روجيت حناوي، تديرُ اعمال شركة "جورج حناوي "Wine & More"، وإلى جانبها أبنائها وشقيقها، وتملك أيضًا "مقهى روجيت" في يافا.
هذه المرأة، سيدة الأعمال المعروفة بحلو الحضور وجمالِ الروح، عصاميةٌ شقّت طريقها رغم المصاعب، فارقها زوجها وهي بعدُ في ريعانِ الشباب، 28 عامًا كانت يومَ قررت أن تسيرَ في دربِ النجاح، وهي تعلمُ أنّ الطريق التي تخوضها، تحتاجُ مِنها إلى تخطيطٍ، ومعرفةٍ واغتنامِ فُرص...
كانَ لَها الفضلُ في الحفاظ على نسيج الأسرةِ الواحدة، يومَ أن ارتضت أن تكون بين ابنائها واثنين من أشقائها، رغم صعوبة أن تحتمي بمظلة العائلية، لكنها، بفضلِ إيمانها بالمثل القائل: "إذا كان الحديدُ صلباً فكلمةُ الحقِ أصلب"، ما يعني أنّ الجميع يحتكم إلى العقل في الإدارة، لا إلى الماديات، ولعلّ هذه المبادئ التي سارت عليها ، كانت بمثابة القوانين الأساسية التي مشى عليها الجميع، فكانَ النجاحُ، واقعًا ملموسًا...
بداية المشوار
"متجر عائلة حناوي، عائلة المرحوم زوجي، كان معروفًا قبل عام 1948، وظلّ المتجر قائمًا، واسمه في الأذهان، تزوجنا أنا وجورج عام 1975، وقررنا بعد ثلاث سنوات افتتاح متجرٍ آخر، في شارع ييفت في قلب مدينة يافا، ثم توجه شقيق زوجي عارضًا شراء متجره لرغبته بالعمل في مجالٍ آخر، فبقيت أنا في المتجر الصغير الذي افتتحناه حديثًا أما زوجي فأدار محل العائلة، وركزنا على بيع المشروبات الروحية، بأصنافها، تطور عمل زوجي، فانتقلت الى مشاركته في المحل الكبير، أشركنا عاملاً واحدًا معنا في المحل، ثم بدأنا البيع بالجملة لتجارة المنطقة، وسرعان ما افتتحنا محلاً جديدًا لبيع نبيذ "الكريميزان"، بشراكة شقيقي وديع، فكان مديرًا للمحل، لكننا عدنا وأغلقنا محل النبيذ عام 1984، فعدنا الى محلنا الكبير".
تقول روجيت، ام توفيق: "اتجه زوجي بفكرة جديدة، توزيع حصري لمنتجات شركة "كونياك ستوك"، بمشاركة صديقين يهوديين، وكانت الفاجعة بوفاة زوجي عام 1986، عن عمر ناهز الـ 36 عامًا، تركني أبو توفيق، رحمه الله، ابنة 28 عامًا، أعارك في الحياة، مع ثلاثة أبناء: توفيق، اندراوس ووسيم، أشغلتُ نفسي بالعمل مكان زوجي، بينما واصل زوجي العمل في المتجر، وأنا أخذت مهمة تسويق منتجات "كونياك ستوك"، لكنّ العام 1990، كانَ وقعه سيئًا علينا، فقد أفسلت شركة تسويق مشروبات "ستوك"، ما أدخلني في أزمة مالية خانقة امتدت حتى مطلع العام 1993، وتمّ فضل الشراكة، وبدأتُ بتسديد ديوني من محل المشروبات في يافا".
التحدي وتجاوز الأزمة المالية
"بالشراكة مع شقيقي وديع والياس، أسسنا "شركة جورج حناوي"، فكانت حصة كل واحدٍ منهما 25%، أما أنا فقد ملكتُ 50% من الأسهم في الشركة. وفي العام 1997، قمنا بافتتاح فرعٍ في هرتسليا، مع ابن شقيقتي زكي، بنسبة 20% من أسهمه، ونسبة 80% لشركة حناوي جورج.
