عزايزة " أن أخي كان رجلاً طيباً بكل المقاييس وقد رأيته عند السابعة والربع من صباح اليوم وكان متفائلا يريد أن يوصل زوجته للعمل ، ذهبت لعملي وبعد دقائق من وصولي إتصلت بي إبنتي لتنقل لي هذا الخبر المشؤوم ، لا أعرف القاتل ولا أعرف عنه شيئاً ولم تربطه أي علاقة مع أخي ، إنا لله وإنا إليه راجعون".

القاتل إبن عمة طليقته المغدورة

عمار ججيني شقيق المرحومة زهيرة ججيني وخال الطفلة لمى ججيني تحدث بأسف شديد قائلاً " هذا هو القضاء والقدر، اختي كانت من أفضل نساء القرية والجميع يشهد بذلك وهذه الفعلة التي قام بها طليقها هي آخر ما كان يتوقعه المرء، طبعا عائلته حزينة كما نحن حزينين لا سيما وأننا تربطنا صلة قرابة معهم حيث أنه إبنُ عمّتنا ، نسأل الله أن يلهمنا الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون".

مشهد الفتاتين بملابس المدرسة وسط الدماء ، مرعب

وقد كان لنا حديث مع فؤاد قنوات ، وهو قريب المرحومة مادلين نجار وأختها المصابة ، والذي كان شاهداً على الحادثة وقال " لا شيء يوصف بشاعة المشهد الذي رأيته ، فأنا أعمل بالمدرسة المجاورة لمكان الحادثة وقد وصلت بعد ثوان من إطلاق النار ورأيتهما ملقاتان على الأرض بملابس المدرسة والدم ينزف منهما ، من يقوم بمثل هذه الجريمة لا بد أن يكون إنسان فاقد لكل المشاعر ، نسأل الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان وخصوصا والدة المرحومة، الإمرأة العصامية التي تعمل ليل نهار من أجل بناتها، والتي عوقبت بمثل هذا العقاب القاسي ، إنا لله وإنا إليه راجعون".

القاتل كان شخصا غامضا

رأفت سموعي قريب القاتل المرحوم بشير نجار قال " المرحوم كان شخصاً غامضاً لا يحدث أحد عن أسراره لكنه لم يكن عنيفا ولم نسمع عنه أي شيء سيء من قبل ، نحن آسفون لما حدث ومتفاجئون كثيراً ، رأيته قبل يومين وكان طبيعياً ، إنا لله وإنا إليه راجعون".

عائلة القاتل تستنكر ، تقدم التعازي وتعلن "لن نقيم بيت عزاء"

وقد أصدرت عائلة القاتل المرحوم بشير نجار بيانا نودي ما كُتب فيه بالمساجد ، حيث أعلن خلاله والد المرحوم ، الحاج أبو النور نجار وعائلته بأنهم يستنكرون هذه الحادثة الفردية ويقدمون العزاء للعائلات ججيني ، عزايزة ويوسف ولأنفسهم أيضاً ، وقالوا بأن هذه الحادثة هي ضربة في الصميم لكل العائلة وأنهم قرروا عدم إقامة بيت عزاء لإبنهم بشير نجار".

اللجنة الشعبية تعلن حداداً وإضراب

وقد أصدرت اللجنة الشعبية في دبورية بيانا أعلنت به الإضراب والحداد وجاء فيه - بسم الله الرحمن الرحيم ، بيان اللجنة الشعبية – دبوريه " يا ايها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين

أهلنا الكرام: لقد فجعنا في صباح هذا اليوم بهذه الجريمة النكراء حيث أقدم احد المواطنين على ارتكاب جريمة لا يتصورها عقل ولا يتخيلها انسان حيث أقدم على قتل اربعة انفس نسأل الله لهم الرحمة واصابة فتاة خامسة نسأل الله لها الشفاء وذلك قبل ان يقدم على الانتحار , وقتل نفسه ليلقى الله تعالى بابشع جريمة يتصورها عقل .

أهلنا الكرام : اننا لنستنكر هذه الجريمة البشعة باشد عبارات الشجب والاستنكار وسيلقي منفذها عند الله تعالى ما يستحق من العذاب وفي نفس الوقت اننا لندعو أهلنا جميعا الذين اصيبوا بهذه المصيبة وكلنا, قد اصبنا بها, ندعو لهم بالصبر والثبات والاحتساب والاستعانه بالله تعالى فلا معين الا الله ولا صبر الا عنده.

فيا اخواننا احتسبوا مصابكم عند الله ولا تقولوا الا ما يرضي الله.

أهلنا الكرام: قررت اللجنة الشعبية في اجتماعها اليوم القرارات التالية :

1. الاعلان عن الحداد العام لمدة ثلاثة ايام فنهيب باهلنا الالتزام بهذا الحداد والامتناع عن جميع مظاهر الفرح والاحتفالات .
2. الاعلان عن اضراب عام غدا الاثنين 13/9/2 حيث يشمل جميع مرافق الحياة التعليمية والتربوية وغيرها . (المعلمون يتواجدون في المدارس)
3. نتوجه الى جميع أهلنا بضبط النفس والصبر وعدم الانجرار وراء أي من اعمال العنف والفتن والاشاعات .
4. اللجنة الشعبية منعقدة بشكل متواصل لمتابعة أي تطورات او احداث تتطلب البحث والتدخل .
5. تعلن اللجنة انها ستقوم بالاتصالات اللازمة مع جميع الجهات والمؤسسات المعنية من أجل مكافحة جميع مظاهر العنف, حتى نحافظ على قريتنا واهلنا وتستمر حياتنا آمنة مطمئنة .