حذرت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير، من كارثة إنسانية داخل المخيمات في ظل استمرار الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين 'الأونروا' نتيجة نقص وشح المساعدات المالية المقدمة لها من الدول المانحة، وتراجع العديد من الدول الممولة عن الوفاء بالتزاماتها المالية لتغطية العجز الذي تعاني منه الأونروا بسبب الأزمة المالية العالمية.
 
وقال د. زكريا الأغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، إن الوكالة تعاني من عجز مالي حقيقي بنحو 140 مليون دولار من إجمالي موازنتها الاعتيادية للعام الحالي، وإن عدم تجاوب المجتمع الدولي والدول المانحة لنداءات المفوض العام للأونروا لسد العجز المالي سيكون لها تأثير سلبي على طبيعة الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين، وبالتالي على حياتهم داخل المخيمات، وهو ما أشار إليه المستشار الإعلامي للأونروا في تصريحاته التي أكد فيها أن الأونروا تواجه عجزا ماليا لم تشهده منذ نشأتها، وأن ميزانيتها بلغت صفرا، وأن استمرار العجز سيهدد انتظام دفع الرواتب ونقص في مستوى الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين. 

وأضاف د. الأغا أن تفاقم الأزمة المالية بهذا الحد ووصول ميزانية الأونروا إلى صفر في بداية العام الجديد، يعتبر مؤشراً خطيراً على خطورة الوضع الذي تمر به الأونروا كمؤسسة دولية ترعى 4.7 مليون لاجئ فلسطيني يعتمدون بشكل أساسي على الخدمات التي تقدمها، مشدداً على أن هذا الوضع الخطير ينذر بكارثة إنسانية داخل المخيمات الفلسطينية إذا لجأت الأونروا إلى تقليص خدماتها التي تقدمها للاجئين أو أوقفت العمل ببعض برامجها.
 
وأشار إلى أن دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير تتابع باهتمام كبير تفاقم الأزمة المالية للأونروا جراء العجز المالي الذي تعاني منه، مشيراً إلى أن هذا الموضوع بات خطيراً وبات مصدر قلق وتخوف لدى اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات التي ترتفع فيها نسبة الفقر والبطالة إلى أكثر من 75% مع تصاعد الحديث حول توجه الأونروا نجو تقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين
ورفض د. الأغا لجوء الأونروا إلى تقليص خدماتها أو تجميد العمل لبعض برامجها، محملاً المجتمع الدولي مسؤولية الأزمة المالية التي تعاني منها الأونروا، ومطالباً بالتدخل لمعالجتها. 

وقال إن معالجة الأزمة لا تأتي من خلال تقليص الخدمات المقدمة للاجئين، بل من خلال حث الدول المانحة والممولة الوفاء بالتزاماتها المالية لدعم ميزانية الأونروا وتلبية احتياجات اللاجئين، مؤكدا ضرورة استمرارية عمل الأونروا في تقديم خدماتها لحين حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً وشاملاً طبقاً للقرار 194، وهذا الحل هو مسؤولية المجتمع الدولي بأسره الذي أهمل القضية الفلسطينية لما يزيد عن 60 عاماً دون حل طبقاً لقرارات الشرعية الدولية.
 
وأوضح أن هناك مؤامرة تحاك ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين 'الأونروا' لإنهاء عملها من قبل اللوبي اليهودي وبعض الجماعات الضاغطة في الكونغرس الأميركي الذي يطالب بنقل صلاحيات الوكالة إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وللدول المضيفة، معرباً عن خشيته بأن تكون الأزمة المالية التي تعاني منها الأونروا جزءاً من هذه المؤامرة.

المال مقابل العمل

ومع تأزم الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة، بدأت الوكالة في عام 2005، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بتنفيذ مشروع لتشغيل اللاجئين'المال مقابل العمل'، شمل اللاجئين (الشريحة الأكثر فقرا في المجتمع) المقيمين في مدن، وقرى، ومخيمات الضفة الغربية، في ظل معدلات بطالة وصلت، بحسب تقرير نشره جهاز الإحصاء المركزي في آب/أغسطس الماضي إلى 82%، وأرقام تشير إلى أن العائلات الفلسطينية تصرف 49% من دخلها على الغذاء فقط. 

وبحسب منسق برنامج توظيف الطوارئ في الوكالة محمد جعيتم، فان برنامج المال مقابل العمل والذي تقوم فكرته على مساعدة اللاجئين ماليا بمبلغ 420 دولار للشهر عبر العمل بمشاريع خدماتية في المنطقة المستهدفة، يوفر شهريا 4365 فرصة عمل للاجئين في الضفة الغربية، حيث من المتوقع أن يخلق عامي 2010 و2011 ما يقارب 80000 فرصة عمل جديدة ستستفيد منها 40000 عائلة بشكل مباشر و230000 مستفيد بشكل غير مباشر.

عاملو الاونروا يهددون

ويهدد العاملون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا في مناطق عمل الوكالة الخمس، بتصعيد إجراءاتهم الاحتجاجية في حال رفض إدارة الاونروا مطلبهم بتعويض نهاية الخدمة، وزيادة الأجور. 

وقال منسق برنامج توظيف الطوارئ في الوكالة محمد جعيتم 'إن الاونروا تمر بوضع مالي صعب جدا، أدى إلى تقليص الموازنات، وادي أيضا إلى تقليص فترة العمل لشهر واحد، لضمان أن يعمل الجميع'، مشيرا إلى انه من المتوقع أن تبلغ ميزانية العام المقبل 50-54 مليون دولار'. 

وتمر الوكالة التي تشكلت اثر نكبة عام 1948 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 كوكالة 'مخصصة ومؤقتة'، لغرض تقديم الإغاثة المباشرة وبرامج التشغيل للاجئين الموزعين في 5 مناطق جغرافية: الضفة الغربية، قطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان، من أصل حوالي 7 ملايين لاجئ موزعين في أنحاء شتى من العالم، تمر بأزمة مالية حادة من المتوقع أن يصل عجز الموازنة فيها إلى 140 مليون دولار.

مخاوف من تصفية الاونروا

وبحسب الأونروا فان تمويلها يأتي بالكامل من إسهامات تطوعية للحكومات، والاتحاد الأوروبي، والتي تشكل 96% من إجمالي الدخل، وتصل معظم الإسهامات نقدا، وان كانت نسبة 3.6% منها تصل في شكل عيني، لاسيما تبرعات السلع الغذائية التي يتم توزيعها على اللاجئين المحتاجين. 

وحول ما أشيع عن أن العجز المالي للاونروا مرده لمؤامرة إسرائيلية، تمهيدا لإلغاء عمل الأونروا وإلحاق اللاجئين الفلسطينيين بالمفوضية العليا لشئون اللاجئين الدولية والتي من مهمتها توطين اللاجئين في العالم. 

قال مدير عام دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين أحمد حنون: 'إن هذا حقا ما تطمح إليه إسرائيل وتريده منذ زمن طويل، وهذا ما وجد صداه في لدى بعض أروقة الكونغرس، وبعض صانعي السياسة'. 

وأضاف: 'إن الاونروا تواجه عجزا وعقبات منذ إنشاءها، ولكن الجديد هو هذه النغمة التي يراد بها تقويض الاونروا'، مشيرا إلى أن الاونروا التزام دولي أنشئت لحل قضية يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته فيها. 

وكان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة إريك شوارتز، قال في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 'أن هناك مخاوف حقيقية من تقلص الاونروا ومن تصفيتها'.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]