أما التحول الكبير في حياتي فكان في العام 2003، بعد اطلاعي على شبكة "بفريدج اندم ور" في الولايات المتحدة، حيثُ اطلعتُ عن قرب على عملها، ونقلت الفركة الى البلاد، ثم اتجه ابنائي لدراسة الفكرة، وبدأنا بتنفيذ الفكرة على الارض، اليوم لدينا ستة فروع لـ"جورج حناوي وين أند مور"، وبالإضافة إلى رئاستي للإدارة فإننا نوزع المهام بيننا وفق الوظائف والمهام، المنوطة بكل واحدٍ مِنا، فهناك مدير للتسويق، ومدير للقوى العاملة، ونتعامل مع بعضنا البعض كطاقم متكامل، وقرارتنا تصدر بعد نقاشاتٍ ودراسات معمّقة، ونستغل أيضًا الجيل الحديد والشباب فيالاستفادة من رؤيتهم ونظرتهم الى الواقع والتطورات الحاصلة في العالم".
وقبل ثلاث سنوات افتتحتُ "مقهى روجيت" في يافا، إضافة إلى إقامتنا لنادي زبائن يضم 18 ألف عضو، من كافة المدن في المنطقة، يشارُ انّ عدد الموظفين في شركة "جورج حناوي" يصل الى ما يقارب الـ 70 موظفًا.
"الضربة التي لا تميتك تزيدك قوة"
كانت لي صدمة كبيرة، بوفاة زوجي، وعملاً بالمثل الذي رددته والدتي المرحومة قبل مماتها "الضربة التي لا تميتك تزيدك قوة"، فجعلتُ من هذا القول شعارًا أسير وفقه، نعم تعبتُ وواجهت الصِعاب، لكنني لم أصل يومًا إلى حدِ الاكتئاب، في كلِ مرةٍ أشعر بالفشل، أستفيق على حلمٍ يمكن تحقيقه، وهذا ما يحصل.
أما قوة شخصيتي التي يشيرون إليها، مَن يعرفونني، فإنها بدأت من عائلتي "أبو مني" اللداوية، شقيقاتي الأربع، والدتي، والدي، فأبي تمتع بشخصية قوية ورؤية صائبة، فتطبعتُ بطباعه.
بين العائلية والمِهَنية!
تقول ام توفيق: "الشراكة العائلية صعبة جدًا، خاصةً عندما نخلط بين العمل والعاطفة، وكان لزامًا علي أن أجمع بين محبتي لأبنائي وأشقائي وبين النجاح المهني، لم أكن يومًا أريد أن أخسر أحد، لذا كان الوفاق هو الحكم، وأساسُ الوفاق المحبة، نعم هناك أمرٌ مهم هو الأرقام والأرباح، لكن الهدف الأساس هو العمل المبني على التفاهم والمحبة وليس على الماديات، جميعنا، نحن الشركاء، قررنا ألا نكسب المال ونخسر أنفسنا، لذا وصلنا إلى صيغة ترضي الجميع، والمحبة أساسها".
تضيف حناوي: "أعود وأكرّر أن الشراكة العائلية ليست سهلة، فشركائي الذين لا تربطني بهم علاقة عائلية، عندما افترقنا، لم يكن بيننا ما يُمكن أن نختلف عليه، انتهت العلاقة بحبٍ ورضى، أما الشراكة العائلية، وأتحدث بشكلٍ عام، بعيدًا عن علاقتي المتميزة مع شركائي القريبين، أنّ المناسبات العائلية ستجمعنا بحلوها ومُرها، فكيفَ نلتقي إن لم نكن متراضين متصالحين".
"مقهى روجيت" في قلبِ يافا!
تقول روجيت حناوي: "وجودي في مدينة كيافا، ساعدني كثيرًا، قربها من تل أبيب، حيث النشاط والحيوية والمركزية، والمصالح التجارية الهائلة، والتطور المتسارع... ثم يافا، عروس البحر، اسمها، رونقها، جمالها، طبيعتها الرائعة، بحرها، كورنيشها، قديمها، جديدها، ميناؤها، والكثير... الكثير.
ما أتحسر عليه فقط، قلة الأكاديميين فيها، أو ضياعها في بوتقة الفقر والمستوى التعليمي المنخفض، لكني آمل أنّ الجيل الجديد سيرتقي بيافا الى مصاف المدن الراقية، هذا حملٌ يسكن قلوب اليافاويين جميعًا".
سر التمييز!
