ماهر عبد القادر رئيس الكونغرس الفلسطيني الأمريكي

رغم قرار مجلس الأمن 2728 المطالب بوقف إطلاق النار إلا أن إسرائيل تخطط لتدمير حيا|ة الفلسطينيين؛ الغالب أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2728 سوف تلقى به اسرائيل في سلّة المهملات كبقية القرارات السابقة التي صدرت عن المجلس الأمن ذاته منذ سنة 1967 وحملت أرقام 242، 338، 497، 1701، وصولاً إلى 2334 الذي يحث على إنهاء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة واتسمت هذه القرارات أيضاً بامتناع الولايات المتحدة عن التصويت.


القرار الأممي الأخير يطالب بوقف فوري للحرب على غزة خلال شهر رمضان الكريم هو قرار غير ملزِم فعلياً لانه لم يصدر تحت البند السابع رغم أن كل الدول التي صوتت مع القرار تطالب إسرائيل بالالتزام به .

امتناع الولايات المتحدة عن استعمال حق النقض الڤيتو أثار حالة من التخبط والتشوش والإرباك والقلق لدى السلطات الإسرائيلية ومؤسسات اللوبي الصهيوني في أمريكا.

حكومة اليمين الإسرائيلية ورئيس وزرائها معني بهذا القرار الفريد والسجال المعلن حوله، ويحاول ترجمته لنقاط سياسية شخصية مقرونه بمواصلة التصعيد اللفظي مع الإدارة الأمريكية وإعلانه قرار عدم إرسال الوفد الوزاري ، الذي كان من المفترض أن يسافر لواشنطن من أجل التباحث في موضوع اجتياح رفح والبدائل الممكنة قبل صدور قرار الأمم المتحده، قبل أيام صدرت بعض الإيحاءات أن نتنياهو أعطى بعض الأشتات بالتراجع عن قراره للضغط الداخلي لان لا يصعد في حدة المواجهة مع أمريكا والتي أبدت امتعاضها من قرار نتنياهو عدم إرسال الوفد لأمريكا للتشاور حول خطة إسرائيل اقتحام رفح .

البعض يرجح ان الموقف الأمريكي في الأمم المتحدة،جاء على خلفية الخلاف المعلن حول اقتحام رفح. الذي يقطنه الآن أكثر من مليون وثمانمائة ألف من المهجرين الفلسطينيين. الكل يذكر ما قالته نائبة الرئيس كامالا هاريس، قبل أيام، إن دخول إسرائيل عسكريا لرفح سيكون غلطة كبيرة من شأنها تعميق عزلة إسرائيل في العالم وتأثير ذلك علي أمريكا الداعم والمساند والحليف الأكبر لإسرائيل فسارع نتنياهو للرد عليها بصوته وصورته متحدياً الموقف الأمريكي، قائلاً إن إسرائيل ذاهبة لاجتياح رفح بكل الأحوال.

قرار مجلس الأمن 2728 صدر بعد مخاضات ومفاوضات عسيرة شهدت مشاريع قرارات قاصرة المحتوى عن سابق قصد، أو مصاغة على نحو يذر الرماد في العيون تستبعد مسبقاً أي آفاق للتطبيق العملي، أو جرى تحرير لغتها على نحو متعمد يحيل إلى فيتو أمريكي تارة أو روسي تارة أخرى. وعلى امتداد سته أشهر تقريبا من توحش حرب الإبادة الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ في قطاع غزة.

واشنطن ومنذ بدأ الحرب علي إفشال أي مسعى لاعتماد نص في مجلس الأمن الدولي يطالب وبشكل صريح بوقف إطلاق النار.

القرار الأخير يشمل فترة شهر رمضان فقط، أو الأيام القليلة التي تبقت منه على وجه التحديد، وهو صياغة الحد الأدنى التي تُدرج في فقرة واحدة وقف إطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وكفالة إيصال المساعدات الإنسانية،رغم هشاشة القرار فإن دولة الاحتلال استشاطت غضباً من خيار واشنطن الامتناع عن التصويت.

ليس جديداً علي نتنياهو من أن يُغلظ في القول بحقّ أي دولة سبق لها أن ساندت حرب الإبادة الإسرائيلية وتبدي اليوم بعض علامات التغيير نتيجة ضغوطات الرأي العام في البلد المعني، أو بسبب استفحال الهمجية الإسرائيلية ومواصلة ارتكاب جرائم الحرب وأسلحة التجويع والعقاب الجماعي لسكان القطاع المدنيين.

من المنطقي أن تدفع واشنطن اليوم ثمن انسياقها الأعمى خلف حرب الإبادة الإسرائيلية، والتواطؤ معها وحمايتها ودعمها ماليا وتزويدها بالأسلحة التي تفتك بالشعب الفلسطيني والعمل الدؤوب على تجميل فظائع إسرائيل.

