لا زال النقاش حول قانون "حجة المعقولية" في المحكمة العليا مستمرًا حتى الآن، وكان قد بدأت المحكمة صباح اليوم، الثلاثاء، النظر  في الإلتماسات ضد إلغاء “حجة المعقولية” عقب خطوات الحكومة والوزراء، وربما ستنتهي الجلسة بقرار غير مسبوق: إلغاء قانون أساس.

وفي السياق، نشر الصحافي المختص في الشؤون القانون، حين معنيت، اليوم مقالا على صحيفة "هأرتس" اشار من خلاله إلى 7 سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول: نتنياهو ولفين يعلنان بأن القانون سيتغير

الاحتمالية الأولية مرتبطة بتطورات الساحة السياسية واستعداد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير العدل ياريف لفين للتراجع عن صيغة القانون بالصيغة الحالية. إذا أعلنا انتهاء صلاحية هذا القانون ودعما هذا الإعلان بخطوات تشريعية لتغييره، ربما تؤجل المحكمة العليا البت إلى حين يتضح بأن إلغاء القانون قد تم تنفيذه حقاً. ورغم أن نتنياهو يفحص الدفع قدماً بخطة لتخفيف تشريع الانقلاب النظامي، فإن موقف لفين الحازم ضد تعديل قانون إلغاء “علة المعقولية”، وعطلة الكنيست تضع عائقاً أمام سيناريو التراجع من قبل الائتلاف.

السيناريو الثاني: إلغاء “العليا” للمرة الأولى قانون أساس وحدوث أزمة دستورية

تجنبت المحكمة العليا حتى الآن إلغاء قوانين أساس سنتها الكنيست بصفتها سلطة تأسيسية، وذلك بسبب سمو قوانين الأساس، رغم أن بعض قضاة المحكمة العليا عبروا في قرارات حكم سابقة عن دعم مبدئي لصلاحية اتخاذ مثل هذه الخطوة. هذا الموقف يظهر أيضاً في رأي المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، الذي قُدم للمحكمة العليا عقب تقديم الالتماسات. ذهبت المستشارة القانونية خطوة أخرى بما يتجاوز الاعتراف المبدئي بالنظرية التي تسمح بإلغاء قانون أساس، وقررت بأنه “لا مناص من الإعلان عن إلغاء القانون”. وقد بررت موقفها بالإضرار الشديد بـ “أسس النظام الديمقراطي”، الموجود في القانون، والذي يهدد -حسب رأيها أيضاً- “سلطة القانون وحقوق الإنسان”.

سيناريو يتبنى فيه قضاة المحكمة العليا موقف المستشارة القانونية للحكومة ويلغون القانون، ورؤساء الائتلاف ينفذون تهديدهم ولا يحترمون قرارات المحكمة، هو سيناريو سيتسبب باندلاع أزمة دستورية. جهات رفيعة في الحكومة، آخرهم رئيس الكنيست أمير أوحانا، أعلنت نيتها عدم احترام القرار إذا ألغى هذا القرار القانون. في هذا الوضع، سيحدث تصادم مباشر بين السلطة القضائية والسلطة التشريعية والتنفيذية حول الواقع الدستوري ساري المفعول، وسيضطر الجمهور وممثلوه إلى اختيار الذي سيمتثلون لأمره.

السيناريو الثالث: المحكمة العليا ستمتنع عن التدخل في قوانين الأساس وسترفض الالتماسات

ورغم توقع من أن القضاة سينتقدون القانون بشدة، لكن ما زالت هناك مسافة طويلة إلى حين الإعلان عن إلغائه. من غير المستبعد أن معظم القضاة سيوافقون على اتخاذ هذه الخطوة بعيدة المدى، ويرفضون الالتماسات بذريعة أن العيوب التي تكمن في قانون إلغاء ذريعة المعقولة لا تبرر إلغاء غير مسبوق لقانون أساس.

في قرار حكم صدر في تموز 2021، رفض التماسات ضد قانون القومية، أوضحت رئيسة المحكمة العليا إستر حيوت، بأن التدخل مسموح في حالة استثنائية، يناقض فيها مضمون القانون بكون إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية. وكتبت القاضية دفنه براك ايرز، في حينه، بأنه يمكن تطبيق نظرية إلغاء قانون أساس فقط في حالات نادرة، التي يعتبر فيها القانون “تحطيماً للأدوات”؛ بمعنى “تحطيم لا يمكن التراجع عنه للأسلوب الدستوري”.

إذا كان قضاة مواقفهم ليبرالية، مثل حيوت وبراك ايرز، عبروا عن موقف متحفظ فيما يتعلق بإلغاء قوانين أساس، فإن القضاة المحافظين الذين يجلسون بجانبهم في المحكمة ربما يكونون حازمين أكثر. القضاة المحافظون في هذه الهيئة، من بينهم دافيد مينتس ونوعم سولبرغ، عبروا عن موقف يرفض تدخل المحكمة العليا في قوانين الأساس. في قرار الحكم حول قانون القومية، كتب سولبرغ بأن من يريد إجراء مراجعة قضائية على قوانين الأساس فـ “مطلوب منه إثبات وجود معايير دستورية فوق قوانين الأساس. لا يعرف قضاؤنا معياراً يفوق قوانين الأساس، سواء بشكل صريح أو ضمني”.