عن سر التمييز في المشروبات الروحية، خاصة النبيذ تقول روجيت: "نحنُ مهنيون في عملنا، نقدّم للزبون ما يريده، وليس ما نريده نحنُ، ونلاءم بينَ طلبه وبين المناسبة التي يريدُ النبيذ من أجلها، لعله يريدُ النبيذ مع "وجبة سمك"، أو يريدها للتحلية إلى جانب "البطيخ"، نتطلع إلى التفاصيل لنقدم له خيرَ ما لدينا، وما يُشعرهُ بالرضى... لا نساومه على الأسعار، إن أرادَ زجاجتي نبيذ بمائة شاقل، نعطيه ما يريده، وفق ما يشاء".
نطمح للمزيد من الانتشار في البلدات العربية!
تقول ام توفيق: "يصعب عليّ وعلى أبنائي الوصول الى المناطق العربية، خاصة منطقة الشمال، لكننا مستعدون أن نتفق مع أيِ راغبٍ بافتتاحِ محلٍ تحت اسم "جورج حناوي وين اند مور"، أن نمنحه الاسم، لقاء اتفاقات ومعاهدة مقبولة من الطرفين، وكذلك الحال بالنسبة للعالم العربي، ولدينا الكثير من الأصدقاء من مصر وعمان، لكننا منشغلون بإدارة ما نملكه من مصلحة، ولا وقتَ للمزيد من المشاريع في الوقت الحاضر".
المرأة العربية والمبادرات الاقتصادية!
رغم عدم رضاها التام عن وضع المرأة العربية، إلاّ أنّ سيدة الأعمال روجيت حناوي، تشعر أنّ هناك تقدمًا في الاتجاه الصحيح، وكان يجب أن يكون هذا المنحى نحو المهنية والتطوير الاقتصادية قبل سنوات، لكنّ الأمر ليسَ متأخرًا أبدًا، والمطلوب من المرأة أن تملك الطموح والإرادة، كي تتعلم وفق قدراتها الشخصية والمهنية، وتستفيد من الدورات والمحاضرات، بعيدًا عن القضايا الجانبية التي تشغلُ النساء، بقصةِ فلان وعلان!، وفقط عندها يُفتح الباب الواسع للنجاحات النسائية.
اهتمامات شخصية!
"افتتحت مقهى روجيت، قبل ثلاث سنوات مع مجموعة وأديره بنفسي، لا طمعًا بالمال، والحالُ ممتازة، والحمد لله، لكن رغبةً في أن أتواصل مع الآخرين، وأن يتواصل نشاطي، وجهدي، كي لا أصابَ بالملل... سلمتُ أبنائي مسؤولية إدارة الأمور، كي أرتاحَ قليلاً، لا أريد أن يصيبني ما أصابَ الساسة العرب، تمسكوا بالكرسي وتركوا الشعب يعاني الأمريْن، فخسروا الكرسي والشعب!".
تتابع سيدة الأعمال: "قررتُ أن أمنح شركائي حرية التصرف، بعد الاستشارة والمساعدة والتعلُم والتعليم وتبادُل الآراء. ومتعتي الآن كبيرة، أشعر بالراحة".
أما على الصعيد المهني، فقالت: "فكرتُ بمقهى روجيت في تل أبيب، لكنّ الوقت لا يناسبني الآن، ومرة أخرى، هدفي من المقهى النشاط المستمر ولقاء الآخرين والاستفادة من تجاربهم وإنسانيتهم، أولاً وأخيرًا".
وتابعت ام توفيق: الحمد لله، مكتفية بما وصلت اليه، ربيتُ أبنائي بِما يرضيني ويرضيهم، وأشقائي إلى جانبي، أما حياتي الشخصية، فهو ملكي وحدي، خلال مراحل حياتي الطويلة لم أندم يومًا، لأنني أضع الحاضر والمستقبل أمام ناظريْ.
وعن أصدقائها المقربين: "هم عائلتي، شقيقاتي، اختي الكبرى وهي أمٌ لي، بعد رحيل امي، وبعد فراق صديقة عمري التي أشعر بغيابها، لي صديقةٌ عزيزة تقيم في الناصرة، وهي صاحبة مصلحة، ونلتقي في الكثير من الهموم والأفراح الشخصية".
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
كل الأحترام..
מצדיע לך , כל הכבוד\ תצעדי קדימה השמים הם הגבול
במת כל הכבוד יא אחלה מעלמי בדונייה