رغم معرفة الداني والقاصي ان إسرائيل لا تعطي وزنا لمجلس الأمن او هيئة الأمم المتحدة ومنذ نشأة اسرائيل حيث لم تعترف او تلتزم باي قرار منها رغم صدور حوالي 1000 قرار منذ سنة 1948. إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي كون كل الدول الكبري والأقوى في العالم تتسارع أما في تأييدها المطلق والغير المشروط لإسرائيل أو في مساعدتها للإفلات من أية مساءلة او عقاب لأي قرارات تصدر في حقها.

إمريكا امتنعت عن التصويت حتي تعطي صورة ايجابية للعالم والشارع الأمريكي الغاضب من ألحرب وفي غالبيته وحسب استطلاع غالوب الحديث يعارض سياسة بايدن اتجاه حرب اسرائيل في غزة والدليل ان أمريكا وبعد دقائق من صدور قرار مجلس الأمن سارعت لامتصاص غضبة نتنياهو حيث صرحت سفيرتها لدي الأمم المتحدة بأن القرار 2728 «غير ملزم» من جهة أولى، ولا يمثل أي تغيير في الدعم الأمريكي «الحديدي» لدولة الاحتلال من جهة ثانية، بدليل استمرار تدفق الأسلحة والذخائر الأمريكية ومليارات الدولارات إلى آلة الحرب الإسرائيلية. جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض اكد ما قالته السفيرة الأمريكية قائلا رغم القرار فإن أمريكا لن تغير سياستها الداعمة لإسرائيل.

واضح ان سياسة امريكا في الشرق الأوسط تتخبط ويشوبها التناقض والتشويش عندما يأتي الأمر لإسرائيل كون الأخيرة ترتكب جرائم حرب وتنتهك القوانين الدولية وعلى أمريكا مهمة واحدة فقط وهي ان تجد الوسائل لتفلت إسرائيل من العقاب وان تعمل أمريكا على تبرير قرارات وممارسات إسرائيل المخالفة لكل العرف والأخلاق الدولية.

وعبّرت “يديعوت أحرونوت” عن موقفها بانتقاداتها اللاذعة لنتنياهو بنشر رسم كاريكاتير بحجم كبير على صفحتها الأولى هذه المرة يبدو فيه نتنياهو صغيراً مقابل العملاق بايدن، وهما في حالة ليّ ذراع، وفوق الرسم كتبت “حالة انكسار”.

وقالت “يديعوت أحرونوت” في تقريرها عمّا حصل إن “هناك من يدّعي في واشنطن أن نتنياهو يلحق ضرراً بالعلاقات لاحتياجات سياسية، أما هو فغاضب على أمريكا، ويلغي الوفد لواشنطن”. وتضيف: “في السطر الأخير؛ هذا التحالف الأهم من كل شيء يهتز”.

ويخلص بن درور يميني لدعوة نتنياهو بالاستقالة: “سيدي نتنياهو ربما تكون لديك نوايا طيبة.. أن تبدي مواقف صارمة غير مهادنة مقابل الإرهاب، لكن ثمة أمراً ما تَشوّشَ في رجاحة العقل لديك. الائتلاف مع بن غفير وسموتريتش حوّلك لواحد منهم. هذا سيء لإسرائيل التي تقودها من فشل إلى فشل. ما زلنا قادرين على أن ننتصر معاً. لكن معك احتمال الانتصار آخذ بالتناقص. ليتك تتركن وتريحنا منك”.

كعادته، وبأسلوبه الحاد كالسيف، قال محرر الشؤون الحزبية السياسية في صحيفة “هآرتس” يوسي فرطر متسائلاً: “أيّ الزعماء يجرؤون على تهديد رئيس الولايات المتحدة؟ الزعيم الإيراني والشمال كوري. لكنهما، بخلاف رئيس الحكومة نتنياهو، لم يتلقيا دعماً عسكرياً إستراتيجياً بدونه كانت تستصعب إسرائيل إدارة حرب في غزه”.

أما زميله محرر الشؤون العسكرية في “هآرتس” عاموس هارئيل، فاعتبر أن “منظومة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة تحولت أمس لشقاق مفضوح”. لافتاً لوجود قلق كبير في المؤسسة الأمنية من تدهور العلاقات، ومن تدهور مكانة إسرائيل في العالم. في تلميح بأن بايدن باق في سدّة الحكم يوضح هارئيل أن الخوف أننا على عتبة مسيرة ستستمر سنوات، وسيكون من الصعب وقفها”.

وذهبت “هآرتس” لدعوة نتنياهو لتقديم استقالته، إذ قالت، في افتتاحيتها، يوم الثلاثاء، إن “نتنياهو يستطيع إضافة أزمة دبلوماسية مع الحليفة الأكبر في سجل إخفاقاته”.