السيناريو الرابع: “تفسير تطبيقي ودائم” للقانون يخفف تأثيره الضار

بين المواقف المتطرفة -إلغاء القانون والموافقة عليه- طريقة وسط على شكل تفسير تطبيقي. هذه المقاربة تبقي القانون على حاله، لكنها تصب في مضمونه تفسيراً يخفف أضراره بقيم الديمقراطية الأساسية. “أحياناً، هذا يعني قراءته بصورة أقل طبيعية؛ لأن الإلغاء هو عملية دراماتيكية أكثر من إعطاء تفسير محتمل”، شرح البروفيسور آدم شنعار، الخبير في القانون الدستوري في جامعة رايخمن، “وفي الحالة التي أمامنا، التفسير التطبيقي والدائم قد تكون له عدة أشكال محتملة. مثلاً، التوضيح بأن عدم المعقولية لا يشمل في داخله التعسف أو السخافة أو عدم المعقولية. لذا، يمكن أن تصمد هذه القرارات الإدارية أمام الانتقادات ولا تعتبر في إطار عدم المعقولية الذي هو في قانون الأساس”.

سارت المحكمة العليا في قرارها في هذا المسار حول قانون القومية. وأوضح شنعار بأن “المحكمة العليا لم تلغ قانون الأساس: القومية، لكنها قررت بوجوب تفسيره بشكل يتساوق وقانون الأساس: كرامة الإنسان وحريته، خاصة مع الحق في المساواة المشتق من الحق في الكرامة. وإذا اختارت هذا النهج فمن المتوقع أن ترسخ المحكمة العليا صلاحيتها المبدئية بإلغاء قوانين أساس تناقض قيم الديمقراطية الأساسية من خلال إجراء يوسع البنية التحتية القانونية لإلغاء القوانين التي سيجلبها الانقلاب النظامي.

السيناريو الخامس: تأجيل دخول القانون إلى حيز التنفيذ

ثمة احتمالية أخرى، لكن فرصة تحققها غير مرتفعة، وهي أن تؤجل المحكمة العليا دخول القانون إلى حيز التنفيذ حتى الكنيست القادمة. هذا الأسلوب اتبعته مؤخراً المحكمة العليا في قضية “قانون طبريا”. وفي تموز الماضي، قررت المحكمة بإجماع تسعة قضاة بأن القانون الذي استهدف تمكين المقربين من آريه درعي من الترشح للانتخابات على رئاسة بلدية طبريا، لن يسري في الانتخابات القريبة القادمة في السلطات المحلية.

وفي الالتماسات ضد قانون عدم الأهلية، فإن المركب الأول في نسيج تشريع الانقلاب الذي استهدف منع المستشارة القانونية للحكومة من الإعلان عن عدم أهلية رئيس الحكومة، أشارت المحكمة العليا نيتها اتباع هذا الأسلوب، عندما أصدرت الشهر الماضي أمراً مشروطاً يأمر الدولة بتبرير لماذا لا تؤجل دخول القانون إلى حيز التنفيذ.

السيناريو السادس: إلغاء القانون من قبل “العليا” لعيوب فيه، وإعادته إلى الكنيست

قد تلغي المحكمة العليا القانون بسبب عيوب إجرائية حدثت فيه، وإعادته إلى الكنيست. ولأن هذا الخلل لا ينبع من عيوب جذرية وأساسية، إذاً تعطى للمشرع إمكانية المصادقة على القانون مرة أخرى في قرار الحكم، على فرض الضرائب على الشقة الثالثة. وأوضح شنعار بأن “قانون إلغاء ذريعة المعقولية أحضرته لجنة الدستور التي يترأسها سمحا روتمان. وأساس الادعاء بهذا الشأن، أن مشروع القانون من قبل لجنة، لا يستهدف مثل هذه الحالات”. وحسب رأيه، فإن الطريقة المناسبة هي تقديم مشروع قانون أساس من قبل الحكومة.

السيناريو السابع: تقرير المحكمة العليا بأن الإلتماسات غير ناضجة للنقاش

حسب السيناريو الأخير، تقرر المحكمة العليا بأنه لم تتم بعد بلورة مجموعة من الوقائع تمكن من فحص تأثير القانون على الواقع. وبناء على ذلك، فإن الإلتماسات غير ناضجة بما فيه الكفاية. حسب أقوال البروفيسور أمنون رايخمان من جامعة حيفا والخبير في القانون الدستوري، فإن عدداً من القضاة أيدوا هذا النهج في قضية قانون القومية. “ليس مستبعداً أن يطرح قضاة موقفاً مشابهاً هنا أيضاً، قال رايخمان متابعاً، ما لم تتم مهاجمة قرار ما صدر عن وزير أو عن الحكومة أو عن رئيس الحكومة، الذي لا يمكن التعامل معه بدون ذريعة المعقولية. وحسب هذه المقاربة، ينبغي تأجيل الموضوع إلى حين معالجة المشكلة، وعندما يحتاج الأمر إلى اتخاذ خطوة تجاه قرار ملموس”.

احتمالية تحقق هذا السيناريو ضعيفة بسبب التموجات الفورية في قانون إلغاء “علة المعقولية”. هذه العملية أدت إلى خفض نسبة المراجعة القضائية على الوزراء بصورة قد تشرعن قرارات غير دستورية. وأشار رايخمان إلى أنه “بسبب ذلك، يجب إضافة السياق الذي جاء فيه القانون: إلغاء علة المعقولية جزء من عملية واسعة أكثر (الانقلاب). ومن غير الواضح إذا أمكن وقف هذه العملية في المستقبل”.

Yonatan Sindel/Flash90

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]