أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء عن قطيعة متواصلة وتدهور كبير بالعلاقات بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد .

 
وذكر التقرير أن كلا الزعيمين اللذين اعتبرا على مدار سنوات طويلة شركاء سياسيين وحلفاء لم يتبادلوا بينهم ولا كلمة على مدار أكثر من نصف عام، ويتعمدان الامتناع عن تكريم بعضهما البعض خلال تواجدهما، ويختلفان في العديد من القضايا- ابتداء من العلاقة مع ايران، روسيا والولايات المتحدة، وكذلك انتاج النفط، الحروب في السودان واليمن وغيرها. وذكر التقرير أنه في شهر كانون ثاني/ديسمبر عقد بن سلمان إحاطة صحافية مغلقة مع مجموعة من الصحافيين شاركهم خلالها غضبهم على الرئيس الإماراتي. ويقدر خبراء أن الخلاف بين الجانبين من المتوقع أن يتعمق مستقبلا، بسبب أن كليهما "واثقان جدا من سياستهما الخارجية".

مسؤولون في الولايات المتحدة عبروا عن مخاوفهم من أن هذا التوتر في الخليج يمكن أن يحول مهمة خلق تحالف أمني ضد ايران صعبة أكثر. اضافة لذلك، هم يعبرون عن مخاوف من أن التوتر بين كلا المسؤولين الكبيرين يمكن أن يكون له تأثير سلبي على احتمال توسيع دائرة التطبيع بين إسرائيل ودول إسلامية إضافية، على رأسها المملكة العربية السعودية، وعلى إنهاء الحرب الأهلية المتواصلة في اليمن منذ ثماني سنوات.

أحد أسباب الخلاف بين الجانبين هي حقيقة أن بن سلمان يعمل على تحويل دولته الى عانل رائد أكثر في المنطقة، في الفترة الأخيرة يعمل بن سلمان على ممارسة ضغوطاته على شركات غربية لنقل مكاتبها من دبي الى الرياض, اضافة الى ذلك هو يرغب بإقامة مركز-هايتك، مواقع سياحية ومواقع لوجستية كبيرة- وهذا يمكن أن يمس بمكانة وعائدات دولة الإمارات العربية، التي تحولت الى مركز هام في مجالات عديدة.

على خلفية هذا التوتر المتصاعد، جمع بن سلمان الصحافيين في كانون ثاني/ديسمبر الماضي في إحاطة مغلقة وتحدث معهم عن قائمة من الطلبات بعثتها المملكة لدولة الامارات العربية وقال بن سلمان محذرا :"إن يلتزموا بها سنتخذ ضدهم خطوات عقابية تشبه التي اتخذت ضد قطر عام 2017" واضاف في الرسالة "سيكون هذا قاسيا أكثر من الذي قمت به لقطر".

منذ ذلك الاجتماع، كان هناك حدثين على الأقل نظمتها السعودية والتي لم يشارك بها محمد بن زايد. تقريبا في تلك الفترة بنهاية 2022 قال بن زايد لبن سلمان في حديث خاص أن تصرفاته تمس بالعلاقات بين البلدين. واتهمه بالتقارب المتزايد مع روسيا وسياستها النفطية مع اتخاذ خطوات خطيرة، وانتقده على التقارب مع ايران بدون التشاور مع دولة الامارات.

قال دوجلاس لندن ، الذي كان يعمل سابقًا في وكالة المخابرات المركزية ، لصحيفة وول ستريت جورنال: "محمد بن سلمان لا يحبه (محمد بن زايد) ويريد أن يظهر له ذلك". وقال مسؤولون في الخليج إن محمد بن سلمان يشعر الآن أن رئيس دولة الإمارات "قاده إلى صراعات مدمرة تخدم مصالح الإمارات وليس السعودية" مثل الحرب الأهلية في اليمن.

التوتر حول أزمة النفط
ومن القضايا الأخرى التي تؤثر على العلاقات هو قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية بخفض إنتاج النفط العالمي ، وتنتقد الإمارات القرار الذي يهدف إلى الحفاظ على ارتفاع الأسعار في السوق وجلب المزيد من الفوائد لروسيا. روسيا التي تعرضت للعقوبات ، ودولة الإمارات العربية المتحدة ترغب بشدة في زيادة حجم صادرات النفط بالتحديد ، لكنها لا تحصل على إذن فعلي للقيام بذلك.

على خلفية هذه الأمور ، في الآونة الأخيرة ، أرسل المسؤولون في الإمارات إشارات إلى نظرائهم في الولايات المتحدة بأنهم مهتمون بمغادرة أوبك - وهي خطوة لا ترى بها واشنطن نية حقيقية لترك المنظمة ، ولكن باعتبارها نية للتعبير عن عدم الرضا عن الوضع. وفي نفس الاجتماع مع الصحفيين في كانون ثاني/ديسمبر ، أشار بن سلمان إلى التوترات مع الإمارات العربية المتحدة في أوبك - ونُقل عن قوله: "لقد وضعوا سكينًا في ظهرنا".

وبخصوص الحرب في اليمن ، تدعم الإمارات العربية المتحدة الحركة الانفصالية الجنوبية التي تريد تجديد دولة مستقلة في جنوب البلاد. تشكل هذه العوامل عقبة أمام تحرك الرياض للترويج لوقف إطلاق النار مع المتمردين الحوثيين ، المدعومين من إيران ، في شمال اليمن. بالإضافة  إلى ذلك ، فإن السعودية مهتمة بالترويج لخط أنابيب نفطي من المملكة إلى ميناء المخلة في خليج عدن ، لكن الحركة الانفصالية الجنوبية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة تهدد بمنع ذلك. على الجانب الآخر من البحر الأحمر ، تحاول المملكة العربية السعودية ، إلى جانب الولايات المتحدة ، الترويج لوقف إطلاق النار في القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات العربية المتحدة.

بعد محاولات طويلة لتنسيق لقاء بينهما وبين زياراته الست للسعودية دون لقاء ولي العهد ، التقى طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات وشقيق الرئيس الإماراتي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. أخبر محمد بن سلمان طحنون بن زايد أن الإمارات العربية المتحدة "يجب أن تتوقف عن التدخل في محادثات وقف إطلاق النار التي تقودها السعودية في اليمن". بعد المحادثة ، وفقًا للتقرير ، أبلغ بن سلمان مستشاريه بعدم تغيير السياسة تجاه الإمارات العربية المتحدة: "لم أعد أستطيع الوثوق بهم".
المصدر: i24
 

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]