العالم الآن بدأ يتعامل علي ان منطقة الشرق الأوسط ما هي إلا محمية أمريكية / ولا أحد يحق له التدخل في شؤون المنطقة. وهذا أحد أسبآب تجاهل إسرائيل لقرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار في غزة والذي قد يشجع دولاً على فرض عقوبات عليها. هكذا قال خبراء في القانون الدولي، ووفق قولهم فإنه على الرغم من أن مجلس الأمن نفسه لا يتوقع فرض عقوبات على إسرائيل، لكن القرار، الذي يضاف إلى إجراءات قانونية دولية أخرى تجري ضد إسرائيل، قد يعطي دعماً لدول مختلفة لقطع علاقاتها مع إسرائيل ووقف التجارة معها، وهكذا يعزلها سياسياً واقتصادياً.

“الدول، وليس مجلس الأمن، هي التي فرضت عقوبات على روسيا عقب غزو أوكرانيا، وهذه العقوبات شملت قطع علاقات اقتصادية وقطع علاقات الطيران وفصلها عن المنظومة المصرفية”، قالت دكتور تمار أوستفسكي برانديس من الكلية الأكاديمية كريات اونو. “هذه وسائل جدية، ستجد إسرائيل صعوبة كبيرة في الصمود أمامها. قرار مجلس الأمن والأوامر ضد إسرائيل من محكمة العدل في لاهاي والرأي القانوني الاستشاري الذي على وشك أن تعطيه المحكمة في لاهاي بخصوص التداعيات القانونية لنشاطات إسرائيل في “المناطق” [الضفة الغربية]، كل ذلك يخلق صورة دولة منبوذة لا تحترم القانون الدولي”.

البروفيسور الياف ليبليخ من جامعة تل أبيب، قدر أنه إذا لم تمتثل إسرائيل لقرار مجلس الأمن فستزداد عزلتها في العالم. “عدم الامتثال سيؤدي بدول أخرى إلى فحص فرض عقوبات على إسرائيل، مثل التوقف عن تزويدها بالسلاح”، قال.

حسب ليبليخ، معنى القرار قانونياً هو طلب مجلس الأمن بوقف فوري لإطلاق النار، وأيضاً طلب تحرير غير مشروط للمخطوفين، وخلافاً للأصوات التي تسمع في إسرائيل فإن قرارات مجلس الأمن التي تصاغ بمثل هذه اللهجة تكون ملزمة. “ستقول إسرائيل إنها طلبات يرتبط بعضها ببعض، لكن كثيرين في المجتمع الدولي سيقولون إنها واجبات مستقلة، لذا فالمطلوب وقف فوري لإطلاق النار حتى نهاية شهر رمضان دون صلة بتحرير المخطوفين”.

من جهة أخرى، يقول شاين دورف إن القرار غير ملزم قانونياً لأنه اتخذ استناداً للفصل السادس. وأكدت أوستفسكي أنه في كل الحالات “هذا لا يعني أنه قرار غير مهم أو ليس له تداعيات؛ فهو يشير إلى ما يتوقع من الطرفين ويؤثر على الطريقة التي تحسب فيها الدول خطواتها أمام إسرائيل”. ويوافق شاين دورف على أن القرار تطور مهم لأنه “يعكس اتفاقاً سياسياً ودبلوماسياً بأن المطلوب وقف لإطلاق النار”. وهو يشير إلى أن “القرار صيغ بشكل متعمد بصورة تمكن من تفسيرات مختلفة حول مسألة إذا كان وقف إطلاق النار متعلقاً أو غير متعلق بتحرير المخطوفين”.

وثمة تطور مهم آخر، وهو أن الولايات المتحدة لم تلجأ للفيتو وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب لمنع اتخاذ قرار في مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار، واكتفت بالامتناع عن التصويت. حسب الخبراء، فإنه لقرار الفيتو ثمناً لإدارة بايدن، سواء داخلياً أو دولياً. والقرار الأمريكي بعدم استخدام الفيتو في هذه المرة يعتبر رسالة لإسرائيل بأنه لا يمكنها الاعتماد على أن الولايات المتحدة ستفشل أي قرارات في مجلس الأمن ضدها.

أنيل شيلين وجوش بول موظفا الخارجيه الامريكيه استقالا حديثا من منصبيهما في الخارجيه الامريكيه احتجاجاً علي سياسة أمريكا الداعمة لاسرائيل في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين حيث قال بول، لا يمكن لأمريكا ان تكون مع الحرية والديمقراطية وضده في نفس الوقت وقالت أنيل ان أمريكا لغويا تطالب بوقف الحرب والمطالبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفي نفس الوقت تزود اسرائيل بالمال والسلاح والدعم الدولي لارتكاب المجازر والمذابح ضد الشعب الفلسطيني.

الثابت في كل حال أن سلة المهملات، التي تخصصها دولة الاحتلال لمقررات الأمم المتحدة عموماً ومجلس الأمن الدولي خصوصاً، استقبلت مؤخراً القرار 2728 وسوف تواصل استقبال المزيد على شاكلته. وأما خارج السلة فإن حرب الإبادة الإسرائيلية تزداد توحشاً وهمجية، على مسمع ومرأى الإنسانية جمعاء.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]